جلسة 16 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمود عباس العمراوي.
--------------
(167)
الطعن رقم 69 لسنة 30 القضائية
(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها".
حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها. أمر جوازي متروك لتقديرها.
(ب) عمل. "التزامات صاحب العمل". "أجر العامل".
سلطة رب العمل في أن يميز في الأجور بين عماله.
(ج) عمل. "التحكيم في منازعات العمل". إثبات. "القرائن القانونية". "حجة الأمر المقضي".
قرار هيئة التحكيم بأنها تهيب بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم. لا يخرج مخرج الإلزام ولا تنحسم به الخصومة. قرار معيب.
(د) عمل "آثار عقد العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". "التحكيم في منازعات العمل". "ما يخرج عن ذلك".
تصنيف الوظائف من سلطة رب العمل أو الجهات الإدارية المختصة على حسب الأحوال. طلب النقابة تصنيف الوظائف بالشركة. عدم انطوائه على نزاع خاص بالعمل. خروجه عن اختصاص هيئة التحكيم.
(هـ) عمل. "إصابات العمل". "التأمين عليها".
خروج عمال الزراعة عن نطاق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959، التأمين على إصابات العمل بالنسبة لطوائف معينة منهم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة عمال ومستخدمي شركة الكروم والكحول المصرية تقدمت بشكوى إلى مكتب العمل بدمنهور تضمنت جملة طلبات منها (1) اعتبار ساعات العمل ثمان ساعات في اليوم واحتساب أجر إضافي عن الساعات الزائدة (2) المساواة بين العمال المصريين والأجانب في الأجور والسكن والميزات العينية (3) إعداد مساكن صحية للعمال (4) إيجاد وسيلة لنقل العمال كما كان متبعاً منذ إنشاء الشركة (5) تحديد وظائف العمال والمستخدمين والتمييز بين العمل الزراعي والعمل الصناعي (6) تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على جميع العمال (7) اعتبار السائقين الذين يعملون لدى أشخاص تدعى الشركة أنهم مقاولون عمالاً بالشركة (8) إنشاء مطعم للعمال (9) إنشاء مستشفى - ولم يستطع مكتب العمل تسوية النزاع ودياً وأحاله باتفاق الطرفين إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بجدول منازعات التحكيم برقم 42 لسنة 1958، وبتاريخ 2 يناير سنة 1960 قررت الهيئة: أولاً - رفض المطالب الخاصة بإيجاد وسائل النقل وتنفيذ قانون الادخار والتأمين على عمال الزراعة وطلب إنشاء المطعم. ثانياً - إعمال القانون بالنسبة لساعات العمل لعمال الصناعة وكذلك عن الأجر الإضافي عن ساعات العمل الزائدة عن ثمان ساعات وبالنسبة لطلب إعداد السراكي وكذلك بالنسبة للطلب الخاص بإنشاء المستشفى المطلوب إنشاؤه. ثالثاً - (1) تكليف الشركة بمراعاة المساواة بين العامل المصري والأجنبي في الأجر والسكن والمميزات الأخرى متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات والخبرة بين كل من الاثنين عند التعيين (2) تهيب الهيئة بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله (3 - 4 - 5) اعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها (رابعاً) عدم اختصاص الهيئة بنظر الطلب الخاص بتحديد وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي - وطعنت النقابة في هذا القرار بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفعت الشركة بعدم جواز نظر الطعن وطلبت من باب الاحتياط رفضه وصممت النيابة العامة على ما جاء في مذكرتيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الشركة دفعت بعدم جواز نظر الطعن لتنازل الطاعنة عنه استناداً إلى أنه بعد رفعه تقدمت اللجنة النقابية لعمال الشركة بجملة طلبات إلى مجلس محافظة البحيرة وقد توصلت اللجنة التي شكلها المجلس إلى تحرير اتفاق أنهى كافة المنازعات القائمة بين الطرفين والمنازعات التي شملها إقرار التحكيم ومنها الخلاف القائم حول تحديد العمال الزراعيين والعمال الصناعيين ومدى انطباق قانون التأمينات الاجتماعية على عمال الشركة وتضمن النص على حصول العمال على جميع حقوقهم وتعهدهم بالتنازل عن الدعاوى المدنية التي رفعوها ضد الشركة، وهذا التعهد يمتد ولا شك إلى الطعن الحالي وإذا صح أنه لم يستوف الشروط التي نصت عليها المادتان 91، 92 من القانون رقم 91 لسنة 1959 لعدم تسجيله لدى مكتب العمال فلا أقل من أن يعتبر عقد صلح ملزم لطرفيه وفقاً للمادة 144 من القانون المدني.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه ترك الخصومة وفقاً للمادة 308 من قانون المرافعات - أياً كان سببه - لا يكون إلا إذا حصل بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بتقرير منه في قلم الكتاب أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله من اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً بالجلسة وإثباته في المحضر.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعنة طلبت تحديد ساعات العمل بثمان ساعات في اليوم وصرف الأجور المستحقة عن الساعات الزائدة منذ سنة 1957 ورفض القرار المطعون فيه هذا الطلب استناداً إلى أنه لم يقم دليل على أن العمال اكتسبوا حقاً في تشغيلهم ثمان ساعات وقد كفل لهم القانون 91 لسنة 1959 هذا الحق بما نص عليه في المادة 114 من عدم جواز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثمان ساعات في اليوم وبما قرره في المادتين 120, 121 من بيان الشروط والأوضاع التي يتعين فيها إعطاء العامل أجراً إضافياً عن ساعات العمل الزائدة، وهذا الذي أقيم عليه القرار قصور ومخالفة للثابت في الأوراق وللقانون من وجوه - أولها: أنه فهم أن طلب أجر الساعات الزائدة قاصراً على المستقبل في حين أنه يشمل الماضي ولو استظهر نص الطلب كما جاء في مذكرة النقابة لما انتهى إلى هذه النتيجة. وثانيها - أنه خالف الثابت في الأوراق بتقريره أنه لم يقم دليل على أن العمال اكتسبوا حقاً في تشغيلهم ثمان ساعات في حين أنه يبين من المذكرة المقدمة من النقابة المؤرخة 27/ 12/ 1955 أن مندوب الشركة أقر بأن مدة العمل اليومي في المصنع والورش هي ثمان ساعات وتضمن تقرير مكتب العمل المؤرخ 28/ 5/ 1958 ما شهد به بعض العمال من سبق اشتغالهم ثمان ساعات في اليوم. وثالثها - أنه أغفل حكم المادة 190 من قانون المرافعات وهي تخول المحكمة أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها في الأحوال التي يجيز القانون الإثبات فيها بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة وكان يتعين على هيئة التحكيم إعمال حكم هذه المادة إذا لم تر الأخذ بالأدلة المقدمة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن القرار المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن المرسوم بقانون رقم 147 لسنة 1935 الخاص بتحديد ساعات العمل في بعض الصناعات كان ينص في المادة الأولى منه على أنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من تسع ساعات في اليوم "ولم تدلل النقابة على أن الشركة درجت على تشغيل العمال ثمان ساعات في اليوم حتى يمكن اعتبار ذلك حقاً مكتسباً لهم" وأن "قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 قد نص في المادة 114 على أنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثمان ساعات في اليوم الواحد و48 ساعة في الأسبوع لا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطاعن والراحة فيكون هذا الطلب غير ذي موضوع" ويبين من ذلك أنه تحدث عن الماضي والمستقبل لا عن المستقبل وحده وفصل فيه استناداً إلى أن النقابة لم تقدم الدليل على ما تدعيه، ومردود في الوجه الثاني بأن النقابة لم تقدم تقرير مكتب العمل المؤرخ 28/ 5/ 1958 ولا ما يدل على أن المذكرة المؤرخة 27/ 12/ 1955 كانت مودعة ملف التحكيم وتمسكت بها أمام الهيئة، ومردود في الوجه الثالث بأن حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها وفقاً للمادة 190 من قانون المرافعات وهو أمر جوازي لها متروك لتقديرها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن النقابة طلبت تحقيق المساواة بين عمال الشركة المصريين والأجانب في الأجور والسكن والميزات العينية وقدمت لهيئة التحكيم بياناً مفصلاً لأوجه التمييز القائمة بالنسبة للأجانب ولم يستجب القرار المطعون فيه لهذا الطلب وأقر الأوضاع القائمة استناداً إلى ما ذهب إليه من أن قرارات التحكيم استقرت على عدم التدخل في الأجور طالما أن صاحب العمل التزم الحدود الدنيا لها، وإذ تبين أن الأجور لا تنزل عن الحدود المقررة فإنها لا تستطيع التدخل لرفعها بالنسبة للعامل الوطني ومساواته بزميله الأجنبي، وهذا من القرار المطعون فيه مخالفة للقانون وقصور إذ أن المساواة بين العمال الوطنيين والأجانب لا توجبها التشريعات العمالية فحسب بل كافة القوانين الأساسية وقواعد النظام العام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن حق صاحب العمل - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها، وإذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "قرارات هيئات التحكيم قد استقرت على عدم التدخل في الأجور طالما أن صاحب العمل قد التزم الحدود الدنيا لها والتي نصت عليها الأوامر العسكرية" وأن، "الهيئة إذا ما تبين لها أن الأجور لا تنزل عن الحدود المقررة لها فلا تستطيع التدخل لرفع هذه الأجور بالنسبة للوطني ومساواته بزميله الأجنبي إذا كانت توجد معايير ومقاييس لدى صاحب العمل وبالنسبة للوطني وزميله الأجنبي، ولكن توضح بأن على الشركة أن تراعى على وجه عام وبصفة مضطردة المساواة بين العمال جميعاً بغض النظر عن جنسيتهم وتأخذ الشركة بدفاعها... من أنها تعامل كافة عمالها على قدم المساواة مراعية في ذلك طبيعة العمل الذي يؤدونه ومراكزهم في الشركة ومدى إنتاجهم في العمل" وأنه "متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات فتطبيقاً لهذا يتعين على الشركة أن تسوي بين العمال من كان منهم من الأجانب ومن كان منهم من المصريين، وأن تجعل الكل سواء في تقاضي الأجور التي تهيئها طبيعة العمل نفسه متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات والخبرة بين كل من الاثنين عند التعيين" وما عول عليه القرار المطعون فيه واستظهره وانتهى إليه من ذلك لا مخالفة فيه للقانون ولا ينطوي على قصور يعيبه إذ ليست العبرة بالتمييز بين طوائف العمال وبيان أوجهه ولكن بتوافر مبرراته ودواعيه أو عدم توافرها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن من بين طلبات النقابة إلزام الشركة بإعداد مساكن صحية للعمال المصريين لأن المنازل التي خصصتها لهم غير ملائمة للسكني ولا تتوافر فيها الشروط الصحية ومع أن هيئة التحكيم تحققت من صحة هذا الطلب بالمعاينة التي أجرتها بتاريخ 14/ 1/ 1959 وثبت فيها أن المساكن في حاجة ماسة إلى عناية الشركة واهتمامها وفتح دورات المياه حتى لا تترك دون رعاية أو إصلاح الأمر الذي يضر بصحة العمال وأسرهم إلا أنها لم تلزم الشركة بشيء من ذلك وانتهت في قرارها إلى أنها "تهيب بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلمبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله" وهي عبارة غير ملزمة ولا يعرفها القانون وتستوي في النتيجة مع رفض الطلب وهو ما يتعين معه نقض القرار المطعون فيه لمخالفته أحكام القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه يتضح من المعاينة التي تمت في 14 يناير سنة 1959 أن المساكن في حاجة ماسة إلى عناية الشركة واهتمامها وتزويد القاطنين بها بالمياه وفتح دورات المياه ليتردد عليه سكان العزب المقامة على أرض الشركة حتى لا تترك هذه الأماكن دون رعاية أو إصلاح الأمر الذي يضر بصحة العمال وأسرهم وأن الشركة وقد أقامت هذه المساكن فلا أقل من أن توليها العناية اللازمة للمحافظة عليها وأن تجعلها صالحة للسكن وأنه لما تقدم ولما وضح من المعاينة تهيب الهيئة بالشركة أن تسهل على عمالها سكنى هذه المساكن على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلمبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله، وهذا الذي انتهى إليه القرار ولا يخرج مخرج الإلزام ولا تنحسم به الخصومة وفي ذلك ما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن النقابة طلبت إيجاد وسيلة من وسائل النقل (سيارة أو جرار لنقل العمال على نفقة الشركة) وقد حقق مكتب العمل هذا الطلب وضمن تقريره المؤرخ 28/ 5/ 1958 أن الشركة كانت تقوم بتهيئة وسائل النقل لعمالها دون مقابل واكتسبوا حقاً في ذلك، وقضى القرار المطعون فيه برفضه استناداً إلى أن النقابة لم تدلل على قيام هذا الحق للعمال وأنه أصبح حقاً مكتسباً لهم، وهذا من القرار المطعون فيه قصور في أسبابه الواقعية إذ ينقضه تقرير مكتب عمل دمنهور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده القرار المطعون فيه من أن النقابة "لم تدلل على قيام هذا الحق" وأنه لا إلزام بإيجاد هذه الوسيلة من وسائل النقل "ولم تقدم النقابة تقرير مكتب العمل التي استندت إليه ومن ثم فهو عار من الدليل".
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن القرار المطعون فيه قضى برفض طلب النقابة تحديد وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي استناداً إلى أن هذا التصنيف ليس من وظيفة هيئة التحكيم وهو منوط بإدارة التصنيف والتحليل المهني التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وهذا الذي أقيم عليه القرار مخالف لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 التي تجعل هيئة التحكيم هي المختصة دون غيرها بالنظر والفصل فيه واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بعدم اختصاص الهيئة بهذا الطلب على أن "الهيئة ليس من وظيفتها أن توضح وتبين وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي لأنه يجب أن تتوافر فيمن يقوم بهذا التصنيف الكفاية العلمية والدراية اللازمة بكل عمل على حدة وبيان ما إذا كان زراعياً أو صناعياً، لذلك لا تكون هيئة التحكيم هي الجهة المختصة بنظر مثل هذا الطلب إذ توجد بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل إدارة خاصة بالتصنيف والتحليل المهني وعلى النقابة أن تلجأ إليها لمعرفة طبيعة عمل كل عامل بالشركة لتعيين من هو عامل الزراعة من غيره، وهذا الذي استند إليه القرار لا مخالفة فيه للقانون إذ أن تصنيف الوظائف من سلطة رب العمل التنظيمية أو الجهات الإدارية المختصة على حسب الأحوال وطلب النقابة تصنيف الوظائف بالشركة لا ينطوي على "نزاع خاص بالعمل أو بشروطه" تختص هيئة التحكيم ابتداء بالنظر فيه.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن النقابة الطاعنة طلبت تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على جميع العمال، وقضى القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب بالنسبة لعمال الزراعة، وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن الشركة تجارية، وإذ كانت المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية قد استثنت من نطاق تطبيقه العمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة فهي تقصد بذلك العمال الذين يشتغلون في الزراعة لحساب الأفراد المزارعين أو لحساب المؤسسات أو الشركات الزراعية، أما من يشتغل لحساب شركة تجارية فتسري عليه أحكامه أياً كان نوع العمل الذي يزاوله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نص في المادة الثانية منه على أن يستثنى من نطاق أحكامه "العمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة إلا فيما يرد به نص خاص" إلا أنه عاد في المادة 19 الواردة في الفصل الأول من الباب الثالث بشأن تأمين إصابات العمل فنص على أن "تسري أحكام هذا الفصل على عمال الزراعة المشتغلين في آلات ميكانيكية أو المعرضين لأحد الأمراض المهنية بالجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون" وهو بذلك يكن قد أوجب التأمين على إصابات العمل بالنسبة لطوائف معينة من عمال الزراعة، وإذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى به في قضائه على رفض تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون 92 لسنة 1959 على عمال الزراعة - وإن كانوا يعملون بآلات ميكانيكية - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن النقابة طلبت اعتبار السائقين الذين يعملون لدى أشخاص تدعى الشركة أنهم مقاولون عمالاً في الشركة ومع استجابة القرار المطعون فيه لهذا الطلب في سياق أسبابه إلا أنه عاد فقضي في منطوقه "باعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها" وهو تناقض ومخالفة لأحكام القانون إذ أن القيد في دفاتر الشركة أمر تملكه وحدها ومن قيد في دفاترها من هؤلاء السائقين ومن لم يقيد يعتبر عاملاً لديها طالما أنه يشتغل لحسابها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بينما طلبت النقابة اعتبار السائقين المقيدة أسماؤهم لدى مقاول الشركة عمالاً بها وقطع القرار في أسبابه بأنه يتعين إجابة هذا الطلب إلا أنه عاد فقضي في منطوقه "باعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها" وهو تناقض وقضاء من الهيئة فيما لم يطلب منها ولم يقم نزاع بشأنه.
وحيث إن حاصل السبب الثامن من أن القرار المطعون فيه رفض طلب النقابة بشأن المطعم استناداً إلى أن القانون لا يلزم الشركة إنشاء مطعم للعمال لأنها لا تقع في منطقة بعيدة عن العمران وهو قصور في التسبيب ومخالفة للقانون، إذ الثابت في مذكرات النقابة ومن تقرير مكتب العمل أنها لم تطلب إنشاء مطعم ولكن طلبت إعادة بناء المطعم الذي سبق أن أنشأته الشركة بناء على اتفاق تم بينها وبين مدير تفتيش العمل وأصبح حقاً مكتسباً للعمال وبذلك تكون هيئة التحكيم قد فصلت في الطلب دون الرجوع للأوراق بما انبنى عليه إغفال دفاعها وبالتالي مخالفة أحكام المادة 50 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والمادة 6 من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1959.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنة لم تقدم الأوراق التي تستند إليها في تأييده ومن ثم فهو عار عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب التاسع أنه في خصوص طلب النقابة إنشاء مستشفى لعلاج العمال وإجراء كافة العمليات الجراحية قضى القرار المطعون فيه بإلزام الشركة بتنفيذ أحكام القانون المنصوص عليها في المادة 65 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وفي صدد تحديد عدد العمال اللازم توافرهم لإنشائه أحال إلى المقيدين منهم في سجلات الشركة، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن القيد في سجلات الشركة أمر تملكه وحدها وكان يتعين على هيئة التحكيم أن تندب خبيراً لحصرهم واعتبار كل من تستخدمه الشركة عاملاً بها سواء كان مقيداً في سجلاتها أو غير مقيد، وأحالت في ذلك إلى تقرير مكتب عمل دمنهور المؤرخ 28/ 5/ 1958 وقد جاء فيه "وترى أنه إذا أضيف عمال المقاولين وهو يؤدون أعمالاً مستمرة ومن صميم عمل الشركة إلى عدد العمال التابعين للشركة يصل العدد إلى خمسمائة عامل وبهذا يكون للعمال الحق قانوناً في طلبهم سالف الذكر".
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القرار المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "المادة 65 من قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 نصت على وسائل الرعاية الطبية والصحية للعمال" وأنه "لا خلاف بين الشركة والنقابة في شأن هذه الرعاية الطبية فيلزم إعمال أحكام القانون في هذه الحالة وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للعمال تطبيقاً للقانون" وأنه "لهذه الأسباب تلزم الشركة بتنفيذ أحكام القانون المنصوص عليها في المادة 65 منه وذلك بالرجوع إلى العدد الحقيقي للعمال المقيدين بسجلات الشركة" وهذا الذي أقيم عليه القرار لا مخالفة فيه للقانون.
(1) راجع نقض 22/ 12/ 1960 الطعن رقم 296 س 26 ق السنة 11 ص 661.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق