جلسة 14 من يونيه سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.
---------------
(283)
الطعن رقم 908 لسنة 44 القضائية
(1، 2) حكم "الطعن في الحكم" إيجار "إيجار الأماكن".
(1) المصلحة في الطعن. مناطها ألا يكون منطوق الحكم أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق محققة لمقصود الطاعن ومتسقة مع المركز القانوني الذي يدعيه.
(2) رفض دعوى إخلاء الطاعن من شقة النزاع استناداً إلى إقرار المؤجر صفته كمستأجر من الباطن خلافاً لدفاعه بأنه يعد مستأجراً أصلياً. أثره. توافر مصلحته في الطعن على هذا الحكم. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة الشرق للتأمين - المطعون عليها الأولى - أقامت الدعوى رقم 2970 لسنة 1969 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليها الثانية بطلب الحكم بإخلائهما من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية، وقالت شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 12/ 1916 استأجر منها المرحوم........ شقة بالعمارة رقم 73 شارع رمسيس بالقاهرة، وتضمن العقد شرطاً بحظر التأجير من الباطن، وقد توفى المستأجر الأصلي في 23/ 10/ 1955، ولحقته زوجته في 14/ 6/ 1967، ثم هاجر ولداه نهائياً في غضون عامي 1965؛ 1968 - وانتهت العلاقة الإيجارية بموجب العقد، وإذ طلب الطاعن نقل العقد لاسمه استناداً إلى شغله جزءاً من العين المؤجرة بطريق التأجير من الباطن بموجب عقد ثابت التاريخ في 18/ 11/ 1952 رغم انتهاء عقده بانتهاء الإيجار الأصلي، كما طلبت المطعون عليها الثانية الطلب ذاته بمقولة إنها كانت تساكن عمها المستأجر الأصلي منذ بداية الإيجار رغم عدم صحة هذا الادعاء، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 21/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المطعون عليها الثانية أنها كانت تساكن المرحوم......... في عين النزاع ومدته هذه المساكنة وأنه العائل الوحيد لها وأنها استمرت تسكن في هذه العين بعد وفاته وحتى الآن وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 26/ 6/ 1971 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 384 لسنة 88 ق القاهرة طالباً إلغاء حيثياته وتأييده بحيثيات جديدة، وبتاريخ 16/ 6/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم الطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بعدم جواز الاستئناف على سند من انتفاء مصلحته في الطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي لقضائه برفض الدعوى أخذاً بدفاعه وأن الاستئناف لا يكون مقبولاً إذا استهدف مجرد تغيير الأسباب مع التمسك بالنتيجة في حين إن مبنى قضاء الحكم أحقية المطعون عليها الثانية في استئجار عين النزاع خلفاً للمستأجر الأصلي وتخويله الحق في البقاء في جزء منها كمستأجر من الباطن خلافاً لما أقام عليه دفاعه من أن العلاقة الإيجارية قد انتهت بالنسبة للمستأجر الأصلي لوفاته وزوجته ومغادرة ولديها البلاد نهائياً؛ وأنه لا حق للمطعون عليها الثانية في البقاء بالعين لأنها ليست خلفاً عاماً أو خاصاً للمستأجر الأصلي ولم تكن تساكنه أو يعولها قبل وفاته، وأنه يستمد حقه في استئجار العين باعتباره شاغلاً لها طبقاً للإيجاب العام المتمثل في قرار مؤسسة التأمين بالموافقة على التأجير أو التنازل الواقع بالمخالفة لأحكام القانون لمن يشغل العين قبل ديسمبر 1967 والذي اقترن بقبوله التأجير باعتباره مستأجراً أصلياً بموجب خطابه المرسل إلى الشركة المطعون عليها الأولى في 24/ 1/ 1969، ومن ثم تكون له مصلحة أكيده في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف، تتمثل في عدم ارتباط عقده وجوداً وعدماً مع عقد المؤجر له من الباطن، وفي أحقيته دفع القيمة الإيجارية الأصلية دون احتمال زيادتها لوجود وسيط، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه وإن كان مناط المصلحة الحقه في الطعن على الحكم وفق المادة 211 من قانون المرافعات أن يكون الحكم قد أضر بالطاعن فحكم عليه بشيء لخصمه، وهو يكون كذلك متى لم يقض له بكل طلباته إذا كان مدعياً، أو لم يؤخذ بكل دفاعه إذا كان مدعى عليه. ولئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن متى كان الطاعن لا يجني أي نفع ورائها، فلا يقبل الطعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن وجوب أن يكون الحكم محققاً لمقصود الطاعن ومتسقاً مع المركز القانوني الذي يدعيه وما قد يترتب عليه من آثار، بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها، أو حرمانه من حق يدعيه، سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو الأسباب طالما كانت هذه الأسباب مكملة للمنطوق ومرتبطة به ولا يستقيم الحكم بغيرها، لما كان ذلك، وكان الطاعن أسس دفاعه أمام محكمة أول درجة على أن علاقة تأجيرية قامت مباشرة بينه وبين الشركة المؤجرة - المطعون عليها الأولى - عن جزء من عين النزاع بعد أن انتهى عقد إيجار المستأجر الأصلي لوفاته وزوجته وترك ولديه العين المؤجرة، وبقائه وحده شاغلاً للجزء الذي كان يستأجره من باطن المستأجر الأصلي، وأنه صدر إيجاب عام من مؤسسة التأمين بالموافقة على التأجير إليه باعتباره من شاغلي الأعيان دون عقود قبل ديسمبر 1967، تلاقي معه قبوله التأجير المبدى بالطلب المقدم منه إلى المطعون عليها الأولى، وكان دفاع المطعون عليها الثانية القائم على تنازل ورثة المستأجر الأصلي عن حق التأجير لها يتعارض مع ما يدعيه الطاعن من قيام العلاقة الإيجارية مباشرة بينه وبين المؤجرة - المالكة - بالنسبة للجزء الذي يشغله من العين، وكانت المؤجرة - المطعون عليها الأولى - قد أسست دعواها قبل الطاعن والمطعون عليها الثانية على عدم قيام العلاقة الإيجارية بين أيهما وبينها تبعاً لانتهاء عقد إيجار المستأجر الأصلي وانتفاء السبب القانوني لشغل أيهما العين مما يجعل حيازتهما وليدة الغصب، فإن الحكم الابتدائي إذ بنى قضاءه برفض الدعوى على ما عرض له في الحيثيات وهو بسبيل تحديد المراكز القانونية لكل من الطاعن والمطعون عليها الثانية مسبغاً على الأجرة صفة استخلاف المستأجر الأصلي في تأجير العين باعتبارها كانت تقيم معه ويعولها وتنازل ضمناً إليها. وجاعلا من الطاعن مستأجراً من الباطن للجزء من العين التي يشغلها تبعاً لتنازل الشركة الضمني عن طلب الإخلاء، فإنه يكون قد فصل في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بعدم قيام علاقة إيجارية مباشرة بين المطعون عليها الأولى وبين الطاعن، بما يحرمه من حق مطالبتها بتحرير عقد إيجار له عن القدر الذي يشغله، وبما يجعل شغله العين مهدداً لتوقف مصير عقده على عقد الإيجار الأصلي، وبالتالي تكون له مصلحة في الطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بعدم جواز الاستئناف على سند من انتفاء هذه المصلحة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق