الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 16 مايو 2025

الطعن 600 لسنة 89 ق جلسة 1 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 43 ص 374

جلسة الأول من يونيه سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نادي عبد المعتمد أبو القاسم ، حسين النخلاوي ، إبراهيم فؤاد و د. أحمد أبو العينين نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(43)
الطعن رقم 600 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . سوق رأس المال . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . مطالبته الأخذ بدليل معين . غير جائز . ما لم يقيده القانون بذلك . له الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
نعي الطاعنين على الحكم تعويله على مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية في إدانتهم بجرائم عدم تقديم عروض شراء إجباري لشراء أسهم شركة وعدم الإفصاح للهيئة العامة للرقابة المالية عن البيانات الكافية التي أوجبها القانون حال كونهم من الأشخاص المرتبطة واستحواذهم على نسب من الأسهم تجاوز المقرر قانوناً وعدم موافاة الهيئة بالبيانات الصحيحة التي أوجبها القانون . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض . اطمئنان المحكمة لتلك المذكرة .كفايته لاطراح الدفع ببطلانها وعدم صلاحيتها للإدانة .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . سوق رأس المال . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة للمحكمة والمفاضلة بينها . موضوعي . علة ذلك ؟
مجادلة المحكمة في اطمئنانها لما تضمنه تقرير هيئة الرقابة المالية بتكوين الطاعنين مجموعة مرتبطة بين شركتين ومخالفتهم لقانون سوق رأس المال واطراحها تقرير الخبير في الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة " . نظام عام .
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . متعلق بالنظام العام . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . جائزة . ما دامت مدونات الحكم ترشح ذلك . خلو المدونات من هذا الدفع وثبوت أن تاريخ الواقعة لا تنقضي به الدعوى . أثره ؟
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها . غير مقبول .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والقصور يكون ولا محل له .
2- من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، وقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن الدليل الذي عول عليه الحكم في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهم والمستمد من مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية وأخذ بها ، فإن منعى الطاعنين ببطلانها وعدم صلاحيتها للإدانة يعد منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى ، فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ إن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك ، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه تقرير هيئة الرقابة المالية من تكوين الطاعنين مجموعة مرتبطة بين كل من شركة .... وشركة .... نظراً لعلاقات القرابة بين بعضهم واشتراك بعضهم في تشكيل مجلس إدارة كل من الشركتين ومخالفتهم لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال على النحو المبين بهذا التقرير ، واطرحت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير المقدم في الدعوى ، فإنه لا تجوز مجادلتها في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير مقبول .
4- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح ذلك ، وهو الأمر الذي خلا منه الحكم المطعون فيه ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله ، هذا فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم أن تاريخ ارتكاب الواقعة في .... فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله .
5- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة الاطلاع على مذكرة استئناف النيابة العامة ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبوه منها ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم :
1- لم يفصحوا للهيئة العامة للرقابة المالية عن البيانات الكافية التي أوجبها القانون عن شركة .... وبكونهم أشخاص مرتبطة بتلك الشركة ويستحوذون على نسبة تجاوز ثلث أسهم شركة .... وقت تعاملهم على الأوراق المالية الخاصة بالأخيرة على النحو المبين بالتحقيقات وبتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
2- لم يتقدموا بعرض شراء إجباري لشراء كامل أسهم شركة .... وقت استحواذ الأشخاص المرتبطة سالفي الذكر على نسبة تجاوز ثلث أسهمها مما ألحق ضرراً بباقي المساهمين بشركة .... وقت التعامل على الأوراق المالية الخاصة بها على النحو المبين بالتحقيقات وبتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
3- لم يتقدموا بعرض شراء إجباري لشراء كامل أسهم شركة .... وقت استحواذ الأشخاص المرتبطة سالفي الذكر على نسبة تجاوز نصف أسهمها وقاموا بزيادة النسبة التي يمتلكونها بما يتجاوز 2% من أسهمها خلال اثنى عشر شهراً متتالية مما ألحق ضرراً بباقي المساهمين بشركة .... وقت التعامل على الأوراق المالية الخاصة بها على النحو المبين بالتحقيقات وبتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
4- لم يقوموا بموافاة الهيئة العامة للرقابة المالية بالبيانات الصحيحة التي أوجبها القانون عن شركة .... وبكونهم أشخاص مرتبطة بتلك الشركة وعن نسب أسهمهم بشركة .... وقت تعاملهم على الأوراق المالية الخاصة بالأخيرة على النحو المبين بالتحقيقات وبتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
5- لم يتقدموا بعرض شراء إجباري لشراء كامل أسهم شركة .... وقت استحواذ الأشخاص المرتبطة سالفي الذكر على نسبة تجاوز نصف أسهمها وقاموا بزيادة النسبة التي يمتلكونها بما يتجاوز 2% من أسهمهما خلال اثنى عشر شهراً متتالية مما ألحق ضرراً بباقي المساهمين بشركة .... وقت التعامل على الأوراق المالية الخاصة بها على النحو المبين بالتحقيقات وبتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .
وطلبت عقابهم بالمواد 67 ، 68 ، 69 /1 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 المعدل بالقانون رقم 123 لسنة 2008 ، 10 لسنة 2009 ، والمواد 326 ، 332 ، 333 ، 353 من اللائحة التنفيذية للقانون .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت حضورياً ببراءة المتهمين جميعاً مما نسب إليهم من اتهامات .
فاستأنفت النيابة العامة ذلك القضاء ، ومحكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً عملاً بالمواد 67 ، 68 ، 69 /1 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 المعدل بالقانونين رقمي 123 لسنة 2008 ، 10 لسنة 2009 ، والمواد 326 ، 332 ، 333 ، 353 من اللائحة التنفيذية للقانون ، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم كل من المتهمين عشرين ألف جنيه عما أسند إليهم وألزمتهم بالمصاريف الجنائية .
فطعن وكيل المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
وقررت محكمة استئناف القاهرة ( دائرة طعون نقض الجنح ) - منعقدة في غرفة المشورة - بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الطعن .
وأُحيل الطعن لمحكمة النقض لنظره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم عدم تقديم عروض شراء إجباري لشراء أسهم شركة ، وعدم الإفصاح للهيئة العامة للرقابة المالية عن البيانات الكافية التي أوجبها القانون حال كونهم من الأشخاص المرتبطة ، واستحواذهم على نسب من الأسهم تجاوز المقرر قانوناً ، وعدم موافاة الهيئة بالبيانات الصحيحة التي أوجبها القانون ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة ولم يبين تفاصيل المعاملات وحركة تداول الأسهم من بيع وشراء ومراحل ارتكاب الطاعنين للمخالفة المنسوبة إليهم وتاريخها ، ولم يدلل الحكم على توافر أركان الجرائم التي دينوا بها ، واعتبرت المحكمة الطاعنين أشخاص مرتبطة لوجود صلة قرابة بين بعض منهم ووجود علاقة عمل بين الآخرين بالمخالفة للقانون ، وخلط الحكم بين مفهوم المجموعة المرتبطة ومفهوم الأشخاص المرتبطة ، واحتسب الحكم زيادة الطاعنين لحصتهم في الشركة بما يجاوز 2% على أساس أنهم أشخاص مرتبطون على الرغم من عدم صحة ذلك ، وأن نسب مساهمتهم في الشركة لم تتجاوز النسب المقررة قانوناً ، وخلت الأوراق من وجود اتفاق بين الطاعنين بفرض الاستحواذ أو قرائن تثبت صلة القرابة بينهم ، وعولت المحكمة في ذلك على مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية رغم بطلانها وعدم صلاحيتها للإدانة ، والتفتت دون مبرر عن تقرير الخبير الفني المنتدب من محكمة أول درجة والمرفق بالأوراق ، وأغفل الحكم الرد على دفعهم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في كافة الوقائع السابقة على .... ، ولم تمكن المحكمة الطاعنين من الاطلاع على مذكرة استئناف النيابة العامة لحكم محكمة أول درجة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والقصور يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، وقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن الدليل الذي عول عليه الحكم في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهم والمستمد من مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية وأخذ بها ، فإن منعى الطاعنين ببطلانها وعدم صلاحيتها للإدانة يعد منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى ، فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ إن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك ، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه تقرير هيئة الرقابة المالية من تكوين الطاعنين مجموعة مرتبطة بين كل من شركة .... وشركة .... نظراً لعلاقات القرابة بين بعضهم واشتراك بعضهم في تشكيل مجلس إدارة كل من الشركتين ومخالفتهم لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال على النحو المبين بهذا التقرير ، واطرحت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير المقدم في الدعوى ، فإنه لا تجوز مجادلتها في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح ذلك ، وهو الأمر الذي خلا منه الحكم المطعون فيه ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله ، هذا فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم أن تاريخ ارتكاب الواقعة في .... فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة الاطلاع على مذكرة استئناف النيابة العامة ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبوه منها ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق