جلسة 13 من مارس 1986
برياسة السيد المستشار:
الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح
وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.
--------------
(85)
الطعن رقم 7079 لسنة 55
القضائية
(1) ارتباط "عقوبة
الجرائم المرتبطة". عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة
الأشد". جريمة "أركانها". شروع. تصدير. تهريب. مواد مخدرة. قانون
"تفسيره".
مناط تطبيق كل من فقرتي
المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟ ارتكاب الطاعن لفعل واحد
له وصفان قانونيان هما الشروع في تصدير جوهر مخدر. والشروع في تهريبه. وجوب تطبيق
نص الفقرة الأولى من المادة 32 عقوبات باعتبار الجريمة الأشد وهي الشروع في تصدير
المخدر وتوقيع عقوبتها المنصوص عليها في المادتين 45، 46 عقوبات والمادتين 33/ 1،
42 من القانون 182 لسنة 1960 دون عقوبة التهريب الجمركي.
(2)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن
التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
العبرة في الدفع ببطلان
إذن التفتيش. بمدلوله لا يلفظه. مثال.
(3)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة.
إذن التفتيش. ماهيته؟ متى
يجوز إصداره؟
(4)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". استدلال. حكم
"تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". مواد
مخدرة.
الدفع ببطلان إذن التفتيش
لعدم جدية التحريات. جوهري. على المحكمة التعرض له. الاستناد في رفض الدفع إلى ضبط
المخدر خطأ. أساس ذلك؟ مثال.
----------------
1 - لما كانت المادة 32 من
قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم
متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها "فقد
دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب
اعتبار الجريمة التي تتمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم
بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا
قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد إذ يعتبر الجاني كأنه لم يرتكب
غير هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً
لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر إذ لا
أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية
المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة
ذاتها لا بعقوبتها يؤكد هذا النظر تباين صياغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة
"الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" "بعبارة" "دون غيرها"
في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية
الخاصة بالتعدد الحقيقي، ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتها
بعبارة واحدة وعلى نسق واحد، ولما كانت ثمة حاجة إلى إفراد فقرة لكليهما. لما كان
ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المطعون ضده يتداوله وصفان قانونيان: الشروع في تصدير
جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة والشروع في
تهريب هذا المخدر بمحاولة إخراجه من البلاد بالمخالفة للنظم المعمول بها، مما
يقتضي - إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - اعتبار
الجريمة التي تتمخض عنها الوصف الأشد - وهي جريمة الشروع في تصدير جوهر مخدر - والحكم
بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 45، 46 من قانون العقوبات والمادتين 33/ 1، 42
من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار
فيها دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون
الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو
تكميلية.
2 - لما كان الدفع ببطلان
القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات هو في حقيقته دفع ببطلان الإذن الصادر من مدير
عام الجمارك بتفتيش الطاعن لعدم جدية التحريات التي سبقته ولا يغير من تلك الحقيقة
ورود عبارته على النحو الذي وردت به بمحضر الجلسة إذ العبرة في مثل هذا الدفع هي
بمدلوله لا بلفظه ما دام ذلك المدلول واضحاً لا لبس فيه.
3- من المقرر أن الأصل في
القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط
جريمة "جناية أو جنحة" واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن
هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو حريته الشخصية.
4 - من المقرر أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة
التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع
ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وأن ترد
عليه بالقبول أو الرفض وذلك بأسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
عول في رفض الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر
في حيازة الطاعن دليل على جدية التحريات وهو ما لا يصح رداً على هذا الدفع ذلك بأن
ضبط المخدر هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن
بالتفتيش بل هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن
بالتفتيش بل أنه هو المقصود بذاته بإجراء التفتيش فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على
جدية ويرجح معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه، مما كان يقتضي من المحكمة -
حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدى رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن
دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها
لتسويغ إصدار الإذن أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في
الاستدلال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المحكوم عليه بأنه: (أولاً): - شرع في تصدير جوهر مخدر "حشيش" بدون
ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن حاول إخراجها من أراضي جمهورية
مصر العربية عن طريق ميناء السويس وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو
ضبطه والجريمة متلبساً بها. (ثانياً): شرع في تهريب البضائع الممنوعة موضوع التهمة
الأولى بأن حاول إخراجها من أراضي جمهورية مصر العربية بالمخالفة للنظم المعمول
بها في شأن البضائع الممنوعة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه
والجريمة متلبساً بها. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 32،
45، 46، 47 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم
182 لسنة 1960 المعدل بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة
عن التهمتين للارتباط ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن كل من المحكوم عليه
والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
المحكمة
الطعن المقدم من النيابة
العامة:
من حيث إن النيابة العامة
تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتي الشروع في تصدير جوهر
مخدر -والشروع في تهريبه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أغفل القضاء بالتعويض
المنصوص عليه في المادة 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق
أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه شرع في تصدير
جوهر مخدر "حشيش" وأنه شرع في تهريبه بأن حاول إخراجه من أراضي جمهورية
مصر العربية بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. وطلبت عقابه
بالمواد 45، 46، 47 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والمواد 1، 2، 5، 13، 121/ 1، 122، 124 من قانون
الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى قيام حالة
الارتباط بين الجريمتين المسندتين إلى المطعون ضده المنصوص عليها في المادة 32 من قانون
العقوبات وانتهى إلى القضاء بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة
عن التهمتين ومصادرة المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون
العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم
متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". فقد
دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب
اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم
بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا
قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد إذ يعتبر الجاني كأنه لم يرتكب
غير هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً
لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر إذ لا أثر
لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية
المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقود التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها
لا بعقوبتها يؤكد هذا النظر تباين صياغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة
"الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" بعبارة "دون غيرها" في الفقرة
الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة
بالتعدد الحقيقي، ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتها بعبارة
واحدة وعلى نسق واحد، ولما كانت ثمة حاجة إلى إفراد فقرة لكليهما. لما كان ذلك،
وكان الفعل الذي قارفه المطعون ضده يتداوله وصفان قانونيان: الشروع في تصدير جوهر
مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة والشروع في تهريب
هذا المخدر بمحاولة إخراجه من البلاد بالمخالفة للنظم المعمول بها، مما يقتضي -
إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - اعتبار الجريمة التي
تتمخض عنها الوصف الأشد - وهي جريمة الشروع في تصدير جوهر مخدر - والحكم بعقوبتها
المنصوص عليها في المادتين 45، 46 من قانون العقوبات والمادتين 33/ 1، 42 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها
دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون
الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو
تكميلية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي الشروع في
تصدير جوهر مخدر يكون قد طبق صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على
غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
الطعن المقدم من المحكوم
عليه:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في تصدير جوهر مخدر والشروع في
تهريبه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه استند إلى ما أسفرت
عنه عملية الضبط في إطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات مع أنه لا
يصلح لإطراحه. مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر
جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن استهل
مرافعته طالباً البراءة تأسيساً على سبب يتعلق بالشكل وأسباب تتعلق بالموضوع ودفع
ببطلان الضبط والتفتيش والإذن الصادر من إدارة الجمارك واسترسل في مرافعته ثم عاد
وتمسك ببطلان القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها. لما كان ذلك،
وكان الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات هو في حقيقته دفع ببطلان
الإذن الصادر من مدير عام الجمارك بتفتيش الطاعن لعدم جدية التحريات التي سبقته
ولا يغير من تلك الحقيقة ورود عبارته على النحو الذي وردت به بمحضر الجلسة إذ
العبرة في مثل هذا الدفع هي بمدلوله لا بلفظه ما دام ذلك المدلول واضحاً لا لبس
فيه. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "وكان الدفع ببطلان
الضبط والتفتيش لأن التحريات غير جدية هو دفع لا يقوم على سند لأن الثابت ضبط
المخدر لدى المتهم بعد إجراء التحريات". ومفاد ذلك أن المحكمة أسست اقتناعها
بجدية التحريات التي بني عليها الإذن بالتفتيش على مجرد ضبط المخدر في حيازة
الطاعن أثناء التفتيش. ولما كان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من
إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة "جناية أو جنحة" واقعة بالفعل
وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو
حريته الشخصية، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار
الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة
الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة
إن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وأن ترد عليه بالقبول أو الرفض وذلك بأسباب سائغة،
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في رفض الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش
لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر في حيازة الطاعن دليل على جدية
التحريات وهو ما لا يصح رداً على هذا الدفع ذلك بأن ضبط المخدر هو عنصر جديد في
الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل هو عنصر جديد في
الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل أنه هو المقصود بذاته
بإجراء التفتيش فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على جدية التحريات السابقة عليه لأن
شرط صحة إصدار الأذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية ويرجح معها نسبة الجريمة إلى
المأذون بتفتيشه، مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدى
رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه وأن
تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن أما وهي لم تفعل فإن
حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض
الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق