جلسة 11 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمد فاروق راتب، إبراهيم فوده وعماد الدين بركات.
--------------
(242)
الطعن رقم 854 لسنة 45 القضائية
(1، 2، 3) دعوى "ترك الخصومة".
(1) قبول ترك الخصومة في الدعوى. شرطه. قبول الخصم الآخر لذلك إذا كان قد أبدى طلباته فيها. لا حاجة لقبوله عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار الخصومة. وجوب أن يتم الترك بالطريق القانوني. م 141 مرافعات.
(2) جواز النزول عن إجراء من إجراءات الخصومة أو ورقة من أوراق المرافعات. عدم اشترطه موافقة الخصم الآخر على ذلك التنازل. ينتج أثره بمجرد التصريح به، لا يملك المتنازل العودة إلى ما أسقط حقه فيه م 144 مرافعات.
(3) جواز رجوع الخصم عن ترك الخصومة صراحة أو ضمناً. شرطه. أن يكون الرجوع قبل قبول الخصم الآخر للترك، أو حكم القاضي باعتماده.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم....... مدني كلي أسيوط ضد الطاعن بصفته والمطعون عليهما الثالث والرابع ورئيس الهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية والتعدين بصفته للحكم بإلزامهم متضامنين أن يدفعوا لها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. وقالا بياناً للدعوى أن المطعون عليه الرابع التابع للطاعن والهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية والتعدين تسبب في قتل ابنهما...... نتيجة خطئه أثناء قيادته للسيارة المذكورة رقم...... ملاكي القاهرة المملوكة للهيئة المذكورة والمؤمن عليها تأميناً إجبارياً لدى المطعون عليه الثالث وصدر حكم بإدانته في الجنحة رقم..... الخارجة وتأيد بالحكم الصادر في القضية رقم...... جنح مستأنفه أسيوط وقد ألحق الحادث بهما أضراراً مادية وأدبية تقدر بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وأقاما الدعوى للحكم بطلباتهما. وبجلسة 21/ 10/ 1972 قرر الحاضر عنهما بتنازله عن مخاصمة الطاعن بصفته. وبتاريخ 29/ 12/ 1973 قضت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثالث والرابع ورئيس الهيئة المصرية للمساحة الجيولوجية والتعدين متضامنين بأن يؤدوا إلى المطعون عليهما الأول والثانية مبلغ خمسمائة جنيه. استأنف الأخيران هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين رفع مبلغ التعويض المحكوم به إلى 1000 جنيه وقيد الاستئناف برقم...... ق كما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً بمذكرة طلب فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أولاً: بعدم جواز الاستئناف كنص المادة 236 من قانون المرافعات لانقضاء الخصومة بالنسبة له بتنازل المدعيين عن مخاصمته. ثانياً: بانقضاء حق المطعون عليهما الأول والثانية بالتقادم كنص المادة 172 من القانون المدني. ثالثاً: برفض الدعوى. رابعاً: بإخراجه من الدعوى بلا مصاريف. وبتاريخ 20/ 1/ 1975 قضت المحكمة بإثبات ترك المستأنفين (المطعون عليهما الأول والثانية) للخصومة بالنسبة للمستأنف عليه الثاني "رئيس الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والتعدين". وحكمت في 20/ 5/ 1975 بإلزام الطاعن بصفته والمطعون عليه الرابع متضامنين والمطعون عليه الثالث بالتضامن معهما بأن يؤدوا للمستأنفين مبلغ 1000 جنيه وبرفض الاستئناف الفرعي، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به على الطاعن.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين الأول أن المطعون عليهما الأول والثانية تنازلا عن مخاصمته أمام محكمة أول درجة وذلك قبل أن يبد الحاضر عنه أية طلبات في الدعوى أو يعترض على الترك، فيقع الترك قانوناً وينتج أثره دون حاجة لصدور حكم وذلك أعمالاً لأحكام المواد 141، 142، 143 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القول بجواز العدول عن الترك صراحة أو ضمناً طالما لم يقبله الخصوم أو يصدر حكم بإثباته، وأن استئناف المطعون عليهما الأول والثانية لحكم محكمة أول درجة ضد الطاعن يعتبر عدولاً ضمنياً منهما عن ترك الخصومة بالنسبة له وقضى بزيادة مبلغ التعويض المحكوم به على الطاعن بدلاً من إلغاء الحكم الابتدائي وإثبات الترك فيكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. الثاني أن ترك الخصومة ينتج أثره قانوناً دون حاجة لصدور حكم به ويترتب عليه إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى فإن رغب المدعيان في معاودة مقاضاته تعين عليهما إقامة دعوى مبتدأة وليس اختصامه أمام محكمة الدرجة الثانية لأن ذلك يخالف مبدأ التقاضي على درجتين كما أن اختصامه في الاستئناف يعتبر طلباً جديداً يتعين على المحكمة القضاء بعدم قبوله من تلقاء نفسها كنص المادة 235/ 1 مرافعات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً للخطأ في القانون.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود ذلك أن النص في المادة 141 من قانون المرافعات على أن "يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر "وفي المادة 142 منه على أنه لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته. إلا بقبول ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى "وفي المادة 143 منه على أن" يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوى "مفاده أن لصاحب الدعوى الحق في أن ينزل عن دعواه إلى ما قبل صدور حكم فاصل للنزاع فيها متى توافرت له مصلحة في التنازل على أن يتم ذلك بإحدى الطرق التي أوردتها المادة 141 من قانون المرافعات على سبيل الحصر وبشرط قبول خصمه إن جاء التنازل بعد إبدائه طلباته في الدعوى أو دون موافقته عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار نظرها. وبترتب على هذا التنازل إلغاء جميع إجراءات الخصومة وكافة الآثار القانونية المترتبة على قيامها إنما لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى. ثم قضت المادة 144 من قانون المرافعات على أنه "إذ نزل الخصم مع قيام الخصومة عن إجراء أو ورقة من أوراق المرافعات صراحة أو ضمناً اعتبر الإجراء أو الورقة كأن لم يكن." ومؤدى ذلك أنه يجوز للخصم أن يتنازل - مع استمرار الخصومة - عن إجراء من إجراءاتها أو ورقة من أوراق المرافعات دون اشتراط أن يتم هذا التنازل بإحدى الطرق سالفة الذكر أو موافقة الخصم ويترتب على التنازل بمجرد إبدائه صراحة أو ضمناً اعتبار الورقة كأن لم تكن. لما كان ذلك وكان تناول المشرع حالة ترك إجراء من إجراءات الخصومة مع بقائها قائمة في مادة مستقلة تالية مباشرة للمواد التي تناول فيها حالة ترك الخصومة برمتها يشير إلى الفارق بين هاتين الحالتين من الترك وإلى اختلاف الحكم فيها وذلك على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات القديم عند تعليقها على المواد 308، 309، 310، 311 من ذلك القانون المقابلة للمواد 141، 143، 144 من قانون المرافعات الحالي وكان يبين من نص المادة 144 المذكورة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الترك ينصب على إجراء من إجراءات الدعوى فإنه ينتج أثره بمجرد التصريح به لأنه يعد في هذه الحالة نزولاً عن حق يتم وتتحقق أثاره بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر ولا يملك المتنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه ويعتبر الإجراء كأن لم تكن، أما إذا كان الترك منصباً على الخصومة برمتها فإنه لا يتم بمجرد التصريح به طالما لا يتضمن إسقاطاً لأصل الحق المرفوعة به الدعوى أو مساساً به فيجوز للتارك أن يرجع عن طلب الترك صراحة أو ضمناً ما دام خصمه لم يقبله أو يحكم القاضي باعتماده ويؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 238 من قانون المرافعات من أن المحكمة تحكم في جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة في الاستئناف إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك، وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات القديم عند تناولها للمادة 414 منه المطابقة للمادة 238 من قانون المرافعات الحالي بقولها" لما كان ما استحدثه المشرع من تعليق ترك الخصومة على قبول المدعى عليه ملحوظاً فيه رعايته حين تكون له مصلحة من طلب الحكم في موضوع الدعوى فقد رؤى أن لا مصلحة للمستأنف عليه في الاعتراض على ترك الاستئناف في حالة ما يكون الترك مصحوباً بتنازل المستأنف صراحة عن حقه في الاستئناف أو متضمناً هذا التناول لكون ميعاد الاستئناف قد انقضى وصار لا يصح تجديده فيما بعده. أما إذا كان الترك مقترناً بالاحتفاظ بالحق فإنه يجوز ولكن بشرط قبول المستأنف عليه. "لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهما الأول والثانية قررا أمام محكمة أول درجة بترك الخصومة - وذلك دون أن يتنازلا عن أصل الحق المدعى به - بالنسبة للطاعن وفي مواجهة وكيله ودون أن يتعرض هذا لأخير على ذلك أو يقبله وقبل أن يبدي أية طلبات في الدعوى، فإن هذا الترك لا ينتج أثره طالما لم يصدر حكم باعتماده ويكون للمطعون عليهما المذكورين الرجوع فيه وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى بأن للمدعيين (المطعون عليهما الأول والثانية) العدول عن الترك ما دام الطاعن لم يقبله ولم يصدر حكم بقبوله كما أن في استمرار المطعون عليهما المذكورين في التمسك قبل الطاعن بطلباتهما أمام محكمة أول درجة - وذلك على ما يبين من ذلك الحكم - ما يفيد هذا العدول - فإن الحكم إذ قضى برفض طلب الطاعن إثبات ترك المطعون عليهما للخصومة لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، كما أن النعي بالوجه الثاني في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه - على ما ورد في الرد على الوجه الأول - قد انتهى صحيحاً إلى أن ما قرره المطعون عليهما الأول والثانية أمام محكمة أول درجة من ترك الخصومة بالنسبة للطاعن لم ينتج أثره بعدم قبول الطاعن له ولعدم صدور حكم بقبوله كما أن في استمرار المطعون عليهما المذكورين التمسك قبل الطاعن بطلباتهما أمام محكمة أول درجة ما يفيد هذا العدول مما يثبت له صفة الخصم في حكم محكمة أول درجة فلا يكون اختصامه أمام محكمة الدرجة الثانية مخالفاً لمبدأ التقاضي على درجتين أو طلباً جديداً في الاستئناف - فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق