جلسة 7 مارس سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/
ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود
منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوي
والسيد عبد المنعم حشيش
وحضور السيد المستشار/
نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام
محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (75)
القضية رقم 335 لسنة 23
قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية
"نطاقها".
نطاق الدعوى الدستورية
يتحدد بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها تلك
المحكمة جديته. ما جاوز ذلك. مؤداه: أن الدعوى تكون غير مقبولة لعدم اتصالها
بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها القانون.
(2) تنفيذ جبري
"الأصل فيه - الاستثناء - حجز إداري".
الأصل المقرر في قانون
المرافعات المدنية والتجارية أن اقتضاء الحقوق عن طريق التنفيذ جبراً على أموال المدين،
لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنه قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به
دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها. الاستثناء: خرج
المشرع على هذا الأصل في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، بأن أجاز في
المادة (2) منه لفئات معينة تمثل أشخاص القانون العام، إصدار أمر كتابي بإتباع
إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالمستحقات المالية المشار إليها في المادة
(1) من ذلك القانون، ومن بينها ما تضمنه النص الطعين بشأن إيجارات أملاك الدولة
الخاصة. علة ذلك.
(3) حجز إداري
"المنازعة في أصل الدين - وقف إجراءات البيع والحجز الإداري".
حرصاً من المشرع على أن
يقيم توازناً بين حق الدولة في اقتضاء حقوقها على النحو المتقدم، وبين حق المدين
المحجوز عليه أو الغير ممن تتأثر مصالحه بذلك الحجز، أجاز المنازعة أمام القضاء في
أصل الدين، أو في صحة إجراءات الحجز، أو في ملكية الأشياء المحجوز عليها، فرتب بنص
المادة (27) من ذات القانون على مجرد إقامة الدعوى في هذا الشأن وقف إجراءات الحجز
والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع.
(4) أملاك الدولة الخاصة
"إيجار - حجز إداري - تمييز مبرر".
إن تخويل الشخص العام
اقتضاء حقوقه الناشئة عن إيجار أملاكه الخاصة عن طريق الحجز الإداري، باعتباره
طريقاً ميسراً لاقتضاء تلك الحقوق، وذلك على خلاف القواعد المقررة في قانون
المرافعات بشأن التنفيذ الجبري الواجب اتباعها لاقتضاء حقوق سائر الدائنين، فإنه
ولئن كان ذلك يتضمن تمييزاً للشخص العام في هذا الصدد، إلا أن هذا التمييز مرده
تمكين الشخص العام من استئداء حقوقه من مدينيه للوفاء بالتزاماته في إشباع الحاجات
العامة، ومن ثم يقوم هذا التنظيم على أسس موضوعية تبرره ولا ينطوي بالتالي على
مخالفة لمبدأ المساواة.
----------------
1 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع
وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان التصريح بإقامة
الدعوى الدستورية قد اقتصر على نص البند (هـ) من المادة رقم (1) من قانون الحجز
الإداري، فإن نطاق الدعوى ينحصر في ذلك النص فيما تضمنه من جواز اتباع إجراءات
الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات أملاك الدولة الخاصة، وتغدو الدعوى فيما
جاوز نطاقها المتقدم غير مقبولة لعدم اتصالها بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع
التي رسمها القانون.
2 - الأصل المقرر في
قانون المرافعات المدنية والتجارية أن اقتضاء الحقوق عن طريق التنفيذ جبراً على
أموال المدين، لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنة قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا
بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها.
إلا أن المشرع قد خرج على هذا الأصل في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955،
بأن أجاز في المادة (2) منه لفئات معينة تمثل أشخاص القانون العام، إصدار أمر
كتابي باتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالمستحقات المالية المشار
إليها في المادة (1) من ذلك القانون، ومن بينها ما تضمنه النص الطعين بشأن إيجارات
أملاك الدولة الخاصة. استثناء يهدف المشرع من تقريره أن يكون بيد أشخاص القانون
العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها بما من شأنه أن يساهم في وفاء الدولة
بالتزاماتها تجاه المواطنين. ومن ثم فهو تنظيم تشريعي يتغيا بلوغ أغراض بعينها تعكس
مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها هذا التنظيم.
3 - حرصاً من المشرع على
أن يقيم توازناً بين حق الدولة في اقتضاء حقوقها على النحو المتقدم، وبين حق
المدين المحجوز عليه أو الغير ممن تتأثر مصالحه بذلك الحجز، أجاز المنازعة أمام
القضاء في أصل الدين، أو في صحة إجراءات الحجز، أو في ملكية الأشياء المحجوز
عليها، فرتب بنص المادة (27) من ذات القانون على مجرد إقامة الدعوى في هذا الشأن
وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع.
4 - تخويل الشخص العام
اقتضاء حقوقه الناشئة عن إيجار أملاكه الخاصة عن طريق الحجز الإداري، باعتباره
طريقاً ميسراً لاقتضاء تلك الحقوق، وذلك على خلاف القواعد المقررة في قانون
المرافعات بشأن التنفيذ الجبري الواجب اتباعها لاقتضاء حقوق سائر الدائنين، فإنه
ولئن كان ذلك يتضمن تمييزاً للشخص العام في هذا الصدد، إلا أن هذا التمييز مرده
تمكين الشخص العام من استئداء حقوقه من مدينيه للوفاء بالتزاماته في إشباع الحاجات
العامة، ومن ثم يقوم هذا التنظيم على أسس موضوعية تبرره ولا ينطوي بالتالي على
مخالفة لمبدأ المساواة.
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين
من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم
بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة
1955 في شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
ثلاث مذكرات انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة
المدعي ومصلحته، واحتياطياً: بعدم قبولها في شأن المادة الثانية المطعون عليها
لانتفاء المصلحة، ورفض الدعوى بالنسبة للنص الآخر.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد اتخذ
إجراءات الحجز الإداري ضد عيد طه حسن في مواجهة المدعي، وذلك لعدم سداده إيجار
أطيان مملوكة للدولة ملكية خاصة، وإذ تخلف المدعي بصفته حارساً على المال المحجوز
عليه عن تقديمه في اليوم المحدد للبيع، فقد تحرر ضده محضر أُتهم فيه بتبديد ذلك
المال، مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 395 لسنة 2001 مدني ببا الجزئية ضد المدعى
عليهما الأخيرين، بطلب الحكم بعدم الاعتداد بمحضر الحجز المؤرخ 13/ 2/ 2000 وما
يترتب عليه من آثار، وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة
الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، وإذ
قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة الأولى وصرحت
له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى
من هيئة قضايا الدولة أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعي، فهو مردود،
ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي قد عين حارساً على المال المحجوز
عليه إدارياً ثم وجه إليه اتهام بتبديد ذلك المال لعدم تقديمه في اليوم المحدد
للبيع، وكان الفصل في المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة له أثر جوهري
على مدى صحة إجراءات الحجز الإداري - محل الدعوى الموضوعية - بما من شأنه أن ينعكس
على ما سيؤول إليه التصرف في جريمة التبديد المتهم بها المدعي مما تتحقق به مصلحته
في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة، ويضحى الدفع تبعاً لذلك غير قائم على أساس
ويتعين القضاء بعدم قبوله.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الدعوى بالنسبة للمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز
الإداري، فهو سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية
يتحدد بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها تلك
المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية قد اقتصر على نص
البند (هـ) من المادة رقم (1) من قانون الحجز الإداري، فإن نطاق الدعوى ينحصر في
ذلك النص فيما تضمنه من جواز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات
أملاك الدولة الخاصة، وتغدو الدعوى فيما جاوز نطاقها المتقدم غير مقبولة لعدم
اتصالها بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها القانون.
وحيث إن المادة (1) من
قانون الحجز الإداري المشار إليه تنص على أنه "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز
الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها
المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفي الأماكن وللأشخاص الذين
يعينهم الوزراء المختصون: ... هـ. إيجارات أملاك الدولة الخاصة، ومقابل الانتفاع
بأملاكها العامة سواء في ذلك ما كان بعقد أو مستغلاً بطريق الخفية".
وحيث إن المدعي ينعى على
النص الطعين - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - أنه إذ أجاز للدولة اتخاذ
إجراءات الحجز الإداري في حالة عدم الوفاء بقيمة الأجرة المستحقة عن أملاكها
الخاصة، فإنه يكون قد جعل منها خصماً وحكماً ومنفذاً في نطاق علاقة قانونية مدنية،
هي بحسب طبيعتها تخضع لأحكام القانون الخاص، وتتساوى فيها الدولة كشخص عام مع سائر
أشخاص القانون الخاص في وجوب الالتجاء إلى القضاء لتقرير الحقوق واستئدائها طبقاً
لقواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذ
لم يتقيد النص الطعين بذلك فإنه يكون قد انطوى على المساس بالحماية المقررة لحق
الملكية، وأخل بحق التقاضي، وأهدر مبدأي المساواة وسيادة القانون وخضوع الدولة له
بالمخالفة للمواد (34 و40 و64 و65 و68) من الدستور.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه ولئن كان الأصل المقرر في قانون المرافعات المدنية والتجارية أن
اقتضاء الحقوق عن طريق التنفيذ جبراً على أموال المدين، لا يكون إلا بسند تنفيذي
استظل به دائنه قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة
قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها. إلا أن المشرع قد خرج على هذا الأصل في
قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، بأن أجاز في المادة (2) منه لفئات معينة
تمثل أشخاص القانون العام، إصدار أمر كتابي باتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم
الوفاء بالمستحقات المالية المشار إليها في المادة (1) من ذلك القانون، ومن بينها
ما تضمنه النص الطعين بشأن إيجارات أملاك الدولة الخاصة، من أن الأمر الصادر منها
يكون معادلاً للسند التنفيذي الذي يجوز التنفيذ به وفقاً لأحكام قانون المرافعات
المدنية والتجارية، وهو استثناء يهدف المشرع من تقريره أن يكون بيد أشخاص القانون
العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها بما من شأنه أن يساهم في وفاء الدولة
بالتزاماتها تجاه المواطنين. ومن ثم فهو تنظيم تشريعي يتغيا بلوغ أغراض بعينها
تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها هذا التنظيم.
وحرصاً من المشرع على أن
يقيم توازناً بين حق الدولة في اقتضاء حقوقها على النحو المتقدم، وبين حق المدين
المحجوز عليه أو الغير ممن تتأثر مصالحه بذلك الحجز، أجاز المنازعة أمام القضاء في
أصل الدين، أو في صحة إجراءات الحجز، أو في ملكية الأشياء المحجوز عليها، فرتب بنص
المادة (27) من ذات القانون على مجرد إقامة الدعوى في هذا الشأن وقف إجراءات الحجز
والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع.
وحيث إنه عن النعي
بمخالفة النص الطعين لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، فإنه
مردود بأن تخويل الشخص العام اقتضاء حقوقه الناشئة عن إيجار أملاكه الخاصة عن طريق
الحجز الإداري، باعتباره طريقاً ميسراً لاقتضاء تلك الحقوق، وذلك على خلاف القواعد
المقررة في قانون المرافعات بشأن التنفيذ الجبري الواجب اتباعها لاقتضاء حقوق سائر
الدائنين، فإنه ولئن كان ذلك يتضمن تمييزاً للشخص العام في هذا الصدد، إلا أن هذا
التمييز مرده تمكين الشخص العام من استئداء حقوقه من مدينيه للوفاء بالتزاماته في
إشباع الحاجات العامة، ومن ثم يقوم هذا التنظيم على أسس موضوعية تبرره ولا ينطوي
بالتالي على مخالفة لمبدأ المساواة.
وحيث إنه عن النعي
بمخالفة النص الطعين للحماية المقررة لحق الملكية ومخالفته مبدأ سيادة القانون،
فإنه مردود بأن قانون الحجز الإداري قد كفل للمحجوز عليه الحق في المنازعة في أصل
الدين وفي صحة إجراءات الحجز، وقضى بوقفها وجوباً وبقوة القانون إلى أن يفصل
نهائياً في تلك المنازعة، الأمر الذي يمثل تأكيداً لمبدأ سيادة القانون وخضوع
الدولة له، كما أن الدين باعتباره يمثل الجانب السلبي للذمة المالية للشخص فإن
اقتضاءه طبقاً لقواعد الحجز الإداري بعد الامتناع عن الوفاء به اختياراً لا ينطوي
على مساس بالحماية المقررة لحق الملكية.
وحيث إن النص الطعين لا
يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض
الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب
المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق