جلسة أول يناير سنة 1967
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.
-----------------
(50)
القضية رقم 1127 لسنة 7 القضائية
موظف "معاش. التثبيت بالمعاش". رجال التعليم الأولى. (1)
تتحقق شروط التثبيت بالمعاش طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 78/ 1/ 22 مؤقت المؤرخ 20 من فبراير سنة 1947 بكون المدعي من رجال التعليم الأولى القديم ومثبتاً في مجلس مديرية المنيا حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم واشتراكه في صندوق الادخار - لا وجه للتحدي بنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاصة بالمعاشات - لا وجه كانت للتحدي بنص المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 التي تنهي عن تثبيت أي موظف من الموظفين المدنيين الموجودين بخدمة الحكومة عند العمل بهذا القانون - أساس ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قدم في 24 من فبراير سنة 1960 أي في خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه الذي صدر في 26 من ديسمبر سنة 1959 طلباً إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة قيد في جدولها تحت رقم 62 لسنة 6 القضائية لإعفائه من رسوم هذا الطعن، فصدر قرار اللجنة المذكورة في 25 من فبراير سنة 1961، بقبول طلبه، وأنه أودع تقرير الطعن في 25 من إبريل سنة 1961، أي قبل إنقضاء ستين يوماً منذ تاريخ صدور قرار اللجنة المشار إليها. ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 417 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 15 من يناير سنة 1959، طلب فيها الحكم "بأحقيته في التثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وبسط أسانيد دعواه ذاكراً أنه حصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى في سنة 1914، وعين بخدمة مجالس المديريات اعتباراً من أول إبريل سنة 1915، في وظيفة مدرس بالمدارس الأولية، ثم أخذ يتقلب في وظائف التعليم الأولى القديم بمجالس المديريات من مدرس إلى ناظر حتى صدر القانون رقم 108 لسنة 1950، بضم مدارس التعليم الأولى التي كانت تديرها مجالس المديريات إلى وزارة التربية والتعليم فنقل إلى خدمة الوزارة المذكورة. وقد انتهت خدمته في 19 من يوليه سنة 1956، بيد أن الوزارة المشار إليها لم تربط له معاشاً وإنما صرفت له ما يستحق في صناديق التأمين والادخار، هذا على حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. قد تضمنا قاعدة عامة تجرى على نحو حتمي كلما توافرت شرائطها. ومن مقتضاها أن يعتبر مثبتاً دون كشف طبي من نقل من موظفي مدارس مجالس المديريات إلى الحكومة قبل أو بعد أكتوبر سنة 1936، متى كان مشتركاً في صندوق الادخار الذي أنشئ في سنة 1929 والذي كان الاشتراك فيه مقصوراً على الموظفين الدائمين. وفي جلسة 12 من ديسمبر سنة 1959 دفع الحاضر عن الوزارة بعدم قبول الدعوى شكلاً تأسيساً على نصوص المواد 6، 39، 40 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، وفي جلسة 26 من ديسمبر سنة 1959، قضت المحكمة الإدارية "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن منشور وزارة المالية رقم 2 لسنة 1939 يشترط للتثبيت وجوب قضاء الموظف في وظيفته على ربط وظيفة دائمة ست سنوات قبل 29 من يناير سنة 1935، وأن المدعي لم يقض في التعليم الأولى مدة ست سنوات قبل التاريخ المذكور وأنه ومن ثم لا تنطبق عليه أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945، كما أنه لا يفيد من قرارات مجلس الوزراء التي صدرت في شأن تثبيت موظفي الدولة عادة لأن التثبيت طبقاً لهذه القرارات جوازي لجهة الإدارة - هذا فضلاً عن أن المطالبة به أصبحت طبقاً للمادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953، غير ذات موضوع.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي عين بالتعليم الأولى القديم منذ سنة 1915، وأنه أمضى فترة الاختبار على ما يرام، فهو مثبت في مجلس المديرية حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم وأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، قد قضى بتسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا إلى الحكومة قبل أكتوبر سنة 1936، أو بعده سواء أكان التعيين بصفة فردية أو بضم مدارسهم إلى الحكومة، وذلك من حيث التثبيت وحساب مدد الخدمة السابقة في المجالس كاملة في المعاش والاحتفاظ بالحالة التي كانوا عليها.
ومن حيث إن وزارة التربية والتعليم عقبت على الطعن بطلب الحكم برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأسست هذا الطلب على أنه كان واجباً على الطاعن لكي يطلب التثبيت بالمعاش إن كان له ثمة حق فيه أن يراعي الميعاد المنصوص عليه في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، لرد المكافأة - وأنه لا يعفيه من ذلك تأخير الوزارة في البت في الموضوع. وهو قد قبض المكافأة في 11 من سبتمبر سنة 1958، ولكنه لم يقم بردها في هذا الميعاد. فيكون حقه في طلب التثبيت بالمعاش قد سقط. هذا فضلاً عن أن المادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953، تنص على أنه لا يجوز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين وفضلاً على أن الطاعن من رجال التعليم الزراعي الذين لا يفيدون من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى في سنة 1914، وأنه عين معلماً بمدرسة العدوة الأولية التابعة لمجلس مديرية المنيا اعتباراً من أول إبريل سنة 1915، ثم رقي رئيساً لهذه المدرسة اعتباراً من أول إبريل سنة 1917. وقد صدر قرار مجلس مديرية المنيا بتثبيته رئيساً للمدرسة المذكورة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1917، وظل يشغل وظيفة رئيس بالمدارس الأولية التابعة لمجلس مديرية المنيا إلى أن نقل مدرساً بمدرسة مغاغة الابتدائية التابعة للمجلس المذكور - اعتباراً من 16 من سبتمبر سنة 1925، ثم قرر المجلس تثبيته في وظيفة مدرس بمدرسة الفشن الابتدائية اعتباراً من أول مايو سنة 1927، ونقل بعد ذلك رئيساً لمدرسة البرقي الأولية اعتباراً من 17 من مايو سنة 1930، وظل يشغل وظيفة رئيس بالمدارس الأولية التابعة لمجلس المديرية حتى نقل إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول مارس سنة 1951، تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 وكان قد اشترك في صندوق الادخار اعتباراً من أول مايو سنة 1929.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المدعي كان من رجال التعليم الأولى القديم، وأنه كان مثبتاً في مجلس مديرية المنيا حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم كما كان مشتركاً في صندوق الادخار. ومن ثم فهو قد استوفى شرائط التثبيت طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. وكتاب المالية الدوري رقم 78/ 1/ 22 مؤقت، المؤرخ 10 من فبراير سنة 1947. وعليه يكون التثبيت - والحالة هذه - كما سبق أن قضت هذه المحكمة من حقه ما دام قد استوفى شرائطه في هذه الخصوص. ولا وجه لتحدي الوزارة بنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية. ذلك أن نص هذه المادة إنما يتناول حكم الموظف الذي كان قد ترك الخدمة وقبض مكافأة ثم عاد إلى الخدمة ثانية وطلب حساب مدة خدمته السابقة في تسوية ما يستحقه من معاش أو مكافأة عن مدة خدمته الجديدة. إذ يتعين عليه - بالتطبيق لحكم المادة المذكورة - لحساب مدة خدمته السابقة رد المكافأة بأكملها التي كان قد قبضها في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ عودته أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك في خلال شهر من التاريخ المذكور فإذا فصل من الخدمة أو توفى قبل رد مبلغ المكافأة بتمامه، فإنه لحساب مدة الخدمة السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة يتعين عليه أو على المستحقين عنه رد المكافأة في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته. وغني عن البيان أن التزام الميعاد المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر لرد المكافأة لا ينبغي أن يكون في الحالة التي أوردتها، وهي حالة حساب مدة خدمة سابقة في المعاش أو المكافأة لموظف مفروض أنه أعيد إلى الخدمة، وأنه في مدة خدمته الجديدة - في حالة حساب مدة خدمته السابقة، في تسوية ما يستحقه من معاش - مثبت بالفعل بالمعاش، وأن الميعاد المذكور لا يكون ملزماً في غير هذه الحالة. بيد أن الفارق أصبح بين الحالة المذكورة وبين حالة الموظف الذي تنازعه الحكومة في أصل حقه في المعاش. ذلك أن الموظف في حالة المنازعة في أصل حقه في المعاش لم يثبت بعد بالمعاش. فلا يسوغ بداهة أن تجعل منازعته على محمل طلب حساب مدة خدمة سابقة في المعاش. ومن ثم لا يجرى حكم المادة سالفة الذكر على حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش لأنها من جهة ليست الحالة التي تحكمها ولأن إنزال حكمها عليها من جهة أخرى غير ممكن. وإذ الميعاد المقرر لرد المكافأة بالتطبيق لحكم المادة المشار إليها يبدأ إما من تاريخ العودة إلى الخدمة، وليس ثمة عودة إلى الخدمة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش وإما من تاريخ التقاعد أو الوفاة وليس ثمة مكافأة يمكن أن تكون قد قبضت قبل التقاعد أو الوفاة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش حتى يمكن أن ترد خلال الميعاد المذكور إذ إنها إنما تصرف بعد التقاعد أو الوفاة بل وقد تقبض المكافأة - في هذه الحالة بعد انقضاء الميعاد المشار إليه فالفرض في إعمال حكم المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929. والمواعيد المنصوص عليها فيها، وهي التي وردت في الباب السابع من هذا المرسوم بقانون الذي عنوانه "أصحاب المعاشات والموظفون والمستخدمون السابقون الذين يعودون إلى الخدمة" هو أن يكون الموظف والمستخدم قد ترك الخدمة ثم أعيد إليها، وليست هذه حالة المدعي. وإنما الميعاد الذي يجرى حكمه في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش المستحق له هو الميعاد الذي نصت عليه المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 المذكور بعد تعديلها بالقانون رقم 545 لسنة 1953 وقد راعى المدعي هذا الميعاد إذ قبض مكافأته في 11 من سبتمبر سنة 1958. وأقام الدعوى في 15 من يناير سنة 1959. بما يجعلها مقبولة خلافاً لما ذهبت إليه الحكومة. كما أنه لا وجه للتحدي بنص المادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953. التي تنهي الإدارة عن تثبيت أي موظف من الموظفين المدنيين الموجودين بخدمة الحكومة عند العمل بأحكام القانون المذكور في أول يوليه 1953. ولو كان معاملاً بقوانين أو قواعد تنظيمية سابقة تجيز تثبيته ذلك أن المفهوم الواضح لنص هذه المادة هو تعلق حكمها بحالات التثبيت التي تترخص فيها جهة الإدارة وتعمل فيها سلطتها التقديرية. هذا على حين أن التثبيت الذي شرعته أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 لا ترخص فيه الجهة الإدارية متى استوفى الموظف شرائطه وقد استوفاها المدعي كما سلف البيان.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى وباستحقاق المدعي للتثبيت بالمعاش بالتطبيق لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وباستحقاق المدعي للتثبيت بالمعاش بالتطبيق لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.
[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 1684 لسنة 6 القضائية بجلسة 10/ 6/ 1962 والمنشور بمجموعة السنة السابعة المبدأ 99 ص 1065.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق