جلسة 26 من فبراير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
--------------
(57)
الطعن رقم 557 لسنة 35 القضائية
(أ) استيلاء. "الاستيلاء لأغراض التعليم". مسئولية. تعويض. إيجار.
الاستيلاء على عقار ليكون مدرسة. إساءة استعماله وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره. لا يدخل في نطاق الاستعمال غير العادي بل هو خطأ جسيم يستوجب تعويضاً مستقلاً عن الضرر الناشئ عنه.
(ب) استيلاء. "الاستيلاء لأغراض التعليم. تعويض. "تقدير التعويض". إيجار.
وجوب التزام القواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 عند تقدير مقابل الانتفاع بالأماكن المستولى عليها واستبعاد أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 الخاصة بتحديد الأجرة وما يرد عليها من زيادة أو خفض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نبويه صادق أقامت الدعوى رقم 154 سنة 1951 كلي القاهرة ضد وزارة التربية والتعليم طالبة إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض مع زيادة القيمة الإيجارية للعقار الذي استولت عليه إلى 12 ج في الشهر وإلزامها بفرق نسبة الزيادة القانونية للقيمة الإيجارية ابتداء من تاريخ رفع الدعوى بواقع 25%، وقالت في بيان دعواها إنها تملك السراي رقم 121 بشارع العباسية وأن وزارة التربية استولت عليها في أوائل سنة 1946 لتجعلها مدرسة ثانوية للبنات مقابل أجرة شهرية قدرها 92 ج و400 م، إلا أن الوزارة قد أساءت استعمال العين المؤجرة وخربت مبانيها وقطعت أشجارها وأزالت بعض أجزائها وأحدثت أبنية فيها مما اضطرها لإقامة دعوى إثبات الحالة رقم 1743 سنة 1950 مستعجل القاهرة، طالبة ندب خبير لإثبات حالة العقار وملحقاته وتحقيق الأضرار الفعلية وتقرير ما يقابلها من تعويض، فحكم في 6/ 6/ 1950 بندب خبير لإثبات حالة المبنى، وإذ قدم الخبير تقريره وثبت منه حصول تخريب ببعض المباني وببياض الجدران الداخلية والخارجية ودورات المياه وتلف بأرضيات الحجرات الخشبية، ترتب عليه حصول خلل بالأسقف والجدران أخذ يتزايد يوماً بعد يوم نتيجة لسوء استعمال المبنى، كما استعملت ملحقاته وحديقته استعمالاً سيئاً وزائداً عما يقتضيه الانتفاع العادي بقطع أشجار الفاكهة المثمرة وأشجار الزينة النادرة وهدم الأكشاك وتكعيبة العنب وجزء من الفسقية وإقامة فصول جديدة من الأخشاب والمباني، فقد أقامت هذه الدعوى للحكم لها بطلباتها سالفة البيان، ودفعت الوزارة بعدم قبول دعوى التعويض لرفعها قبل انتهاء مدة الإيجار ورد العين المؤجرة، وبتاريخ 28/ 12/ 1953 حكمت المحكمة (أولاً) وفي طلب التعويض برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وقبل الفصل في موضوعه بندب الخبير الهندسي عبد العزيز والي صاحب الدور للانتقال إلى العين موضوع النزاع ومعاينتها وإثبات حالتها وبيان ما حدث فيها من التلف المدعى به في المبنى وملحقاته وإيضاح أسبابه تفصيلاً، ورد هذه الأسباب إلى الاستعمال العادي أو غير العادي وتقدير قيمة ما يلزم لإعادة الشيء إلى أصله عند بدء التأجير وتحقيق وجه الضرر الذي أصاب المدعية وتقدير التعويض اللازم عنه بمراعاة المدة اللازمة للإصلاح. (ثانياً) برفض الدعوى بالنسبة للطلب الثاني الخاص برفع أجرة العقار من 92 ج و400 م إلى 120 ج شهرياً وتأجيل الدعوى بالنسبة للطلب الثالث الخاص بإضافة الزيادة القانونية إلى الأجرة. وقدم الخبير المنتدب تقريراً قدر فيه التعويض المستحق عن إساءة الاستعمال المباشر وغير المباشر بمبلغ 1100 ج وقدر المدة اللازمة للإصلاح بأربعة أشهر بأجر كامل، وبتاريخ 21/ 10/ 1957 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في 18/ 12/ 1953 وتحديد أجرة العقار موضوع النزاع في شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل، وبعد أن قدم الخبير تقريراً قدر فيه تكاليف إصلاح ما بالعقار من تلف بمبلغ 1200 جنيه والمدة اللازمة للإصلاح بستة أشهر، كما قدر الأجرة الشهرية للعقار بمبلغ 92 جنيه، عادت وبتاريخ 20/ 4/ 1964 فحكمت بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعية مبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المناسبة و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنفت وزارة التربية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1181 سنة 81 ق، كما استأنفته نبوية صادق استئنافاً مقابلاً طالبة تعديله بإلزام الوزارة بأن تدفع لها مبلغ 1200 جنيه قيمة التعويض الذي أظهرته تقارير الخبراء وفرق زيادة الأجرة بنسبة 25% تطبيقاً للقانون رقم 121 سنة 1947 ابتداء من أول يناير سنة 1951 وقيد استئنافها برقم 1284 سنة 81 ق القاهرة، وبتاريخ 19/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض استئناف نبوية صادق وألزمتها بمصروفاته (ثانياً) بقبول استئناف الوزارة وبإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 20/ 4/ 1964 ورفض دعوى نبوية صادق وإلزامها بالمصاريف عن الدرجتين وعشرة جنيهات أتعاب محاماة عنهما. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في الإسناد وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها استندت في طلب التعويض إلى أن الوزارة المطعون عليها قد أساءت استعمال المبنى المستولى عليه وأجرت به تخريباً وتلفاً وتغييراً كما أهملت إهمالاً جسيماً في صيانته وأنها تستحق تعويضاً عن ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه قد رفض الدعوى استناداً إلى أنه ليس لها الحق في هذا التعويض لأنها اقتضت ما يقابله بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 207 سنة 1947 الذي حدد أجرة العقار بمبلغ 84 جنيه شهرياً وأضاف إليها 10% مقابل استعماله كمدرسة، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال، ذلك أن الوزارة ملزمة قانوناً بالمحافظة على العقار المستولى عليه وممنوعة من استعماله استعمالاً سيئاً وإحداث أي تغيير به، كما أن الثابت من الحكم 207 سنة 1947 أن زيادة الـ 10% على الأجرة كانت مقابل الضرر الناتج عن الاستعمال غير العادي وليست مقابل الضرر الناتج عن سوء الاستعمال وما قد يحدث بالمبنى من تغيير.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 207 سنة 1947 كلي مصر يبين أنه قدر نسبة الـ 10% من الأجرة الشهرية البالغة 84 ج مقابل مصاريف الصيانة والاستهلاك غير العاديين. إذ كان ذلك، وكان ما نسبته الطاعنة إلى المطعون عليها من إساءة استعمال العقار
وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره لا يدخل في نطاق الاستعمال غير العادي بل يكون إن صح وقوعه خطأ جسيماً يستوجب تعويضاً مستقلاً عن الضرر الناشئ عنه ولا تشمله الزيادة المشار إليها, وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يعيبه ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف أخطأت حين رفضت زيادة الأجرة المقررة بالقانون رقم 121 سنة 1947 بنسبة 25% استناداً إلى ما استنتجته تلقائياً من أن الطاعنة قد تنازلت عن هذه الزيادة بقبولها الأجرة طوال المدة السابقة على طلبها، وهذا الذي ذهبت إليه مشوباً بالقصور ومخالف للقانون، إذ فضلاً عن أن الحق في طلب الزيادة لم يكن قد مضت عليه خمس سنوات منذ تاريخ صدور القانون رقم 121 سنة 1947 في 14/ 7/ 1947 إلى تاريخ المطالبة به فإن الوزارة لم تدفع بسقوط الحق في طلبها مما يمتنع معه على المحكمة إجراء ذلك السقوط تلقائياً، وإذ كان يتعين عليها إعمال النص والقضاء بالحق المستمد منه، فإن ما ذهبت إليه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه وإن نصت المادة السابعة من القانون رقم 121 سنة 1947على أن الأماكن الصادرة في شأنها قرارات استيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها، إلا أن القانون رقم 76 سنة 1947 الذي خول لوزير التربية والتعليم سلطة إصدار قرارات استيلاء على الأماكن اللازمة لشئون وزارته والذي استمر العمل به بالمرسوم الصادر في 11/ 7/ 1948 قد نص في مادته الأولى على أن تتبع في تقدير التعويض عن الأماكن المستولى عليها الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 15 سنة 1945 الخاص بشئون التموين, وإذ وضع هذا المرسوم الأخير قواعد خاصة لتقدير التعويض عن الانتفاع بالأشياء المستولى عليها على أساس فائدة رأس المال المستثمر وفقاً للسعر العادي الجاري بالسوق في تاريخ حصول الاستيلاء مضافاً إليها مصروفات الاستهلاك والصيانة للمباني أو للمنشآت، وكانت تلك القواعد تغاير الأسس التي اتخذها القانون رقم 121 سنة 1947 لتحديد أجرة الأماكن التي يسري عليها، فإنه يتعين التزام القواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 عند تقدير مقابل انتفاع الأماكن المستولى عليها واستبعاد ما ورد بالقانون رقم 121 سنة 1947 من أحكام خاصة بتحديد الأجرة وما يرد عليها من زيادة أو خفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن خالف هذا النظر وأقيم على ما استخلصه من تنازل الطاعنة عن الزيادة المقررة في القانون بقبولها الأجرة وعدم اعتراضها عليها طوال الأربع سنوات التالية لصدور القانون إلا أنه قد صدر صحيحاً في نتيجته ويبرره ما نص عليه في القانون 76 سنة 1947 والمرسوم بقانون رقم 15 سنة 1945 فلا أهمية بعد ذلك لما ورد في أسبابه من أخطاء قانونية ما دام منطوقه متفقاً مع التطبيق الصحيح للقانون على الوقائع الثابتة فيه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم في خصوص ما جاء بالسبب الأول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق