الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 مايو 2023

الطعن 1902 لسنة 38 ق جلسة 9/ 12/ 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 218 ص 1069

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.

-------------------

(218)
الطعن رقم 1902 لسنة 38 القضائية

مسئولية جنائية. خطأ. قتل خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها".
الخطأ المستوجب لمسئولية قائد السيارة. متى يتحقق؟

----------------
إن مجرد اجتياز الطاعن بالسيارة قيادته ما كان أمامه في الطريق من عربات نقل لا يصح في العقل عده لذاته خطأ مستوجباً لمسئوليته ما دام لم يقع في ظروف وملابسات تحتم عدم الإقدام عليه، إذ منع الاجتياز على الإطلاق وعده دائماً من حالات الخطأ من شأنه أن يشل حركة المرور في الطريق دون مقتض وهذا مما تتأذى به مصالح الناس فضلاً عن مخالفته للمألوف نزولاً على حكم الضرورة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد اجتياز الطاعن بسيارته لما أمامه من عربات نقل ما يوفر الخطأ في جانبه على الرغم من ظهور المجني عليه أمامه فجأة من بين هذه العربات التي تحجب عنه الرؤية بقصد عبور الطريق، دون أن يستظهر مدى الحيطة الكافية التي ساءله عن قعوده عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها وأغفل بحث موقف المجني عليه وكيفية سلوكه وظهوره فجأة أمام الطاعن وتحديد المسافة التي كانت تفصله عنه ليتسنى من بعد بيان مدى قدرة الطاعن في هذه الظروف وتلك المسافة على تلافي الحادث وأثر ذلك كله أو عدم قيام ركني الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - وعلى ما جاء بمدونات الحكم - بانقطاعها، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ سكت عن بحث كل ما تقدم فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26 أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: 1 - تسبب خطأ في موت عياد نخله عبد الملاك وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احتياطه وإتباعه اللوائح والقوانين بأن قاد سيارة بغير تحفظ كاف وحيطة لازمة فصدم المجني عليه وأصابه إصابات أودت بحياته على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق. 2 - لم يلتزم الجانب الأيمن من الطريق أثناء سيره بالسيارة 3 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بمقتضى المواد 231/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و72 و81 و88 و91 من القانون رقم 119 لسنة 1955 ومحكمة جنح مصر القديمة الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 27 من أبريل سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين الأولى والثالثة وبراءته من التهمة الثانية. فعارض، وقضت ذات المحكمة بقبول معارضته شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم سنة واحدة مع الشغل بلا مصروفات. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين ركن الخطأ ومدى توافر علاقة السببية إذ اعتبر مجرد انحراف الطاعن بالسيارة إلى اليسار لاجتياز المرور يوفر الخطأ في جانبه لعدم اتخاذه الحيطة الكافية دون أن يبين ماهية ما فرط في اتخاذه من عناية ومدى القدرة على تلافي وقوع الحادث على الرغم من ظهور المجني عليه فجأة لعبور الطريق بما يوفر الخطأ في جانبه هو دون الطاعن ويقطع علاقة السببية.
وحيث إن الحكم الغيابي الابتدائي بين واقعة الدعوى بقوله: "أنه لدى محاولة المتهم سبق عربات كارو تسير بذات الطريق الذي يسلكه انحرف لناحية اليسار مندفعاً بسيارته وقبل أن ينتهي من ذلك فوجئ بالمجني عليه يعبر الطريق أمامه فانحرف لأقصى اليسار لتفادي الاصطدام به ولكن دون جدوى". وعرض الحكم الصادر في المعارضة أمام محكمة أول درجة إلى دفاع الطاعن بانتفاء الخطأ في جانبه وانقطاع علاقة السببية ورد عليه بقبوله: "إن خروج المجني عليه من بين العربات التي تسير أمام المتهم وتحجب عنه الطريق أمر يجب أن يتوقعه سائق أي سيارة فإذا ما استبعد المتهم هذا الفرض من تصويره وفوجئ بالمجني عليه فلا يلومن إلا نفسه". وقد اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه. لما كان ذلك، وكان مجرد اجتياز الطاعن بالسيارة قيادته ما كان أمامه في الطريق من عربات نقل لا يصح في العقل عده لذاته خطأ مستوجباً لمسئوليته ما دام لم يقع في ظروف وملابسات تحتم عدم الإقدام عليه، إذ منع الاجتياز على الإطلاق وعده دائماً من حالات الخطأ من شأنه أن يشل حركة المرور في الطريق دون مقتض وهذا مما تتأذى به مصالح الناس فضلاً عن مخالفته للمألوف نزولاً على حكم الضرورة. لما كان ذلك، لم كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد اجتياز الطاعن بسيارته لما أمامه من عربات نقل ما يوفر الخطأ في جانبه على الرغم من ظهور المجني عليه أمامه فجأة من بين هذه العربات التي تحجب عنه الرؤية بقصد عبور الطريق، دون أن يستظهر مدى الحيطة الكافية التي ساءله عن قعوده عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها وأغفل بحث موقف المجني عليه وكيفية سلوكه وظهوره فجأة أمام الطاعن وتحديد المسافة التي كانت تفصله عنه ليتسنى من بعد بيان مدى قدرة الطاعن في هذه الظروف وتلك المسافة على تلافي الحادث وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركني الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - وعلى ما جاء بمدونات الحكم - بانقطاعها. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ سكت عن بحث كل ما تقدم، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق