الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 مارس 2023

الطعن 130 لسنة 36 ق جلسة 26 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 145 ص 908

جلسة 26 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-------------

(145)
الطعن رقم 130 لسنة 36 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "تقدير عمل الخبير". نقض. "أسباب الطعن". خبرة.
لمحكمة الموضوع تقدير رأي الخبير ولو في مسألة فنية دون الاستعانة برأي خبير آخر. طلب ندب خبير مرجح. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(ب) عقد. "فسخ العقد". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً" التزام.
الشرط الفاسخ الضمني في العقد. للمدين توقي الفسخ بالوفاء بالدين قبل صدور الحكم النهائي بالفسخ. مناط ذلك. ألا يكون هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن. عدم بيان الحكم وجه الضرر قصور.

--------------
1 - تقدير محكمة الموضوع لعمل الخبير هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يدخل في سلطتها الموضوعية، ولها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير ولو في مسألة فنية دون حاجة إلى الاستعانة برأي خبير آخر، ما دامت هي لم تر لزوماً لاتخاذ هذا الإجراء دون أن يعد ذلك منها إخلالاً بحق الدفاع. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات المحكمة عن القرائن التي ساقها لتبرير طلبه لندب خبير مرجح بين التقريرين المقدمين، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة الموضوعية مما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
2 - إذا كان الحكم قد أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار موضوع النزاع على أساس الشرط الفاسخ الضمني، وكان الفسخ المبنى على هذا الشرط من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن يخول المدين الحق في أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالدين ولو بعد انقضاء الأجل المحدد في العقد، بل وبعد رفع الدعوى بطلب الفسخ، وإلى ما قبل صدور الحكم النهائي فيها، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قام بالوفاء بالمبلغ المحكوم به ابتدائياً أمام محكمة الاستئناف، وهو ما يقوم مانعاً من إجابة طلب الفسخ، ما لم يتبين لمحكمة الموضوع أن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن، وكان الحكم المطعون فيه - الذي أيد الحكم الابتدائي بفسخ العقد - لم يبين وجه الضرر المبرر لعدم اعتبار وفاء الطاعن بالمتبقي من مبلغ الإيجار المحكوم به ابتدائياً مانعاً من الفسخ، وكان ما قرره من إسناد المماطلة والإعنات إلى الطاعن لا يعد بياناً للضرر في هذا الخصوص، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه فيما قضى به من فسخ العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2270 لسنة 62 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد محرر في 12 فبراير سنة 1961 أجر للمطعون ضده 20 فداناً بناحية الريكو مركز حوش عيسى عن سنتي 61 و62 الزراعيتين بإيجار سنوي قدره 600 ج، وإذ تأخر في سداد مبلغ 700 ج من هذا الإيجار فقد أقام الدعوى للمطالبة به وبفسخ عقد الإيجار وتسليمه الأرض المشار إليها، دفع الطاعن الدعوى بأنه سدد جميع الإيجار المطلوب عن تلك الأرض وقدم تأييداً لدفاعه إيصالاً مؤرخاً 13 سبتمبر سنة 1962 موقعاً عليه باسم المطعون ضده أثبت به أن هذا الأخير قبض مبلغ 500 ج الباقي من إيجار الأرض المذكورة عن سنة 1961 ومبلغ 400 ج من أصل إيجار سنة 1962، وادعى المطعون ضده بتزوير التوقيع المنسوب له على ذلك الإيصال. وبتاريخ 30 من إبريل سنة 1963 قضت محكمة أول درجة بندب خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بالإسكندرية لبيان ما إذا كان التوقيع المنسوب للمطعون ضده على الإيصال السالف الذكر صحيحاً أم هو مزور عليه، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع الوارد على الإيصال المقدم من الطاعن مزور على المطعون ضده، واعترض الطاعن على هذا التقرير بقوله إن الخبير لم يقم بمضاهاة توقيعات المطعون ضده على المستندات المعترف بها منه على التوقيع المدعى بتزويره، وقدم تقريراً من خبير استشاري خلص فيه إلى أن التوقيع المدعى بتزويره هو توقيع صحيح للمطعون ضده. وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1963 قضت محكمة أول درجة برد وبطلان الإيصال المدعى بتزويره، ثم قضت بتاريخ 21 يناير سنة 1964 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لتصفية الحساب موضوع النزاع بين الطرفين مع استبعاد المبلغ الوارد بالإيصال المشار إليه. وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن ذمة الطاعن لا تزال مشغولة بمبلغ 183 ج من الإيجار المطالب به عن سنتي 61 و62 الزراعيتين، وبتاريخ 8 يونيه سنة 1965 قضت المحكمة بفسخ عقد الإيجار موضوع النزاع وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 57 ج و500 م وذلك بعد أن قام الطاعن بدفع مبلغ 125 ج و500 م من المبلغ الذي انتهى الخبير إلى مديونيته للمطعون ضده فيه. استأنف الطاعن الحكم الصادر في 5 نوفمبر سنة 1963 برد وبطلان الإيصال المطعون فيه بالتزوير لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 645 سنة 19 ق. كما استأنف الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 8 يونيه سنة 1965 بالاستئناف رقم 421 سنة 21 ق، وضمت المحكمة الاستئنافين ولدى نظرهما عرض الطاعن على المطعون ضده مبلغ 57 ج و500 م المحكوم به ابتدائياً فقبله منه في جلسة 21 ديسمبر سنة 1965. وبتاريخ 7 فبراير سنة 1966 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بتأييد الحكم المستأنف وفي الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 57 ج و500 م وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن في خصوص ما قضى به الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم 645 سنة 19 ق وبنقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه في الاستئناف رقم 421 سنة 21 ق. وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم 645 لسنة 19 ق على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إلى محكمة أول درجة ندب خبير مرجح بين تقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتقرير الخبير الاستشاري الذي قدمه لها، وقد رفضت المحكمة هذا الطلب بحجة أنها تطمئن إلى ما انتهى إليه الخبير الأول في تقريره، وإلى أنه قد استبان لها من مشاهدتها للتوقيع المدعى بتزويره بالعين المجردة أنه يختلف اختلافاً ظاهرياً وجوهرياً في كثير من حروفه عن التوقيعات المقدمة للمضاهاة، وذلك على الرغم من أنه قدم لها وبعد الحكم برد وبطلان الإيصال المدعى بتزويره إيصالاً يفيد قيامه بسداد مبلغ 600 جنيه قيمة الإيجار الذي استحق عليه للمطعون ضده عن سنة 1963 الزراعية، وهو إيصال ما كان المطعون ضده ليوقعه لو لا أنه قبض الإيجار الذي استحق عن السنتين السابقتين بالكامل، بما مؤداه أن التوقيع المدعى بتزويره على إيصال 13 سبتمبر سنة 1961 هو توقيع صحيح للمطعون ضده، ويقول الطاعن إنه رغم تمسكه بهذه القرينة أمام محكمة الاستئناف لتبرير طلبه بندب خبير مرجح، فإن الحكم المطعون فيه تابع محكمة أول درجة في رفض هذا الطلب وأيد قضاءه في هذا الخصوص وهو ما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع والفساد في استدلال.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة في 5 نوفمبر سنة 1963 برد وبطلان الإيصال المؤرخ 17 سبتمبر سنة 1962 أنه بعد أن استعرض الأسس التي قام عليها كل من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والتقرير الاستشاري المقدم من الطاعن، وأثبت مقارنة المحكمة للأدلة التي تضمنها كل منهما، انتهى إلى ترجيح أول هذين التقريرين على الثاني، بناء على ما قام لدى المحكمة من أن الخبير الاستشاري لم يستطع أن يوجه إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أي مطعن جدي ينال من سلامته، وعلى ما استبان لها من مشاهدتها للتوقيع المطعون فيه بالتزوير وتوقيعات المضاهاة والصور الفوتوغرافية المكبرة لهذه التوقيعات من وجود خلاف ظاهري وجوهري بين كثير من حروف التوقيع المطعون فيه ونظائرها في حروف توقيعات المضاهاة في القاعدة الخطية وطريقة تكوين هذه الحروف وطابع اليد الكامن فيها. وإذ أيدتها محكمة الاستئناف في ذلك، وأجابت على طلب الطاعن ندب خبير مرجح بين التقريرين بأنها لا ترى فيما أخذت به محكمة أول درجة من الأخذ بتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير دون تقرير الخبير الاستشاري ما يخرج عن سلطتها في التقدير وأنه لا جناح عليها إن هي كونت عقيدتها بشأن الخلاف بين هذين التقريرين مما تبينته من أوراق الدعوى، وكان تقدير محكمة الموضوع لعمل الخبير هو - وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة - مما يدخل في سلطتها الموضوعية وأن لها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير ولو في مسألة فنية دون حاجة إلى الاستعانة برأي خبير آخر، ما دامت هي لم تر لزوماً لاتخاذ هذا الإجراء دون أن يعد ذلك منها إخلالاً بحق الدفاع. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات المحكمة عن القرائن التي ساقها لتبرير طلبه ندب خبير مرجح بين التقريرين المقدمين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة الموضوعية مما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه في الاستئناف رقم 421 لسنة 21 ق القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة في 8 يونيه سنة 1965 قضى بفسخ عقد الإيجار موضوع النزاع وتسليم الأرض المؤجرة للمطعون ضده، تأسيساً على أن الأخير تخلف عن سداد مبلغ 57 ج و500 م من الإيجار المستحق عليه، وإذ كان الثابت أنه بعد أن استأنف الطاعن هذا الحكم عرض ذلك المبلغ على المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف توقياً لفسخ العقد فقبضه منه، وكان المبلغ المشار إليه ضئيلاً بالقياس إلى الالتزام الأصلي الذي قام عليه الخلاف بين طرفي الدعوى، ولم يثبت أن المطعون ضده قد أصيب بضرر من جراء التأخير في سداده له بما كان يتعين معه أن يقضي الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من فسخ العقد، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بفسخ العقد تأسيساً على ما نسبه إلى الطاعن من مماطلة وإعنات، وهو ما لا يعد بياناً للضرر المبرر للفسخ ويعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من تدوينات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار موضوع النزاع على أساس الشرط الفاسخ الضمني. ولما كان الفسخ المبنى على هذا الشرط من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يخول المدين الحق في أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالدين ولو بعد انقضاء الأجل المحدد في العقد بل وبعد رفع الدعوى بطلب الفسخ وإلى ما قبل صدور الحكم النهائي فيها، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قام بالوفاء بالمبلغ المحكوم به ابتدائياً أمام محكمة الاستئناف في جلسة 21 ديسمبر سنة 1965 وهو ما يقوم مانعاً من إجابة طلب الفسخ ما لم يتبين لمحكمة الموضوع أن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يبين وجه الضرر المبرر لعدم اعتبار وفاء الطاعن بالمتبقي من مبلغ الإيجار المحكوم به ابتدائياً مانعاً من الفسخ، وكان ما قرره من إسناد المماطلة والإعنات إلى الطاعن لا يعد بياناً للضرر في هذا الخصوص، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه فيما قضى به من فسخ العقد موضوع النزاع.


(1) نقض 26 يناير 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 215.
نقض 20 إبريل سنة 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 859.
نقض 12 مارس سنة 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 425.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق