الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 نوفمبر 2021

القضية 33 لسنة 22 ق جلسة 9 / 6 / 2002 دستورية عليا مكتب فني 10 دستورية ق 60 ص 384

جلسة 9 يونيو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (60)
القضية رقم 33 لسنة 22 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها: نطاقها".
مناط المصلحة الشخصية كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع. تحديد مصلحة المدعية في الدعوى الموضوعية بإلغاء أمر التقدير الصادر استناداً إلى النص المطعون فيه. أثره: توافر مصلحتها في دعواها الدستورية. حصر نطاق الدعوى فيما فرضه النص المذكور من رسم نسبي وفقاً لقيمة الدعوى.
(2) الضريبة العامة "الرسم: رسوم قضائية".
الضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً دون أن يقابلها نفع خاص. مناط استحقاق الرسم أن يكون مقابل خدمة محددة. فرض المشرع الرسم على الدعاوى القضائية في حدود سلطته.
(3 ، 4) رسوم قضائية "تحديدها" تشريع "القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية".
(3) تنظيم المشرع قواعد تقدير الرسوم القضائية وتحديد المحتمل بها ابتداء والملتزم بقيمتها انتهاء. أثره: عدم جواز اجتزاء مادة وحيدة من هذا التنظيم وإعطائها دلالة تناقض باقي أحكامه.
(4) فرض النص الطعين رسوم تقابل طلب الخدمة القضائية. اتفاقه مع أحكام المادة (119) من الدستور.
(5) حق الملكية "حمايته - مصادره - عدالة النظام الضريبي".
فرض رسم نسبي بمناسبة طلب خدمة معينة، لا يخالف حماية الملكية الخاصة، أو حظر مصادرة الأموال، أو قيام النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية

.-------------
1 - حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع، إذ كان ذلك، وكانت مصلحة المدعية في الدعوى الموضوعية تتبلور في إلغاء أمر التقدير المتظلم منه والذي صدر استناداً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية، وهو النص المطعون عليه بعدم الدستورية، ويترتب على القضاء بعدم دستوريته - زوال السند القانوني لأمر التقدير المشار إليه، فإنه بذلك تكون قد توافرت للمدعية مصلحة في دعواها الدستورية التي يتحدد نطاقها بحدود النص الطعين فيما قدره من فرض رسم نسبي بحسب قيمة الدعوى.
2 - المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الدستور قد مايز بنص المادة (119) بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية سواء من حيث أداة إنشاء كل منها، أو من حيث مناطها، فالضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم في الأعباء العامة، دون أن يقابلها نفع خاص يعود عليهم من وراء التحمل بها، في حين أن مناط استحقاق الرسم قانوناً أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، ومن ثم فإن تدخل المشرع بفرض رسوم على الدعاوى القضائية بوجه عام - عوضاً عما تتكبده الدولة من نفقات لأداء الخدمة التي تتولاها في سبيل تسيير مرفق العدالة - يكون دائراً في حدود سلطته في فرض رسم على أداء خدمة معينه، وبذلك فإن هذا الرسم ينأى عن أن يكون ضريبة عامة لا يقابلها نفع خاص على من يتحمل بها.
3 - النعي بأن الرسم المفروض أعلى بكثير من مقابل الخدمة الفعلية التي يكون مرفق القضاء قد بذلها، ومن ثم ينحل إلى ضريبة تتجلى مقوماتها عند المقارنة بين الرسم المقرر على الدعوى معلومة القيمة وذلك الرسم المقرر على الدعوى غير مقدرة القيمة، كما أن ارتفاع قيمتها يحول دون تطبيق حكم المادة (68) من الدستور التي تكفل حق التقاضي للناس كافة، فهو مردود بأن النص الطعين لم يتناول في أحكامه إلا الرسوم الابتدائية التي تؤدي عند رفع الدعوى (على الألف جنيه الأولى) أما الرسوم النهائية التي تستحق عن أداء الخدمة القضائية - وفيما زاد عن الألف جنية الأولى - والتي يتباين قدرها مع قيمة الدعوى بحسب الحكم النهائي الصادر فيها، فإن الأمر فيها تحكمه القواعد المقررة في المواد (3، 9، 21، 75، 76) من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944، ويتحمل بها خاسر الدعوى وفقاً لأحكام المادتين (184، 186) من قانون المرافعات، بما مؤداه أن المشرع وضع تنظيماً متكاملاً لقواعد تقدير الرسوم القضائية وتحديد المتحمل بأدائها أو جزء منها ابتداء، كما حدد الملتزم بقيمتها انتهاء، وهو تنظيم يتأبى معه اجتزاء مادة وحيدة منه، هي المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1994، وعزلها عن باقي أحكام هذا التنظيم، وإعطائها دلالة تتناقض مع باقي هذه الأحكام.
4 - إذا كان النص الطعين لم يتجاوز حدود ما قررته أحكام المادة (119) من الدستور من تقرير حق للمشرع في فرض رسوم مقابل خدمات معينه، ففرضها بمناسبة طلب الخدمة القضائية وجعلها محددة في بداية أدائها بما لا يزيد عن الألف جنيه الأولى من قيمة الدعوى (المادة 9 من ذات القانون)، وعشرة جنيهات للدعاوى مجهولة القيمة، ثم ألزم خاسر الدعوى بهذه الرسوم وبباقي الرسوم النهائية عند صدور الحكم النهائي في الدعوى، بما لا يكون معه قد وضع حائلاً دون الناس وحقهم في اللجوء إلى القضاء وفقاً لحكم المادة (68) من الدستور، فإن النعي عليه بمخالفة أحكام المادتين (68، 119) من الدستور يكون غير صحيح.
5 - حيث إن ما تنعي به المدعية على النص الطعين مخالفته لأحكام المواد (34، 36، 38) فيما فرضته من حماية الملكية الخاصة، وحظر المصادرة العامة للأموال، وقيام النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية، فهو مردود بأنه إيراد لأحكام هذه الحقوق والمبادئ والضمانات في غير مجالها، حيث انحصر نطاق النص الطعين في فرض رسم نسبي بمناسبة طلب خدمة معينة، واستقامت أحكامه في هذا الإطار مع أحكام المادتين (68، 119) من الدستور، بما يغدو معه النعي عليه بمخالفة أحكام المواد المشار إليها خروجاً بها عن مضمونها وإقحاماً لها في غير مجالها.


الإجراءات

بتاريخ الثاني عشر من فبراير سنة 2000، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 فيما تضمنه من فرض رسم نسبي حسب قيمة الدعوى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعية كانت قد تظلمت من أمر تقدير الرسوم النسبية الصادر بالمطالبة رقم 187 لسنة 92 - 1993 في الدعوى رقم 230 لسنة 1991 مدني جزئي مصر الجديدة، ابتغاء الحكم بإلغاء أمر التقدير المتظلم منه وإعادة تقدير الرسوم القضائية النسبية المستحقة وقدرها 38، 15659 جنيهاً، وأثناء نظر موضوع التظلم دفع الحاضر عن المدعية بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، فيما نصت عليه من فرض رسم نسبي حسب قيمة الدعوى لتعارضها مع نصوص المواد (34، 36، 38، 119) من الدستور، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة خلال الأجل القانوني المحدد.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع، إذ كان ذلك وكانت مصلحة المدعية في الدعوى الموضوعية تتبلور في إلغاء أمر التقدير المتظلم منه والذي صدر استناداً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية، وهو النص المطعون عليه بعدم الدستورية، ويترتب على القضاء بعدم دستوريته - زوال السند القانوني لأمر التقدير المشار إليه، فإنه بذلك تكون قد توافرت للمدعية مصلحة في دعواها الدستورية التي يتحدد نطاقها بحدود النص الطعين فيما قدره من فرض رسم نسبي بحسب قيمة الدعوى.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المسائل المدنية "المطعون عليها" تنص على أن "يفرض في الدعاوى معلومة القيمة، رسم نسبي حسب الفئات الآتية:
2% لغاية 250 جنيهاً.
3% فيما زاد على 250 جنيهاً حتى 2000 جنيه.
4% فيما زاد على 2000 جنيه لغاية 4000 جنيه.
5% فيما زاد على 4000 جنيه.
ويفرض في الدعاوى مجهولة القيمة رسم كالآتي:
200 قرش في الدعاوى التي تطرح على القضاء المستعجل.
100 قرش في الدعاوى الجزئية.
300 قرش في الدعاوى الكلية الابتدائية.
1000 قرش في دعاوى شهر الإفلاس أو طلب الصلح الواقي من الإفلاس، ويشمل هذا الرسم الإجراءات القضائية حتى إنهاء التفليسة أو إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس، ولا يدخل ضمن هذه الرسوم مصاريف النشر في الصحف واللصق عن حكم الإفلاس، والإجراءات الأخرى في التفليسة، ويكون تقدير الرسم في الحالتين طبقاً للقواعد المبينة في المادتين (75، 76) من القانون".
وحيث إن المدعية تنعي على هذا النص مخالفته للمادة (119) من الدستور التي جرى نصها على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاءها لا يكون إلا بقانون ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون" - على سند من القول أن الرسم المفروض بمقتضى النص الطعين أعلى بكثير من مقابل الخدمة الفعلية التي يكون مرفق القضاء قد بذلها لمن يتحمل به ومن ثم ينحل هذا الرسم إلى ضريبة من الناحية الفعلية والقانونية، بيان ذلك أن الدعوى معلومة القيمة البالغ قيمتها مائة مليون جنية يفرض عليها رسم ثابت قدره خمسة ملايين جنيه في حين أن الدعوى مجهولة القيمة يفرض عليها رسم ثابت قدره عشرة جنيهات رغم أن الخدمة التي قدمها القضاء في الحالتين متساوية بما يجعل القدر الزائد عن رسم الدعوى مجهولة القيمة ضريبية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الدستور قد مايز بنص المادة (119) بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية سواء من حيث أداة إنشاء كل منها، أو من حيث مناطها، فالضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم في الأعباء العامة، دون أن يقابلها نفع خاص يعود عليهم من وراء التحمل بها، في حين أن مناط استحقاق الرسم قانوناً أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، ومن ثم فإن تدخل المشرع بفرض رسوم على الدعاوى القضائية بوجه عام - عوضاً عما تتكبده الدولة من نفقات لأداء الخدمة التي تتولاها في سبيل تسيير مرفق العدالة - يكون دائراً في حدود سلطته في فرض رسم على أداء خدمة معينه، وبذلك فإن هذا الرسم ينأى عن أن يكون ضريبة عامة لا يقابلها نفع خاص على من يتحمل بها.
أما النعي بأن الرسم المفروض أعلى بكثير من مقابل الخدمة الفعلية التي يكون مرفق القضاء قد بذلها، ومن ثم ينحل إلى ضريبة تتحلى مقوماتها عند المقارنة بين الرسم المقرر على الدعوى معلومة القيمة وذلك الرسم المقرر على الدعوى غير مقدرة القيمة، كما أن ارتفاع قيمتها يحول دون تطبيق حكم المادة (68) من الدستور التي تكفل حق التقاضي للناس كافة، فهو مردود، بأن النص الطعين لم يتناول في أحكامه إلا الرسوم الابتدائية التي تؤدي عند رفع الدعوى (على الألف جنيه الأولى)، أما الرسوم النهائية التي تستحق عن أداء الخدمة القضائية - وفيما زاد عن الألف جنية الأولى - والتي يتباين قدرها مع قيمة الدعوى بحسب الحكم النهائي الصادر فيها، فإن الأمر فيها تحكمه القواعد المقررة في المواد (3، 9، 21، 75، 76) من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944، وتحمل بها خاسر الدعوى وفقاً لأحكام المادتين (186، 184) من قانون المرافعات، بما مؤداه أن المشرع وضع تنظيماً متكاملاً لقواعد تقدير الرسوم القضائية وتحديد المتحمل بأدائها أو جزء منها ابتداء، كما حدد الملتزم بقيمتها انتهاء، وهو تنظيم يتأبى معه اجتزاء مادة وحيدة منه، هي المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1994، وعزلها عن باقي أحكام هذا التنظيم، وإعطائها دلالة تتناقض مع باقي هذه الأحكام.
إذ كان ذلك وكان النص لم يتجاوز حدود ما قررته أحكام المادة (119) من الدستور من تقرير حق للمشرع في فرض رسوم مقابل خدمات معينه، ففرضها بمناسبة طلب الخدمة القضائية وجعلها محددة في بداية أدائها بما لا يزيد عن الألف جنيه الأولى من قيمة الدعوى (المادة 9 من ذات القانون)، وعشرة جنيهات للدعاوى مجهولة القيمة، ثم ألزم خاسر الدعوى بهذه الرسوم وبباقي الرسوم النهائية عند صدور الحكم النهائي في الدعوى، بما لا يكون معه قد وضع حائلاً دون الناس وحقهم في اللجوء إلى القضاء وفقاً لحكم المادة (68) من الدستور، فإن النعي عليه بمخالفة أحكام المادتين (68، 119) من الدستور يكون غير صحيح.
وحيث إن ما تنعي به المدعية على النص الطعين مخالفته لأحكام المواد (34، 36، 38) فيما فرضته من حماية الملكية الخاصة، وحظر المصادرة العامة للأموال، وقيام النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية، فهو مردود بأنه إيراد لأحكام هذه الحقوق والمبادئ والضمانات في غير مجالها، حيث انحصر نطاق النص الطعين في فرض رسم نسبي بمناسبة طلب خدمة معينة، واستقامت أحكامه في هذا الإطار مع أحكام المادتين (68، 119) من الدستور، بما يغدو معه النعي عليه بمخالفة أحكام المواد المشار إليها خروجاً بها عن مضمونها وإقحاماً لها في غير مجالها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان النص الطعين لا يخالف أي نص آخر في الدستور، فإنه يتعين رفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق