باسم الشـعب
محكمــة النقــض
الدائرة المدنيـة
دائرة " الاثنين " ( د ) المدنية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئـيـس المحكمة وعضوية السادة القضـاة/ وائل رفاعي ، عصام توفيق وعلي جبريل و أحمد عبد المجيد الفقي " نواب رئـيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة السيد/ محمد مصطفى.
وأمين السر السيد/ عادل الحسيني إبراهيم.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة، بدار القضاء العالي، بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 7 من شهر ذي القعدة سنة 1446 هـ الموافق 5 من مايو سنة 2025م.
أصدرت الحكم الآتـــــــــــي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 9032 لسنة 91 ق.
المـــــرفــــوع مـــــــن
.......... المقيم/ .... - مركز الزقازيق – محافظة الشرقية. حضر عنه الأستاذ/ .... (المحامي).
ضــــــــــــــــد
1- ..... 5 - ........ المقيمين/ ... - مركز الزقازيق – محافظة الشرقية.
6- مدير إدارة أملاك الدولة بالزقازيق بصفته.
7- أمين السجل العيني بالزقازيق بصفته.
8- وزير العدل بصفته.
يعلنوا/ بهيئة قضايا الدولة- بالزقازيق- محافظة الشرقية.
لم يحضر عنهم أحد بالجلسة.
--------------------
" الوقـــــائــع "
في يـوم 17/5/2021م طُعـن بطريق النقض في حـكم محكمـة اسـتئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق" الصادر بتــــاريخ 24/3/2021م في الاستئنافين رقمي 968/1184 لسنة 63 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنُ الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة.
وفي يوم 12/6/2021 أعلن المطعون ضدهم من الثانية إلى الخامس بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه.
وبجلسة 21/10/2024 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 5/5/2025 وبها سمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة وقد صمم كل من محامي الطاعن والنيابة كلٌ على ما جاء بمذكرته والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة.
-----------------
الـمــحـكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ أحمد عبد المجيد الفقي " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة.
حَيْثُ إنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الْشَّكْلِيَّةَ.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم ١٣٨٣ لسنة ٢٠١٨ مدني الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ ٢٣/١/٢٠٠٦ وإلزامهم برد مبلغ مقداره ١٥٣٠٠٠ جنيه والفائدة القانونية ٤٪ من قيمة المبلغ المستحق عن مورثهم من تاريخ البيع وإلزامهم بالشرط الجزائي مع إلزام المطعون ضده السابع بصفته بإجراء التغيير في بيانات السجل العيني، على سندٍ من أنه بموجب عقد البيع المشار إليه اشترى من مورث المطعون ضدهم الخمسة الأُول المنزل موضوع التداعي والبالغ مساحته ١١٥.٥ متر مربع مقابل ثمن مقداره ١١٦٠٠٠ جنيه سُددت بالكامل بمجلس العقد إلا أنه تبين له أن مساحة مقدارها ٩٥ متر مربع من العين المبيعة مملوكة للدولة وغير مملوكة للبائع، مما حدا به لإنذار مورثهم ثم أقام عليه الدعوى رقم ٨٢٥ لسنة ٢٠١٥ مدني الزقازيق الابتدائية بذات الطلبات في الدعوى موضوع الطعن الراهن ندبت المحكمة خبيرًا في تلك الدعوى ثم حكمت له بطلباته فاستأنف المطعون ضدهم الخمسة الأول ذلك الحكم وقضت المحكمة بتاريخ ٢٩/٨/٢٠١٨ بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها في السجل العيني، ومن ثم فقد أقام الدعوى موضوع الطعن الراهن بذات الطلبات، ضمت المحكمة الدعوى المشار إليها، وجه المطعون ضدهم دعوى فرعية بموجب صحيفة معلنة طلبوا في ختامها فسخ العقد سند الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد على نفقة الطاعن مع التسليم، على سند من أن الطاعن قد اشترى عين التداعي وهو يعلم بأن مورثهم البائع له هو صاحب حق انتفاع عليها وأنها قد بيعت له محملة بما عليها من التزامات وحيث أصابتهم أضرار مادية وأدبية من إقامة الدعوى الأصلية يستحقون عنها التعويض المناسب فقد أقاموا الدعوى، أقام باقي المطعون ضدهم بصفاتهم دعوى فرعية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع سند الدعوى واحتياطيًا عدم نفاذه في مواجهتهم على سند من أن العين موضوعه مملوكة للدولة، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت في الدعوى الأصلية بسقوط حق الطاعن في إقامتها بالتقادم، وفي الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضدهم الخمسة الأُول برفضها، وفي الدعوى الفرعية المقامة من باقي المطعون ضدهم بصفاتهم بعدم نفاذ عقد البيع المؤرخ ٢٣/١/٢٠٠٦ في مواجهتهم. بحكمٍ استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ٩٦٨ لسنة ٦٣ ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" كما استأنفه المطعون ضدهم الخمسة الأُول بالاستئناف رقم ١١٨٤ لسنة ٦٣ ق أمام المحكمة ذاتها، ضمت المحكمة الاستئنافين ثم قضت بتاريخ ٢٤/٣/٢٠٢١ بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنَّ مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال؛ وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بسبق إقامة الدعوى رقم ٨٢٥ لسنة ٢٠١٥ مدني الزقازيق الابتدائية بذات الطلبات في الدعوى موضوع الطعن الراهن (ببطلان عقد البيع سند الدعوى) وقضى له ابتدائياً بطلباته، إلا أنه بتاريخ ٢٩/٨/٢٠١٨ ألغت المحكمة الاستئنافية ذلك الحكم وقضت بعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها في السجل العيني، الأمر الذي ينقطع به التقادم وفقًا لنص المادة ٣٨٣ من القانون المدني، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حقه في إقامة الدعوى بالتقادم دون أن يعتد بفترة الانقطاع التي بدأت إبَّان إقامة الدعوى الأولى وانتهت بصدور الحكم النهائي فيها بعدم القبول – فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إنَّ هذا النعي سديدٌ؛ ذلك بأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه متى دُفع أمام محكمة الموضوع بالتقادم تعين عليها من تلقاء نفسها أن تبحث توافر شرائطه القانونية بما في ذلك مدته وما يعتريها من وقف وانقطاع فإذا طالعتها أوراق الدعوي بوجود سبب لوقف التقادم أو انقطاعه وتوافرت لها العناصر الواقعية للفصل فيه تعين عليها أن تقول كلمتها فيها بغير طلب من الخصوم لأن من شأن وجوده أن يحول دون اكتمال مدة التقادم التي يجب على المحكمة أن تتثبت من انتهائها قبل أن تجيب المتمسك بالتقادم إلى طلبه. كما وأنه من المقرر كذلك أن مفاد نص المادة ٣٨٢ من التقنين المدني أن التقادم يقف كلما وُجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيًا. ولم يورد المشرع هذه الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم ليتماشى مع ما يقضي به العقل والمنطق، ليتسنى للقضاء الوقوف على مدى اتساق المانع المدعى به كعذر موقف للتقادم، بمعيار مرن، لا يصل فيه المانع الموقف لدرجة الاستحالة كمرتبة القوة القاهرة، بل يكفي لوقفه أن يتعذر عليه ذلك بالنظر لحالة الدائن وعلاقته بالمدين وكافة الظروف الملابسة، شريطة ألا يكون السكوت بتقصيره، وكان النص في المادة ٣٨٣ من القانون المدني على أن "ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه وبالحجز وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو توزيع وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى" يدل على أن المقصود بالمطالبة القضائية هي مطالبة الدائن لمدينة مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً، وهو ما يتم بطريق رفع لدعوى لاستصدار حكم بإجبار المدين على الوفاء بما التزم به، وأن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم تكون بإقامة الدائن الدعوى أمام القضاء، وذلك على النحو المبين بالمادة 63 من قانون المرافعات، والتي تنص على أن ترفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة أو أحد الإجراءات التي جعلها المشرع بديلًا عن ذلك الإجراء كما في شأن الطلب العارض، وطلب أمر الأداء، - وقد قضت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض – " بأن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب، أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراء منفصلًا عن رفع الدعوى وتاليًا له قصد المشرع به إعلامه بها وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته"، فالمطالبة القضائية بهذه المثابة تتحقق بإيداع صحيفة الدعوى أو ما يقوم مقامها قلم كتاب المحكمة وتضمينها المطالبة بالحق المراد اقتضاؤه وهي على هذا النحو تتأكد بها رغبة الدائن في اقتضاء حقه وتنفي عنه قرينة الإهمال في المطالبة به أو التقصير في استيدائه، وإذ ورد النص في المادة ٣٨٣ المشار إليها عامًا مطلقًا في أن مجرد المطالبة القضائية على النحو السالف بيانه يعمل أثره في قطع التقادم ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، فإنه لا يستقيم ترتيبًا على ذلك تعليق ذلك الأثر على نتيجة الفصل في الدعوى، إن انتهت لمصلحة المدعي اعتُبر التقادم منقطعًا من وقت رفعها، وإذا انتهت بعكس ذلك سواء بالرفض الذي لم يستطل للفصل في الحق موضوع الدعوى أو عدم القبول الشكلي زال أثرها في قطع التقادم واعتُبرت كأن لم تكن في هذا الخصوص، إذ إن في ذلك تقييد للمطلق دون مُقَيِّد، بالمخالفة للقاعدة الأصولية " يبقى المطلق على إطلاقه" وهي قاعدة من القواعد الأساسية التي تبنتها محكمة النقض في التفسير وينبني على ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى بعدم القبول أو الرفض الذي لم يفصل في الحق موضوع الدعوى لا يزيل أثر المطالبة محله في قطع التقادم ما لم يكن قضاؤه مؤسسًا على عوار شاب إجراءات المطالبة القضائية، كأن يُقضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب بفعل راجع للمدعي، أو سقوط الخصومة بما يستتبعها من إلغاء جميع إجراءاتها بما فيها رفع الدعوى، أو انتفاء الصفة الإجرائية أو غير ذلك ........، فلا يُتَصور حينئذٍ أن يظل أثر المطالبة القضائية في قطع التقادم قائمًا بعد أن قُضي بعدم القبول لعيبٍ شاب إجراءاتها، وهو ما يتسق مع ما تغياه المشرع في نص المادة ٣٨٣ سالف الإشارة إليها على نحو ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني من أن " البطلان المتعلق بالشكل يزيل أثر الدعوى موضوعه في قطع التقادم" فاقتران لفظ البطلان بالشكل لا يُتصور وقوعه عملًا إلا على إجراء من إجراءات رفع الدعوى - أو ما يقوم مقامها - والتي تتحقق بها المطالبة القضائية القاطعة للتقادم على الوجه الذي سلف بيانه، بيد أنه حتى في هذه الحالة الأخيرة فإن مجرد زوال أثر المطالبة القضائية في قطع التقادم لا يعفي محكمة الموضوع من تمحيص مردودها على وقف التقادم أيضًا إذ أنه ولئن كان القضاء استئنافيًا ببطلان خصومة الدعوى المبتدأة المتعلقة بالمطالبة القضائية بالحق، أو اعتبارها كأن لم تكن، يزيل ما كان لها من أثر في قطع التقادم، إلا أنه لا يعني إغفال بحث أثر صدور الحكم الصادر فيها ابتداءً، في وقف التقادم أيضًا لا مجرد انقطاعه فحسب، ولا تعارض في ذلك لاختلاف الأساس الذي يستند إليه وقف التقادم عنه في قطع التقادم إذ إن وقف التقادم يستند لقاعدة أخلاقية مؤداها أن التقادم لا يسري في حق من لا يستطيع أن يداعي، ومن ثم فإن المشرع لم يرَ إيراد الموانع على سبيل الحصر حتي لا يقيد المحكمة في إعمال سلطتها في تقدير أثر المانع الذي يدعيه صاحب الحق في المطالبة به، بينما يستند انقطاع التقادم على المطالبة القضائية الصحيحة التي تنتفي بها مظنة إهمال الدائن وتقصيره في المطالبة بحقه. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بسبق إقامته الدعوى رقم ٨٢٥ لسنة ٢٠١٥ مدني الزقازيق الابتدائية على المطعون ضدهم – بذات الطلبات في الدعوى موضوع الطعن الراهن وقضى لصالحه ابتدائياً ثم ألغى هذا القضاء من محكمة الاستئناف التي قضت بعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها في السجل العيني، فبادر بإقامة هذه الدعوى بذات الطلبات في الدعوى السابقة، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بسقوط حقه في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي معتبرًا أن تاريخ الإنذار المؤرخ ٢٢/٩/٢٠١٥ الموجه منه في الدعوى الأولى لمورث المطعون ضدهم – البائع له – يطالبه فيه بالمبلغ المدفوع ثمنًا للعقار هو تاريخ علمه بأن العقار غير مملوك للبائع والذي يبدأ منه احتساب التقادم، مستندًا على أن القضاء نهائيًا بعدم قبول تلك الدعوى يزيل ما كان لها من أثر في قطع التقادم، دون أن يعتد بفترة الانقطاع التي اعترتها والتي بدأت من تاريخ المطالبة القضائية الصحيحة بإقامة دعواه الأولى وحتى تاريخ صدور الحكم الاستئنافي فيها بجلسة ٢٩/٨/ ٢٠١٨ حال كون ذلك القضاء مؤسسًا على عدم قيام الطاعن بالتأشير بصحيفة دعواه في السجل العيني، وهو إجراء وإن كان لازمًا لقبول الدعوى ابتداءً في الحالات التي تنطبق فيها شروط إعماله إلا أنه لا ينال من صحة المطالبة القضائية الكافية لقطع التقادم بمفهومها في نص المادة ٣٨٣ من القانون المدني على النحو السالف بيانه بحسبان أن تلك المطالبة وقد تمت صحيحة ولم يشب إجراءاتها أي عوار تكفي بمجردها لقطع التقادم دون أن يتوقف ذلك على نتيجة الحكم النهائي في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه. على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلـــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأحالت القضية الى محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق ".
في ذات الموضوع: هل الإنذار العدلي (على يد محضر) من الإجراءات القضائية التي تقطع التقادم؟
ردحذف