جلسة 7 من يونيو سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ د. عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي؛ محمد زغلول عبد الحميد؛ د. منصور وجيه ومحمد رأفت خفاجي.
-----------------
(122)
الطعن رقم 182 لسنة 48 القضائية
(1) محاماة.
المحامي العامل بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ممارسته المحاماة أصلاً عن نفسه أو لحساب غيره لا بطلان. علة ذلك. م 55 ق 61 لسنة 1968.
(2) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات. التزامها بعدم الخروج عن المعنى الظاهر لعباراتها.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
التناقض الذي يفسد الأحكام. ماهيته.
(4) إيجار "إيجار الأماكن".
انقضاء الشركة القائمة بين المستأجر وشريكه بالعين المؤجرة. أثره. فقد الشريك سنده في البقاء بالعين. قضاء المحكمة بإخلائه لا يتناقض وطلب المستأجر طرده. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3295 سنة 1973 مدني كلي إسكندرية بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي كان يشاركه الانتفاع بها كمكتب للمحاماة بموجب العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 لانتهاء مدته، وبتاريخ 27/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 963 سنة 30 ق إسكندرية وفي 29/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من عين النزاع، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده يعمل عضواً بالإدارة القانونية لإحدى شركات القطاع العام ويحظر عليه القانون رقم 47 لسنة 1973 ممارسة مهنة المحاماة لغير صالح الشركة التي يعمل بها وإذ وقع المطعون ضده على صحيفة افتتاح الدعوى وهي غير خاصة بعمل الشركة فإنها تكون باطلة عملاً بأحكام القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة ويتعلق هذا البطلان بالنظام العام ويجوز له التمسك بهذا السبب القانوني البحت لأول مرة أمام محكمة النقض - كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيق دفاعه بأن القانون يحظر على المطعون ضده ممارسة مهنة المحاماة إلا أن الحكم أجاز له مزاولتها استناداً لصورتين فوتوغرافيتين لتصريح الشركة والنقابة له بذلك ورغم جحده لهما مما يعيبه أيضاً بالقصور.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأن النص في المادة 55 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون لغير الجهات التي يعملون بها" يدل على أن الشارع لم يضع شرطاً من شروط صحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص بل أصدر إليه أمراً لا تعدو مخالفته أن تكون مهنية تقع تحت طائلة الجزاء الإداري ولا تستتبع تجريد العمل الذي قام به المحامي من آثاره القانونية ولا تنال من صحته متى تم وفقاً للأوضاع التي تطلبها القانون سواء مارسه المحامي لنفسه أم لحساب غيره وكل ما يترتب على هذا الحظر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توقيع العقوبات التأديبية التي نص عليها القانون، لما كان ذلك فلا يترتب على توقيع المطعون ضده على صحيفة افتتاح الدعوى أي بطلان لكونه محامياً بالإدارة القانونية لإحدى شركات القطاع العام، والنعي في شقه الثاني غير صحيح إذ جاء بمدونات الحكم المطعون فيه أن مخالفة قانون الإدارات القانونية مجالها المحاسبة الإدارية إن وجدت أما عقد الاتفاق وعقد الإيجار فلهما احترامهما وقوتهما وأثارهما ولا يؤثر فيها كون المستأنف له حق الأشغال بالمحاماة الحرة أو أنه خالف القاعدة في ذلك..... والبين من هذه الأسباب أن الحكم المطعون فيه لم يجز للمطعون ضده ممارسة مهنة المحاماة ولم يستند في قضائه لصور فوتوغرافية جحدها الطاعن وإنما قرر أن ممارسة المطعون ضده لمهنة المحاماة على خلاف الحظر الوارد في القانون مجالها المحاسبة الإدارية ومن ثم فلا قصور.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثالث والخامس والسادس الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أخطأ في تكييف العقد المؤرخ 30/ 1/ 1963 بقوله إنه عقد شركة لاستغلال مكتب المحاماة مخالفاً بذلك المعنى الظاهر لنصوص العقد التي تفيد استئجاره لجزء من مكان خال من الباطن يحتفظ كل طرفه منهما بعائد جهده وغير صحيح ما قرره الحكم لتبرير قضائه بأن المطعون ضده لم يحقق المزايا الموجودة من التأجير من الباطن إذ الثابت من العقد أنه يحتفظ لنفسه بحجرة بعين النزاع ويساهم معه في أعباء الأجر والمصروفات كما خالف الحكم الثابت بإيصالات سداده الأجرة للجهة المالكة بصفته شريكاً في الإيجار مما يفيد إجازتها للتأجير من الباطن إلا أن الحكم اعتبره نائباً عن المطعون ضده في السداد وأغفل ما جاء بالإيصالات بخصوص المشاركة في الإيجار وقد أوقعته هذه الأخطاء في خطأ آخر عندما قضي بإخلائه من عين النزاع لانتهاء مدة العقد حالة أنه يستأجرها من الباطن فيستفيد من الامتداد القانوني للعقد ولا يجوز إخلاؤه لغير الأسباب الواردة على سبيل الحصر بقانون إيجار الأماكن وليس من بينها انتهاء مدة العقد.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص ما يرى أنه الواقع الصحيح في الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك ما دام لم يخرج في تفسير العقود عما تحتمله عباراتها أو يجاوز المعنى الظاهر لها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن طرفي العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 قصدا تكوين شركة لاستغلاله مكتب للمحاماة استناداً إلى ما جاء ببنود العقد من اشتراكهما مناصفة في مصروفات تأثيث وتشغيل المكتب ومدخله ومصاريف الصيانة والأجرة وثمن استهلاك الكهرباء والمياه وأجرة البواب والفراش وأتعاب القضايا التي يوكلان فيها معاً وأن المطعون ضده لم يحقق من ذلك مزية التأجير من الباطن ولا يغير من ذلك استقلال كل منهما بقضاياه الخاصة فليس ثمة ما يمنع الشركاء من تنظيم توزيع عائد النشاط على الوجه الذي يرونه كفيلاً بتحقيق مصلحتهم وهي أسانيد سائغة تتفق مع المعنى الظاهر لعبارات العقد وتؤدي إلى صحة ما استخلصه الحكم المطعون فيه في تكييف العقد ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 هو عقد شركة وليس عقد إيجار من الباطن ومن ثم فإن هذا العقد هو الذي يحدد العلاقة بين طرفيه ولا يغير من ذلك ما أثبته الجهة المالكة بظهر إيصالات سداد الأجرة بأن الطاعن شريك للمطعون ضده في الإجازة إذ لا حجية لما أثبته قبل المطعون ضده فضلاً عن صدور هذه الإيصالات باسم هذا الأخير وإذ انتهى الحكم إلى أن سداد الأجرة بمعرفة الطاعن لا يعني أكثر من أنها دفعت منه نيابة عن المطعون ضده ولا تجعله شريكاً في الإيجار فإنه يكون قد التزم بنطاق العلاقة الناشئة عن العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 ولا يعيبه أي قصور، ولما كان عقد الشركة موضوع الدعوى لا يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وإنما يحكمه القانون المدني وتنتهي الشركة بانتهاء مدتها الواردة في العقد عملاً بالمادة 526/ 1 من القانوني المدني وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إخلاء الطاعن من عين النزاع تأسيساً على انتهاء عقد الشركة فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والسابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده طلب الحكم بطرده من عين النزاع لانتهاء العقد المؤرخ 30/ 6/ 1963 وإذ قضى الحكم بالإخلاء فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وتناقض مع أسبابه إذ أن الإخلاء لا يكون إلا بصدد علاقة إيجارية ولأحد الأسباب الواردة على سبيل الحصر في قانون إيجار الأماكن وليس من بينها انتهاء مدة العقد كما أن الحكم قضى بالإخلاء ولم يقضي بفسخ العقد بما مفاده أن العقد ما زال سارياً وهو ما يتعارض مع قضائه بالإخلاء.
وحيث إن النعي مردود بأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 بأنه عقد شركة وكان من المقرر في المادة 526/ 1 من القانون المدني أن الشركة تنتهي بانقضاء الميعاد المعين لها وقد انقضت مدة هذا العقد وبقي الطاعن بعين النزاع دون رضاء المطعون ضده ومن ثم فإنه يعد مغتصباً إذ لم يعد له سند في البقاء بها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء تأسيساً على ما تقدم فلا يكون مشوباً بالتناقض ولا يغير من ذلك أن المطعون ضده طلب طرد الطاعن إذ أن الإخلاء والطرد لفظان بمعنى واحد يفيدان بأن الطاعن لم يعد له الحق في البقاء بعين النزاع ويكون الحكم قد فصل في مصير هذا العقد وأوضح أنه غير قائم لانتهاء مدته ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق