الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 أبريل 2022

الطعن 598 لسنة 24 ق جلسة 1/ 7/ 1954 مكتب فني 5 ج 3 ق 275 ص 859

جلسة أول يوليه سنة 1954

برياسة السيد المستشار إبراهيم خليل، وحضور السادة: إسماعيل مجدى، وحسن داود، ومحمود إسماعيل وأنيس غالي المستشارين.

--------------

(275)
القضية رقم 598 سنة 24 القضائية

حكم. تسبيبه.

وجوب بناء الإدانة على أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق. استناد الحكم إلى أقوال شهود الإثبات اللذين سمعتهم المحكمة في الجلسة لا تغاير أقوالهم الأولى في التحقيقات في حين أن تلك التحقيقات لم تكن تحت نظر المحكمة بسبب فقدها. عيب في الاستدلال.

----------------
إذا كانت المحكمة قد ذكرت في حكمها أن أقوال شاهد ما في الجلسة من تطابق شهادته في التحقيقات الأولية، فإن هذا كله يجب أن يكون له أصله الثابت في الأوراق. وإذن فمتى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه كان من ضمن عناصر التقدير التي أدخلتها المحكمة في حسابها وكان لها أثرها في تكوين عقيدتها في الدعوى أن أقوال شهود الإثبات التي سمعتهم في الجلسة لا تغاير أقوالهم الأولى في التحقيقات في حين أن تلك التحقيقات بسبب فقدها لم تكن تحت نظرها ولم تعن هى من جانبها ببحثها وتقصى حقيقتها بل إنها بنت هذه العقيدة وأسست قضاءها على مجرد الفرض والاحتمال لا على التثبت واليقين اللذين يجب أن تؤسس عليهما الأحكام الجنائية، فإن حكمها يكون مشوبا بعيب في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه ضرب عبد الدايم مصطفى قنديل عمدا على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موت المجنى عليه. وطلبت من قاضى الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمة بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وقد ادعى بحق مدنى كل من محمود عبد الدايم قنديل وزينب عبد الدايم قنديل وناعسه عبد الرحمن بلاسي قبل المتهم وطلبوا القضاء لهم بملغ ثلاثمائة جنيه مصري تعويضا. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة عوض عبد السلام محمد عوض بالسجن لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. ألخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الطاعن دفع بأن شهود الإثبات انتهزوا فرصة ضياع ملف الدعوى وأدلوا بأقوال غير حقيقية تغير أقوالهم في التحقيقات الأولية. ولما كان المستفاد من القانون أن التحقيقات الأولية عنصر هام في مواد الجنايات لا يصح إهداره وكانت المحكمة لم تعرض لشيء منها ولا ما إذا كانت أقوال الشهود أمامها تطابق أو تخالف أقوالهم بتلك التحقيقات فيكون من غير المفهوم تعويلها على المقدم لها في الجلسة مع تسليمها في نفس الوقت أنها تجهل ما دار من تحقيق في صدد هذا الدليل بعينه. هذا إلى خطئها في فهم الواقع من الخصومة القائمة بين الطاعن وبين الشهود حيث ذكرت أنها لاحقة لوقوع الحادث ورتبت على ذلك انعدام أثرها في اقتناعها بصحة شهادتهم وغاب عنها أن نشوب الخصومة بعد التحقيقات الأولية كان هو الدافع لتغيير أقوالهم أمامها للإيقاع بالطاعن مما مقتضاه الأخذ بدفاعه، وكل هذا يجعل حكمها معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تعرض لدفاع الطاعن قال "وحيث إن هذا الدفاع لا يجدى في نفى التهمة ولا شأن للمجنى عليه في ضياع ملف الدعوى وصاحب المصلحة الأولى في ذلك هو المتهم ولو صح أن رواية الشهود أمام المحكمة تغاير أقوالهم في التحقيقات المفقودة لبادر المتهم إلى تقديم قائمة الشهود التي أعلن بها عند تقديم القضية لقاضى الإحالة وما ذكره الدفاع عن الخصومات المدنية بين المتهم وبعض شهود الإثبات فقد تبينت المحكمة من مراجعة المستندات المقدمة من محامى المتهم أنها كلها تالية لوقوع الجريمة وهى متفرعة عن النزاع الذي كان سببا في حصول المعركة يوم الحادث ولا تؤثر بأي حال في اقتناع المحكمة بصحة شهادة شهود الإثبات".
وحيث إنه وإن كان مقررا أن لمحكمة الموضوع أن توازن بين أقوال الشهود في التحقيقات وبالجلسة، فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداها، إلا أنها إذا هي تعرضت للأسباب التي دعتها لتغليب شهادة على أخرى أو إذا هي ذكرت في حكمها أن أقوال شاهد ما في الجلسة تطابق شهادته في التحقيقات الأولية فان هذا كله يجب أن يكون له أصله الثابت في الأوراق. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه إنه كان من ضمن عناصر التقدير التي أدخلتها المحكمة في حسابها وكان لها أثرها في تكوين عقيدتها في الدعوى أن أقوال شهود الإثبات الذين سمعتهم في الجلسة لا تغاير أقوالهم الأولى في التحقيقات في حين أن تلك التحقيقات بسبب فقدها لم تكن تحت نظرها ولم تعن هي من جانبها ببحثها وتقصى حقيقتها بل أنها بنت هذه العقيدة وأسست قضاءها على مجرد الفرض والاحتمال لا على الثبت واليقين اللذين يجب أن تؤسس عليهما الأحكام الجنائية مما يجعل حكمها مشوبا بعيب في الاستدلال. هذا إلى أن اعتناق المحكمة لهذه العقيدة التي لا سند لها كما تقدم قد جرها إلى خطا آخر في فهم الواقع من الخصومة القائمة بين الطاعن وشهود الإثبات والتي جعلها الطاعن مدارا لدفاعه حيث ذكرت أنه ثبات من المستندات التي قدمها الدفاع عن الطاعن أن هذه الخصومة تالية لوقوع الجريمة ورتبت على ذلك أن لا تأثير لها في اقتناعها بصحة شهادتهم ولم تبين المحكمة ما إذا كانت هذه الخصومة نشأت قبل التحقيقات التي أجريت في الدعوى أم قبل التحقيق الذي أجرته هي بالجلسة ومدى تأثير هذه الخصومة في تقديرها لأقوال الشهود إذا كانت الخصومة، قد نشأت في الفترة بين التحقيقات الأولى وتلك أجريت بالجلسة. لما كان ذلك وكان الظاهر مما تقدم أن المحكمة لم تفطن إلى احتمال أن تكون أقوال الشهود الأولى مغيرة لأقوالهم أمامها وأن الخصومة التي نشأت بين الطاعن والشهود قد تكون تالية لأقوالهم بالتحقيقات الأولى من ثم كانت هي الباعث على تغيير تلك الأقوال لو أنها فطنت إلى ذلك وحققته لكان من المحتمل أن يكون لها رأي آخر غير الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد جاء مشوبا بهذا القصور يكون غير قويم متعينا نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق