جلسة 11 من مارس سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.
------------------
(5)
الطعن رقم 9 لسنة 32 ق "رجال القضاء"
مرتب. "إعانة غلاء المعيشة".
الأصل تحديد إعانة غلاء المعيشة بنسبتها إلى المرتب الفعلي. تثبيتها عند الحد الذي بلغته في وقت معين فهو استثناء. قرار مجلس الوزراء في 3/ 12/ 1950 يثبت إعانة الغلاء على أساس مرتب آخر نوفمبر سنة 1950. مناطه الموظف الذي يتمتع بمركز قانوني من حيث تقاضيه مرتباً معيناً في الوقت الذي اتخذ أساساً للتثبيت. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي وهو رئيس محكمة بمحكمة الإسكندرية الابتدائية تقدم بطلبه هذا قائلاً إنه عين قاضياً بالقرار الجمهوري الصادر في 5/ 12/ 1954 بمرتب شهري قدره خمسة وأربعون جنيهاً وأن وزارة العدل قد ثبتت إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس هذا المرتب الذي يعادل المرتب المقرر لزميله في ذات الوظيفة في 30/ 11/ 1950 وهو التاريخ المحدد لتثبيت إعانة غلاء المعيشة لكن وزارة العدل قد أخطرته أخيراً بوساطة رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بأن إدارة الفتوى والتشريع لرئاسة الجمهورية قد أفتت بتاريخ 14/ 12/ 1961 بأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة المقررة لرجال القضاء الذين يعينون من الخارج في كادر القضاء بعد 30/ 11/ 1950 يكون على أساس مرتب قدره خمسة عشر جنيهاً وهو أول مربوط أدنى درجات كادر القضاء - وأن الوزارة أجرت تعديل إعانة غلاء المعيشة المقررة له على هذا الأساس ابتداء من مرتب شهر سبتمبر سنة 1962 فاستحق عليه في المدة من تاريخ تعيينه في 5/ 12/ 1954 حتى 31 من أغسطس سنة 1962 فروق بلغ مجموعها 119 ج و637 م وطلب إليه سداد هذا المبلغ وألا يصير خصمه من مرتبه ابتداء من مرتب شهر ديسمبر سنة 1962 وإذ كان المدعي يرى أن قرار رئيس المحكمة المتقدم الذكر مخالف للقانون فقد تقدم بطلبه هذا وضمنه طلب الحكم: أولاً - بقبول الطلب شكلاً. وثانياً - بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً. ثالثاً - وفي الموضوع أصلياً: بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة ما يترتب على ذلك من الآثار واحتياطياً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة الخاصة بالطالب على أساس المرتب المقرر لزميله المماثل له والمستحق في 30/ 11/ 1950 - ومن باب الاحتياط الكلي: بعدم إرجاع تاريخ تعديل إعانة غلاء المعيشة المستحقة له إلى مرتب شهر ديسمبر سنة 1954 وتحديد هذا التاريخ بمرتب شهر أغسطس سنة 1962 مع ما ينتج عن ذلك من آثار.
وحيث إن الطالب يستند في طلبه هذا إلى أن مجلس الوزراء أصدر بتاريخ 3/ 12/ 1950 قراراً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في آخر نوفمبر سنة 1950 ثم أصدر قراراً آخر في 6 من يناير سنة 1952 نص فيه على أن الموظفين الذين تثبت إعانة الغلاء لهم على أساس ماهيتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة هؤلاء يعاملون على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها ويرى الطالب أنه يتأدى من هذين القرارين في مجموعهما أنهما في خصوص تثبيت إعانة غلاء المعيشة - قد صدرا بتقرير قاعدة قانونية تقوم على أساس المرتب الشخصي وليس على أساس مرتب المثل فجعلا الإعانة المستحقة للموظف عن شهر نوفمبر سنة 1950 هي أساس التثبيت ونظراً لأن هذه بدورها تنسب إلى الماهية المستحقة له عن هذا الشهر فإنه ينبغي اتخاذ هذه الماهية بذاتها دون سواها أساساً لتثبيت إعانة الغلاء الخاصة به وذلك دون الاعتداد بماهية زميله الذي كان في الخدمة في 30 من نوفمبر سنة 1950 والمماثل له في وضعه وظروفه وحالته الاجتماعية ويخلص المدعي من ذلك أنه فيما يتعلق برجال القضاء الذين يعينون لأول مرة من الخارج في الكادر القضائي بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 ينبغي احتساب وتثبيت إعانة الغلاء المستحقة لهم على أساس الماهية التي يمنحونها ومن تاريخ تعيينهم في وظائفهم وليس على أساس أول مربوط أدنى درجات الكادر القضائي وقدره خمسة عشرة جنيهاً كما ترى الوزارة.
وحيث إن دفاع وزارة العدل يقوم على أساس ما ورد في فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة من أن هناك قاعدة أساسية تهيمن على التنظيم الذي صدرت به قرارات إعانة غلاء المعيشة وهي عدم امتياز الجديد على القديم وقد أشار إلى هذه القاعدة قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وقراره الصادر في 6/ 1/ 1952 ومن ثم فإنه لما كانت إعانة غلاء المعيشة قد تثبت على أساس الماهية المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 12/ 1950 فإن مقتضى الأصل المشار إليه أن تثبيت إعانة غلاء المعيشة لمن عين من الموظفين بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 - وهو تاريخ تثبيت الإعانة - على أساس المرتبات المقررة لأمثالهم في هذا التاريخ حتى لا يمتاز جديد على قديم على أن قاعدة مرتب المثل لها معنى خاص في مفهوم قرارات مجلس الوزراء الخاصة بإعانة غلاء المعيشة فهي تتحدد بالماهية المقررة لمؤهل الموظف في التاريخ المتخذ أساساً لتثبيت إعانة غلاء المعيشة وهذا المعنى ظاهر من الكتاب الدوري لوزارة المالية بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1941 ومن مذكرة وزارة المالية التي صدر بالموافقة عليها قرار مجلس الوزراء في 6 من يناير سنة 1952.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطلب شكلاً ثم تنازلت عن هذا الدفع بجلسة 28/ 11/ 1964 وصممت على ما جاء بمذكرتها من تأييد وجهة نظر الوزارة وعلى نفس الأساس.
وحيث إنه للفصل في هذا الطلب يتعين تحديد مجال تطبيق كل من قرارات مجلس الوزراء الخاصة بمنح إعانة غلاء المعيشة وقراراته الخاصة بتثبيت إعانة غلاء المعيشة وذلك لا يتأتى إلا ببيان الظروف والملابسات التي حدت إلى إصدار تلك القرارات.
وحيث إنه بتاريخ أول ديسمبر سنة 1941 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتوسيع نطاق الانتفاع بإعانة غلاء المعيشة من حيث الأشخاص وبهذا القرار شملت الإعانة الموظفين العاملين بصفة منتظمة الذين لا تجاوز مرتباتهم الشهرية ثلاثين جنيهاً وحددت الإعانة بنسبة مئوية من المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف على أن تتبع الإعانة المرتب فتتغير بتغييره - ونظراً لاطراد الارتفاع في تكاليف المعيشة رفعت نسبة إعانة الغلاء واتسع شمولها بالنسبة للأشخاص - عدة مرات وذلك بمقتضى قرارات أصدرها مجلس الوزراء وكان مقدار الإعانة يحدد في كل مرة على الأساس المتقدم ذكره - على أنه حينما اتجهت النية بعد ذلك إلى التخفيف من أعباء الميزانية أصدر مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1944 قراراً بتثبيت إعانة الغلاء على أساس الماهيات المستحقة في هذا التاريخ مجردة مما منح للموظف من زيادة نتيجة الكادرات الخاصة أو قواعد الإنصاف بمعنى ألا تزيد الإعانة تبعاً للزيادة الطارئة على الماهية لأي سبب من الأسباب إلا أنه نظراً لاستمرار موجة الغلاء في الارتفاع فقد أصدر مجلس الوزراء قراراً في 19 من فبراير سنة 1950 برفع القيد الخاص بتثبيت إعانة الغلاء وبمنحها على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف ونظراً لما أصاب مرتبات الموظفين بعد ذلك من ارتفاع بنسبة واضحة نتيجة لتطبيق قرار التيسير فقد أصدر مجلس الوزراء في 3/ 12/ 1950 قراراً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتبات المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 بحيث أن أية زيادة يحصل عليها الموظف بعد 30/ 11/ 1950 لا يترتب عليها زيادة في إعانة الغلاء وبتاريخ 6/ 1/ 1952 أصدر مجلس الوزراء قراراً تضمن أن الموظفين الذين تثبت إعانة غلاء المعيشة لهم على أساس ماهياتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة هؤلاء يعاملون على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها حتى لا يمتاز جديد على قديم - ويبين من نهج المشرع على النحو السابق أن الأصل هو تحديد إعانة غلاء المعيشة بنسبتها إلى المرتب الفعلي وأن الاستثناء هو تثبيت تلك الإعانة عند الحد الذي بلغته في وقت معين بحيث أن أية زيادة تطرأ على المرتب بعد ذلك لا تقابلها زيادة في قيمة الإعانة على أنه في مجال إعمال هذا الاستثناء فإن التثبيت لا يرد إلا على موظف يتمتع بمركز قانوني من حيث تقاضيه مرتباً معيناً في الوقت الذي اتخذ أساساً للتثبيت وإذ كان الموظف الجديد الذي يعين بعد 30/ 11/ 1950 لا يصدق عليه هذا الوصف لأنه لم يكن يتمتع بمركز قانوني من حيث المرتب في شهر نوفمبر سنة 1950 الذي اتخذ المرتب المستحق عنه أساساً للتثبيت فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 12/ 1950 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة لا يسري عليه لأن الأمر في تقرير الإعانة بالنسبة له لا يكون تثبيتاً لإعانة كان يتقاضاها من قبل وإنما تحديداً لمقدار الإعانة التي يستحقها لأول مرة - لما كان ذلك، وكان قرار مجلس الوزراء المشار إليه بتثبيت الإعانة وإن كان يهدف إلى تثبيت إعانة الغلاء عند الحد الذي بلغته في الشهر المتخذ أساساً للتثبيت فإنه ليس من شأنه أن يلغي قرار مجلس الوزراء الصادر في 19/ 2/ 1950 فيما نص عليه من منح الإعانة على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف وذلك ما دام أنه لم ينص على هذا الإلغاء وما دام ليس في قرارات مجلس الوزراء التالية له ما يتعارض مع أحكامه فيظل هذا القرار الأخير قائماً ونافذاً بالنسبة للموظفين الذين يعينون بعد آخر نوفمبر سنة 1950 فيمنح ذلك الموظف إعانة غلاء المعيشة منسوبة إلى المرتب الفعلي الذي يتقاضاه طبقاً لما يقضي به هذا القرار ورجوعاً إلى الأصل من القاعدة - ولا يقدح في صحة هذا النظر أن الأخذ به قد يؤدي في بعض الأحوال إلى أن يمتاز الموظف الجديد على القديم ذلك أن من القواعد الأصلية في التفسير وجوب النزول على حكم دلالة منطوق النص ولا يصح صرف النظر عنه بحجة اعتبارات العدالة - على أنه إن بدا أن هذا التمييز ليس له ما يبرره فإن علاج هذه المسألة ليس بالأمر الذي يتوجه فيه إلى القضاء بل التوجه فيه يكون إلى التشريع - كما أنه لا محل لما تتحدى به الوزارة في هذا المقام من أن التنظيم الذي صدرت به قرارات إعانة غلاء المعيشة تهيمن عليه قاعدة أساسية هي عدم امتياز الجديد على القديم ذلك أن هذه القاعدة لم يرد لها ذكر إلا في خصوصيتين الأولى في الكتاب الدوري لوزارة المالية الصادر في 16 من أغسطس سنة 1944 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وذلك بمناسبة الموظفين الجدد الذين رفعت الماهيات الابتدائية المقررة لمؤهلاتهم طبقاً لقواعد الإنصاف فقد نص على منحهم إعانة غلاء على أساس الماهيات التي كانت تمنح لمؤهلاتهم قبل الإنصاف أو التحسين حتى لا يمتاز جديد على قديم، والثانية في الكتاب الدوري الصادر في 19/ 3/ 1952 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6/ 1/ 1952 وذلك بمناسبة الموظفين الذين ثبتت إعانة غلاء المعيشة لهم على أساس ماهياتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة فقد نص على منحهم إعانة الغلاء على أساس الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها حتى لا يمتاز جديد على قديم - وظاهر من ذلك أن تلك القاعدة التي تستند إليها الوزارة إنما ورد ذكرها في خصوصيتين بعينهما تدخل فيهما الشارع وأصدر بشأنهما تشريعات لتحقيق حكم هذه القاعدة فلا يصح إذن القياس عليهما فيما لم يرد بشأنه تشريع خاص يحقق تلك الغاية.
وحيث إنه لما تقدم يكون ما طلبه المدعي من احتساب علاوة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس مرتبه الفعلي عند تعيينه قاضياً على أساس صحيح من القانون ويتعين لذلك إجابته لهذا الطلب ولا محل بعد ذلك للتعرض للطلبات الاحتياطية ما دام المدعي قد أجيب إلى طلبه الأصلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق