جلسة 6 من ديسمبر سنة 1949
برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
----------------
(46)
القضية رقم 1358 سنة 19 القضائية
ضرب أفضى إلى الموت.
مسؤولية المتهم بصفته فاعلا أصلياً في هذه الجريمة. مناطها: أن يكون المتهم هو الذي أحدث الضرب أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التي ساهمت في ذلك أو اتفاقه مع آخرين على ضرب المجني عليه. مسؤولية كل ضارب عن هذه الجريمة ولو كان غيره هو محدث الضربات التي سببت الوفاة. إدانة متهم على أساس أنه ضرب المجني عليه على رأسه كما ضربه الآخر على الرأس وأن الضربات جميعاً ساهمت في إحداث الوفاة. استناده في ذلك إلى تقرير طبي مع أن ما نقله عنه لا يؤدي إلى ما انتهى إليه. قصور.
--------------
الأصل ألا يسأل شخص بصفته فاعلا أصلياً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضرب أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التي ساهمت في ذلك، أو إذا كان قد اتفق مع آخرين على ضرب المجني عليه ثم باشر معهم الضرب فعلا تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معهم على مقارفته، وفي هذه الحالة الأخيرة يستوي أن يكون هو محدث الضربات التي سببت الوفاة أو أن يكون قد أحدثها غيره ممن اتفقوا معه. وعلى هذا فإنه إذا كان الحكم قد خلا مما يثبت أن الإصابة أو الإصابات التي وقعت من متهم كانت هي السبب في وفاة المجني عليه أو أنها ساهمت فيها أو أنه اتفق مع المتهم الآخر على ضرب المجني عليه، وكان كل ما قاله هو أن هذا المتهم ضرب المجني عليه على رأسه كما ضربه الآخر على الرأس أيضاً وأن ضربات الرأس جميعاً ساهمت في إحداث الوفاة، مشيراً في ذلك إلى التقرير الطبي الشرعي عن الكشف على المجني عليه مع أن ما أورده من هذا التقرير لا يؤدي بذاته إلى تلك النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه مع متهم آخر حكم عليه ضربا محمد حسين أحمد عمداً بعصا على رأسه فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات فقرر بتاريخ 7 نوفمبر سنة 1949 إحالته إليها لمحاكمته بالمادة المذكورة.
سمعت محكمة جنايات سوهاج هذه الدعوى وقضت فيها حضورياً بتاريخ 19 مايو سنة 1949 عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دانه بالضرب الذي نشأت عنه وفاة المجني عليه في حين أنه لم يثبت أنه هو الذي أحدث به الإصابات التي انتهت بوفاته مما كان مقتضاه أن لا يؤاخذ إلا على جنحة الضرب البسيط فقط. وحيث إن واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم المطعون فيه هي أن غلماناً كانوا يلعبون بالكرة فشجر خلاف بينهم تلاه تماسك وشجار ففزع نفر من أهلهم ووقعت بينهم مشاجرة، وكان المجني عليه يصلي في مسجد فما إن خرج منه حتى تلفقه الطاعن وآخر حكم عليه وضرباه بعصى على رأسه وعلى جسمه وأحدثا به ثلاث إصابات بالرأس تبين أنها مصحوبة بكسر مضاعف متهشم منخسف بالعظم الجداري الأيمن والأيسر وقبوة الجمجمة وممتد إلى قاعدة الجمجمة وتهتك بجوهر المخ والأم الجافية وشلل نصفي أيمن. وقد نشأت الوفاة عن كسور الجمجمة وتهتك المخ وسحاياه والنزيف الذي على سطحه.
وحيث إنه كان الأصل أن لا يساءل شخص بصفته فاعلا أصلياً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضرب أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التي ساهمت في ذلك أو أن يكون قد اتفق مع آخرين على ضرب المجني عليه ثم باشر معهم الضرب فعلا تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معهم على مقارفته، وفي هذه الحالة الأخيرة يستوي أن يكون هو محدث الضربات التي سببت الوفاة أو أن يكون قد أحدثها غيره ممن اتفقوا معه ومتى كان هذا مقرراً وكان الحكم المطعون فيه على ما يبين من الاطلاع عليه قد خلا مما يثبت أن الإصابة أو الإصابات التي وقعت من الطاعن كانت هي السبب في الوفاة أو أنها ساهمت فيها أو أنه اتفق مع المتهم الآخر على ضرب المجني عليه وكل ما قاله رداً على دفاع الطاعن هو أنه ضرب المجني عليه على رأسه كما ضربه الآخر على الرأس أيضاً وأن ضربات الرأس جميعاً ساهمت في إحداث الوفاة مشيراً إلى التقرير الطبي الشرعي في هذا الخصوص، مع أن ما أورده من هذا التقرير لا يؤدي بذاته إلى تلك النتيجة التي انتهى إليها، ومتى كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم، وذلك من غير حاجة إلى التحدث عن باقي أوجه الطعن.