جلسة 30 من إبريل سنة 1964
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.
--------------
(95)
الطعن رقم 352 لسنة 29 القضائية
(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "موانع الطعن". دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "ترك الخصومة".
منع المحكوم له من الطعن فيما قضى له به الحكم من طلباته. قضاء الحكم للطاعن بما طلبه من ترك مخاصمته لأحد الخصوم. عدم جواز طعنه على قضاء الحكم في هذا الخصوص.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "ترك الخصومة". بطلان.
التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام القانون الخاصة بترك الخصومة، عدم قبوله إلا ممن شرع هذا البطلان لمصلحته وهو من قبلت المحكمة ترك مخاصمته على خلاف ما تقضى به هذه الأحكام.
(جـ) تنفيذ عقاري. "دعوى الاستحقاق الفرعية". "الخصوم فيها". استئناف. دعوى.
اختصام أشخاص معينين في دعوى الاستحقاق الفرعية. الخلاف على الجزاء الذي يترتب على عدم اختصام أحدهم. مجاله عند رفع الدعوى ابتداه. رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة باعتبارها دعوى استحقاق فرعية اختصم فيها جميع من توجب المادة 705 مرافعات اختصامهم وترتب عليها فعلاً وقف إجراءات البيع. لزوم اختصام هؤلاء في الاستئناف الذي يرفع عن الحكم الصادر في موضوع هذه الدعوى. إغفال اختصام أحدهم في الاستئناف يترتب عليه عدم قبول الاستئناف برمته.
(د) تنفيذ عقاري. "دعوى الاستحقاق الفرعية". استئناف. "حدوده". دعوى. "تكييف الدعوى".
رفع الدعوى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية وترتب عليها وقف إجراءات البيع. لا يقبل تغيير طبيعتها في الاستئناف واعتبارها دعوى استحقاق أصلية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أنه بعريضة معلنة في 12، 13 من فبراير و14 من مارس سنة 1955 أقام الطاعن الدعوى رقم 145 سنة 1955 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم طلب فيها الحكم: أولاً - بإيقاف البيع المحدد له يوم 16 من مارس سنة 1955 في القضية البيع رقم 62 سنة 1954 كلي المنصورة. ثانياً - باستحقاقه للأطيان المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وبإلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو جميع القيود والتسجيلات المشهرة على الأطيان المذكورة - وقال في بيان دعواه أن المطعون عليه الأول اتخذ إجراءات نزع ملكية 8 ف و6 ط و10 س بزمام بلدة غرور مركز السنبلاوين باعتبارها مملوكة لمدينة المطعون عليه الثاني وذلك في الدعوى رقم 62 سنة 1954 بيوع كلي المنصورة وتحدد لبيع هذه الأطيان أمام قاضي البيوع يوم 16 من مارس سنة 1955 وأنه لما كان يمتلك الأطيان المذكورة بعقد بيع صادر إليه من المطعون عليه الثاني ومسجل في 18 من يناير سنة 1954 فقد أقام الدعوى بطلباته السابقة واختصم فيها المطعون عليهم الثلاثة الأول باعتباره مباشراً للإجراءات والثاني بصفته مديناً والثالث بوصفه أول الدائنين المقيدين على العقار الجاري التنفيذ عليه - وبتاريخ 28 من مارس سنة 1955 قضت المحكمة بوقف إجراءات البيع ثم حكمت في 23 من يناير سنة 1956 برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على عدم نفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني (المدين) للطاعن في حق دائني البائع لتوافر شروط الدعوى البوليسية - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالباً الحكم بإلغائه والحكم له بطلباته السابقة وقيد استئنافه برقم 106 سنة 8 ق وبجلسة 12 من مايو سنة 1957 قرر الطاعن بنزوله عن مخاصمة المطعون عليه الثالث وذكر أنه تصالح مع المطعون عليهما الأول (الدائن مباشر الإجراءات) والثاني (المدين) وقدم للمحكمة عقد صلح موقعاً عليه منه ومن المطعون عليهما المذكورين يتضمن إقرار المطعون عليه الأول بتخالصه عن دينه المنفذ به وبتنازله عن الحكم الصادر له بهذا الدين وعن إجراءات التنفيذ والبيع المتخذة في قضية البيع رقم 62 سنة 1954 سالفة الذكر وبتنازله أيضاً عن التمسك بالحكم المستأنف وقبوله إلغاء هذا الحكم واعتباره كأن لم يكن وتعهده بعدم منازعة الطاعن في طلباته الواردة بصحيفة الاستئناف - وقد اعترض المطعون عليه الثالث على ترك مخاصمته كما عارض في قبول الصلح المقدم عقده استناداً إلى أنه لم يستوف دينه وأن من حقه باعتباره أول الدائنين المقيدين وله حق امتياز البائع على الأطيان المنفذ عليها أن يستمر في إجراءات التنفيذ لأنه طرف فيها وذكر أن الطاعن قصد بذلك الصلح أن يحول بينه وبين استعمال حقه هذا - وبجلسة 5 إبريل سنة 1959 حكمت المحكمة: أولاً - بإثبات ترك المستأنف (الطاعن) خصومته قبل المستأنف عليه الثالث (المطعون عليه الثالث). ثانياً - بعد قبول الاستئناف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بما جاء في مذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 27 من فبراير سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه حاصل أولها أن محكمة الاستئناف قضت بإثبات ترك الخصومة في الاستئناف قبل المطعون عليه الثالث رغم اعتراض هذا الأخير واعتمدت في قضائها بذلك على أن ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك على اعتبار أن الحكم الابتدائي أعلن إلى الطاعن في 18 من مارس سنة 1956 وأن المادة 414 مرافعات تقضي بقبول ترك الخصومة في الاستئناف في جميع الأحوال إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك هذا في حين أن الحكم الابتدائي أعلن للطاعن من المطعون عليه الأول وحده ولم يعلن إليه من المطعون عليه الثالث وبذلك كان ميعاد الاستئناف ما زال مفتوحاً له قبل المطعون عليه المذكور ويكون الحكم إذ اعتبر أن ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك وأعمل حكم المادة 414 مرافعات قد أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى - ويقول الطاعن في بيان الوجه الثاني إن محكمة الاستئناف رتبت على قضائها بإثبات ترك الطاعن خصومته قبل المطعون عليه الثالث الحكم بعدم قبول الاستئناف على أساس أن المطعون عليه وهو أول الدائنين المقيدين يعتبر بعد ترك الخصومة قبله غير مختصم في الدعوى مع أن اختصامه في دعوى الاستحقاق الفرعية واجب في جميع مراحلها طبقاً للمادة 705 مرافعات - وفات المحكمة أن القانون لم يرتب على عدم اختصام أي من الخصوم الذين ورد ذكرهم في هذه المادة اعتبار الدعوى غير مقبولة وإنما كل ما يترتب عليه هو اعتبارها دعوى استحقاق عادية لا توقف البيع - ويتحصل الوجه الثالث من هذا السبب في أن المطعون عليه الثالث ليس أول الدائنين المقيدين كما ذهبت إلى ذلك محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه بل يوجد دائنون سابقون عليه ومن ثم فلم يكن اختصامه في الاستئناف لازماً.
وحيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بأنه: أولاً - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بما طلبه من قبول ترك مخاصمته للمطعون عليه الثالث فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يطعن في قضاء الحكم في هذا الخصوص لأنه يمتنع قانوناً على من حكم له بطلب من طلباته أن يطعن في قضاء الحكم بإجابة هذا الطلب. ثانياً - إن التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام القانون الخاصة بترك الخصومة لا يقبل إلا ممن شرع هذا البطلان لمصلحتهم وهم من قبلت المحكمة ترك مخاصمتهم على خلاف ما تقضى به هذه الأحكام وإذ كان الطاعن ليس من بين هؤلاء فإن نعيه على الحكم ببطلان الإجراءات في هذا الخصوص يكون غير مقبول - والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه وإن اختلف الرأي على الجزاء الذي يترتب على عدم اختصام أحد الأشخاص الذين أوجبت المادة 705 مرافعات اختصامهم في دعوى الاستحقاق الفرعية إلا أن مجال هذا الخلاف هو عند رفع الدعوى ابتداء أما إذا كانت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الدرجة الأولى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية مستوفية الشرائط التي يتطلبها القانون في هذه الدعوى واختصم فيها جميع من توجب المادة 705 من قانون المرافعات اختصامهم فيها وترتب عليها فعلاً وقف إجراءات البيع - وهو ما قضت به المحكمة الابتدائية في الدعوى التي رفعها الطاعن - فإن اختصام هؤلاء يكون لازماً في الاستئناف الذي يرفع عن الحكم الصادر في موضوع هذه الدعوى ويترتب على إغفال اختصام أحدهم في المرحلة الاستئنافية عدم قبول الاستئناف برمته طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص الدعاوي التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها - ذلك أنه في هذا الفرض لا تستقيم حجة القائلين بأن يكون جزاء عدم الاختصام هو اعتبار الدعوى من دعاوى الاستحقاق الأصلية التي لا توقف إجراءات البيع لأن هذا الإيقاف قد ترتب فعلاً على رفع الدعوى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية فلا يتأتى بعد ذلك تغيير طبيعتها في المرحلة الاستئنافية واعتبارها من دعاوى الاستحقاق الأصلية التي لا توقف البيع ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف بعد أن ترك الطاعن الخصومة قبل المطعون عليه الثالث الذي كان مختصماً في المرحلة الابتدائية باعتباره أول الدائنين المقيدين لا يكون مخالفاً للقانون - والنعي مردود في وجهه الثالث بأن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من أن المطعون عليه الثالث ليس أول الدائنين المقيدين هو دفاع يخالطه واقع ولم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن اعترض المطعون عليه الثالث على الصلح وعلى ترك مخاصمته عاد الطاعن وطلب في مذكرته الختامية المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودع صورتها بملف هذا الطعن الفصل في موضوع الاستئناف والحكم له بطلباته الواردة بصحيفة الاستئناف لكن المحكمة أغفلت هذا الطلب ولم ترد عليه مما يعتبر قصوراً يعيب حكمها ويبطله - ويضيف الطاعن أنه ناقش في هذه المذكرة موضوع الدعوى وأثبت انتفاء شروط الدعوى البوليسية التي أسس الحكم الابتدائي قضاءه برفض الدعوى على توافرها ولكن المحكمة لم تلتفت لهذا الدفاع ولم تتعرض له في حكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الصورة الرسمية للمذكرة التي أشار إليها الطاعن في سبب النعي أنها قدمت لجلسة 8 من مارس سنة 1959 وقد صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 5 من إبريل سنة 1959 وورد في بياناته أن الحاضر عن المستأنف (الطاعن) قرر بهذه الجلسة الأخيرة بتنازله عن مخاصمة المستأنف ضده الثالث (المطعون عليه الثالث) وكان الطاعن لم يقدم صورة من محضر الجلسة المذكورة التي صدر فيها الحكم لينفي بها صدور هذا التنازل منه في تلك الجلسة فإن ما ورد في الحكم في هذا الخصوص يعد حجة غير منقوضة على أن الطاعن عاد بعد تقديمه المذكرة سالفة الذكر وقرر بترك مخاصمته للمطعون عليه المذكور وإذ كانت محكمة الاستئناف قد قبلت هذا الترك ورتبت على ذلك اعتبار الاستئناف غير مقبول فإنه لم يكن عليها بعد ذلك أن تناقش ما ورد في المذكرة المشار إليها خاصاً بموضوع الاستئناف.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
(1) تراعى التعديلات التي أدخلها القانون رقم 100 لسنة 1962 بشأن الاستئناف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق