جلسة 6 من أبريل سنة 2016
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ محمد
فرغلي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عطاء سليم, كمال نبيه محمد، د/
مصطفى سعفان وعدلي فوزي محمود نواب رئيس المحكمة.
---------------
(55)
الطعن 7701 لسنة 78 ق
(1 ، 2) مسئولية "المسئولية التقصيرية:
مسئولية الحكومة عن إدارة المرافق العامة".
(1) حرية جهة الإدارة في إدارة المرافق
العامة وتنظيمها والإشراف عليها. مؤداه. عدم تقيد المحاكم في إثبات مسئوليتها عن الإضرار
بالغير متى كان راجعا إلى تقصيرها وإهمالها في إدارة المرفق العام والإشراف عليه.
(2)
ثبوت المسئولية في حالات الغرق بالشواطئ العامة. شرطه. ثبوت خطأ القائمين
والمشرفين عليها بعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لسلامة وإسعاف المترددين عليها. علة
ذلك.
(3 ، 4) تعويض "التعويض عن الفعل الضار
غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض". مسئولية "المسئولية التقصيرية:
عناصر المسئولية: علاقة السببية بين الخطأ والضرر".
(3) إثبات المضرور الخطأ المحدث للضرر به. أثره.
اعتبار علاقة السببية قرينة لصالح المضرور. مؤداه. للمسئول نقض القرينة بإثبات
السبب الأجنبي.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه برفض التعويض للطاعنين
رغم ثبوت وفاة مورثهم غرقا بسبب خطأ المطعون ضدهم المنوط بهم إدارة الشاطئ بصفاتهم
بعدم توفير وسائل الأمن والسلامة. خطأ وقصور وفساد. علة ذلك.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه
وإن كان لجهة الإدارة حرية إدارة المرافق العامة وحق تنظيمها والإشراف عليها، إلا
أن ذلك لا يمنع المحاكم من حق التدخل لتقرير مسئولية الإدارة عن الضرر الذي يصيب
الغير متى كان ذلك راجعا إلى إهمالها أو تقصيرها في تنظيم شئون المرفق العام أو
الإشراف عليه.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن السبب
المنتج الفعال في حالات الغرق في البحر للشواطئ العامة يتحقق بخطأ المشرفين
والمستغلين للشاطئ محل الحادث وعدم تزويده بالعمال المنقذين ومعدات الإنقاذ
والمسعفين إذ يعتبر ذلك انحرافا عن السلوك المألوف الذي يقتضي على المشرفين على
الشاطئ اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على سلامة المستحمين ووقايتهم من الغرق
وإسعافهم عندما يشرفون على الغرق.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه متى
أثبت المضرور الخطأ والضرر وكان من شأن ذلك الخطأ أن يحدث عادة هذا الضرر فإن
القرينة تقوم لصالح المضرور على توافر علاقة السببية، وللمسئول نقض هذه القرينة
بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه.
4 - إذ كان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم
المستأنف أن المطعون ضدهم بصفاتهم المنوط بهم إدارة الشاطئ محل واقعة التداعي وقد
شهد الشهود بالتحقيق الذي أجرته المحكمة أن المصيف كان مفتتحا قبل التاريخ الوارد
بالقرار المقدم من المطعون ضدهم سالف الإشارة إليه وخلو الشاطئ من أية علامات
تحذيرية تفيد عدم نزول البحر في هذا التوقيت أو ميعاد بدء موسم التصييف وقد خلا
الشاطئ بلا منازعة من المطعون ضدهم بصفاتهم من وجود منقذين أو مسعفين أو آلات
إنقاذ أو نقطة مجهزة لإسعاف مرتادي الشاطئ أو توفير وسائل الأمن والسلامة لحالات
الغرق أو الطوارئ، وإذ كان البين أن مورث الطاعنين قد توفي غرقا بسبب ما سبق بيانه
من أوجه الخطأ الذي أقر به المطعون ضدهم بصفاتهم متعللين في ذلك بعدم بدء موسم
التصييف رغم ثبوت ارتياد المصطافين للشاطئ، مما تتوافر معه في حقهم المسئولية
التقصيرية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مما يعيبه (بالخطأ في تطبيق
القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب).
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم
المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنين قد أقاما ضد المطعون ضدهم بصفتهم
الدعوى رقم ...... لسنة 2006 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية- مأمورية كفر سعد-
بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ التعويض المادي والأدبي والموروث عن وفاة مورثهم،
وقالا شرحا لدعواهما إن مورثهما قد توفي غرقا حال قيامه بالسباحة بمصيف رأس البر
وكان ذلك نتيجة عدم وجود رجال الإنقاذ وعدم توافر الأدوات اللازمة للإنقاذ
والإسعاف مما سبب لهما أضرارا مادية وأدبية وضررا موروثا، فكانت الدعوى، أحالت
المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت المحكمة لشاهدي الطاعنين حكمت المحكمة
بتاريخ 29/5/2007 بإلزام المطعون ضدهم من الأول إلى الرابع بصفتهم بأداء مبلغ
التعويض المقضي به للطاعنين. استأنف المطعون ضدهم بصفتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم
.... لسنة 39 ق أمام محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" كما
استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم .... لسنة 39ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن
ضمت الاستئنافين للارتباط قضت بتاريخ 18/3/2008 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض الدعوى وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعنان في هذا الحكم
بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير
الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي
بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيسا على
القرار المقدم من المطعون ضدهم بصفاتهم رقم .... لسنة 2001 بشأن بدء العمل بمصيف
رأس البر رسميا من أول شهر يونيو وحتى آخر سبتمبر وأن واقعة غرق مورثهما حدثت قبل
هذا التاريخ بعشرين يوما، في حين أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم بصفاتهم رغم
إنشائهم للشاطئ العام بالمصيف لم يقوموا بتزويده بمنقذين أو آلات مساعدة على
الإنقاذ وخلو الشاطئ من نقطة إسعاف ومن أية علامات تحذيرية لمنع المرتادين للشاطئ
من النزول في البحر مما توافر معه أركان المسئولية التقصيرية في حقهم ويوجب
التعويض بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من
المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه وإن كان لجهة الإدارة حرية إدارة المرافق العامة
وحق تنظيمها والإشراف عليها، إلا أن ذلك لا يمنع المحاكم من حق التدخل لتقرير
مسئولية الإدارة عن الضرر الذي يصيب الغير متى كان ذلك راجعا إلى إهمالها أو
تقصيرها في تنظيم شئون المرفق العام أو الإشراف عليه، وأن السبب المنتج الفعال في
حالات الغرق في البحر للشواطئ العامة يتحقق بخطأ المشرفين والمستغلين للشاطئ محل الحادث
وعدم تزويده بالعمال المنقذين ومعدات الإنقاذ والمسعفين إذ يعتبر ذلك انحرافا عن
السلوك المألوف الذي يقتضي على المشرفين على الشاطئ اتخاذ الاحتياطات اللازمة
للمحافظة على سلامة المستحمين ووقايتهم من الغرق وإسعافهم عندما يشرفون على الغرق،
وأنه متى أثبت المضرور الخطأ والضرر وكان من شأن ذلك الخطأ أن يحدث عادة هذا الضرر
فإن القرينة تقوم لصالح المضرور على توافر علاقة السببية، وللمسئول نقض هذه
القرينة بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه. لما كان ذلك, وكان
الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المستأنف أن المطعون ضدهم بصفاتهم المنوط بهم إدارة
الشاطئ محل واقعة التداعي وقد شهد الشهود بالتحقيق الذي أجرته المحكمة أن المصيف
كان مفتتحا قبل التاريخ الوارد بالقرار المقدم من المطعون ضدهم سالف الإشارة إليه
وخلو الشاطئ من أية علامات تحذيرية تفيد عدم نزول البحر في هذا التوقيت أو ميعاد
بدء موسم التصييف وقد خلا الشاطئ بلا منازعة من المطعون ضدهم بصفاتهم من وجود
منقذين أو مسعفين أو آلات إنقاذ أو نقطة مجهزة لإسعاف مرتادي الشاطئ أو توفير
وسائل الأمن والسلامة لحالات الغرق أو الطوارئ، وإذ كان البين أن مورث الطاعنين قد
توفي غرقا بسبب ما سبق بيانه من أوجه الخطأ الذي أقر به المطعون ضدهم بصفاتهم
متعللين في ذلك بعدم بدء موسم التصييف رغم ثبوت ارتياد المصطافين للشاطئ، مما
تتوافر معه في حقهم المسئولية التقصيرية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، وحيث إنه عن
موضوع الاستئناف فإنه صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الحكم الابتدائي قد انتهى
بأسباب سائغة وصحيحة إلى توافر أركان المسئولية التقصيرية في حق المطعون ضدهم
بصفاتهم وقدر التعويض المناسب ترتيبا على ذلك مما يتعين معه تأييده لأسبابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق