جلسة 11 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة، عز الدين الحسيني وعضوية السادة المستشارين: د. مصطفى كيره، عثمان الزيني، سعد العيسوي ود/ سعيد عبد الماجد.
---------------
(240)
الطعن رقم 286 لسنة 43 القضائية
(1) استئناف. قوة الأمر المقضي.
قضاء محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلي للمدعي وإجابته إلى طلبه الاحتياطي. استئناف المحكوم عليه هذا الحكم دون المدعي. أثره. صيرورة القضاء برفض الطلب الأصلي حائزاً قوة الأمر المقضي.
(2) عقد "العقد الظاهر". التزام. إثبات.
العقد الظاهر الصادر من المدين. للدائن التمسك به متى كان حسن النية لا يعلم بالعقد المستمر. عبء إثبات علمه به. وقومه على عاتق من يدعيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم...... مدني كلي طنطا ضد المطعون عليهم وطلبت فيها الحكم أصلياً، بصورية عقدي البيع المسجل أولهما في 13/ 5/ 1959، والمسجل ثانيهما في 18/ 4/ 1962 وأن المشتري الحقيقي في هذين العقدين هو مدينها المرحوم...... واحتياطياً بعدم نفاذ هذين التصرفين في حقها وإبطالهما. وقالت بياناً للدعوى أنها كانت تملك أرض فضاء وعهدت إلى المرحوم...... مورث المطعون عليهم الستة الأولين بتقسيمها وبيعها وقبض ثمنها نيابة عنها، ولما امتنع عن الوفاء بالتزاماته أقامت عليه الدعوى رقم...... مدني كلي التي قضى فيها بتاريخ 15/ 11/ 1967 بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ خمسة آلاف جنيه وأن المرحوم..... لجأ بعد توكيلها له إلى تجريد نفسه من كل أمواله واشترى باسم أولاده القصر حصة مقدارها 20 قيراط و10 أسهم في عقار بمدينة المحلة سجل بتاريخ 13/ 5/ 1959 وأطياناً مساحتها عشرة أفدنة اشتراها من المطعون عليها الأولى بثمن قدره 25000 جنيهاً وحرر عقد البيع باسم أولاده القصر المطعون عليهم الثانية والثالث والرابع - وابنته البالغة المطعون عليها الخامسة - وحفيدته المشمولة بولاية والدها المطعون عليه السادس، ونص في هذا العقد الذي سجل في 18/ 4/ 1962 على أنه تبرع بالثمن لأولاده القصر المشمولين بولايته. وإذ كان تصرف مورث المطعون عليهم بالعقدين مشوباً بالصورية إذ قصد به إخفاء أنه المتعاقد الحقيقي، كما انطوى على الغش بقصد الإضرار بالطاعنة وترتب عليه إعساره، فقد أقامت الدعوى للحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 20/ 5/ 1970 حكمت المحكمة برفض الصورية المدعاة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي شروط الدعوى البوليصية، وبعد سماع الشهود قضت في 30/ 3/ 1972 بعدم نفاذ عقدي البيع موضوع الدعوى بالنسبة للطاعنة وباعتبارهما صادرين لصالح مدينها المرحوم..... بالقدر الذي يكفي للوفاء بدينها. استأنف المطعون عليهم الستة الأولين هذا الحكم بالاستئناف رقم..... ق استئناف طنطا. وفي 29/ 1/ 1973 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم بالنسبة للسبب الأول وبالجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والغموض ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أنها طعنت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها على العقدين المسجلين في 13/ 5/ 1959 و18/ 4/ 1964 بالصورية النسبية وأن أثرهما قد انصرف إلى مدينها المرحوم....... إذ هو المعنى بالتصرف إليه، وأنه وإن كانت محكمة أول درجة قد رفضت الطعن بالصورية في حكمها الصادر بتاريخ 28/ 5/ 1970 والذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الثمن المسمى بعقدي البيع قد دفع من مال مدين الطاعنة للتجرد من ملكه بقصد الغش وأن هذا التصرف تسبب في إعساره إلا أنه يبين من حكم تلك المحكمة الصادر في 30/ 3/ 1972 منهياً النزاع أمامها أنها أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شاهدي الطاعنة، وإذ كانت أقوال هذين الشاهدين وكذا أقوال شاهدي المطعون عليهم الستة الأول تقطع بصورية عقدي البيع، وكانت محكمة الاستئناف ملزمة بنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم بعد ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى، فأن الحكم المطعون فيه إذ أغفل تمحيص أقوال هؤلاء الشهود كدليل على الصورية النسبية يكون مشوباً بالقصور والغموض ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الاستئناف لا ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، ولما كانت محكمة أول درجة قد قضت بحكمها الصادر في 28/ 5/ 1970 برفض الطلب الأصلي وهو الطعن على عقدي البيع بالصورية النسبية، ولما صدر الحكم المنهي للخصومة بتاريخ 30/ 3/ 1972 بإجابة الطاعنة إلى طلبها الاحتياطي لم تستأنفه وإنما استأنفه المطعون عليهم الستة الأول، فإن قضاء محكمة أول درجة برفض دعوى الصورية يكون قد حاز قوة الأمر المقضي ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم نفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 3/ 1962 والمسجل بتاريخ 18/ 4/ 1962 في حقها على أساس الدعوى البوليصية وأن الثمن دفعه مدينها المرحوم ..... تبرعاً منه للمشترين فلا ينفذ التصرف في حقها ولو كانوا حسني النية، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب تأسيساً على أن دور المدين في العقد قد اقتصر على مجرد تمثيل القصر المشترين باعتباره ولياً عليهم وأن المطعون عليهم الستة الأول - وهم طرفاً العقد - قد أقرا بأن التصرف في حقيقته هبة للمشترين من والدتهم البائعة ولم يدفع فيه ثمن، وأن الطاعنة لم تقدم دليلاً يناهض ذلك ومن ثم تخلو الدعوى مما يدل على أن المدين قد قام بدفع الثمن المسمى به تبرعاً منه للقصر فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن دور المدين لا يعدو مجرد تمثيل القصر في العقد فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، لأن الطاعنة وهي من الغير بالنسبة إلى تصرفات مدينها لها أن تتمسك بما ورد في عقد البيع من أن ثمن الصفقة قد دفع من مال مدينها وتبرعاً منه وما كان للحكم أن يقول أن ثمناً لم يدفع على خلاف ما ورد بالعقد ومتى كان الثابت أن الثمن تبرعاً من مدينهم فإن التصرف وفقاً لنص المادة 238/ 2 من القانون المدني لا ينفذ في حقها ولو لم يرتكب المدين غشاً أو كان من صدر له التصرف حسن النية.
وحيث إن لدائن المتعاقد أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان حسن النية، والمفروض أن الدائن حسن النية لا علم له بالعقد المستتر وعلى من يدعي عكس ذلك أن يثبت ما يدعيه، ولما كان الثابت بعقد البيع المسجل بتاريخ 18/ 4/ 1962 أنه نص فيه على أن المرحوم....... مدين الطاعنة قد دفع الثمن من ماله الخاص تبرعاً منه للقصر المشترين، وكانت الطاعنة قد تمسكت بهذا النعي الوارد بالعقد كدليل على أن التصرف ضار بها وطلبت لذلك عدم نفاذه في حقهما وكانت المادة 238/ 2 من القانون المدني تقضي بأنه إذا كان التصرف تبرعاً، فإنه لا ينفذ في حق الدائن، ولو كان من صدر له التبرع حسن النية، ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الطلب تأسيساً على أن دون مدينها في العقد لم يتجاوز تمثيل القصر باعتباره ولياً عليهم وأن التصرف في حقيقته هبة ولم يدفع أي ثمن وأن الطاعنة لم تقدم الدليل على عكس ذلك فتغدو الأوراق خالية مما يؤيد أن التصرف قد أضر بالطاعنة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في خصوص قضائه برفض دعوى الطاعنة عدم نفاذ التصرف في حقها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق