جلسة 10 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.
----------------
(36)
الطعن رقم 178 لسنة 31 القضائية
(أ) دعوى "سبب الدعوى". "تعدد الطلبات". "تقدير قيمة الدعوى".
رفع الدعوى بطلبين في صحيفة واحدة. اعتبارهما في الحقيقة دعويين مستقلتين متى وجهت كل منهما إلى فريق من المدعى عليهم ومطلوب فيها الملكية عن مقدار محدد ومستقل عن المقدار المطلوب في الأخرى. هما طلبان غير ناشئين عن سبب قانوني واحد وإن كان السبب فيهما متماثلاً - وهو الغصب - لعدم وجود رابطة من توافق أو اشتراك بين الفريقين المدعى عليهما، في تقدير قيمة الدعوى ينظر إلى قيمة كل طلب منهما على حدة.
(ب) دعوى "تقدير قيمة الدعوى" استئناف. اختصاص.
العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة وفي تقدير نصاب الاستئناف بالطلبات الختامية للخصوم. تقرير المادة 400 مرافعات هذه القاعدة بالنسبة لنصاب الاستئناف وجوب تطبيقها بطريق القياس عند تقدير قيمة الدعوى لتعيين الجهة المختصة.
(ج) اختصاص "اختصاص قيمي". "طلب عارض".
رفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة بنظرها. تعديل الطلبات إلى طلب تقل قيمته عن مائتين وخمسين جنيهاً لا يسلب المحكمة الابتدائية اختصاصها ما دامت مختصة بنظرها وقت رفع الدعوى إليها. هذا الطلب المعدل يعتبر طلباً عارضاً ومن ثم تختص بنظره المحكمة الابتدائية مهما كانت قيمته. م 52 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا أمام محكمة المنيا الابتدائية الدعوى رقم 8 سنة 1946 على السيدة زينب عبد الحكيم مخلوف بصفتها ناظرة على وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف الذي تمثله في الطعن المطعون ضدها وعلى ورثة المرحوم عبد الغني طراف وقال الطاعنون في صحيفة دعواهم أن مورثهم كان يملك حال حياته 20 ف و23 ط و20 س بحوض زكي محمد/ 31 ونجيب محمد/ 29 ببلدة دمشير مركز المنيا وأن المدعى عليهم المجاورين لهذه الأطيان استغلوا فرصة إجراء عملية المساحة الحديثة واغتصبوا من أطيان الطاعنين 2 ف و13 ط و1 س وأضافوها إلى أملاكهم ونقلوا تكليفها بأسمائهم وأنه إذ كانت الشكاوى العديدة التي تقدم بها الطاعنون لتصحيح التكليف وإعادة القدر المغتصب إليهم لم تجد نفعاً فقد اضطروا لرفع هذه الدعوى بطلب تثبيت ملكيتهم لذلك القدر ومقداره 2 ف و13 ط و1 س شيوعاً في 20 ف و23 ط و20 س المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وتسليمه إليهم وإلزام كل من المدعى عليهم بالمصاريف المناسبة لما يثبت اغتصابه له - وبتاريخ 3 من يونيه سنة 1946 قضت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين وبيان ما إذا كان في أرض الطاعنين عجز وسببه وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه يوجد عجز بأرض الطاعنين مقداره 2 ف و13 ط و2 س منه 19 ط و10 س بحوض زكي محمد/ 31 تحت يد وقف@ أحمد عبد الحكيم مخلوف والباقي وقدره 1 ف و17 ط و16 س تحت يد ورثة عبد الغني طراف وعلى أثر تقديم هذا التقرير عدل الطاعنون طلباتهم بصحيفة أعلنوها للمدعى عليهم في 27 من فبراير سنة 1949 وذكروا فيها أنهم "يعدلون طلباتهم إلى القضاء بتثبيت ملكيتهم إلى المقدارين المبين تحديدهما ومعالمهما بكشف التحديد المبين بأعلا الصحيفة وذلك طبقاً لما أثبته الخبير المعين في الدعوى بتقريره المودع بملفها". وبتاريخ 10 أكتوبر سنة 1949 قضت المحكمة بندب خبير آخر لتحقيق الاعتراضات التي أبداها المدعى عليهم على تقرير الخبير الأول وبعد أن جاء تقرير الخبير الثاني مؤيداً لذلك التقرير قضت المحكمة في 27 من نوفمبر سنة 1950 (أولاً) وضد المدعى عليها الأولى بصفتها ناظرة وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف بتثبيت ملكية المدعين (الطاعنين) إلى 19 ط و10 س الكائنة بحوض زكي محمد/ 31 والمبينة الحدود والمعالم بتقرير الخبير المؤرخ 8/ 4/ 1950 وبتسليم هذا القدر للمدعين وألزمت المدعى عليها الأولى بالمصاريف المناسبة لهذا القدر، 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) وقبل الفصل في الطلبات الموجهة لورثة عبد الغني طراف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت هؤلاء الورثة أنهم تملكوا الـ 1 ف و17 ط و16 س المبينة بتقرير الخبير بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية - وذكر هذا الحكم في أسبابه بأنه ليس للوقف أن يتملك بالتقادم المكسب وعلى هذا الأساس رفض تحقيق دفاعه المتضمن تملكه الـ 19 ط و10 س بهذا الطريق وقد استأنفت ناظرة هذا الوقف ذلك الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 45 سنة 68 ق وطلبت إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين قبلها، وبتاريخ 9 من يونيه سنة 1952 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً قبل الفصل في الموضوع قضى في أسبابه بجواز تملك الوقف بالتقادم المكسب وتضمن منطوقة قبول الاستئناف شكلاً وإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة (ناظرة وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف) أن هذا الوقف وضع يده على الـ 19 ط و10 س المدة الطويلة المكسبة للملكية ولينفي الطاعنون ذلك وبعد أن تم التحقيق قضت المحكمة في 23 من مارس سنة 1954 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين قبل الوقف المذكور فطعن الطاعنون بطريق النقض في هذا الحكم وفي حكم التحقيق الصادر في 9 يونيه سنة 1952 وقيد الطعن برقم 238 سنة 24 ق وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1958 نقضت محكمة النقض الحكمين المطعون فيهما وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف مؤسسة قضاءها بذلك على أن حكم التحقيق المطعون فيه قد شابه البطلان لخلوه من بيان أن أحد الأعضاء الذين سمعوا المرافعة لم يحضر النطق بالحكم، ولدى نظر الاستئناف من جديد أمام محكمة استئناف القاهرة دفع الطاعنون المستأنف ضدهم بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن الحكم المستأنف صدر في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية لأن قيمة الـ 19 ط و10 س وهي تقدر باعتبار ستين ضعفاً لقيمة الضريبة المربوطة عليها تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً - كما دفعت ناظرة الوقف المستأنفة بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر النزاع ما دامت قيمته حسبما يقرر رافعو الدعوى تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً - وبتاريخ 26 من مارس سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبجوازه. (ثانياً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وباختصاصها. (ثالثاً) بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة بكافة طرق الإثبات القانونية أنها بصفتها تملكت القدر 19 ط و10 س المتنازع عليه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ولينفي المستأنف عليهم (الطاعنون) ذلك. وبعد أن تم التحقيق حكمت المحكمة في 25 من فبراير سنة 1961 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم قبل المستأنفة بصفتها. فطعن الطاعنون في هذا الحكم وفي حكم التحقيق الصادر قبله في 26 من مارس سنة 1960 بطريق النقض بالطعن المطروح وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على حكم التحقيق الصادر في 26 من مارس سنة 1960 مخالفته القانون في خصوص ما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن الحكم المستأنف قضى بتثبيت ملكيتهم إلى 19 ط و10 س محددة وأنه طبقاً لنص المادة 31 من قانون المرافعات تقدر قيمة الدعوى باعتبار ستين ضعفاً لقيمة الضريبة المربوطة على هذا العقار وإذ كانت ضريبة الفدان 3 ج و640 م وحاصل ضربها في 60 هو 218 ج و400 م فإن الحكم المستأنف يكون صادراً في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية وبالتالي لا يجوز استئنافه لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى ما قاله من أن طلبات الطاعنين الختامية بالنسبة لتثبيت الملكية إلى الـ 1 ف و13 ط و1 س وهو مجموع القدر المغتصب موجهة إلى جميع المدعى عليهم دون تحديد لمقدار المطلوب من كل واحد منهم على حدة ومن ثم تقدر الدعوى بمقدار قيمة ذلك القدر كله فضلاً عن أن السبب القانوني واحد مما يقتضي أيضاً تقدير الدعوى باعتبار قيمة المدعى به بتمامه دون التفات إلى نصيب كل واحد فيه طبقاً للمادة 42 مرافعات وعلى هذا الأساس اعتبر الحكم قيمة الدعوى 450 ج - ويرى الطاعنون أن هذا الذي بنى عليه الحكم قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف خطأ في القانون ذلك أن الثابت من الحكم نفسه أن الطاعنين قد عدلوا طلباتهم بصحيفة معلنة في 27 فبراير سنة 1949 بعد أن بين خبير الدعوى أن من ضمن المساحة المطالب بها 19 ط و10 س بحوض زكي محمد/ 31 تحت يد الناظرة على وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف ومساحة قدرها 1 ف و17 ط و16 س تحت يد ورثة عبد الغني طراف وذكر الطاعنون في تلك الصحيفة "أنهم يعدلون طلباتهم إلى القضاء بتثبيت ملكيتهم إلى المقدارين المعين تحديدهما ومعالمهما أعلاه بكشف التحديد وذلك طبقاً لما أثبته الخبير المعين في الدعوى بتقريره المودع عليها" وإذا كانت الحدود والمعالم الواردة بأعلا العريضة مبيناً فيها تحديد كل مقدار مغتصب على حدة فإن الدعوى تكون مشتملة على طلبين مستقلين ويكون الحكم الصادر في الطلب الخاص بالـ 19 قيراطاً و10 أسهم والذي تقل قيمته عن مائتين وخمسين جنيهاً غير جائز استئنافه أما ما قرره الحكم المطعون فيه من أن السبب القانوني للطلبين واحد فغير صحيح ذلك أنه لا توجد أية رابطة بين وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف الجار البحري للطاعنين وبين ورثة عبد الغني طراف الجار القبلي فكل من الجارين له ظروفه الخاصة ولا علاقة بين ما وقع من أحدهما من اغتصاب بالاغتصاب الحاصل من الآخر وإذ كان الطاعنون قد رفعوا دعواهم ابتداء أمام المحكمة الابتدائية بطلب تثبيت ملكيتهم إلى فدانان و13 قيراطاً وسهماً شيوعاً في كامل أطيانهم فإن تلك المحكمة كانت مختصة على أساس أن طلبات المدعين كانت شائعة وغير محددة - فتقدر قيمتها باعتبار قيمة المدعى به بتمامه ويظل لها الاختصاص بعد تعديل الطلبات على النحو السابق لأنه وإن كان طلب تثبيت ملكية الـ 19 قيراطاً و10 أسهم تقل قيمته عن مائتين وخمسين جنيهاً إلا أن المحكمة الابتدائية تختص بنظره باعتباره من الطلبات العارضة وينتهي الطاعنون إلى القول بأن نقض حكم 26 مارس سنة 1960 لمخالفته القانون على النحو المبين آنفاً يقتضي نقض حكم 25 فبراير سنة 1961 لأن هذا الحكم مؤسس على الحكم الأول.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الطاعنين وإن رفعوا الدعوى ابتداء على ناظرة وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف وعلى ورثة عبد الغني طراف وطلبوا تثبيت ملكيتهم إلى فدانان و13 قيراطاً وسهماً شيوعاً في 20 فداناً و23 قيراطاً و20 سهماً المبينة بالصحيفة ودون تحديد لما يطلبونه قبل كل من الفريقين المدعى عليهما إلا أنه بعد أن قدم الخبير تقريره مبيناً فيه أن القدر المغتصب من أطيانهم على قسمين الأول ومقداره 19 قيراطاً و10 أسهم بحوض زكي محمد/ 31 تحت يد وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف والثاني ومقداره فدان واحد و17 قيراطاً و16 سهماً تحت يد ورثة عبد الغني طراف عدل الطاعنون طلباتهم بصحيفة أعلنوها لناظرة هذا الوقف في 27 فبراير سنة 1949 وأوردوا في صدرها تحديداً لكل من هذين المقدارين اللذين أظهرهما الخبير وتضمن هذا التحديد أن الـ 19 قيراطاً و10 أسهم تقع بحوض زكي محمد/ 31 وأنها على ثلاثة قطع محددة مساحة الأولى 5 قراريط و10 س بالقطعة رقم 4 بالحوض المذكور والثانية مساحتها 10 ط و15 س بالقطعة رقم 4 والثالثة مساحتها 3 ط و9 س بالقطعة رقم 12 وأورد الطاعنون الحدود الأربعة لكل قطعة ثم ذكروا في صلب الصحيفة ما يأتي "وقد أثبت الخبير أن مقدار ما ظهر للطالبين من عجز هو 2 ف و13 ط وسهمان وأن هذا العجز على قسمين الأول ومقداره 19 ط و10 أسهم في وضع يد وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف والقسم الثاني ومقداره 1 ف و17 ط و16 س في وضع يد ورثة عبد الغني طراف وهما المبينين بكشف التحديد أعلاه... وحيث إن الطالبين يعدلون طلباتهم إلى القضاء بتثبيت ملكيتهم إلى المقدارين المبين تحديدهما ومعالمهما أعلاه بكشف التحديد وذلك طبقاً لما أثبته الخبير المعين في الدعوى بتقريره المودع بملفها" وانتهت العريضة بطلب "سماع المعلن إليهم الحكم بتثبيت ملكية الطالبين إلى 2 ف و13 ط وسهماً المبينة الحدود والمعالم بهذه العريضة وكف منازعة المعلن إليهم لهم فيها وبتسليمه للطالبين - مع حفظ حق الطالبين في الرجوع بالريع عن مدة الاغتصاب من مبدئه حتى التسليم" - ولما كان تعديل الطاعنين طلباتهم على هذا النحو من شأنه أن يجعل الدعوى متضمنة طلبين مستقلين أحدهما موجه إلى وقف أحمد عبد الكريم مخلوف على حدة بشأن منازعته للمدعين في تسعة عشر قيراطاً وعشرة أسهم محددة والثاني موجه إلى الفريق الآخر من المدعى عليهم وهم ورثة عبد الغني طراف بشأن منازعتهم للمدعين في قدر آخر محدد مساحته فدان وسبعة عشر قيراطاً وستة عشر سهماً وهذان الطلبان وإن جمعتهما صحيفة واحدة إلا أنهما في حقيقتهما دعويان مستقلتان كل منهما موجهة إلى فريق من المدعى عليهما ومطلوباً فيها الملكية عن مقدار محدد ومستقل عن المقدار المطلوب في الدعوى الأخرى، والطلبان - خلافاً لما قرره الحكم المطعون فيه - غير ناشئين عن سبب قانوني واحد ذلك أنه وإن كان السبب القانوني للطلبين هو التعدي الواقع على الملكية أي الغصب - باعتباره عملاً غير مشروع - وليس الملكية ذاتها كما ذكر الحكم - إلا أن الغصب الواقع من الوقف مستقل بذاته عن الغصب الواقع من ورثة عبد الغني طراف لأنه ليس ثمة رابطة من توافق أو اشتراك بين الفريقين المدعى عليهما تربط الفعل الواقع من أحدهما بالفعل الواقع من الآخر ولا يغير من ذلك كون السبب الذي يستند إليه أحد الطلبين من نوع السبب الذي يستند إليه الآخر ذلك أن تماثل الأسباب لا يمنع من اعتبارها متعددة ومختلفة في معنى المادتين 41 و42 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، فإنه لا ينظر في تقدير قيمة الدعوى إلى مجموع الطلبين وإنما تقدر باعتبار قيمة كل طلب منهما على حدة.
وحيث إنه وإن كانت العبرة في تقدير الدعوى لتعيين المحكمة المختصة وفي تقدير نصاب الاستئناف بالطلبات الختامية للخصوم وهذه القاعدة قد نص عليها صراحة في المادة 400 من قانون المرافعات فيما يتعلق بتقدير نصاب الاستئناف ويجب تطبيقها بطريق القياس عند تقدير الدعوى لتعيين المحكمة المختصة إذ لا وجه لاختلاف التقدير في الحالين ولأن الطلبات الختامية التي استقر عليها الخصوم هي التي تعبر عن القيمة الحقيقية لدعواهم - لئن كانت العبرة في التقدير بذلك وكان الطلب الخاص بثبوت ملكية المدعين (الطاعنين) للتسعة عشر قيراطاً والعشرة أسهم قد أصبح بعد تعديل الطلبات على النحو السابق تقل قيمته عن مائتين وخمسين جنيهاً لأن قيمة الضريبة المربوطة على هذا العقار هي - على ما سجله الحكم 3 ج و640 م للفدان الواحد وحاصل ضربها في 60 - وهو ما يمثل قيمة الدعوى طبقاً للمادة 31 من قانون المرافعات - يقل عن مائتين وخمسين جنيهاً - إلا أن ذلك لا يسلب المحكمة الابتدائية بالذات الاختصاص بنظر هذا الطلب ما دام أنها كانت مختصة أصلاً بنظر الدعوى وقت رفعها إليها إذ أن قانون المرافعات القائم يعتبر مثل هذا الطلب المعدل طلباً عارضاً فهو قد نص في المادة 151 منه عند بيان الطلبات العارضة التي تقدم من المدعي على ( أ ) ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى... وورد في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على هذا النص ما يأتي "ينبغي ألا يحرم المدعي من فرصة تصحيح طلباته بما يتفق مع مستنداته ووسائل إثباته أو تعديلها بما يتفق مع ما أسفر عنه التحقيق أو مع ما آلت إليه العلاقة القانونية التي تستند إليها الدعوى ومن تعديل موضوع الدعوى من جهة مقداره أو حدوده أو بدايته أو نهايته ومن أن ينزل به إلى طلب أقل يدخل ضمن الطلب الأصلي أو يعتبر من عناصره ومن أن يرتفع به إلى طلب أكبر يدخل ضمن الطلب الأصلي أو يعتبر من عناصره متى كان الطلبان مستندين إلى نفس السبب بين الخصوم أنفسهم" وإذ كانت المادة 52 تقضي باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الطلبات العارضة مهما تكن قيمتها فإن مقتضى ذلك أن تظل محكمة المنيا الابتدائية التي رفع إليها الطاعنون دعواهم مختصة بنظر طلب ثبوت ملكيتهم للتسعة عشر قيراطاً والعشرة أسهم الموجه إلى ناظرة وقف أحمد عبد الحكيم مخلوف على الرغم من أن قيمة هذا الطلب تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً ما دامت كانت مختصة أصلاً بالدعوى وقت رفعها إليها ويكون قضاؤها في هذا الطلب غير قابل للاستئناف لدخوله في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وقضى بقبوله شكلاً تأسيساً على ما قاله من أن الطلبات بعد تعديلها ظلت موجهة عن الـ 2 ف و13 ط و1 س جميعها وإلى جميع المدعى عليهم دون تحديد لمقدار المطلوب ضد كل واحد منهم - وهو قول يخالف الثابت بصحيفة تعديل الطلبات التي يجب النظر إلى ما ورد فيها باعتباره كلاً مكملاً لبعضه وعدم الاجتزاء على العبارة التي وردت في ختام الصحيفة دون ما سبقها من عبارات تكملها وتوضح حقيقة المقصود منها. وتأسيساً أيضاً على ما قرره الحكم خطأ من اتحاد السبب القانوني للطلبين فإن هذا الحكم الصادر في 26 مارس سنة 1960 يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه. ولما كان نقض هذا الحكم يقتضي نقض الحكم الآخر الصادر في الموضوع بتاريخ 25 فبراير سنة 1961 لأن هذا الحكم الأخير مؤسس على الحكم الأول وعلى ما قضى به من جواز نظر الاستئناف - وذلك عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ودون حاجة لبحث أسباب الطعن الموجهة إلى الحكم الأخير فإنه يتعين نقض حكم 25 فبراير سنة 1961 أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق