الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 مارس 2023

الطعن 123 لسنة 36 ق جلسة 26 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 144 ص 900

جلسة 26 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(144)
الطعن رقم 123 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "ميعاد الطعن".
ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً. بدء الميعاد - كأصل عام - من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. ق 100 لسنة 1962.
(ب) بيع. "التزامات البائع". طرح النهر. تعويض.
المشتري لأرض أكلها النهر. منع القانون 92 لسنة 1958 تسليمه أرضاً من طرح النهر. لا يسقط حقه في الحصول على مقابل عن هذه الأرض.
(ج) صلح. "ماهيته". تجزئة.
فقد المحرر للمقومات التي تجعل منه صلحاً. عدم جدوى التحدي بقاعدة عدم تجزئة الصلح.

---------------
1 - إذا كان القانون رقم 4 لسنة 1967 يقضي في مادته الأولى بأن ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً، ويقضي في مادته الثالثة بأن يعمل بالمادة السابقة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 في 22/ 7/ 1965، وكانت المادة 379 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 قد جعلت بدء ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره كأصل عام، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 13/ 1/ 1966 وطعنت فيه الطاعنة بطريق النقض في 1/ 3/ 1966، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد القانوني.
2 - لا يجدي ادعاء الطاعنة (الشركة البائعة) بأن عقد البيع (ومحله أرض أكل النهر) قد انفسخ لاستحالة تنفيذه بصدور القانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله، لأنه وإن كان هذا القانون قد منع تسليم أرض من طرح النهر لأصحاب أرض أكلها النهر، وقصر التعويض عنها على ما يعادل قيمة الأرض، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يحرم المشتري من حقه في الحصول على مقابل عن هذه الأرض.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المحرر قد أعوزته المقومات التي تجعل منه صلحاً في مفهوم المادة 549 من القانون المدني التي تقضي بأن يكون الاتفاق على الصلح بين الطرفين متضمناً نزول كل منهما على وجه التقابل عن بعض حقوقه حسماً للنزاع القائم بشأنها بينهما، فإنه لا يجدي الطاعنة إزاء ذلك التحدي بحكم المادة 557/ 1 من القانون المدني التي تقضي بعدم تجزئة الصلح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3226/ 63 مدني كلي القاهرة ضد شركة الشيخ فضل العقارية - الطاعنة - وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 5000 ج، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد محرر في 8/ 4/ 1950 باعته الشركة المذكورة 206 ف و5 ط و1 س بناحية أبو جرج مركز بني مزار منها 72 ف و1 ط و7 س أكل نهر بسعر الفدان 42 ج و685 م وعجل لها من جملة ثمن هذه الأرض مبلغ 2931 ج و55 م وتعهد بسداد الباقي وقدره 5826 ج و96 م على عشرة أقساط سنوية متساوية اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1950 على أن يتم التوقيع على العقد النهائي بعد الوفاء لها بكامل هذه الأقساط، وإذ صدر القانون رقم 178 لسنة 1952 فقد استولت هيئة الإصلاح الزراعي على أطيان الشركة المذكورة - ومنها الأطيان موضوع العقد المشار إليه - ولما قامت الطاعنة بإخطار الهيئة سالفة الذكر بالتصرف موضوع ذلك العقد أرسلت له هذه الهيئة خطاباً في 21/ 8/ 1960 تخطره فيه بأنها اعتدت بهذا التصرف، وأن حقه طبقاً للقانون رقم 192 لسنة 1958 أصبح قاصراً على التعويض دون الحصول على بديل من أرض طرح النهر، وأن عليه أن يتقدم إلى مؤسسة طرح النهر وأكله لاستيفاء ما يستحقه من تعويض نقدي عن هذا الحق، ولما تقدم للمؤسسة المذكورة بطلب صرف التعويض اشترطت لذلك مصادقة الطاعنة باعتبارها صاحبة التكليف على الأرض موضوع العقد لنقل ملكية مساحة مقدارها 190 ف 5 ط 9 س من أطيانها باعتبار أنها المساحة التي تبين أنها أكل نهر، فتوجه إلى الشركة الطاعنة بطلب هذه المصادقة واستجابت لطلبه بأن أرسلت للمؤسسة خطاباً في 29 مايو سنة 1962 تصادق فيه على صرف التعويض له، واشترطت لذلك أن تحتجز لها المؤسسة من ذلك التعويض مبلغ 3547 ج و870 م على اعتبار أنه المبلغ الذي لا يزال متبقياً لها في ذمته من قيمة الأرض موضوع عقد 8/ 4/ 1950، وإذ عادت الطاعنة رغم ذلك فنكلت عن مصادقتها بأن امتنعت عن التوقيع على العقد الناقل لملكية الأرض المبيعة إلى مؤسسة طرح النهر وأكله، وكان قد وقع في ضائقة مالية هددته بالإفلاس وببيع أملاكه جبراً عليه، إذ تلقى احتجاجاً من بنك التجارة بعدم دفع ديونه كما تلقى تنبيهاً بنزع ملكية أطيانه من بنك القاهرة، فقد سارع إلى الشركة الطاعنة طالباً التعجيل بتوقيعها على ذلك العقد وأطلع المسئولين فيها على مركزه المالي رجاء أن يوقعوا على العقد لإنقاذه من الضائقة المالية، غير أن هؤلاء المسئولين اغتنموا الفرصة لمساومته على أن يتخلى للشركة عن مبلغ 5000 ج من التعويض المستحق له عن الأرض المبيعة له، ولم يسعه إزاء ما كان يعانيه من اضطراب مالي إلا أن ينزل على ما اضطروه إليه وأن يوقع في 18 مارس سنة 1963 على عقد صلح أعدته الشركة وضمنثه تخويلها الحق في قبض المبلغ المذكور من مؤسسة طرح النهر وأكله ثم قامت بصرفه فعلاً، بما تكون معه قد حصلت على ذلك المبلغ بطريق الإكراه وبغير وجه حق وهو ما دعاه إلى إقامة الدعوى للمطالبة به. دفعت الطاعنة الدعوى بأن العقد الصادر منها للمطعون ضده بتاريخ 8/ 4/ 1950 قد انفسخ لعدم وفاء المطعون ضده بالأقساط المؤجلة من ثمن البيع في مواعيد استحقاقها بما يجعل للطاعنة الحق في اقتضاء مبلغ التعويض عن الأرض موضوع ذلك العقد بما في ذلك المبلغ المتنازع عليه، كما أنكرت الطاعنة ممارسة المسئولين فيها لأي ضغط على المطعون ضده للتوقيع على عقد الصلح المحرر في 18/ 3/ 1963، وبتاريخ 13/ 6/ 1964 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده المبلغ المطالب به. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1459/ 81 ق، وبتاريخ 13/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع برفض الطعن، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة العامة بهذا الرأي.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد مردود، ذلك أنه لما كان القانون رقم 4 لسنة 1967 يقضى في مادته الأولى بأن ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً، ويقضى في مادته الثالثة بأن يعمل بالمادة السابقة من تاريخ نشر القانون رقم 43 سنة 1965 في 22/ 7/ 1965، وكانت المادة 379 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 قد جعلت بدء ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره كأصل عام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 13/ 1/ 1966 وطعنت الطاعنة فيه بطريق النقض في أول مارس سنة 1966 فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد القانوني، ويكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة بالأسباب الأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن عقد البيع الصادر منها للمطعون ضده في 8/ 4/ 1950 قد تضمن شرطاً صريحاً يقضي بفسخ ذلك العقد متى تأخر المشتري عن سداد أي قسط أو جزء من قسط من المبلغ الذي تأجل سداده من الثمن، وأن هذا الشرط قد تحقق بتأخر المطعون ضده في سداد بعض هذه الأقساط، كما تمسكت بأن المطعون ضده تنازل عن الحقوق التي آلت إليه بذلك العقد إلى نصرى كامل روفائيل الذي باعته الطاعنة - في 23/ 3/ 1955 وبعد هذا التنازل - ذات الحقوق الواردة في ذلك العقد، فتسلم بناء على ذلك في مقابل أكل النهر أرضاً طرحها النهر في محافظة الدقهلية، وتمسكت أيضاً بأن العقد انفسخ لاستحالة تنفيذه بصدور القانون رقم 192 لسنة 1958 الذي منع تسليم المشترين لأرض من أكل النهر أرضاً في مقابلها من طرحه متى كانوا لم يسجلوا عقودهم قبل صدوره وقصر حقوقهم في التعويض عن أكل النهر على قيمته نقداً، الأمر الذي أصبحت معه الطاعنة هي صاحبة الحق في صرف ثمن أكل النهر جميعه، وهو ما يمتنع معه على المطعون ضده أن يطالبها أو أن يطالب مؤسسة طرح النهر وأكله بما يقابل حق أكل النهر موضوع عقد 8/ 4/ 1950 ما دام هذا العقد لم يسجل نتيجة لتراخي المطعون ضده في سداد الأقساط التي استحقت عليه بموجبه، وأنه بذلك ينتفي القول بأن حصول الطاعنة بموجب عقد الصلح المؤرخ 18/ 3/ 1963 على مبلغ 5000 ج وهو بعض حقها المشروع في التعويض المستحق لها عن أكل النهر جميعه - بعد أن تنازلت للمطعون ضده وعلى سبيل التبرع عن الباقي من هذا التعويض - هو نتيجة لإكراه كانت وسيلة الطاعنة فيه استغلال الضائقة المالية التي حلت بالمطعون ضده عند التوقيع على عقد الصلح المشار إليه، طالما أنها كانت في غنى عن هذا الإكراه لو أنها تمسكت بحقها في فسخ عقد 8/ 4/ 1950 وهو ما كان يمتنع معه على المطعون ضده أن يصرف من التعويض المستحق عن أكل النهر شيئاً. وأضافت الطاعنة أنها رفضت التوقيع على العقد الذي أعدته مؤسسة طرح النهر وأكله بنقل ملكية الأرض موضوع عقد البيع المتقدم الذكر إليها قبل أن تعلم بسوء الحالة المالية للمطعون ضده، واستدلت على ذلك بكتابها للمؤسسة المذكورة في 10/ 7/ 1964 والذي أبلغتها فيه رفض طلبها التوقيع على العقد المشار إليه قبل أن يطلعها المطعون ضده في 15/ 3/ 1963 على ما آلت إليه حالته المالية. غير أن الحكم المطعون فيه قضى رغم ذلك بإلزامها بالمبلغ موضوع النزاع وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه قرر أن عقد البيع الصادر من الطاعنة للمطعون ضده في 8/ 4/ 1950 وإن تضمن شرطاً صريحاً يقضي بفسخ ذلك العقد إذا تأخر المطعون ضده في سداد الأقساط المؤجلة من الثمن عن مواعيد استحقاقها، ولئن تأخر المطعون ضده فعلاً عن سداد هذه الأقساط، إلا أن الطاعنة قد تنازلت عن ذلك الشرط وأقالت نفسها من العقد الذي أصدرته لنصرى كامل روفائيل واعتبرته معدوم الأثر وسلمت بحق المطعون ضده في صرف التعويض عن أكل النهر من مؤسسة طرح النهر وأكله. واستدل الحكم على ذلك بما تضمنه الإنذار الذي وجهته الطاعنة للمطعون ضده في 23/ 8/ 1958 بسداد المتأخر عليه من الأقساط الوارد ذكرها في ذلك العقد، وبأن الطاعنة بعد أن أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 174/ 60 مدني بني مزار بطلب طرده من 129 ف و3 ط و9 س من الأرض المبيعة بالعقد المذكور إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ فيه، عادت وتركت تلك الدعوى للشطب، وبأنها وجهت خطاباً لمؤسسة طرح النهر وأكله في 29/ 5/ 1962 وافقت فيه على صرف التعويض المستحق عن أكل النهر موضوع العقد المتقدم الذكر إلى المطعون ضده واشترطت أن تحتجز لها من ذلك التعويض مبلغ 3547 ج و870 مليماً باعتباره كل مطلوبها الباقي قبل المطعون ضده من الثمن المنصوص عليه في العقد المشار إليه، ووجهت خطاباً للمطعون ضده في أول يناير سنة 1963 تستحثه فيه على سداده 1% من المتأخر عليه من ثمن البيع حتى تتاح له فرصة الإفادة من التيسير الذي تقدمه لعملائها، وأقرت صراحة في المذكرة التي قدمتها لمحكمة أول درجة بجلسة 18/ 12/ 1963 بتنازلها عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ في عقد البيع المتقدم الذكر. لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض لما تمسكت به الطاعنة من نفي استغلالها للضائقة المالية التي كانت تحيط بالمطعون ضده للتوقيع على عقد الصلح المحرر في 18/ 3/ 1963 وحصل مما ورد في المذكرة المقدمة منها لمحكمة أول درجة في 18/ 12/ 1963 والسالف الإشارة إليها أن توقيعها على عقد الصلح كان استجابة منها للخطاب الذي وجهه المطعون ضده إليها في 15/ 3/ 1963 قبل ذلك الصلح يستعجلها فيه الموافقة على ما طلبته مؤسسة طرح النهر وأكله بشأن التوقيع على العقد الناقل لملكية الأرض موضوع عقد 8/ 4/ 1950 إليها تمهيداً لصرف التعويض المستحق عن أكل النهر الذي تضمنه ذلك العقد، ويطلعها بموجب هذا الخطاب على ما يتهدده من انهيار مالي، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من ذلك ومما أثبته الحكم الابتدائي - على النحو السالف بيانه - من تنازل الطاعنة عن الشرط الصريح الفاسخ أنه لم يكن للطاعنة حق في الحصول على مبلغ 5000 ج من قيمة التعويض الذي يستحق للمطعون ضده، لأن توقيع هذا الأخير قد تم بطريق الإكراه باستغلال الطاعنة للضائقة المالية التي ألمت به، وكان لا يجدي الطاعنة ما تثيره من أن عقد 8/ 4/ 1950 قد انفسخ لاستحالة تنفيذه لصدور القانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله، لأنه وإن كان هذا القانون قد منع تسليم أرض من طرح النهر لأصحاب أرض أكلها النهر وقصر التعويض عنها على ما يعادل قيمة الأرض، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يحرم المشتري من حقه في الحصول على مقابل عن هذه الأرض. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 5000 ج تأسيساً على أنها حصلت على هذا المبلغ بطريق الإكراه وبغير وجه حق، يكون قد أصاب صحيح القانون استناداً إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ويحمل الرد على وجوه الدفاع التي تمسكت بها الطاعنة والسالف الإشارة إليها، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة أول درجة ذهبت في تبرير قضائها بإهدار عقد الصلح المحرر في 18/ 3/ 1963 إلى أنها لا تعتد به، مع أن هذا العقد لا ينطوي إلا على واقعة قانونية واحدة ولا سبيل إلى عدم الاعتداد به إلا من طريق إبطاله، وعلى الرغم من أنه لا يصح بعد إبطال هذا العقد أن تبقى بعض آثاره، فإن الحكم قد جعل بناء على ذلك العقد بذاته للمطعون ضده حقاً في مبلغ 14000 جنيه هو الباقي من التعويض الذي صرفه من أكل النهر موضوع عقد 8/ 4/ 1950 بعد أن صرفت الطاعنة مبلغ 5000 جنيه من هذا التعويض بموجب عقد الصلح، قولاً من الحكم أن ذلك العقد لا يمثل في حقيقته صلحاً، وأن الطاعنة إنما صاغته في صورة الصلح ستراً للإكراه الذي مارسته ضد المطعون عليه، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لمخالفته لما تقضي به المادة 557/ 1 من القانون المدني من أن إبطال جزء من عقد الصلح يترتب عليه بطلان الصلح برمته. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أيد ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من اعتبار خطاب 29/ 5/ 1962 - الذي أرسلته الطاعنة لمؤسسة طرح النهر وأكله - مقيداً لها، مع أن هذا الخطاب لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم تجر مرافعة بشأنه وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في شأن عقد الصلح السابق الإشارة إليه قوله "إن هذا العقد الذي أسبغت عليه المستأنفة - الطاعنة - وصف عقد الصلح ليس في حقيقته كذلك، وليس أدل على ذلك من تلك المقدمة التي قدمته بها محاولة منها أن تضفي عليه تضمنه تسوية موقف قانوني مختلف عليه بين طرفيه، بينما هو عقد من جانب واحد فرضته المستأنفة - الطاعنة - على المستأنف عليه - المطعون عليه - واضطرته للتوقيع عليه تحت تأثير ظروفه المالية السيئة التي كانت تعلمها بقصد الحصول على غرض غير مشروع وهو اقتضاؤها منه مبلغ 5000 جنيه دون وجه حق"، وكان ذلك من الحكم يعني أن المحرر المذكور قد أعوزته المقومات التي تجعل منه صلحاً في مفهوم المادة 549 من القانون المدني، التي تقضي بأن يكون الاتفاق على الصلح بين الطرفين متضمناً نزول كل منهما على وجه التقابل عن بعض حقوقه حسماً للنزاع القائم بينهما، فإنه لا يجدي الطاعنة إزاء ذلك التحدي بحكم المادة 557/ 1 من القانون المدني التي تقضي بعدم تجزئة الصلح، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص على غير أساس. والنعي في شقه الثاني غير صحيح، ذلك أن الثابت أن الخطاب المؤرخ 29 مايو سنة 1962 الذي أرسلته الشركة الطاعنة إلى مؤسسة طرح النهر كان قد تمسك المطعون ضده بدلالته فيما أثير حول فسخ عقد 8 من إبريل سنة 1950، وعرضت له الطاعنة في صحيفة استئنافها في مقام نفي هذه الدلالة بما يجعل أمره معروضاً على المحكمة، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال، لأنه عول على ذلك الخطاب فيما انتهى إليه من أن الطاعنة تنازلت بموجبه عن حقها في فسخ ذلك العقد يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق