جلسة 7 من يناير سنة 1967
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
----------------
(53)
القضية رقم 419 لسنة 9 القضائية
مسئولية. "أركان مسئولية الإدارة".
فصل الموظف لعدم اللياقة الطبية قبل استنفاده عدد مرات الكشف الطبي - لا تتحقق معه مسئولية الإدارة إلا حيث يتأكد للقاضي أن احتمال النجاح كان كبيراً - يقدر القاضي إلى أي مدى كان الأمل قوياً في ذلك النجاح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن - المدعي أقام الدعوى رقم 49 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 29/ 10/ 1960 ذكر فيها أنه بعد أن حصل على شهادة معهد المعلمين الخاص بقنا سنة 1954 عين في وظيفة مدرس بمنطقة سوهاج التعليمية خصماً من بند الإعانات وبمناسبة ترشيحه للتعيين على إحدى الوظائف الدائمة كشف عليه طبياً أمام القومسيون المحلي فاتضح أن عنده لغطاً عضوياً متوالياً بالقلب وكان أن سارعت الوزارة إلى إصدار قرار بفصله مع أنه كان يجب عليها أن تعرضه قبل اتخاذ هذا القرار على القومسيون الطبي العام باعتباره وحدة الجهة المختصة بتقرير عدم اللياقة الطبية الموجب لإنهاء الخدمة، ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر مخالفاً القانون ويحق له أن يطالب بإلزام الوزارة بأن تدفع له كتعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة له مبلغ 500 جنيه والمصروفات وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي كان يشغل وظيفة مدرس بمدرسة رفلة جرجس للبنات التابعة لمنطقة سوهاج التعليمية خصماً على بند الإعانات، ولدواعي تتصل بتنظيم الميزانية تقرر إنهاء هذا البند وتعيين المقيدين عليه على درجات بالميزانية وبناء عليه صدر القرار رقم 52 في 25/ 12/ 1956 بتعيين المدعي على إحدى الدرجات السابعة الفنية على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وذلك استناداً إلى أحكام القانون رقم 193 لسنة 1955 التي تجيز تعيين المدرسين اللازمين لحاجة الوزارة على أن تستوفى مسوغات تعيينهم خلال تسعة شهور من تاريخ التعيين وإلا اعتبر المدرس المعين مفصولاً، ولما كان المدعي قد رسب في الكشف الطبي إذ اتضح أن عنده لغطاً متوالياً وهو من أمراض القلب التي تجعله غير لائق للدخول في الخدمة فقد أصدرت الوزارة في 24/ 9/ 1957 أي في نهاية هذه الستة شهور قراراً بفصله من الخدمة لعدم استيفائه مسوغات التعيين خلال تلك المدة، هذا وغير صحيح ما يقوله المدعي من أنه كان يتعين عرضه على القومسيون الطبي العام قبل فصله ذلك أن القومسيون المحلي هو وحده المختص بإجراء الكشف الطبي على المرشحين لوظائف دائمة أو مؤقتة متى كان التعيين في المحافظة التي بها القومسيون وهذا طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 18/ 7/ 1955 وإذا كان ذلك فإن الوزارة تكون قد تصرفت على وفق أحكام القانون، ولم ترتكب أي خطأ يبين مسئوليتها وتكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس من القانون مستوجبة الرفض. وبجلسة 10/ 1/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً بإلزام الوزارة بأن تدفع للمدعي مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض عن القرار الصادر بفصله والمصروفات المناسبة وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان القومسيون المحلي هو المختص فعلاً كما تقول الوزارة بالكشف على المرشحين للتعيين في المحافظة التي بها القومسيون طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18/ 7/ 1955 وأنها إذا أحالت المدعي للكشف الطبي إلى هذا القومسيون لا تكون قد ارتكبت أي خطأ إلا أنها قد ارتكبت خطأ من نوع آخر هو أنها حرمته من حقه الثابت بالمادة 25 من لائحة القومسيونات التي تعطي المرشح للتعيين الحق في إعادة الكشف الطبي عليه دفعتين آخريين إذا لم يجز درجة اللياقة الطبية المطلوبة في الدفعة الأولى وإذ تسرعت وفصلت المدعي اعتماداً على نتيجة أول كشف قبل أن يستنفد الدفعتين الآخريين فإن قرارها الصادر في هذا الشأن يكون مخالفاً للقانون وهو ما يشكل ركن الخطأ في جانبها ويستوجب مسئوليتها عن الضرر الذي أصاب المدعي نتيجة هذا القرار. وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم بمخالفة القانون وقالت بياناً لذلك إن القرار الصادر بفصل المدعي قد صدر تنفيذاً للقانون رقم 193 لسنة 1955 الذي ينص على أنه استثناء من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم وإلا اعتبر مفصولاً. والثابت أن المطعون ضده عين بالقرار رقم 52 في 25/ 12/ 1956 بالتطبيق لأحكام هذا القانون ونظراً لعدم استيفائه مسوغات تعيينه خلال التسعة أشهر المحددة به صدر في 24/ 9/ 1956 أي في نهاية هذه الفترة قرار بفصله لأنه يعتبر بفوات هذه المهلة دون استيفاء المسوغات مفصولاً بقوة القانون والوزارة لم تفعل سوى أنها أعملت في شأنه أحكام القانون وليس في هذا ما يبرر مسئوليتها، ولا وجه لتحميل الوزارة مسئولية عدم استيفاء المدعي مرات الكشف الطبي إذ أنه فضلاً عن أن مرضه لا يرجى له شفاء فإنه هو وليست الوزارة الذي تقاعس عن استعمال حقه في عرض نفسه على القومسيون عدد المرات المسموح بها خلال الفترة المشار إليها فلا يلومن إلا نفسه ولا محل بالتالي لنسبة أي خطأ في جانب الوزارة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن كل ما يمكن نسبته إلى الوزارة من تقصير هي أنها فوتت على المدعي فرصة إعادة الكشف الطبي عليه مرتين أخريين كان يحتمل فيها نجاحه أو رسوبه وغني عن البيان أنه لا تتحقق المسئولية في هذه الحالة إلا حيث يتأكد للقاضي أن احتمال النجاح كان كبيراً فهو يقدر إلى أي مدى كان الأمل قوياً في ذلك النجاح المزعوم أما إذا اتضح على العكس أن المرض الذي كان سبباً في رسوب المدعي في الكشف الأول هو من الأمراض التي لا شفاء منها فإن الوزارة لا تكون قد أضاعت عليه عندئذ أي فرصة في النجاح في الكشف الطبي وتنتفي بذلك مسئوليتها، ولما كان الثابت أنه حين أعيد الكشف على المدعي طبياً في 22/ 8/ 1963 أمام القومسيون الطبي بمناسبة النظر في تعيينه طبقاً لشروط اللياقة الصحية المخففة التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 2293 لسنة 1962 بأحكام اللياقة الصحية للتعيين في الوظائف العامة تبين أنه مصاب بلغط انبساطي وانقباض على صمام اليثرال وهو ذات المرض الذي كان سبباً في رسوبه أول مرة وأنه لولا أن هذا المرض لم يعد طبقاً لقرار رئيس الجمهورية المشار إليه مانعاً من اللياقة الصحية، لما حاز درجة اللياقة الصحية المتطلبة للتعيين، إذا كان ذلك هو الثابت فإن الوزارة إذ فصلته في سنة 1957 لعدم استيفائه - خلال الفترة المحددة لاستيفاء مسوغات التعيين طبقاً للقانون رقم 163 لسنة 1955 - شرط اللياقة الصحية بسبب إصابته بهذا المرض كان وقتذاك مانعاً من التوظف طبقاً للائحة القومسيونات الطبية القائمة آنذاك وقبل أن تنتظر نتيجة الكشف الطبي عليه في دفعتين آخريين، لا يكون قد فوتت عليه أي فرصة للنجاح في الكشف الطبي وفي استيفاء شرط اللياقة الصحية المتطلب كمسوغ ضمن مسوغات التعيين إذ أنه كان سيسقط لو أعيد الكشف عليه لا محالة وكان لا محيص من فصله وبذلك تنتفي مسئولية الوزارة بانتفاء أي خطأ يمكن نسبته إليها، وتكون دعوى المدعي غير قائمة والحالة هذه على أساس سليم من القانون مستوجبة الرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق