جلسة 9 من إبريل سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.
-------------
(85)
الطعن رقم 400 لسنة 29 القضائية
( أ ) إفلاس. "التوقف عن الدفع". "المنازعة الجدية في الدين".
الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه. شرطه، خلوه من النزاع. على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس فحص جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها.
(ب) إفلاس "غل يد المفلس".
غل يد المفلس على أن يوفي ديونه بنفسه. شرطه، صدور حكم نهائي بالإفلاس. للمحكوم ابتدائياً بشهر إفلاسه أن يزيل حالة التوقف عن الدفع إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف المرفوع منه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 294 سنة 28 تجاري كلي إفلاس القاهرة بطلب الحكم بشهر إفلاس شركة مقلة التحرير وإفلاس الطاعنين باعتبارهما الشريكين المتضامنين فيها، وقد أسس دعواه على أنه يداين الشركة المذكورة وصاحبها في مبلغ 500 ج بمقتضى سند إذني مؤرخ 3/ 4/ 1958 ومستحق الأداء في 1/ 5/ 1958 ومؤجل إلى 31/ 5/ 1958 وعمل عنه محضر احتجاج في 21/ 6/ 1958 وأن الطاعنين قد وقفا عن الوفاء بهذا الدين ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى قرر الطاعن الأول أن الإمضاء المنسوب صدوره إليه على السند مزور، وقدم شواهد التزوير، وبعد أن أجرت المحكمة المذكورة المضاهاة بين توقيع الطاعن الأول على بطاقته الشخصية والتوقيع المنسوب إليه على السند، حكمت بجلسة 14/ 3/ 1959: أولاً - بقبول الإدعاء بالتزوير شكلاً ورفضه موضوعاً وبصحة السند المؤرخ 3/ 4/ 1958 المطعون فيه وألزمت الطاعن الأول مصاريف هذا الإدعاء مع تغريمه 25 ج للخزانة. ثانياً - بشهر إفلاس شركة مقلة التحرير والشريكين المتضامنين فيها واعتبار يوم 22/ 6/ 1958 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 154 سنة 76 ق القاهرة وبتاريخ 26 مايو سنة 1959 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض في 13 يونيه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية التجارية، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لهذا القرار حدد لنظر الطعن جلسة 16/ 3/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه يجب للحكم بإفلاس المدين أن يكون الدين خالياً من النزاع، وقد طعن الطاعنان في سند الدين بالتزوير وطلبا ندب خبير لتحقيق ذلك، وكان على محكمة الاستئناف وقد رفضت هذا الطلب أن تتحقق من مدى جدية هذا الطعن وأن تبين الأدلة التي استندت إليها في تكوين عقيدتها بصحة السند ولكنها لم تفعل شيئاً من ذلك واكتفت بالقول بأنه لا تثريب على محكمة أول درجة إذا هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير الدعوى، وهذا القول ليس فيه ما يفيد أن محكمة الاستئناف قد محصت السند بنفسها أو أنها استعملت سلطتها في مراقبة الحكم الابتدائي واطمأنت إلى عملية المضاهاة التي أجرتها المحكمة الابتدائية وفي هذا ما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس أن تفحص جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد نازعا في صحة الدين، طاعنين في سنده بالتزوير، وطلباً تحقيق هذا الإدعاء، وقد رد الحكم على ذلك بأنه لا تثريب على محكمة الدرجة الأولى إذ هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير في الدعوى لبحث أدلة التزوير. وهذا الذي قرره الحكم لا يفيد أن محكمة الاستئناف بحثت مدى جدية المنازعة في صحة سند الدين وإنما اكتفت بتقرير سلطة المحكمة الابتدائية في إجراء المضاهاة بنفسها، دون أن تعمل هي رقابتها الموضوعية على المضاهاة التي أجرتها محكمة الدرجة الأولى وتقول كلمتها فيها وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف لم تبحث المنازعة التي أثارها الطاعنان في شأن هذا الدين لتقدير مبلغ الجد فيها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان أيضاً على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب، وذلك أنه عند نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف بجلسة 7/ 4/ 1959 أبدى الطاعنان استعدادهما لإيداع المبلغ المدعى بتوقفهما عن دفعه ومقداره 500 ج على ذمة الفصل في صحة الدين وقد وافق المطعون ضده الأول على ذلك أن يخصص له المبلغ المودع كما قرر السنديك بأنه لم يتقدم له دائنون آخرون في التفليسة لا قبل النشر ولا بعده، فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 27/ 4/ 1959 وصرحت للطاعنين بإيداع المبلغ، وقام الطاعن الأول بإيداعه فعلاً، ورغم ذلك فإن المحكمة لم تعرض في أسباب حكمها لهذا الإيداع وقضت بتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن حالة الإفلاس التي تغل يد المفلس على أن يوفي ديونه بنفسه لا تتقرر إلا بالحكم النهائي الصادر بشهر الإفلاس، وعلى ذلك يجوز للمحكوم ابتدائياً بشهر إفلاسه أن يزيل حالة التوقف التي انتابته إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف المرفوع منه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين أبديا بجلسة 20/ 4/ 1959 استعدادهما لإيداع المبلغ المدعى بتوقفهما عن دفعة خزانة المحكمة على ذمة الفصل في الدين، ووافقهما المطعون ضده الأول على ذلك أن يخصص له هذا المبلغ على ذمة الفصل في الاستئناف، وقرر السنديك أنه لم يتقدم له في التفليسة دائنون آخرون للطاعنين وقد تم هذا الإيداع فعلاً خزانة محكمة استئناف القاهرة في 22/ 4/ 1959 وذكر في محضر الإيداع أن للمطعون ضده الأول صرف المبلغ المذكور إذ قضى لصالحه في الاستئناف بصحة سند الدين لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف لم تبحث أثر هذا الإيداع وما إذا كان من شأنه أن يزيل حالة التوقف عن الدفع بالنسبة للطاعنين أم لا، فإن حكمها يكون قد شابه قصور في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 28/ 4/ 1962 الطعن 362 س 26 ق السنة 13 ص 528، 18/ 5/ 1961 الطعن 180 س 26 ق، 2/ 2/ 1961 الطعن 622 س 25 ق السنة 12 ص 489، 106.
(2) راجع نقض 9/ 12/ 1948 الطعن 17 ص 17 ق مجموعة 25 سنة جزء 1 ص 243.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق