(100)
جلسة 5 من مارس سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د.عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ود. محمد كمال الدين منير أحمد, ومحمد أحمد محمود محمد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3654 لسنة 47 قضائية. عليا:
أملاك الدولة الخاصة - قواعد التصرف فيها - السلطة المختصة بتقدير الثمن، ورقابة القضاء على ذلك.
ناط المشرع بوحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها سلطة الإدارة والاستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة، وناط بالمحافظ المختص سلطة وضع قواعد التصرف في هذه الأراضي بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في ضوء القواعد العامة التي يضعها مجلس الوزراء - لذوي الشأن التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية، وتحال هذه الطلبات لنظرها بمعرفة لجنة التظلمات، ولا يكون قرارها نهائيًا إلا بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة ثم اعتماده من المحافظ - القول بأن السلطة المختصة في إجراء البيع وتحديد الثمن من عدمه سلطة جوازية لأن عقد البيع من العقود الرضائية وبالتالي لا يجوز للقضاء التدخل في تحديد الثمن في هذا العقد ولا محل لتقديره إلا باتفاق الطرفين، هذا القول يتعارض مع حق ذوي الشأن في اللجوء إلى القضاء إذا ما تعسفت الجهة الإدارية في تقدير الثمن – تطبيق.
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 2/ 1/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبًا عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن، قيد في جدولها بالرقم عاليه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 1063 لسنة 6 ق، بجلسة 22/ 11/ 2000 والقاضي في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير سعر المتر من الأرض محل الدعوى بما يزيد على 250 جنيهًا (مائتان وخمسون جنيهًا) وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر:
أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ثانيًا: بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار الطعين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية والمطعون ضده الأول المصروفات مناصفة.
وعينت جلسة 17/ 2/ 2003 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وتداولت نظره بالجلسات، على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/ 4/ 2004 قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 22/ 5/ 2004 حيث نظرته على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/ 12/ 2004 قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات في شهر.
وبجلسة: اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أحمد محمد أبو طالب, كان قد أقام - بداءة - الدعوى المطعون على حكمها أمام محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 21/ 12/ 1994. حيث كان قد قيدت بجدولها العام برقم 1282 سنة 1994م. ك سوهاج، بطلب الحكم بندب خبير تكون مهمته إعادة تقدير سعر المتر المربع، وتخفيضه لحالات المثل، والقضاء بما يقدره الخبير في تقريره لتلك المساحة الكائنة بشارع أسيوط بسوهاج عن طريق الشراء بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ بينه وبين المدعى عليهما الرابع والخامس (محمد محمد السيد سعد الشاذلي, وآمنة عوض أحمد).
وذكر - شرحًا لدعواه أنه ورد إليه خطاب من مديرية الإسكان والمرافق - إدارة الأملاك بمحافظة سوهاج، متضمنًا أن الأرض المقام عليها منزله الواقع بشارع أسيوط بسوهاج من الواجهة الغربية مملوكة للدولة ومساحتها 97.17 مترًا مربعًا ضمن أرض مخلفات ترعة الطهطا، وأنه تم تحديد سعر المتر بمعرفة اللجان القانونية بواقع 300 جنيه للمتر وأنه سبق أن اشترى هذه المساحة من المدعى عليهما الرابع والخامس، وأن سعر المتر في هذه الأرض لا يتعدى 25 جنيهًا، الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى، وبجلسة 21/ 4/ 1995 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط، وأبقت الفصل في المصروفات، حيث قيدت الدعوى برقمها الذي صدر به الحكم المطعون فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها، ونظرت المحكمة الدعوى، وبجلسة 8/ 2/ 1998 حكمت بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج ليندب بدوره أحد خبرائه المتخصصين لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم.
وبجلسة 22/ 11/ 2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن لجنة التقدير الابتدائية قامت بتقدير سعر متر الأرض محل النزاع بمبلغ 300 جنيه وقد وافقها على هذا التقدير لجنة التقدير العليا بتاريخ 21/ 10/ 1991 واعتمد هذا التقرير من محافظ سوهاج في 13/ 11/ 1991 وكان هذا التقدير طبقًا للضوابط والمعايير الواردة بقرار محافظ سوهاج المشار إليه، إلا أنه ولما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن سعر المتر المسطح من الأرض محل النزاع طبقًا لحالات المثل ووفقًا للضوابط المبينة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 يقدر بمائتين وخمسين جنيهًا، وأن المحكمة تطمئن إلى تقدير الخبير المنتدب في الدعوى وتأخذ به محمولاً على أسبابه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك بتقدير سعر المتر لمسطح أرض التداعي بواقع 250 جنيهًا للمتر، ويتعين تبعًا لذلك تحديد مستحقات جهة الإدارة قبل المدعي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لقيامه بتقدير الأرض المملوكة للدولة على ضوء ما انتهى إليه تقرير الخبير في الدعوى عند التصرف فيها لواضع اليد عليها بالمخالفة للقواعد القانونية وما استقرت عليه أحكام القضاء وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن والذي تحيل إليه المحكمة منعًا من التكرار.
ومن حيث إن الثابت في يقين المحكمة أن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من أن تقدير الأرض تم وفقًا للضوابط والمعايير المقررة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 ولم يشذ عما تواترت عليه أحكام القضاء في هذا المضمار من أن المشرع ناط بوحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها سلطة الإدارة والاستغلال والتصرف في الأرض المعدة للبناء المملوكة للدولة وأنه ناط بالمحافظ المختص سلطة وضع قواعد التصرف في هذه الأرض بعد الحصول على موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وفي ضوء القواعد العامة التي يضعها مجلس الوزراء، كما وأن لذوي الشأن التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية وتحال هذه الطلبات لنظرها بمعرفة لجنة التظلمات .. ولا يكون قرارها نهائياً إلا بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة ثم اعتماده من المحافظ - بيد أن الحكم المطعون فيه ارتكن على ما جاء بتقرير الخبير من أن ثمن المتر المسطح من الأرض محل النزاع طبقًا لحالات المثل ووفقًا للضوابط المبينة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 يقدر بمائتين وخمسين جنيهًا، وتلك مسألة فنية تخضع لمطلق تقدير المحكمة، ما دام أن هذا التقدير لم تشبه شائبة، كما أن الجهة الإدارية الطاعنة ذاتها لم تدحض ما جاء بتقرير الخبير بأسباب من شأنها أن تنال من سلامة الحكم المطعون فيه الأمر الذي يغدو معه طعنها. وقد افتقر سنده من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض، وهو ما تقضي به المحكمة.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ساقته جهة الإدارة في تقرير طعنها من أن السلطة في إجراء البيع وتحديد الثمن من عدمه هي سلطة جوازية حسبما جاء بنصوص القوانين وأن مرجع ذلك أن عقد البيع من العقود الرضائية وبالتالي فلا يجوز قانونًا للقضاء التدخل في تحديد الثمن في هذا العقد لأنه لا محل لتقديره إلا باتفاق الطرفين ذلك أن مثل هذا القول يتعارض مع ما أجازه المشرع لذي الشأن من التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية للجهة الإدارية دون الوقوف على التقدير الذي تم تحديده بداءة، كما أنه يتعارض مع حق ذوي الشأن في اللجوء إلى القضاء إذا ما تعسفت الجهة الإدارية في تقدير هذا الثمن دون أن يحاج في ذلك بأن عقد البيع من العقود الرضائية ما دامت جهة الإدارة قد أفصحت عن نيتها في البيع فعلاً وفقاً لقواعد معينة إذا ما ثبت أن هذه القواعد قد خولفت في حالات المثل شأن الطعن الماثل على نحو ما أورده الخبير.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق