باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سيد عبد الله
سلطان عمار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد
أحمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار /
شعبان عبد العزيز عبد الوهاب إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ
المستشار / أحمد ماهر سيد عبد العال نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / مصطفى الجمل مفوض الدولـــة
وسكرتارية السيد/ سيد أمين أبو كيلة أمين سر المحكمة
أصدرت الحكم بالآتي
في الطعن رقم 2 لسنة 65 ق . عليا .
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالأقصر
بجلسة 31/7/2018 في الدعوى رقم 29 لسنة 4 ق
المقام من :
........
ضــــــــــــــــــــــد:
رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته
-------------------
" الإجراءات "
بتاريخ 1/10/2018 أودع الأستاذ / ...... المحامي نائبا عن الأستاذ /
......... المحامي المقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن الطاعن قلم
كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2 لسنة 65
ق . عليا في الحكم المشار إليه الصادر بمجازاته بالإحالة إلى المعاش .
والتمس الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن
شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه واحتياطيا بتعديل العقوبة بما يتناسب
مع الواقعة وظروفه العائلية والوظيفية.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى في الطعن .
ونظر الطعن أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية
العليا التي أحالته إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 16/5/2020 وقد تأجل
نظره إداريا لجلسة 18/7/2020 وبجلسة 15/8/2020 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن
بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
------------------
" المحكمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة
31/7/2018 وقد أقيم الطعن الماثل بتاريخ 1/10/2018 ، ومن ثم فإنه يكون مقاما في
الميعاد القانوني بعد إضافة ميعاد المسافة المقرر بالمادة (16) من قانون المرافعات
المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 بحسبان أن الطاعن من المقيمين
بمحافظة الأقصر ، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه المقررة قانونا فإنه يكون مقبول
شكلا .
ومن حيث إن وقائع الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ
4/4/2018 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 29 لسنة 4 ق بإيداع أوراقها
قلم كتاب المحكمة التأديبية بالأقصر متضمنة ملف قضيتها رقم 335 لسنة 2018 نيابة
الأقصر ثان وتقرير إتهام ضد الطاعن العامل السابق بمحكمة الأقصر الابتدائية
بالدرجة السادسة العمالية ، ونسبت النيابة الإدارية إليه أنه خلال عام 2017 سلك لا
يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي وخالف
القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها بأن قام
بالاتصال بالتليفون المحمول الخاص به بالمواطن / ......... المقيم بشارع ........
الأقصر منتحلا صفة مستشار بمجلس الدولة وذلك لتأكيد تعيينه بالمحكمة على خلاف
الحقيقة وعلى النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات والأوراق ، وطلبت النيابة الإدارية
محاكمته تأديبيا طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام .
وبجلسة 31/7/2018 أصدرت المحكمة التأديبية بالأقصر حكمها المطعون فيه
بمجازاة الطاعن بالإحالة إلى المعاش .
وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن
ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا من واقع ما كشفت عنه الأوراق وما أقر به الطاعن
بالتحقيقات ، الأمر الذي يشكل ذنبا إداريا يستوجب مجازاته تأديبيا عنه ، ولا ينال
من ذلك ما قد يثار بشأن انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بشأن المخالفة بحسبان أن
التصالح في الجريمة الجنائية لا يمنع من محاكمة المتهم تأديبيا عن المخالفة ذاتها
، وانتهت من ثم المحكمة إلى حكمها المطعون فيه .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل على سند
من أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون والغلو في الجزاء
فضلا عن عدم معقولية الواقعة وعدم مراعاة حسن نيته وظروفه الشخصية والعائلية
والوظيفية وقيامه برد المبالغ وتنازل الشاكي عن شكواه وانقضاء الدعوى الجنائية
بالتصالح على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن ، وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة
البيان .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى مجرى التواتر
على أن رقابة القضاء لمشروعية الجزاء هى رقابة قانونية يقف حدها عند التحقق من
قيام السبب المبرر له بثبوت ارتكاب العامل للمخالفة التى جوزى عنها ، ولا تمتد هذه
الرقابة إلى ملائمة الجزاء الذى هو ملاك يد المحكمة التى أصدرته وتترخص فى تقدير
جسامة الذنب الذى اقترفه وما يعادله حقا وصدقا من جزاء ، ومن ثم فإذا استخلصت
المحكمة أو مجلس التأديب من الوقائع الدليل على أن المتهم قارف ذنبا إداريا يستأهل
الجزاء ، وكان هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من وقائع تنتجه وتؤدى إليه ، فإن تقدير
هذا الدليل الذى قام لديها واعتدت به يكون بمنأى عن الطعن ، فرقابة المحكمة
الإدارية العليا لا تعنى أن تعاود النظر بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة فى
الدعوى إثباتا ونفيا ، إذ أن ذلك شأن من شئون المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب
وحدهما ، بما لا يجوز معه ولا يسوغ للطاعن معاودة الجدل فى تقدير أدلة الدعوى بظن
من إيجاب أو سلب غير مستمد من واقعات الدعوى ، ومن ثم فإن هذه المحكمة لا تتدخل أو
تبسط رقابتها إلا إذا ثبت لديها أن الدليل الذى قام عليه القضاء الطعين غير مستمد
من أصول ثابتة فى الأوراق ، أو كان استخلاصه له لا تنتجه الواقعة المطروحة عليه ،
فعندئذ فقط يكون التدخل واجب لتصحيح الحكم بما يتفق مع القانون والواقع بركيزة من
أن الحكم غير قائم على سببه المبرر له قانونا .
ومن ناحية أخرى فإنه لا إلزام على المحكمة التأديبية أن تشير فى أسباب
حكمها إلى كل ورقة أو مستند يقدم إليها ، فحسبها لصحة حكمها أن تشير فقط إلى ما
تستند إليه فيما ينتهى إليه قضاؤها ، إذ أن للمحكمة كامل الحرية فى تقدير ما تأخذ
به مما يقدم إليها من مستندات وما تطرحه منها ، بما لا يسوغ معه للطاعن الاستمساك
ببطلان الحكم بقالة إخلاله بحق الدفاع إهدار بعض المستندات وعدم التعويل عليها أو
على ما شهد به بعض الشهود فى التحقيقات ، مادام الحكم قد أبرز إجمالا الحجج التى
كونت قضاءه طارحا بذلك ضمنا الأسانيد التى قام عليها دفاع الطاعن ، فالقاضى
التأديبى بما يتمتع به من حرية فى مجال الإثبات غير ملزم بإتباع طرق معينة ، فهو
الذى يحدد طرق الإثبات التى يقبلها وأدلة الإثبات التى يرتضيها ويبني عليها
إقتناعه ويهدر ما يرتاب فى أمره أو يخالطه شكا ، فيطرحه بعيدا عن قناعاته التى هى
وحدها سند قضاءه وركيزة أسبابه .
كما جرى قضاؤها على أن الدقة و الأمانة واجبين من أهم الواجبات التى
وسدها المشرع للموظف العام حال أداء العمل المكلف به ، وهو ما يقتضى منه أن يبذل
قصارى جهده ويتحرى كل إجراء يقوم به تحرى الرجل الحريص ويتسلح فى ذلك بالحذر والتحرز
ويؤديه عن بصر وبصيرة واضعا نصب عينيه ما يلزمه به القانون وتقضى به التعليمات
المنظمة للعمل أو أداء الخدمة ، فإذا ركب الموظف متن الشطط وامتطى دابة الغفلة
وأرخى للتهاون عنانه خرج بركبه ودابته عن الحدود التى رسمها له المشرع والضوابط
التى وضعتها الإدارة وعلق فى جانبه مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة بما تقوم
به مسئوليته التأديبية ، ويحق عليه الجزاء ، و لا يجديه نفعاً حسن نيته وسلامة
طويته ، إذ أن الخطأ التأديبى كما يقوم بالعمد يقوم بالإهمال فى أداء واجبات
الوظيفة وهما صنوان فى الإخلال بها ، وذلك إدراكا لحسن سير المرفق العام بانتظام
واضطراد وهى الغاية المرجوة من كل من تقلد الوظيفة العامة وتدثر بدثارها .
ومن حيث إن البين من أسباب الحكم الطعين التى قام بسند منها قضاؤه أنه
قد استخلص إدانة الطاعن عن المخالفة المنسوبة إليه من أصول ثابتة بالأوراق
والتحقيقات محددا الوقائع المكونة لها تحديدا يرتفع به الجهل بها سابغا عليها
الكيوف القانونية السليمة منزلا أحكام النصوص القانونية واجبة التطبيق فى شأنها
وأقسطه الجزاء الأوفى صدقا وعدلا مفصلا ذلك كله تفصيلا يكفى لحمل النتيجة التى خلص
إليها على الصحة ويستوى بها الحكم مستقيما على سوقه ، وهى أسباب انتظم عقدها
قانونا وساغ منطقها عقلا وتتخذها هذه المحكمة أسبابا لها مبنى ومعنى ، بما يغدو
الطعن عليها لا سند له من القانون ولا ظل له من الواقع متعين الرفض .
ولا محاجة فيما ساقه الطاعن في معرض دفاعه من دفوع تكفل الحكم الطعين
بالرد عليها بما لا ينفسح معه المجال لمعاودة المجادلة في شأنها .
- فلهذه الأسباب-
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 2 من صفر لسنة
1441 هجرية ، الموافق 19/9/2020 ميلادية , بالهيئة المُبِينة بصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق