جلسة 6 من مارس سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
----------------
(130)
القضية رقم 22 سنة 20 القضائية
أ - دفاع.
دفاع وجدته المحكمة غير منتج في الدعوى. عدولها عن تحقيقه. جائز ما دامت قد بينت الأسباب التي ارتكنت إليها. مثال في حادثة سرقة من قطار.
ب - إثبات.
أقوال متهم. جواز الاستدلال بها على متهم آخر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه مع آخرين حكم عليهم سرقوا بالات البطاطين المبينة الوصف والقيمة بالمحضر من متعلقات الجيش البريطاني حالة كون اثنين من المتهمين الآخرين يحملان أسلحة نارية "بنادق" وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 316 من قانون العقوبات، فقرر بذلك.
سمعت محكمة جنايات مصر الدعوى وقضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة أربع سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن حاصل الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية السرقة قد أخل بحقه في الدفاع، وجاء قاصر البيان، لأن الواقعة كما أوردها تفيد أن الطاعن وهو وقاد للقطار الذي حصلت فيه السرقة قد اتفق مع سائقه وسائر المتهمين على إيقاف سيره ما بين محطتي أبى حلب والشلوفة حتى تمكن المتهمون الآخرون من إنزال البطاطين المسروقة من إحدى عرباته. وقد استند الحكم في ذلك إلى القول بأن القطار قطع المسافة بين المحطتين المذكورتين في 47 دقيقة، مع أن المدة المقررة لقطعها هي 18 فقط مما يؤيد ما قرره بعض الشهود من أن القطار قد وقف عمدا تسهيلا لإتمام السرقة المتفق عليها، في حين أن الطاعن أنكر ذلك، وعزا تأخير القطار إلى خلل بالقاطرة بسبب وقوفها أثناء السير، وهو ما سبق أن شكا منه هو وآخرون غيره، وفي حين أن الحاضر معه قد طلب إلى النيابة كما تمسك أمام المحكمة بطلب ضم ملف القاطرة المذكورة تحقيقا لهذا الدفاع، فاستجابت المحكمة لهذا الطلب، وقررت ضم هذا الملف، وأجلت القضية لتنفيذ قرارها هذا أكثر من مرة إلا أنها بالرغم من قرارها هذا، ومن تمسك الدفاع في جلسة المرافعة بطلب تنفيذه، عدلت آخر الأمر عن ذلك ولم تجب الدفاع إلى ما تمسك به، وردت في حكمها عليه ردا غير سديد مكتفية بأقوال الشهود مما لا يغني عن ضم الملف تحقيقا لدفاع الطاعن. ويضيف الطاعن أن ما جاء بالحكم على لسان المتهم السادس في الدعوى من أنه رأى المتهم السابع يعطى من كانوا بالقطار نقودا ومن بينهم الطاعن مردود بأنه قول لمتهم يدفع التهمة عن نفسه ولم يتأيد بدليل آخر، فضلا عن أنه عدل عنه فيما بعد.
وحيث إنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن للمحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج، أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين لماذا هي ترفض الطلب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى، وذكر الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة في ثبوتها، وعرض لدفاع الطاعن المبين بوجه الطعن فقال "ومن حيث إن عبد المقصود محمد ملاحظ القزانات وعلي عبد الرحمن إبراهيم القزنجى قررا في التحقيقات وشهدا في الجلسة أنهما كشفا على القاطرة عند وصولها إلى محطة فرز السويس فوجداها بحالة جيدة... ومن حيث إن الدفاع عن المتهمين أصر على نفي التهمة قائلا إن... وإن القاطرة بها خلل مما يؤدي إلى تأخيرها، وطلب ضم الملف الذي يؤيد ذلك... ومن حيث إنه ثبت من أقوال الذين سئلوا من موظفي مصلحة السكة الحديدية أن القاطرة لم يكن بها خلل مما لا محل معه لطلب الملف الخاص بها"، وكان يبين من هذا الذي ذكره الحكم أن المحكمة إذ عدلت عن قرارها بضم ملف القاطرة، واطرحت طلب الطاعن في هذا الخصوص، قد بنت ذلك على ما تبين لها من أن القاطرة ليلة الحادثة لم يكن بها الخلل المدعي مما يجعل طلب الاستدلال عن حالتها السابقة قد أصبح ولا محل له لانقطاع الصلة بينه وبين واقعة الدعوى - لما كان ذلك، وكان من شأن الأدلة التي اعتمدت عليها المحكمة في قضائها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما ولا يصح النعي عليه بالإخلال بحق الدفاع أو بالقصور. أما ما يثيره حول الاستدلال بأقوال متهم على متهم، فمردود بما للمحكمة من الحق في ذلك لرجوع الأمر فيه إلى تقدير المحكمة واطمئنانها إلى عناصر الإثبات المطروحة في الدعوى.