جلسة 26 من نوفمبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/
سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم
أحمد الديواني، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن على المغربي.
----------------
(223)
الطعن رقم 802 لسنة 43
القضائية
(1، 2) حكم.
"ما لا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه
عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها". استدلال.
(1) مثال لخطأ في الإسناد مما
لا يعيب الحكم.
(2)عدم التزام المحكمة
بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(3) إثبات. "شهود".
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تحصيل
أقوال الشاهد وتفهمها واستخلاص مراميها غير مقيدة بالأخذ بالأقوال الصريحة أو
بمدلولها الظاهر. ما دامت لا تحرف الشهادة عن موضعها. مثال.
( 4و 5) دفوع. "الدفع
بتلفيق التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم.
"بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(4) الدفع بتلفيق التهمة.
موضوعي. لا يستأهل رداً صريحاً.
(5)عدم التزام المحكمة بالرد
على الدفاع ظاهر البطلان البعيد عن محجة الصواب.
(6) رشوة. جريمة. "أركانها". إثبات.
"بوجه عام". "قرائن". قصد جنائي. موظفون عموميون. نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة. عدم اشتراط
عرض الرشوة على الموظف العام بالقول الصريح بتحققها. كفاية الإعطاء أو العرض دون
استلزام تحدث الراشي مع الموظف ما دام قصد شراء ذمة الموظف واضحاً من ملابسات
الدعوى وقرائن الأحوال فيها.
----------------
1 - الأصل أن الخطأ في الإسناد
لا يعيب الحكم إلا إذا تناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، ومن ثم فإنه لا
ينال من سلامة الحكم أن يكون قد نقل عن الضابط أن النيابة العامة كانت قد قررت عرض
الأشياء المضبوطة لدى الطاعن في الجنحة رقم .... على المجنى عليه في حين أن الثابت
من أوراق تلك الجنحة – بفرض صحة دعوى الطاعن - أن النيابة العامة قررت عرض
المضبوطات على مندوب المصنع الذى قرر الطاعن أنه اشتراها منه وأن الضابط هو الذى
قرر - بعد تنفيذ أمر النيابة - استدعاء المجنى عليه لعرض المضبوطات عليه، إذ يستوى
في هذا المقام أن يتخذ الضابط هذا القرار تلقائيا أو تنفيذا لأمر النيابة، ومن ثم
يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم.
2 - من المقرر أن المحكمة
لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين
عقيدتها. ولما كان الثابت من أوراق الجنحة...... أن وكيل النيابة بعد أن كان قد
أمر بإيداع ما ضبط لدى الطاعن مخزن قسم الشرطة على ذمة القضية وأن على من يدعى
ملكيتها الالتجاء إلى غرفة المشورة للفصل في الملكية إلا أنه عاد بعد ضبط واقعة
عرض الرشوة وأشر بالعدول عن ذلك وتسليم تلك المضبوطات للمجنى عليه في جريمة
السرقة، فلا تثريب على الحكم إذا هو لم يعرض لهذا الأمر إذ أن مفاد سكوته عن
التحدث عن دلالة أي من القرارين أنه لم يكن لهما أثر في تكوين عقيدة المحكمة إثباتا
أو نفيا.
3 - من المقرر أن من حق
محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما
تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها، وهى في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال
الصريحة أو مدلولها الظاهر. ولما كان البين من المفردات المضمومة أن ما أورده
الحكم مستمداً من أقوال مفتش المباحث ومما أثبته وكيل النيابة الذى قام بضبط
الواقعة بمحضره له سنده الصحيح من الأوراق ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج
بها عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها أن حديث ضابط المباحث إلى الطاعن قبل ضبط الواقعة
كان بصوت مرتفع حتى يكون مسموعاً من وكيل النيابة ومفتش المباحث اللذين كاناً
يقفان وقتئذ في مكان يسمح لهما برؤية وسماع ما يقع بين الضابط والطاعن وأن الأخير
كان يجيب على حديث الضابط واستفساراته بصوت خافت غير مسموع يردفه بإيماءات من رأسه
تدل عليه، فإذا جاء الحكم وأورد في هذا الصدد أن حديثاً تبادله الضابط والطاعن دل
على حصول الاتفاق على الرشوة فإنه لا يكون قد خرج عن مدلول شهادة مفتش المباحث وما
أثبته وكيل النيابة في محضره.
4 - إن الدفع بتلفيق
التهمة دفع موضوع لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفى أن يكون الرد عليه
مستفاداً من الأدلة التي استند إليها الحكم في الإدانة. ولما كانت المحكمة لم تعتد
بما قاله الطاعن من أن ضابط المباحث قد لفق الاتهام ضده بسبب الشكاوى التي كان قد
تقدم بها في حقه لما اطمأنت إليه من ظروف الواقعة وعناصر الاتهام فيها إلى أن هذا
الدفاع غير مقبول فلا يكون هناك محل لما يأخذه الطاعن على الحكم من عدم اطلاع
المحكمة على تلك الشكاوى.
5 - من المقرر أن المحكمة
غير ملزمة بالرد على الدفاع ظاهر البطلان والبعيد عن محجة الصواب ولما كان الثابت
من المفردات أنه مرفق بها تقرير طبى شرعي عن نتيجة الكشف على إذني الطاعن يفيد أن
الصيوان وقناة السمع وغشاء الطبلة طبيعية في الجهتين وأنه يسمع الكلام وليس كما
يدعى من أنه لا يسمع شيئاً مطلقاً، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو
التفت عن الرد على دفاع الطاعن القائم على عجزه عن سماع حديث الضابط إليه وما تقدم
به من مستندات تأييداً له.
6 - لا يشترط القانون
لتحقيق جريمة الرشوة أن يكون صاحب الحاجة قد عرض الرشوة على الموظف العمومي بالقول
الصريح بل يكفى أن يكون قد قام بفعل الإعطاء أو العرض دون أن يتحدث مع الموظف ما
دام قصده من هذا الإعطاء أو العرض - وهو شراء ذمة الموظف - واضحاً من ملابسات
الدعوى وقرائن الأحوال فيها، ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره في شأن التفات
الحكم عن الرد على دفاعه القائم على عجزه عن سماع حديث الضابط إليه وما تقدم به من
مستندات تأييداً له.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في يومي 19 و20 من أبريل سنة 1966 بدائرة قسم كرموز محافظة الإسكندرية:
عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم للملازم أول..... ضابط
قسم كرموز مبلغ 200 جم على سبيل الرشوة مقابل اتخاذ إجراءات مؤدية إلى إثبات
براءته من تهمة إخفاء أشياء مسروقة المسندة إليه في قضية الجنحة رقم 1730 سنة 1966
كرموز التي قام بضبطها، ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه - وطلبت إلى
مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 104 و106 مكرر/ 1
و110 من قانون العقوبات. فقرر ذلك في 29 مايو سنة 1968. ومحكمة جنايات الإسكندرية
قضت حضورياً بتاريخ 11 فبراير سنة 1971 عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون
الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا
الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بتاريخ 5 مارس سنة 1972 بقبول الطعن شكلا، وفى
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتحكم
فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضوريا من جديد
بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1972 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن مدة ثلاث
سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الرشوة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة عرض رشوة قد شابه الخطأ في الإسناد والقصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم عول في الإدانة
على أقوال شاهد الإثبات - ضابط مباحث قسم الشرطة الذى نسب إلى الطاعن أنه عرض عليه
الرشوة - وحصل منها أن الطاعن عرض عليه الرشوة بعد أن كانت النيابة العامة قد طلبت
عرض الأشياء التي ضبطت بمحل الطاعن واتهم بإخفائها باعتبارها متحصله من جريمة سرقة
- على المجنى عليه، مع أن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة كانت قد طلبت عرض
تلك المضبوطات على مندوب المصنع الذى قال الطاعن بأنه اشتراها منه وأن الضابط هو
الذى ارتأى بعد تنفيذ ما طلبته النيابة استدعاء المجنى عليه لعرضها عليه، كما
التفت الحكم عن دلالة القرار الذى أصدرته النيابة بالتحفظ على الأشياء المضبوطة
لدى الطاعن رغم تعرف المجنى عليه عليها - حتى تفصل غرفه المشورة فيمن هو صاحب الحق
فيها، وأيضاً استخلص الحكم من شهادة المقدم مفتش مباحث الشرطة - الذى كان برفقة
وكيل النيابة عند قيامه بضبط الواقعة - وما أثبت بمحضر وكيل النيابة أن حديثا دار
بين ضابط المباحث والطاعن حول واقعة الرشوة مع أن الذى يؤخذ من أقوال ذلك الشاهد
ومما ورد بمحضر وكيل النيابة أنهما لم يسمعا حديثا للطاعن وأن الأمر بالنسبة لهما
لم يتعد إيماءات للطاعن برأسه رداً على استفسارات لضابط المباحث، يضاف إلى ذلك أن
الحكم لم يعرض لما أقام عليه الطاعن دفاعه من أن ضابط المباحث دبر ولفق الاتهام
المسند إليه بسبب الشكاوى العديدة التي كان قد قدمها ضده إثر ضبطه لواقعة إخفاء
الطاعن للأشياء المسروقة وإلى أن الطاعن مصاب بحالة ضعف في السمع تعجزه عن أن يسمع
ما يوجهه إليه الضابط من حديث فلم تطلع على تلك الشكاوى لتتبين ما إذا كانت سابقة
على الاتهام في جريمة عرض الرشوة أم بعده كما أغفل الاطلاع على التقارير الطبية التي
تثبت أنه لم يكن في قدرة الطاعن سماع حديث الضابط إليه، وكل ذلك يؤكد صحة دفاع
الطاعن المؤسس على أن تقديم المبلغ إنما قصد به المجنى عليه في جريمة إخفاء
الأشياء المسروقة وليس الضابط في جريمة عرض الرشوة، ولو كانت المحكمة قد تفطنت إلى
هذه الأمور جميعها وأقسطتها حقها لتغير وجه الرأي في الدعوى، مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم (الطاعن) قدم في يومي 19 و20 من
أبريل سنة 1966 بدائرة قسم كرموز محافظة الإسكندرية مبلغ مائتي جنيه إلى الملازم
أول..... ضابط مباحث قسم كرموز على سبيل الرشوة مقابل اتخاذ إجراءات مؤدية إلى
إثبات براءته من تهمة إخفاء أشياء مسروقة أسندت إليه في الجنحة الرقيمة 1730 سنة
1966 كرموز التي قام الضابط المذكور بضبط واقعتها، ولكن الأخير لم يقبل الرشوة منه"،
ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن مستمدة من
أقوال الملازم أول ضابط مباحث قسم الشرطة وأقوال المقدم مفتش المباحث ومما أثبته
وكيل النيابة المعهود إليه ضبط الواقعة في محضره ومن إقرار الطاعن بالتحقيقات
بتوجهه إلى الضابط بمكتبه وضبطه هناك بعد تقديمه النقود ومما تبين من الاطلاع على
محضر الجنحة رقم 1730 سنة 1966 كرموز، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما
رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم إلا
إذا تناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا ينال من سلامة الحكم أن
يكون قد نقل عن الضابط أن النيابة العامة كانت قد قررت عرض الأشياء المضبوطة لدى
الطاعن في الجنحة رقم 1730 لسنة 1966 كرموز على المجنى عليه في حين أن الثابت من
أوراق تلك الجنحة – بفرض صحة دعوى الطاعن - أن النيابة العامة قررت عرض المضبوطات
على مندوب المصنع الذى قرر الطاعن أنه اشتراها منه وأن الضابط هو الذى قرر - بعد
تنفيذ أمر النيابة - استدعاء المجنى عليه لعرض المضبوطات عليه، إذ يستوى في هذا
المقام أن يتخذ الضابط هذا القرار تلقائياً أو تنفيذاً لأمر النيابة، ومن ثم يكون النعي
على الحكم في هذا الصدد غير قويم، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا
تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين
عقيدتها، وكان الثابت من أوراق الجنحة المشار إليها أن وكيل النيابة بعد أن كان قد
أمر بإيداع ما ضبط لدى الطاعن مخزن قسم الشرطة على ذمة القضية، وأن على من يدعى
ملكيتها الالتجاء إلى غرفة المشورة للفصل في الملكية، إلا أنه عاد بعد ضبط واقعة
عرض الرشوة وأشر بالعدول عن ذلك وتسليم تلك المضبوطات للمجنى عليه في جريمة
السرقة، فلا تثريب على الحكم إذا هو لم يعرض لهذا الأمر، إذ أن مفاد سكوته عن
التحدث عن دلالة أي من القرارين أنه لم يكن لهما أثر في تكوين عقيدة المحكمة
إثباتاً أو نفياً، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها
وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها وهى في ذلك غير
مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين من المفردات
المضمومة أن ما أورده الحكم مستمداً من أقوال مفتش المباحث، ومما أثبته وكيل
النيابة الذى قام بضبط الواقعة بمحضره له سنده الصحيح من الأوراق ولم يكن فيما
حصله الحكم منها ما يخرج بها عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها أن حديث ضابط المباحث
إلى الطاعن قبل ضبط الواقعة كان بصوت مرتفع حتى يكون مسموعاً من وكيل النيابة
ومفتش المباحث اللذين كانا يقفان وقتئذ في مكان يسمح لهما برؤية وسماع ما يقع بين
الضابط والطاعن وأن الأخير كان يجيب على حديث الضابط واستفساراته بصوت خافت غير
مسموع يردفه بإيماءات من رأسه تدل عليه، فإذا جاء الحكم وأورد في هذا الصدد أن
حديثاً تبادله الضابط والطاعن دل على حصول الاتفاق على الرشوة فإنه لا يكون قد خرج
عن مدلول شهادة مفتش المباحث وما أثبته وكيل النيابة في محضره، ومن ثم فإن منعى
الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد عرض لدفاع الطاعن الذى يبرر فيه مقابله للضابط بأنها كانت لرغبته في أن
يقوم الضابط بالتوسط لدى المجنى عليه في قضية السرقة وإخفاء الأشياء المسروقة
ويحمله على الصلح معه وأن المبلغ المضبوط كان لهذا الغرض وليس رشوة وأن سبب ادعاء
الضابط عليه كما سبق تقديمه شكاوى ضده للجهات المختصة، ثم اطرح الحكم هذا الدفاع
في قوله "وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الواقعة المدعمة بما
أثبته وكيل النيابة الذى تولى واقعة الضبط والتفتيش في محضره المؤرخ 20 من أبريل
سنة 1966، وما تبين من الاطلاع على محضر الجنحة الرقيم 1730 سنة 1966 كرموز وأخذت
بها فإنها لا تعتد بعد ذلك بدفاع المتهم الذى ينقضه أنه لو صح زعمه عن الصلح للجأ
إلى المجنى عليه مباشرة للمفاوضة معه في أمر التصالح بنفسه أو عن طريق وسيط من
طرفه إذ ليس من مهام ضابط القسم أن يتولى مفاوضات الصلح كما أن هذا الزعم من
المتهم لا يستقيم بتاتاً مع ما جاء بدفاعه من أنه سبق أن قدم ضد الضابط نفسه شكاوى
للجهات المعنية الأمر الذى تستخلص منه المحكمة بجلاء أن ذلك الإنكار وما أبداه من
دفاع ليس إلا مجرد محاولة منه لدرء الاتهام والإفلات من عقابه"، ولما كانت
المحكمة قد أطرحت دفاع الطاعن بأسباب سائغة وهى على بينة منه ومحيطة به، وما دامت
لم تعتد بما قاله الطاعن من أن ضابط المباحث قد لفق الاتهام ضده بسبب الشكاوى التي
كان قد تقدم بها في حقه لما اطمأنت إليه من ظروف الواقعة وعناصر الاتهام فيها إلى
أن هذا الدفاع غير مقبول فلا يكون هناك محل لما يأخذه الطاعن على الحكم من عدم
اطلاع المحكمة على تلك الشكاوى، ذلك بأن الدفع بتلفيق التهمة دفع موضوعي لا يستأهل
بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي استند
إليها الحكم في الإدانة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع
ظاهر البطلان والبعيد عن محجة الصواب، كان الثابت من المفردات أنه مرفق بها تقرير
طبى شرعي عن نتيجة الكشف على إذني الطاعن ويفيد أن الصيوان وقناة السمع وغشاء
الطبلة طبيعية في الجهتين وأنه يسمع الكلام وليس الأمر كما يدعى من أنه لا يسمع
شيئاً مطلقاً، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو التفت عن الرد على دفاع
الطاعن القائم على عجزه عن سماع حديث الضابط إليه وما تقدم به من مستندات تأييداً
له، هذا فضلاً عن أنه – بفرض صحة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - فإنه لا جدوى له
منه إذ أن جريمة عرض الرشوة تكون - في صورة الدعوى المطروحة - متوافرة الأركان ذلك
بأن القانون لا يشترط لتحقق جريمة الرشوة أن يكون صاحب الحاجة قد عرض الرشوة على
الموظف العمومي بالقول الصريح بل يكفى أن يكون قد قام بفعل الإعطاء أو العرض دون
أن يتحدث مع الموظف ما دام قصده من هذا الإعطاء أو العرض - وهو شراء ذمة الموظف -
واضحا من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها، ويكون النعي على الحكم من هذه
الناحية غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه
موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق