الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 مارس 2023

الطعن 589 لسنة 35 ق جلسة 24 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 51 ص 318

جلسة 24 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(51)
الطعن رقم 589 لسنة 35 القضائية

(أ) إفلاس "التوقف عن الدفع".
التوقف عن الدفع. هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر مما يعرض حقوق الدائنين للخطر. مجرد امتناع التاجر عن دفع ديونه. لا يعد توقفاً بالمعنى المذكور.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". نقض. "سلطة محكمة النقض". إفلاس.
وجوب بيان الحكم للوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع. التكييف القانوني لهذه الوقائع يخضع لرقابة محكمة النقض.

---------------
1 - التوقف عن الدفع المقصود في المادة 195 من قانون التجارة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه إلى خطر محقق أو كبير الاحتمال. ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه، إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع، وقد يكون لمنازعته في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو اقتضائه لسبب من أسباب الانقضاء.
2 - يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها - الصادر بالإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس. فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يبين الأسباب التي استند إليها في ذلك مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك القاهرة - المطعون عليه الأول - أقام الدعوى رقم 191 سنة 1964 إفلاس القاهرة ضد الطاعن طلب فيها الحكم بإشهار إفلاسه وتحديد يوم 19/ 6/ 1962 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع. وقال شرحاً لدعواه إنه يداين الطاعن وهو تاجر في مبلغ 288 ج و290 مليم بموجب ثلاث سندات إذنية مظهرة لأمر البنك تظهيراً ناقلاً للملكية، (أولها) قيمته 70 ج مستحق الأداء في 17/ 6/ 1962 وحرر عنه احتجاج عدم الدفع في 19/ 6/ 1962، (وثانيها) قيمته 91 ج و650 م مستحق الأداء في 6/ 8/ 1962 وحرر عنه احتجاج عدم الدفع في 7/ 8/ 1962، (وثالثها) قيمته 84 ج و300 م مستحق الأداء في 6/ 7/ 1962 وحرر عنه احتجاج عدم الدفع في 7/ 7/ 1962، وأن البنك استصدر بهذه السندات أوامر أداء أعلنت للطاعن في 17/ 10/ 1962 و10/ 11/ 1962 و20/ 11/ 1962 على التوالي، وإذ يعتبر الطاعن في حالة توقف عن الدفع لعدم سداد دين البنك، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. رد الطاعن بأن السندات الإذنية موضوع الدين الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس مزورة عليه وبأنه رفع دعوى تزوير أصلية برد وبطلان هذه السندات. وبتاريخ 24/ 2/ 1965 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف البنك المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 206 سنة 82 ق تجاري القاهرة. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 25/ 10/ 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 7/ 7/ 1962 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع وبتعيين المطعون عليه الثاني وكيلاً للدائنين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإشهار إفلاسه تأسيساً على أن امتناعه عن دفع دين البنك ومقداره 288 ج و290 مليماً يعتبر توقفاً عن الدفع بالمعنى الذي يتطلبه القانون لإشهار الإفلاس، هذا في حين أن التوقف عن الدفع كشرط لإشهار الإفلاس ليس مجرد الامتناع عن دفع الدين وإنما يجب أن يكشف الامتناع عن الدفع عن مركز مالي مضطرب وائتمان منهار. وإذ لم يعن الحكم ببحث شرط التوقف بالمعنى سالف البيان واكتفى بتحصيل امتناع الطاعن عن سداد دين البنك للقول بتوقفه عن الدفع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 195 من قانون التجارة الواردة في باب الإفلاس تنص على أنه "كل تاجر وقف عن دفع ديونه يعتبر في حالة الإفلاس ويلزم إشهار إفلاسه بحكم يصدر بذلك" وكان التوقف عن الدفع المقصود في هذه المادة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه إلى خطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه، إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع، وقد يكون لمنازعته في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء. ولما كان على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع بالمعنى المشار إليه هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس. وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص ما يلي "وبما أنه لما كان الدين تجارياً لثبوته بسندات إذنية ثابت بها أن قيمتها ثمن بضاعة، وقد توقف المستأنف عليه - المطعون عليه - عن سداد قيمة الدين الثابت بهذه السندات والصادر بموجبها أوامر الأداء السالف الإشارة إليها، فمن ثم يكون المستأنف عليه متوقفاً عن الدفع بالمعنى الذي قصده المشرع وعناه في حكم المادة 195 من القانون التجاري، ويتعين لذلك إلغاء الحكم المستأنف والحكم بإشهار إفلاسه" وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه اتخذ من مجرد امتناع الطاعن عن سداد دين البنك دليلاً على توقفه عن الدفع دون أن يبين إن كان هذا التوقف ينبئ عن اضطراب خطير في حالة المدين المالية وتزعزع ائتمانه والأسباب التي يستند إليها في ذلك، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق