جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.
-------------------
(45)
القضية رقم 1119 لسنة 10 القضائية
(أ) - دعوى. "الحكم فيها. بطلانه".
خلو الحكم المطعون فيه من ذكر اسم الوصية على المدعي - لا بطلان في الحكم.
(ب) - دعوى. " دفع بعدم قبول الدعوى. مصلحة".
لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون الشخص الذي يباشرها ذا حق أو ذا مصلحة أو ذا صفة في التقاضي بل يجب أن تتوافر له أهلية المخاصمة لدى القضاء - زوال العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية - يترتب عليه أن تصبح الإجراءات صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصمين على السواء - تنتفي بذلك كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها.
(ج) موظف. "تعيين. فترة الاختبار".
لا يستقر المركز القانوني للمعين تحت الاختبار إلا بعد صلاحيته للبقاء في الوظيفة والنهوض بتبعاتها خلال فترة الاختبار - المرد في تقدير صلاحية الموظف خلال فترة الاختبار إلى السلطة التي تملك التعيين - مدى جواز التعقيب على قرار هذه السلطة.
(د) - موظف. "تعيين. فترة الاختبار".
يكفي لصحة قرار الفصل أن يثبت عدم الصلاحية خلال فترة الاختبار - لا بطلان إذا تراخى صدوره بعد انقضاء مدة الاختبار أمداً معقولاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 6 من يونيو سنة 1962 أقام السيد/ محمود عبد الحليم حافظ الدعوى رقم 179 لسنة 9 القضائية ضد مدير مصانع التعبئة والحفظ بمديرية التحرير ووزير الإصلاح الزراعي طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من عمله من الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي برقم 450 بتاريخ 17 من يوليو سنة 1961 واعتباره كأن لم يكن وإعادته إلى عمله وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه كان قد دخل المدرسة الفنية المشتركة التابعة لوزارة الإصلاح الزراعي وظل بالمدرسة مدة ثلاث سنوات وحصل على شهادة الدراسة الإعدادية الزراعية المشتركة المطلوبة لإلحاقه بوظيفة ملاحظ زراعي بمصانع التعبئة والحفظ وتم تعيينه في 22 من ديسمبر سنة 1960 بمصنع التعبئة والحفظ الكائن بمديرية التحرير وظل قائماً بعمله على الوجه الأكمل إلى أن صدر قرار اللجنة الدائمة لاستصلاح الأراضي رقم 450 في 17 من يوليو سنة 1960 بناء على كتاب مدير مصانع التعبئة والحفظ بالاستغناء عن خدمات ملاحظي مصانع التعبئة والحفظ لعدم صلاحيتهم للعمل وذكر أن هذا القرار مشوب بإساءة استعمال السلطة ومخالف للقانون ذلك أنه قام بواجبات وظيفته لمدة تزيد على ثمانية أشهر ولم يقدم السيد مدير مصانع التعبئة والحفظ أي دليل يفيد أنه غير صالح للعمل وأضاف أنه تظلم إلى مكتب التظلمات لدى الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي كما تظلم لمكتب التظلمات بوزارة الزراعة وقيد تظلمه برقم 235 لسنة 1961 في 23 من أغسطس سنة 1961 إلا أنه لم يتلق رداً على تظلمه وأنه لذلك يحق له رفع هذه الدعوى بطلب إلغاء القرار الصادر بفصله.
وكان المدعي قبل إقامة دعواه قد تقدم في 7 من ديسمبر سنة 1961 بطلب لإعفائه من الرسوم القضائية تقرر قبوله في 28 من إبريل سنة 1962.
وقد أودعت المؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضي (هيئة مديرية التحرير) مذكرة بدفاعها رداً على طلب الإعفاء من الرسوم قالت فيها إنه في 24 من يناير سنة 1961 صدر القرار رقم 16 بتعيين المدعي مساعد ملاحظ بمصانع التعبئة والحفظ بيومية قدرها 200 مليم اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1960 تاريخ استلام العمل وذلك لمدة ستة أشهر تحت الاختبار وفي 26 من إبريل سنة 1961 أرسل مدير مصانع التعبئة والحفظ إلى مدير التنفيذ بالمديرية مبيناً أن المدعي وآخرين من المعينين حديثاً بالمصانع تحت الاختبار قد اتضح أثناء الفترة التي أمضوها بالمصانع أنهم غير صالحين للعمل كما أن حاجة العمل بالمصانع في غنى عنهم - وبعرض الأمر على الوكيل العام للشئون الزراعية في أول يوليو سنة 1961 وافق على رأي مدير المصانع كما وافق الوكيل العام للشئون المالية والإدارية في 10 من يوليو سنة 1961 على إنهاء خدمة المدعي وزملائه الذين ثبت عدم صلاحيتهم للعمل وفي 17 من يوليو سنة 1961 صدر القرار رقم 550 برفع اسم المدعي وزملائه المشار إليهم من عداد موظفي الهيئة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1961 لعدم تمضيتهم فترة الاختبار على ما يرام - وذكرت المؤسسة أن عدم صلاحية المدعي للعمل المكلف به قد ثبتت في 26 من إبريل سنة 1961 قبل مضي فترة الاختبار وهو ما قرره رئيسه المباشر وذلك بالإضافة إلى استهتار المدعي إذ جوزي بالإنذار وحساب يوم 30 من إبريل سنة 1961 غياباً بدون إذن مما ينم عن عدم اكتراثه بنظام العمل - وقالت إن مصانع التعبئة والحفظ قد آلت ملكيتها إلى شركة النصر للأغذية المحفوظة التابعة لمشروع السنوات الخمس (وزارة الصناعة) وانتهت إلى طلب الحكم أصلياً برفض الطلب واحتياطياً إدخال وزارة الصناعة (مشروع السنوات الخمس) خصماً في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهتها وأودعت مديرية التحرير حافظة بمستنداتها حوت ملف خدمة المدعي.
وأودعت وزارة الزراعة مذكرة طلبت فيها إخراجها من الخصومة لأن مديرية التحرير غير تابعة لها.
وأثناء تحضير الدعوى وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1962 قدم الحاضر عن المدعي قرار الوصاية الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1962 في الدعوى رقم 220 لسنة 1962 بتعيين السيدة زينب محمد سليمان وصية على أولادها ومنهم المدعي وحضرت الوصية شخصياً وطلب الحاضر معها تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها منها إلى الحاضر عن مديرية التحرير - وقرر الحاضر عن مديرية التحرير أنه يطلب إدخال وزارة الصناعة (مشروع السنوات الخمس) خصماً في الدعوى لأيلولة ملكية المصنع إلى مشروع السنوات الخمس.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات وذلك تأسيساً على أن تقدير عدم صلاحيته قد تم أثناء فترة الاختبار وأنه لم يتضح من الأوراق ما ينم على إساءة استعمال السلطة.
وعقب المدعي على هذا التقرير بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع وأشار إلى المستند رقم 12 من ملف خدمة زميله محمد عبد الغني عبد الوهاب المدعي في القضية رقم 178 لسنة 19 القضائية وذكر أنه قد جاء به أن المديرية كانت قد أخذت على الطالب وزملائه عند إلحاقهم بالمدرسة تعهدات بالعمل بالمديرية لمدة خمس سنوات وطلبت نقلهم إلى وظائف كتبة شغالة - وقال إن ذلك يقطع بأن استغناء الهيئة عن خدماته وخدمات زملائه لم تكن لعدم الصلاحية - وأضاف أنه أعلن بقرار الفصل في أول أغسطس سنة 1961 أي بعد قضاء فترة الاختبار بشهرين على الأقل فأصبح قرار تعيينه حصيناً وصدر القرار بفصله من غير مختص إذ أن فصله لم يكن لعدم الصلاحية بل للاستغناء عنه لعدم حاجة العمل.
وبجلسة 29 من مارس سنة 1964 - أمام المحكمة الإدارية - حضر المدعي شخصياً ومعه السيدة زينب محمد سليمان الوصية عليه ووجه الدعوى إلى مدير عام هيئة مديرية التحرير في مواجهة الحاضر عن الحكومة ودفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن الدعوى رفعت من المدعي وهو قاصر ولم يصحح شكلها إلا في تاريخ لاحق كما أن توجيه الدعوى إلى هيئة مديرية التحرير تم بعد ميعاد رفع الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أنها رفعت في الميعاد وأنه لا يغير من ذلك أن يكون توجيه الدعوى إلى هيئة مديرية التحرير قد تم تصحيحاً للإجراءات في 29 من مارس سنة 1964 ذلك لأن المدعي إنما يختصم القرار الإداري بصرف النظر عن مصدره فلا يعد توجيه الدعوى في هذه الصورة بمثابة إجراء جديد منبت الصلة بما سبق من إجراءات إذ أن الجهة مصدرة القرار كانت ممثلة في الدعوى وردت عليها وقدمت الأوراق والمستندات - كما أقام قضاءه بإلغاء القرار على أن كلاً من كتاب مدير المصانع المؤرخ في 26 من إبريل سنة 1961 ومذكرة إدارة المستخدمين في 3 من يونيو سنة 1961 أضاف إلى عدم الصلاحية أن حالة العمل بالمصانع في غنى عن خدمات المعينين تحت الاختبار كما أفصحت مذكرة إدارة المستخدمين المؤرخة في 4 من يوليو سنة 1961 عن هذا السبب فقررت أن مدير مصانع التعبئة والحفظ طلب الاستغناء عن خدمات أحد عشر ملاحظاً معينين حديثاً بالمصنع لأن حاجة العمل بالمصنع في غنى عن خدماتهم وأضافت أنه يوجد اعتماد لتعيين تسعة وعشرين كاتب شغالة بإدارات الزراعة وطلبت النظر في نقلهم للعمل بهذه الوظائف أو الاستغناء عن خدماتهم - ويتضح من ذلك أن حاجة العمل في المصانع كانت في غنى عن الملاحظين المعينين تحت الاختبار وأن الإدارة تذرعت بعدم الصلاحية لعدم الإبقاء عليهم في الخدمة دون أن تجد لديها من الأوراق والمستندات ما تقدمه دليلاً على دعواها - هذا بالإضافة إلى أن قرار الفصل صدر في 10 من يوليو سنة 1961 أي بعد مضي أكثر من سنة أشهر من تاريخ تعيين المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم باطل لخلوه من اسم المطعون ضدها الثانية التي حضرت في الدعوى بصفتها وصية على المطعون ضده الأول - ولأنه صدر لصالح ناقص الأهلية إذ أن المطعون ضده الأول لم يكن قد بلغ سن الرشد عند صدوره.
وثانياً: إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً في حين أن المطعون ضده الأول كان قاصراً عند رفعها ومن شروط قبول الدعوى أن تكون مرفوعة من ذي أهلية أي أن يكون رافعها قد بلغ سن الرشد وهو 21 سنة ولا يؤثر على صحة هذا الدفع أن المطعون ضدها الثانية قد تدخلت في الدعوى بجلسة التحضير في 22 من يناير سنة 1963 لأن النظر في قبول الدعوى أو عدم قبولها يكون وقت رفعها ولو فرض أن هذا التدخل يترتب عليه تصحيح شكلها فإن هذا التصحيح لم يتم إلا في 22 من يناير سنة 1963 ومن ثم تكون الدعوى مرفوعة بعد الميعاد.
وثالثاً: وبالنسبة إلى الموضوع من قبيل الاحتياط خالف الحكم المطعون فيه ما ثبت في الأوراق من أن فصل المطعون ضده الأول قد تم لعدم صلاحيته للعمل أثناء فترة الاختيار وقد ثبت عدم صلاحيته بالمذكرة المؤرخة في 16 من إبريل سنة 1961 أما ما ذكره فيها السيد مدير مصانع التعبئة والحفظ من أن حاجة العمل في غنى عن المدعي وزملائه بالإضافة إلى ما ذكره من ثبوت عدم صلاحيتهم للعمل فلا أثر له إذ الثابت أن قرار الفصل لم يصدر للاستغناء عن المدعي وزملائه وإنما صدر بسبب عدم صلاحيتهم للعمل فيكون قرار الفصل سليماً مطابقاً للقانون وفي حدود السلطة التقديرية للجهة الإدارية ولا وجه لما ذهب إليه الحكم من أن قرار الفصل صدر بعد مضي أكثر من ستة أشهر إذ أن عدم صلاحيته قد ثبت خلال فترة الاختبار بمذكرة السيد مدير المصنع في 16 من إبريل سنة 1961 وقرار التعيين في هذه الحالة لا يعتبر باتاً إلا إذا ثبتت الصلاحية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً ورفض الدفع بعدم القبول والبطلان وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الإدارة بالمصروفات.
ومن حيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لخلوه من اسم السيدة/ زينب محمد سليمان الوصية على المدعي الذي بلغ سن الرشد بعد صدور الحكم - مردود بأن السيدة المذكورة قد حضرت مع ابنها المدعي بجلسة التحضير المنعقدة في 25 من ديسمبر سنة 1962 وذلك بعد تعيينها وصية عليه بمقتضى القرار الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1962 من محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية - وطلب الحاضر معها تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها منها إلى مديرية التحرير - كما حضرت معه بجلسة 29 من مارس سنة 1964 أمام المحكمة الإدارية وفيها وجهت الدعوى إلى مدير عام مديرية التحرير - وبذلك تكون قد تدخلت في الدعوى وأصبحت بصفتها وصية عليه خصماً فيها - ومجرد خلو الحكم المطعون فيه من ذكر اسمها لا يترتب عليه بطلانه إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ في التدوين من الجائز تصحيحه وفقاً لأحكام المادة 364 من قانون المرافعات - وبناء على ذلك فإن الحكم يعتبر في الواقع من الأمر صادراً لصالحها بصفتها وصية على ابنها الذي كان قاصراً عند صدوره ومن ثم يكون النعي عليه بالبطلان في غير محله.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أنه لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون الشخص الذي يباشرها ذا حق أو ذا مصلحة أو ذا صفة في التقاضي بل يجب أن تتوافر له أهلية المخاصمة لدى القضاء - وهو أصل عام ينطبق على الدعاوى الإدارية كما ينطبق على غيرها - إلا أنه لما كانت المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإنه لا يجوز لأحد الخصوم الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية - إلا إذا كانت له مصلحة في هذا الدفع - والأصل في التصرفات الدائرة بين النفع والضرر وكذلك الإجراءات القضائية المتعلقة بها التي يباشرها ناقص الأهلية - الأصل فيها هو الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحته - ولكن لما كان الطرف الآخر في الدعوى يخضع للإجراءات القضائية على غير إرادته فإن مصلحته ألا يتحمل إجراءات مشوبة وغير حاسمة للخصومة - ومن ثم وفي سبيل غاية هذه المصلحة يجوز له أن يدفع بعدم قبول الدعوى - على أنه متى كان العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية قد زال فإنه بزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصمين على السواء - وفي السير فيها بعد زوال العيب المذكور إجازة لما سبق منها - وبذلك تعتبر صحيحة منذ بدايتها - ومن ثم تنتفي كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها - ومتى كان الواقع في الدعوى الماثلة أن الوصية على المدعي قد تدخلت في الدعوى واستمرت في مباشرتها فإنه لا يكون للجهة الإدارية مصلحة في الدفع بعدم قبولها لرفعها من ناقص أهلية - ولا تكون المحكمة الإدارية قد أخطأت إذ تضمن حكمها رفض هذا الدفع - وإذ كان الأثر المترتب على تدخل الوصية هو أن تعتبر إجراءات التقاضي صحيحة منذ بدايتها فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المحدد لإقامة دعاوى الإلغاء يكون غير قائم على أساس سليم متى كان الثابت أن صحيفتها قد أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية دون تجاوز الميعاد المذكور - ومن ثم لا يكون هناك وجه للنعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه في 24 من يناير سنة 1961 صدر القرار رقم 61 من المدير العام لمديرية التحرير متضمناً تعيين المدعي مساعد ملاحظ بمصانع التعبئة الجنوبية اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1960 تاريخ استلامه العمل وذلك لمدة ستة أشهر تحت الاختبار - وفي 26 من إبريل سنة 1961 أرسل مدير مصانع التعبئة والحفظ كتاباً إلى مدير التنفيذ بالمديرية مبيناً أن المدعي وآخرين من المعينين حديثاً بالمصانع تحت الاختبار قد اتضح أثناء الفترة التي أمضوها بالمصانع أنهم غير صالحين للعمل كما أن حاجة العمل بالمصانع في غنى عنهم - وبعرض الأمر على الوكيل العام للشئون الزراعية في أول يوليو سنة 1961 وافق على رأي مدير المصانع - كما وافق عليه الوكيل العام للشئون المالية والإدارية في 10 من يوليو سنة 1961 - وبناء على ذلك أصدر المدير العام لمديرية التحرير في 17 من يوليو سنة 1961 القرار رقم 550 بفصل المدعي وآخرين من زملائه لعدم صلاحيتهم للعمل أثناء فترة الاختبار وهو القرار الذي قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تعيين الموظف تحت الاختبار هو إلى السلطة التي تملك التعيين فلها وحدها حق تقدير صلاحيته ووضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد ثبوت صلاحيته للبقاء فيها والنهوض بتبعاتها خلال فترة الاختبار والمرد في النهاية في تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار هو إلى السلطة التي تملك التعيين فلها وحدها حق تقدير صلاحيته أو عدم صلاحيته للوظيفة وذلك بالاستناد إلى أية عناصر تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها قد تغيا وجه المصلحة العامة وخلا من شائبة إساءة استعمال السلطة، وما دامت قد بنت تقديرها على أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من القرار الصادر بفصل المدعي لعدم صلاحيته للعمل في فترة الاختبار أنه قد بني على ما قرره رئيسه المباشر من عدم صلاحيته للعمل في مصانع التعبئة والحفظ وهو العمل الذي عين فيه لمدة ستة أشهر تحت الاختبار - ومن ثم فإنه يكون قام على سببه المبرر له قانوناً ما دام أنه لم يثبت أنه قد شاب تقدير الجهة الإدارية لمدى صلاحية المدعي للعمل انحراف بالسلطة - ولا يقدح في صحة القرار أن كتاب مدير المصانع المشار إليه قد تضمن بالإضافة إلى ما قرره من عدم صلاحية المدعي للعمل أن المصنع في غنى عنه إذ أن السبب الذي قام عليه قرار الفصل الصادر من المدير العام لمديرية التحرير هو عدم الصلاحية دون سواه - كما لا يقدح في سلامة القرار ما أشير إليه في الأوراق من ترشيح المدعي لعمل آخر يختلف عن عمله بالمصانع هو (كاتب شغالة) إذ العبرة في هذا الشأن هي بثبوت صلاحيته أو عدم صلاحيته للعمل الذي عين خصيصاً للقيام به.
ومن حيث إنه ولئن كانت فترة اختبار المدعي - وقدرها ستة أشهر - قد انتهت في 29 من يونيو سنة 1961 - وأنه لا يعيب القرار الصادر بفصله أنه صدر في 17 من يوليو سنة 1961 - أي بعد انتهاء تلك الفترة - ذلك أنه يكفي لصحة القرار أن يثبت عدم الصلاحية للعمل خلال فترة الاختبار - إذ بذلك يتخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير تعيين الموظف خلال الفترة المذكورة وهو صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته. أما تراخي صدور القرار أمداً معقولاً إلى ما بعد انتهائها بسبب عرض الأوراق على الوكيل العام للشئون الزراعية ثم الوكيل العام للشئون المالية والإدارية ثم على المدير العام لمديرية التحرير فليس من شأنه أن يؤثر على سلامته - وذلك بالإضافة إلى أنه ليس في النصوص التي نظمت فترة الاختبار ما يوجب صدور قرار الفصل قبل انتهائها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزامه بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق