جلسة 22 من يناير سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.
----------------
(12)
الطعن رقم 325 سنة 24 ق
(أ) نقض "إعلان الطعن" "محل الإعلان". إعلان "الإعلان في المحل المختار".
الإعلان لمكتب الوكيل. شرطه. م 83 مرافعات. شرط إعلان الطعن في المحل المختار. م 380 مرافعات.
(ب) حكم "بياناته". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". تقرير التلخيص.
بيان أن تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة ليس من البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم. المادتان 116، 349 مرافعات.
(ج) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". حكم "إصداره" "المداولة فيه والنطق به".
إيجاب أن يكون قاضي التحضير من بين القضاة الذين سمعوا المرافعة في الدعوى. غير لازم.
(د) دعوى "تقدير قيمة الدعوى". ارتفاق "مسائل منوعة". استئناف "نصاب الاستئناف".
صراحة نص م 30 مرافعات قديم في أن الدعاوى المتعلقة بحق ارتفاق تقدر قيمتها بقيمة العقار المقرر عليه حق الارتفاق، لا الجزء من الأرض الذي يستعمل فيه الحق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 28/ 4/ 1948 أقام المطعون عليهم الدعوى رقم 399 لسنة 1948 كلي طنطا - بمحكمة طنطا الابتدائية على الطاعن - وقالوا شرحاً لدعواهم إنهم يملكون أطياناً زراعية بناحية طرنيه مركز المحلة الكبرى بحوض الحبس رقم 3 وبها مصارف فرعية تنتهي بالحد الشرقي لأطيان الطاعن وتصب في مصرف شرقي القطعة 50 المملوكة له وهذا المصرف يتصل بمصرف كائن قبلي أطيانه وموصل لمصرف طرنيه العمومي - وأن أطيانهم لها حق ارتفاق بالصرف على أطيان الطاعن وقد أثبت ذلك الخبير المعين في الدعوى رقم 1965 لسنة 1947 مدني مستعجل المحلة التي كان الطاعن قد أقامها عليهم وطلبوا الحكم بتثبيت ملكيتهم لحق ارتفاق صرف المياه الزائدة عن حاجة أراضيهم بالمصرف الواقع في شرقي أطيان الطاعن بالقطعة رقم 50 والمتصلة بالمصرف الذي يقع قبلي أطيانه والموصل للمصرف العمومي بناحية طرنيه مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ودفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى لأنها تقدر بقيمة المصرف المتنازع عليه - لا بقيمة الأطيان التي بها المصرف - وبما أن قيمة المجرى الذي يشغله المصرف أقل من 250 جنيهاً فتكون المحكمة الجزئية هي المختصة بنظر الدعوى وبتاريخ 4 نوفمبر سنة 1950 حكمت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى - وبتاريخ 31 مارس سنة 1951 أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً قضت فيه بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أنهم اكتسبوا حق الارتفاق بالصرف في المصرف موضوع النزاع بالمدة الطويلة - باستمرار الصرف فيه مدة أكثر من خمس عشرة سنة ظاهرين بمظهر صاحب الحق في الصرف دون منازع وللمدعى عليه (الطاعن) نفي ذلك بنفس الطرق - وبعد أن نفذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين أصدرت المحكمة الابتدائية بتاريخ 15/ 11/ 1952 حكماً قضت فيه بتثبيت ملكية المطعون عليهم لحق ارتفاق صرف المياه الزائدة عن حاجة أراضيهم - بالمصرف المبين المعالم والحدود بالعريضة وألزمت المدعى عليه (الطاعن) بالمصاريف وبمائتي قرش أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وبتاريخ 11 فبراير سنة 1953 رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم إلى محكمة استئناف طنطا برقم 25 لسنة 3 ق طلب فيه قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص واحتياطياً إلغاء الحكم بكافة أجزائه ورفض دعوى المطعون عليهم مع إلزامهم في كل الأحوال بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وبتاريخ 28 ديسمبر سنة 1953 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصروفات و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم (المطعون عليهم) وبتاريخ 16 سبتمبر سنة 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها ذكرت فيها أن الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الثالث لبطلان إعلانه وبالنسبة لموضوع الطعن أبدت رأيها برفضه - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصممت النيابة العامة على هذا الرأي - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 8 من يناير سنة 1959 وصممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الثالث (الذي لم يحضر) لعدم إعلانه بتقرير الطعن إعلاناً صحيحاً.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن المطعون عليه الثالث أعلن في 23 سبتمبر سنة 1954 بمكتب وكيله الأستاذ أبو العينين البنا المحامي ببندر المحلة الكبرى.
ومن حيث إن الإعلان لمكتب الوكيل عن أحد الخصوم لا يكون معتبراً قانوناً بحسب نص المادة 83 من قانون المرافعات إلا بالنسبة للأوراق اللازمة لسير الدعوى - وفي درجة التقاضي الموكل هو فيها وعلى ذلك فإن إعلان المطعون عليه الثالث بالطعن في مكتب الأستاذ أبو العينين البنا المحامي بفرض وكالته عنه - لا يكون صحيحاً قانوناً - وكذلك لا يكون هذا الإعلان صحيحاً أيضاً بفرض اعتبار مكتب المحامي المذكور موطناً مختاراً للمطعون عليه الثالث - ذلك أن المشرع وإن جاز إعلان الطعن في الموطن المختار إلا أن شرط ذلك (طبقاً لنص المادة 380 مرافعات) أن يكون الخصم قد اختار ذلك الموطن في إعلان الحكم المطعون فيه إلى خصمه وإذ كان الطاعن لم يودع بملف الطعن صورة الحكم المعلنة إليه التي تثبت أن المطعون عليه المذكور قد عين المكتب الذي أعلن فيه تقرير الطعن موطناً مختاراً له - فتأسيساً على ما تقدم يكون هذا الإعلان باطلاً ويتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة له.
وحيث إنه بالنسبة لباقي المطعون عليهم - فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ويقول في بيان ذلك أن الاستئناف المرفوع منه عن الحكم الابتدائي - أحيل من جلسة التحضير المنعقدة في 22/ 6/ 1953 إلى المرافعة لجلسة 27/ 10/ 1953 - وقد نظر الاستئناف تلك الجلسة - غير أنه باستعراض الحكم المطعون فيه يبين أن تقرير مستشار التحضير لم يتل بالجلسة وفقاً لما تقضي به المادة 116 مرافعات كما يبين من هذا الحكم أن مستشار التحضير لم يكن من بين المستشارين الذين سمعوا المرافعة بجلسة 27/ 10/ 1953 ولهذا وذاك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود في شطره الأول بأنه وإن كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يدل على أن تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة إلى أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون في المادة 116 من قانون المرافعات هو وجوب تلاوة التقرير الذي يحيل به قاضي التحضير الدعوى إلى المرافعة وقد خلا نص المادة 349 من قانون المرافعات التي حددت البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم - من النص على وجوب إثبات هذا البيان بالحكم - لما كان ذلك، وكان الطاعن لم ينف واقعة تلاوة التقرير في الجلسة كما أنه لم يقدم صورة محاضر الجلسات التي نظرت فيها الدعوى بعد إحالتها من قاضي التحضير للتحقق من عدم تلاوة التقرير تأييداً لهذا السبب فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل كما أنه مردود في شطره الثاني بأنه لا أساس من القانون لما يتمسك به الطاعن من بطلان الإجراءات بسبب أن مستشار التحضير لم يكن من بين المستشارين الذين سمعوا المرافعة في الدعوى - ذلك أن قانون المرافعات قد خلا من النص على إيجاب إجراء من هذا القبيل وليس في نصوص الباب الخامس من هذا القانون الخاص بإجراءات الجلسات ولا في الباب العاشر الخاص بالأحكام وشرائط إصدارها ما يستلزم هذا الإجراء.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه معيب بالخطأ في القانون - وفي بيان ذلك ذكر الطاعن أن الدعوى التي أقامها عليه المطعون عليهم تتعلق بحق ارتفاق بالصرف في مصرف يقع مجراه في جزء من أطيانه - وقد كان يتعين طبقاً للقانون أن ترفع هذه الدعوى أمام المحكمة الجزئية - لا أمام المحكمة الابتدائية - إذ أن قيمتها تقدر طبقاً لنص المادة 30 من قانون المرافعات الملغي - بقيمة ذلك الجزء الذي يمر فيه المصرف فقط دون نظر إلى ما عداه من الأطيان المقول بترتب حق الارتفاق عليها - وإذ كانت قيمة ذلك الجزء - على هذا الأساس لا تجاوز نصاب المحكمة الجزئية - فقد كان يتعين على المحكمة الابتدائية أن تقضي بقبول الدفع بعدم الاختصاص الذي أبداه الطاعن لكنها لم تفعل وقضت برفض هذا الدفع - ولما استأنف الطاعن الحكم إلى محكمة الاستئناف تمسك بهذا الدفع أيضاً - ولكنها قضت على خلاف القانون بتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "النص في المادة 30 من قانون المرافعات القديم الذي رفعت الدعوى في ظله جاء صريحاً لا يعوزه اجتهاده أو تفسير إذ يقضي بتقدير الدعوى باعتبار قيمة العقار المقرر عليه حق الارتفاق أي العقار الخادم ولا يجوز تأويل هذه العبارة إلى أنها ترمي إلى ذلك الجزء من الأرض الذي يستعمل فيه الحق - فلو كان هذا هو الصحيح لما عني المشرع في القانون المدني الجديد بتعديل النص وجعل أساس التقدير باعتبار ربع قيمة العقار المقرر عليه الحق وليس العقار كله وذلك أسوة بتقدير الدعاوى المتعلقة بحق الانتفاع كما أشارت إلى ذلك المذكرة التفسيرية لهذا القانون والمستأنف (الطاعن) لا ينازع في أن ثمن الفدان في الأرض المقرر عليها حق الارتفاق حوالي 400 جنيه ويكون ثمن الأرض بأكملها يربو على 200 جنيه" وما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور في التسبيب - ذلك أن الطاعن رفع الدعوى بأن المطعون عليهم - كانوا يصرفون المياه الزائدة عن حاجة أراضيهم على أساس التسامح - لأن الأرض التي اشتراها الطاعن - كانت من قبل شرائه ملكاً لمصلحة الأموال الأميرية وكانت بوراً ومنخفضة في مستواها عن الأرض المجاورة المملوكة للمطعون عليهم - وكانت بحكم هذه الطبيعة تستعمل سيلاً للمياه - ولهذا كان الأمر في شأن الصرف فيها يجري على أساس التسامح الذي لا يكسب حقاً - وقد جاء رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع قاصراً فقد اكتفى في هذا الخصوص بالقول بأن ما أبداه الطاعن في شأن التسامح يتناقض مع إنكاره وجود المصرف - ولا يصح أن يكون هذا الإنكار سبباً لنفي وجود التسامح - كما أن ما ذكره الحكم المطعون فيه من "أن التحقيقات التي تمت في الدعوى وأمام خبير إثبات الحالة لا تدل على وجود التسامح" هو كلام مرسل لا يبين منه كيف أفادت التحقيقات المذكورة هذا المعنى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ عرض لما تمسك به الطاعن من أن المطعون عليهم لم يكتسبوا حق ارتفاق بالصرف لأن ما درجوا عليه من إسالة المياه الزائدة كان على سبيل التسامح ذكر "أنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن محكمة أول درجة أطرحت هذا النزاع الذي بناه المستأنف (الطاعن) على وجود تسامح ممن كان يملك الأرض للمستأنف عليهم وتصريحه لهم في تصريف مياههم في أرضه لأنه يتناقض مع ما أبداه أولاً من عدم وجود المصرف كما أنه لم يلجأ إليه إلا بعد أن ثبت من تقرير الخبير وجود المصرف فعلاً والواقع أن التحقيقات التي تمت في الدعوى وأمام الخبير إثبات الحالة لا تدل على وجود هذا التسامح الذي يدعيه المستأنف ويعزوه إلى أن الأرض المرتفعة كانت بوراً تطلق فيها مياه الصرف ولكن الواقع أنه كان هناك مصرف قديم يمر بجوار أرض المستأنف عليهم من الغرب ويتجه جنوباً حتى يتصل بمصرف آخر يوصل إلى المصرف العمومي وقد شهد بوجود هذا المصرف القديم أحد شاهدي المستأنف نفسه فضلاً عن شاهدي المستأنف عليهم وأرجع عهده إلى خمسة عشر عاماً خلت". كما ثبت من محضر أعمال الخبير وتقريره المقدم في قضية إثبات الحالة أن استعمال المستأنف عليهم لحقهم في الصرف في هذا المصرف ظل قائماً ومستمراً حتى اشترى المستأنف قطعة الأرض الأخرى رقم 51 المجاورة للقطعة الأولى التي اشتراها من عوض الزبادي وتفصلهما قناة للري فأراد أن يستفيد من هذه القناة بزراعتها فحول المياه عنها إلى المصرف وجعله وسيلة للري بدلاً من الصرف ومن هنا بدأ النزاع بين الخصوم ووصل أمره إلى القضاء في دعاوى متعددة تبادل الطرفان رفعها - كذلك ثبت من هذه الأوراق ومن أقوال الشهود أنه لم يكن للمستأنف عليهم من سبيل لتصريف مياه أراضيهم سوى هذا المصرف الموصل إلى مصرف طرينه العمومي - أما مصرف عبد الرحمن رشدي الذي قيل أن المستأنف ضدهم يصرفون فيه مياه أرضهم فإنه فضلاً عما ثبت من أنه أبعد من الأخير فإن أرضه أكثر ارتفاعاً من أرض الحوض الذي تقع فيه أرض المستأنف ضدهم ومن ثم فهو غير صالح لهذا التصريف ...." - ومن هذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه يبين أنه فيما استظهره بالأدلة السائغة التي أوردها - من ثبوت حق الصرف للمطعون عليهم - ومن انتفاء مظنة التسامح - غير مشوب بشيء من القصور المدعى به في سبب النعي - ولا تعدو محاولة الطاعن في هذا الخصوص إلا أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي أخذت به محكمة الموضوع مما تستقل بتقديره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق