الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 3 مايو 2025

الطعن 1487 لسنة 87 ق جلسة 13 / 2 / 2019 مكتب فني 70 ق 16 ص 152

جلسة 13 من فبراير سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / رفعت طلبه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي نور الدين الناطوري ومحمد محمود محمد علي نائبي رئيس المحكمة وحاتم حميدة ومحمد هديب .
------------------
(16)
الطعن رقم 1487 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) سلاح . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري لا يجوز الترخيص به . تحققها : بمجرد الإحراز أو الحيازة المادية له طالت المدة أم قصرت وأياً كان الباعث عليها . الركن المادي فيها لا يشترط لتوافره أن يكون السلاح ضبط مع شخص المحرز . كفاية ثبوت إحرازه بأي دليل . القصد الجنائي فيها . توافره بالعلم والإرادة . استظهاره موضوعي . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية باقتناع المحكمة بالدليل المقدم إليها .
عدم تقيد القاضي الجنائي بأدلة أو قرائن معينة . حقه في الأخذ بأقوال الشاهد ولو كان مجنياً عليه . علة ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفادها ؟
تناقض أقوال الشهود أو اختلافهم في بعض التفصيلات . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة التعويل على أقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ولو خولفت أمامها .
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
التفات الحكم عن عدول شاهد الإثبات عن اتهام الطاعن بجلسة المحاكمة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إثبات " معاينة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص محضر المعاينة بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته . كفاية إيراد مؤداها . ما دام استند إليها كقرينة معززة للأدلة الأخرى ولم يتخذ منها دليلاً أساسياً لثبوت الاتهام .
مثال .
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
نسبة الحكم معاينة مكان الحادث للنيابة العامة رغم إجرائها بمعرفة الشرطة والوحدة المحلية المختصة . لا ينال من سلامته . النعي بمخالفته الثابت بالأوراق وخطئه في الإسناد . غير مقبول . علة ذلك : الخطأ في مصدر الدليل . لا يضيع أثره . ما دام له أصل ثابت في الأوراق .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع . خطأ مادي . لا تأثير له على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها .
المنازعة الموضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع . غير مقبول . علة ذلك ؟
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
كفاية اطمئنان المحكمة إلى التحريات وصحة إجراءاتها رداً على الدفع بعدم جديتها . النعي على الحكم في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) أمر بألا وجه . دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه فيها " . نظام عام . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته المانعة من العودة إلى ذات الدعوى . ما دام قائماً لم يلغ . علة ذلك ؟
الدفع بسبق صدور أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية متعلق بالنظام العام . جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . شرط ذلك ؟
نعي الطاعن بسبق صدور أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لذات الوقائع وأنه ما زال قائماً . غير مقبول . ما دام لم يثره بجلسة المحاكمة وخلت مدونات الحكم من مقومات صحة هذا الدفع . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
(9) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(10) سلاح . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
معاقبة الطاعن بالسجن المشدد خمس سنوات وغرامة ألف جنيه عن جريمة إحرازه لسلاح ناري مششخن باعتبارها الأشد بعد إعمال المادتين 17 و 32 عقوبات . صحيح .
(11) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء أركان الجرائم المسندة للطاعن وانتفاء صلته بها وعدم التواجد على مسرح الحادث . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(12) استعراض القوة . عقوبة " تطبيقها " . مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
الفقرة الثالثة من المادة 375 مكرراً عقوبات المعدل . مفادها ؟
إدانة الحكم للطاعن بجريمتي استعراض القوة وإحراز سلاح ناري مششخن ومعاقبته عن الثانية بوصفها الأشد وإغفاله القضاء بوضعه تحت مراقبة الشرطة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وأورد الحكم مؤدى تلك الأدلة في بيانٍ وافٍ . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له .
2- من المقرر أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري لا يجوز الترخيص به مجرد الإحراز أو الحيازة المادية له طالت المدة أم قصرت أياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ متى توافرت عناصرها القانونية ، وأنه لا يشترط لتوافر الركن المادي في تلك الجريمة أن يكون السلاح قد تم ضبطه مع شخص المحرز بل يكفي أن يثبت إحرازه بأي دليل يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بمجرد حيازة السلاح أو إحرازه مما لا يجوز الترخيص به عن علم وإرادة ، وأن استظهار هذا القصد من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة عليها وهي غير مكلفة بالتحدث في حكمها استقلالاً عن هذا الركن ما دام ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على قيامه ، ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه من دلالة أقوال شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الحادث والتي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت في صحتها أن الطاعن قام بإطلاق أعيرة نارية من سلاح آلي صوب مسكن المجني عليه الأول / .... وأحدث فتحتين بالبوابة الخاصة به ، ومن ثم فإن ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافٍ وسائغ وتتوافر به أركان جريمة إحراز سلاح ناري مششخن مما لا يجوز الترخيص به التي دان الطاعن بها .
3- لما كانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل الذي يقدم إليها ، فالقانون لم يقيد القاضي بأدلة معينة بل خوَّله بصيغة مطلقة أن يكوّن عقيدته من أي دليل أو قرينة تقدم إليه ، فله أن يأخذ بأقوال الشاهد متى اطمأن إليها ولو كان هو المجني عليه نفسه إذ الأمر يرجع إلى تقديره هو لقوة الدليل في الإثبات بعد بحثه وتمحيصه والوقوف على جميع الظروف والملابسات المحيطة به فإذا رأى أن الشاهد صادف الحق له التعويل على شهادته ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الحادث واقتناعه بوقوعه على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو محاولة تجريح الأدلة التي اعتمدت عليها كل ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ولا يعيب الحكم التفاته عن أقوال شاهد الإثبات الأول بجلسة المحاكمة في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد .
4- لما كان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التي عول عليها ضمن أدلة الإدانة التي أوردها في قوله " ثبت من معاينة النيابة لمنزل المجني عليه وجد به آثار فتحتين في البوابة الخاصة به " فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال بها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل ، ذلك أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه وفوق ذلك فإن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على محتوى الدليل الناتج من معاينة مكان الحادث وإنما استندت على هذه المعاينة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه المعاينة دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قِبَل الطاعن .
5- لما كان البيِّن من مطالعة أوراق الطعن أن معاينة مكان الحادث له صداه في الأوراق والتي أُجريت بمعرفة الشرطة والوحدة المحلية المختصة ، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب تلك المعاينة للنيابة العامة ما دام لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق .
6- لما كان تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي أثر على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها - وفضلاً عن ذلك - فإن مدونات الحكم تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند للطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذ بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
7- لما كانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط " شاهد الإثبات الثاني " وصحتها ، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يُلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التي صدر فيها الأمر لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي وهو بهذه المثابة دفع وإن كان متعلقاً بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض . وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أن سلطة التحقيق قد سبق لها أن أصدرت أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الوقائع محل الدعوى الراهنة - وأنه ما زال قائماً لم يُلغ - وكانت مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه ، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
9- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم أنه لم يعرض لدفاعه بنفي التهمة وتكذيب رواية شاهدي الإثبات المؤيد بالمستندات الرسمية المقدمة منه يكون في غير محله . فضلاً عن أنه من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين مضمون المستندات التي عاب على الحكم عدم التعرض لها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص به وذخيرته واستعراض القوة ، وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عنها جميعاً وهي العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري المششخن " بندقية آلية " باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد التي أثبتها الحكم في حقه ، وكانت العقوبة المقررة لها هي السجن المؤبد والغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تبيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة السجن المشدد أو السجن ، وكان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
11- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجرائم المسندة للطاعن وانتفاء صلته بها وعدم التواجد على مسرح الحادث من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
12- لما كان الأصل أن العقوبة المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة لا يمتد إلى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في تلك الجرائم ، ولما كانت جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف التي دين بها الطاعن - وهي إحدى الجرائم المرتبطة - معاقب عليها بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات المعدل ، وكانت الفقرة الثالثة من تلك المادة التي تنص على أنه " ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضي بها " وإذ ما كانت عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة هي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنه يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط به هذه الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بوضع الطاعن تحت مراقبة الشرطة مع وجوب الحكم بها إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 375 مكرر من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - قام باستعراض القوة والتلويح بالعنف ضد المجني عليهما / .... ، .... بقصد ترويعهما وتخويفهما وإلحاق الأذى والإضرار بممتلكاتهما وفرض السطوة عليهما وسلب بعض أموالهما وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفسيهما وتكدير طمأنينتهما وتعريض سلامتهما للخطر بأن أحرز السلاح محل الاتهام اللاحق مطلقاً صوب مسكن الأول عدة أعيرة نارية ، وتمكن بذلك من ارتكاب الجريمة على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز سلاحاً مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه " بندقية آلية " .
- أحرز ذخائر مما تستخدم على أسلحة نارية مششخنة والتي لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 375 مكرر من قانون العقوبات والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 ، والمواد 1/ 2،1، 6، 26 /4،3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم " 3 " الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال مقتضى نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات - بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص به وذخائره واستعراض القوة والتلويح بالعنف مع المجني عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد والإخلال بحقه في الدفاع ، ذلك بأن خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها واعتوره الغموض وعدم الإلمام بوقائعها بدلالة حديث الحكم في مواضع منه عن متهمين بصيغة الجمع وفي موضوع آخر بصيغة المفرد وهو ما ينبئ عن اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة ، واعتنق صورة للواقعة مبناها أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم صحتها وتناقضها في مراحل الدعوى المختلفة ودون الإشارة لمصدرها وخاصة أن الشاهد الأول عدل عن شهادته أمام المحكمة ، وأن الأدلة في مجموعها والتي استند إليها الحكم جاءت قاصرة عن حد البلوغ لإدانته وخاصة أنه عول من ضمن تلك الأدلة على معاينة النيابة لمكان الحادث رغم خلو الأوراق منها - بل ولم يورد مؤداها في بيان وافٍ - واعتمد على تحريات الشرطة رغم منازعته في جديتها وهي لا تصلح سنداً للإدانة ، ودانه بجريمة إحراز سلاح مششخن رغم عدم ضبطه وفحصه فنياً بمعرفة خبير فني مستندًا في ذلك لقالة شاهدي الإثبات والتي لا تصلح سنداً لذلك ، ولم تفطن المحكمة لسبق صدور قرار من النيابة بحفظ القضية قِبَله وهو في حقيقته أمر بالأوجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة لكونه صدر بعد تحقيق قضائي ، ولم تظهر أدلة جديدة فما كان يجوز لها العودة للدعوى مرة أخرى ويكون الأمر له قوة الشيء المحكوم فيه تنقضي به الدعوى الجنائية وتتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ، وأخطأ الحكم في إنزال عقوبة الغرامة به ، ولم يشر للمستندات الرسمية المقدمة منه الدالة على عدم صحة إسناد الاتهام إليه فضلاً عن تكذيب شاهدي الإثبات ، كما أغفل أوجه دفاعه بانتفاء أركان الجرائم التي دين بها ، وعدم تواجده على مسرح الحادث ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وأورد الحكم مؤدى تلك الأدلة في بيانٍ وافٍ . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري لا يجوز الترخيص به مجرد الإحراز أو الحيازة المادية له طالت المدة أم قصرت أياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ متى توافرت عناصرها القانونية ، وأنه لا يشترط لتوافر الركن المادي في تلك الجريمة أن يكون السلاح قد تم ضبطه مع شخص المحرز بل يكفي أن يثبت إحرازه بأي دليل يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بمجرد حيازة السلاح أو إحرازه مما لا يجوز الترخيص به عن علم وإرادة ، وأن استظهار هذا القصد من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة عليها وهي غير مكلفة بالتحدث في حكمها استقلالاً عن هذا الركن ما دام ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على قيامه ، ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه من دلالة أقوال شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الحادث والتي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت في صحتها أن الطاعن قام بإطلاق أعيرة نارية من سلاح آلي صوب مسكن المجني عليه الأول / .... وأحدث فتحتين بالبوابة الخاصة به ، ومن ثم فإن ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافٍ وسائغ وتتوافر به أركان جريمة إحراز سلاح ناري مششخن مما لا يجوز الترخيص به التي دان الطاعن بها . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل الذي يقدم إليها ، فالقانون لم يقيد القاضي بأدلة معينة بل خوَّله بصيغة مطلقة أن يكوّن عقيدته من أي دليل أو قرينة تقدم إليه ، فله أن يأخذ بأقوال الشاهد متى اطمأن إليها ولو كان هو المجني عليه نفسه إذ الأمر يرجع إلى تقديره هو لقوة الدليل في الإثبات بعد بحثه وتمحيصه والوقوف على جميع الظروف والملابسات المحيطة به فإذا رأى أن الشاهد صادف الحق له التعويل على شهادته ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الحادث واقتناعه بوقوعه على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو محاولة تجريح الأدلة التي اعتمدت عليها كل ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ولا يعيب الحكم التفاته عن أقوال شاهد الإثبات الأول بجلسة المحاكمة في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التي عول عليها ضمن أدلة الإدانة التي أوردها في قوله " ثبت من معاينة النيابة لمنزل المجني عليه وجد به آثار فتحتين في البوابة الخاصة به " فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال بها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل ، ذلك أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه وفوق ذلك فإن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على محتوى الدليل الناتج من معاينة مكان الحادث وإنما استندت على هذه المعاينة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه المعاينة دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قِبَل الطاعن . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة أوراق الطعن أن معاينة مكان الحادث له صداه في الأوراق والتي أُجريت بمعرفة الشرطة والوحدة المحلية المختصة ، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب تلك المعاينة للنيابة العامة ما دام لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي أثر على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها - وفضلاً عن ذلك - فإن مدونات الحكم تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند للطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط " شاهد الإثبات الثاني " وصحتها ، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يُلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التي صدر فيها الأمر لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي وهو بهذه المثابة دفع وإن كان متعلقاً بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض . وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أن سلطة التحقيق قد سبق لها أن أصدرت أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الوقائع محل الدعوى الراهنة - وأنه ما زال قائماً لم يُلغ - وكانت مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه ، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم أنه لم يعرض لدفاعه بنفي التهمة وتكذيب رواية شاهدي الإثبات المؤيد بالمستندات الرسمية المقدمة منه يكون في غير محله . فضلاً عن أنه من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين مضمون المستندات التي عاب على الحكم عدم التعرض لها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص به وذخيرته واستعراض القوة ، وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عنها جميعاً وهي العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري المششخن " بندقية آلية " باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد التي أثبتها الحكم في حقه ، وكانت العقوبة المقررة لها هي السجن المؤبد والغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تبيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة السجن المشدد أو السجن ، وكان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه ، فإنه يكون قد أصاب صحيـــــح القانــــون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجرائم المسندة للطاعن وانتفاء صلته بها وعدم التواجد على مسرح الحادث من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة لا يمتد إلى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في تلك الجرائم ، ولما كانت جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف التي دين بها الطاعن - وهي إحدى الجرائم المرتبطة - معاقب عليها بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات المعدل ، وكانت الفقرة الثالثة من تلك المادة التي تنص على أنه " ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضي بها " وإذ ما كانت عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة هي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنه يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط به هذه الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بوضع الطاعن تحت مراقبة الشرطة مع وجوب الحكم بها إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 375 مكرر من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق