الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 مايو 2023

الطعن 258 لسنة 31 ق جلسة 22 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 51 ص 367

جلسة 22 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

----------------

(51)
الطعن رقم 258 لسنة 31 القضائية

قوة قاهرة. محكمة الموضوع.
تقدير توافر القوة القاهرة. تقدير موضوعي يملكه قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.

---------------
تقرير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي (1) يملكه قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية فإذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى قيام القوة القاهرة بما قرره من أن الطرفين كانا يتوقعان وقت إبرام العقد عدم إمكان الحصول على إذن استيراد لشحن البضاعة إلى مصر فنص صراحة فيه على أنه إذا لم يحصل الطاعن على الإذن في الموعد المتفق عليه تباع البضاعة في الخرطوم لحسابه، وكان المعنى الظاهر لهذا الشرط أنه يشمل جميع حالات عدم الحصول على إذن الاستيراد، فإن الحكم إذ اعتمد هذا المعنى الذي تحمله عبارة العقد الظاهرة ورتب على ذلك قضاءه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 933 سنة 1959 تجاري كلي إسكندرية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 1923 ج و596 م والفوائد القانونية من تاريخ الإنذار الحاصل في 18/ 12/ 1958 حتى السداد، وقالت بياناً لدعواها إنه بمقتضى عقد بيع مؤرخ 14/ 11/ 1957 باعت عن طريق وكيلها بمصر إلى الطاعن 200 طن فول سوداني بقشره وارد الخرطوم بسعر الطن الواحد 42 ج قائم سيف السويس، وأن المشتري دفع من الثمن 1000 ج وتعهد بالحصول على إذن استيراد لشحن البضاعة إلى مصر في موعد غايته 31/ 12/ 1957 وإلا بيعت البضاعة لحسابه بالخرطوم مع تحمله ما ينتج عن ذلك من خسارة، وأنه لما لم يتمكن الطاعن من الحصول على الإذن في الموعد المذكور فقد اتفق الطرفان على مد الأجل إلى آخر يناير سنة 1958 ثم امتد بعد ذلك أكثر من مرة إلى أن تم الاتفاق بينهما في 25/ 3/ 1958 على بيع البضاعة في الخرطوم في 7/ 11/ 1958 لحساب الطاعن وتحت مسئوليته. وأضافت المطعون ضدها أنه قد تم بيع البضاعة فعلاً بمعرفتها في التاريخ المذكور وأسفر عن خسارة قدرها 2923 ج و596 م يلتزم بها الطاعن وأنه يخصم مقدم الثمن الذي دفعه ومقداره 1000 ج من قيمة تلك الخسارة يكون الباقي 1923 ج و596 م، وهو ما طلبت المطعون ضدها الحكم لها به. دفع الطاعن بانقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه بسبب قيام قوة قاهرة منعته من الحصول على إذن الاستيراد من السلطات المختصة بسبب قطع العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان في ذلك الحين. وطلب رفض الدعوى وقدم طلباً عارضاً بإلزام الطاعنة بأن ترد له مقدم الثمن المدفوع منه ومقداره 1000 ج، وبتاريخ 30 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع المطعون ضدها مبلغ 1923 ج و596 م والفوائد بواقع 5 % من تاريخ الحكم حتى الوفاء وبرفض الطلب العارض - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 306 سنة 16 ق إسكندرية، ومحكمة الاستئناف حكمت في 12 إبريل سنة 1961 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 343 ج و349 م والفوائد من تاريخ الحكم الابتدائي الصادر في 30/ 6/ 1960 حتى السداد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 11 مايو سنة 1961 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 1/ 2/ 1966 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما مخالفة القانون ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بانقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه لقيام قوة قاهرة حالت بينه وبين الحصول على إذن الاستيراد بسبب قطع العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان غير أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع استناداً إلى عدم توافر شروط القوة القاهرة لأن الطرفين كانا يتوقعان عدم إمكان الاستيراد فنصا في العقد على أنه إذا لم يمكن الحصول على إذن الاستيراد في الميعاد تباع البضاعة في الخرطوم لحساب المطعون ضدها، إلا أن هذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون لأن المقصود بالنص الوارد بالعقد هو أن يكون عدم الحصول على إذن الاستيراد في الأحوال العادية المباح فيها الاستيراد فلا يستطيع الطاعن الحصول عليه لظروف خاصة أو لتقصير منه فتقع عليه تبعة ذلك، أما إذا كان الاستيراد ممنوعاً بقوة قاهرة بأمر من الحكومة لاعتبارات تتعلق بالسياسة العليا للدولة فإن تنفيذ العقد يصبح مستحيلاً مما يترتب عليه انقضاء الالتزام.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر ما يأتي "أما ما قاله المستأنف (الطاعن) من وجود قوة قاهرة منعته من تنفيذ العقد فهو مردود بأن من شروط القوة القاهرة أن يكون الحادث غير متوقع بيد أنه يبين من مطالعة العقد أن الطرفين قد توقعا عدم إمكان الاستيراد فنصا على أنه إذا لم يمكن الحصول على إذن الاستيراد في الميعاد المحدد في العقد تباع البضاعة في الخرطوم على حساب المشتري ومن ثم فلا محل للقول بوجود القوة القاهرة" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن تقرير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي يملكه قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد نفى قيام القوة القاهرة بما قرره من أن الطرفين كانا يتوقعان وقت إبرام العقد عدم إمكان الحصول على إذن الاستيراد لشحن البضاعة إلى مصر. فنص صراحة فيه على أنه إذا لم يحصل الطاعن على إذن الاستيراد في الموعد المتفق عليه تباع البضاعة في الخرطوم لحسابه، وكان المعنى الظاهر لهذا الشرط أنه يشمل جميع حالات عدم الحصول على إذن الاستيراد، وإذ اعتمد الحكم المطعون فيه هذا المعنى الذي تحمله عبارة العقد الظاهرة ورتب على ذلك قضاءه، فإنه لا محل لتعييبه بمخالفة القانون، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ذلك أن الطاعن تمسك في صحيفة الاستئناف بأنه نص في العقد على أنه إذا لم تسلم البضاعة أو جزء منها للمشتري لأسباب سياسية أو حريق أو فيضان أو عواصف رملية أو لأي سبب آخر يؤجل العقد في خلال فترة الحادث أو الحوادث، وإنه بذلك ما كان يجوز للمطعون ضدها إزاء القطيعة السياسية التي حالت دون الحصول على إذن الاستيراد أن تستقل بنقض العقد، بل كان يجب عليها أن تقف عند حد تأجيل تنفيذه، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه وإن كان قد نص في العقد المبرم بين الطرفين في 14/ 11/ 1957 على أنه إذا لم تسلم البضاعة أو أي جزء منها لأسباب سياسية أو حريق أو فيضانات أو أمطار أو عواصف رملية أو لأي سبب قهري يؤجل تنفيذ العقد حتى زوال تلك الأسباب إلا أنهما وقد اتفقا بعد ذلك في 25/ 3/ 1958 على أن تباع البضاعة بالخرطوم لحساب الطاعن، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا الاتفاق اللاحق على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول ورتب عليه قضاءه، فإنه لا يجدي الطاعن الدفع بتأجيل تنفيذ العقد، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض أول نوفمبر سنة 1962 في الطعن رقم 37 لسنة 27 ق بمجموعة المكتب الفني س 13 ص 948

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق