جلسة 9 ديسمبر سنة 2001
برئاسة السيد المستشار
الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن
نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر
عبدالله وعلي عوض محمد صالح
وحضور السيد المستشار/
سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين،
وحضور السيد/ ناصر إمام
محمد حسن - أمين السر.
--------------
قاعدة رقم (11)
القضية رقم 5 لسنة 22
قضائية "دستورية"
(1) المحكمة الدستورية
العليا "اختصاص: رقابة قضائية: محلها".
تختص المحكمة الدستورية
العليا دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
(2) دعوى دستورية
"دعوى مباشرة: عدم قبولها".
يعين لقبول الدعوى
الدستورية أن تقام من المدعي الذي صرحت له محكمة الموضوع بإقامتها؛ أثر ذلك: أن
الدعوى المقامة من بعض المدعين الذين لم تصرح لهم بذلك؛ تكون قد رفعت بالطريق
المباشر بما يجعلها غير مقبولة بالنسبة لهم.
(3) دعوى دستورية
"المصلحة الشخصية المباشرة: قاعدة قانونية ملغاة".
إلغاء المشرع لقاعدة
قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليهم خلال فترة نفاذها.
تحقق مصلحتهم الشخصية بإبطال ما ترتب على هذه القاعدة من آثار قانونية في شأنهم
إبان نفاذها.
(4) حق العاملين بالقطاع
العام "الإدارة: الأرباح". الملكية الخاصة.
تتناول أحكام المادة (26)
من الدستور إرساء قاعدة عامة بحق العاملين في إدارة المشروعات وفي أرباحها -
انصراف ذلك إلى مشروعات القطاع وحدها - اختلاف هذا الأمر بالنسبة للعاملين بوحدات
الإنتاج المملوكة ملكية خاصة، إذ تحدد لهم أحكام الدستور دائرة التخطيط التوجيهي
وليست دائرة التخطيط الاقتصادي الآمر؛ مؤدى ذلك: اقتصار التمسك بحكم المادة (26)
من الدستور على العاملين بالقطاع العام.
(5) مبدأ المساواة
"اختلاف المراحل الزمنية: السلطة التقديرية للمشرع".
استعمال المشرع سلطته
التقديرية لمواجهة الواقع المتغير عبر المراحل الزمنية؛ أثره: عدم الإخلال بمبدأ المساواة
لانتفاء اللازمة لإعماله.
(6) النظام الاقتصادي
"عناصره: ذاتيتها".
الصفة الاشتراكية للنظام
الاقتصادي وفقاً لنص المادة الرابعة من الدستور لا يترتب عليها إسقاط الفواصل
والفروق بين العناصر الاقتصادية المختلفة، وإنما تعني وصول كل دخل ناشئ عن هذه
العناصر لصاحبه على نحو عادل غير منقوص.
--------------
1 - الدفع بعدم اختصا ص
هذه المحكمة بنظر الدعوى الماثلة تأسيساً على أن البنك المدعى عليه من مشروعات
القطاع الخاص، فإنه وقد استقامت الدعوى طعناً بعدم دستورية الفقرة الأولى من
المادة (12) من قانون استثمار رأس المال العربي والأجنبي الصادر بالقانون رقم 43
لسنة 1974 وكانت هذه المحكمة هي المختصة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية
القوانين واللوائح أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو
أصدرتها، فإن الدفع يكون قد جاء بلا سند من القانون بما يوجب رفضه.
2 - الدفع بعدم قبول
الدعوى بالنسبة للمدعيين الثانية والثالث، فهو دفع صحيح، ذلك أنه إذ كان الدفع
بعدم الدستورية قد أُبدي أمام محكمة الموضوع من المدعي الأول وحده، وهو وحده الذي
صرحت له تلك المحكمة بإقامة دعواه الدستورية، فإن دعوى المدعيين الثانية والثالث
تكون قد رفعت بالطريق المباشر بما يجعلها غير مقبولة.
3 - إذ كان النص المطعون
عليه قد ألغي بالقانون رقم 230 لسنة 1989، إلا أن هذا النص قد طبق على المدعي
وأنتج آثاره القانونية قبله، وكانت الدعوى الموضوعية تدور حول أحقيته في نصيب من
أرباح البنك المدعى عليه بما لا تقل عن السنة المحددة لقوانين الشركات المساهمة
وقوانين الاستثمار اللاحقة على القانون رقم 43 لسنة 1974، فإن المدعي تكون قد
توافرت له المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن بعدم دستورية ذلك النص.
4 - مؤدى ما جرى عليه
قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن المادة (26) من الدستور بفقرتيها اللتين تتكامل
بهما أحكامها، وينهضان في تكاملهما محددين للنطاق الذي تنصرف إليه هذه الأحكام، ثم
بموضوع نص المادة (26) بأكمله ضمن أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من الدستور،
حين يسبقها نص المادة (24) بتأكيده سيطرة الشعب على كل أدوات الإنتاج، ثم تتراخى
الأحكام المتعلقة بالملكية الخاصة وصيانتها وحميتها لترد في المواد (32، 34، 35،
36)، يدل على أن أحكام المادة (26) فيما تناولته في الفقرة الأولى من إرساء قاعدة
عامة بحق للعاملين في إدارة المشروعات وفي أرباحها، وفيما فَصّلته الفقرة الثانية
بشأن تمثيل العاملين في الإدارة، وذلك كله عقب إيراد حكم المادة (24) المشار إليه،
إنما ينصرف إلى مشروعات القطاع العام وحدها، وهو ما جاء صريحاً جازماً في صدر
الفقرة الثانية بشأن الإدارة، مجزوماً به ضمناً بالنسبة للفقرة الأولى، بعطف
الفقرة الثانية عليها، وبما قطعت به الفقرة الأولى من التلازم المطلق بين نصيب
العاملين في إدارة المشروعات وأرباحها والتزامهم بتنفيذ الخطة في وحداتهم
الإنتاجية وفقاً للقانون، وهو التزام لا يقوم في تخطط آمر إلا في وحدات القطاع
العام وحدها، وتختلف وحدات الإنتاج المملوكة ملكية خاصة اختلافاً بّيناً في شأن
هذا الالتزام، حيث تنهض أحكام الدستور المتعلقة بحماية الملكية الخاصة محددة
للدائرة التي يمكن فيها لهذه الوحدات الاستجابة للخطط الاقتصادية العامة، وهي
دائرة التخطيط التوجيهي وليست دائرة التخطيط الاقتصادي الآمر. متى كان ما تقدم،
فإنه لا يكون للعاملين في غير وحدات القطاع العام المملوك للشعب، التمسك بحكم
المادة (26) من الدستور طعناً بها على قانون يتوجه فيه الخطاب إلى الوحدات
الاقتصادية المملوكة ملكية خاصة.
5 - النعي بأن المشرع بعد
إصداره القانون الذي تضمن النص الطعين - القانون رقم 43 لسنة 1974 - عاد في قانون
لاحق وألزم الشركات الخاضعة لقوانين الاستثمار بصرف نسبة لا تقل عن 10% من أرباحها
للعاملين لديها، وهو ما يعني الإخلال بمبدأ المساواة بين الذين خضعوا للقانون
الأول، والذين يُطبّق عليهم القانون الأخير، فإنه نعي مردود، ذلك أنه في الدائرة
التي يجيز فيها الدستور للمشرع أن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع،
وهي الدائرة التي تقع حَدّي الوجوب والنهي الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام
التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعاً واحداً، تعبيراً عن تغير الواقع عبر
المراحل الزمنية المختلفة، لا يعد إخلالاً بمبدأ المساواة الذي يستقي أحد أهم
مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني الخاضع لضوابط
المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد
طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يعد بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا
تحوّل هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد حائل دون التطور التشريعي. إذ
كان ذلك، وكان النص الطعين قد جعل تحديد نسبة أرباح العاملين من سلطة مجلس إدارة
الشركة، وفي مرحلة زمنية لاحقه صدر نص تشريعي آخر محدداً هذه النسبة بما لا يقل
عن10% من الأرباح، وكان كل من النصين قد صدر في دائرة السلطة التقديرية للمشرع،
وليس انصياعاً لوجوب دستوري، فإن النصين يكونان في تعاقبهما قد عبرا عن مرحلتين
زمنيتين مختلفتين تتأبى معهما المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة، ويكون النعي
بالإخلال بهذا المبدأ خليقاً بالرفض.
6 - النعي بمخالفة النص
الطعين لحكم المادة الرابعة من الدستور، فإنه بدوره مردود، ذلك أن النص في هذه
المادة على أن الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي
الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، ليس مؤداه إسقاط الفواصل والفروق بين
العناصر الاقتصادية المتباينة أو الأنظمة القانونية المختلفة، وإذ كان كل من الريع
والربح والأجر عنصراً اقتصادياً له ذاتيته الخاصة ونظامه القانوني المستقل، فإن
اشتراكية النظام لا تعني الخلط بين هذه العناصر والأنظمة، بأن يكون لصاحب الريع
نصيب في أجر العامل، أو لصاحب الربح نصيب في ريع صاحبه، وإنما تعني أن يصل كل دخل
من هذه الدخول لصاحبه على نحو عادل، وغير منقوص كأثر لغبن أو استغلال، وهو المضمون
الذي يكشف عنه بجلاء كامل ما أكدته المادة الرابعة المشار إليها من بعد بيانها
للأساس الاقتصادي للدولة، بنصها على الحيلولة دون الاستغلال، وحماية الكسب المشروع.
الإجراءات
بتاريخ السادس من يناير
سنة 2001، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم بعدم
دستورية بنص المادة (12) من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة
الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها أصلياً: الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً أولاً:
بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعيين الثانية والثالث، وثانياً: برفض الدعوى.
وقدم المدعى عليه الرابع
(البنك الوطني العماني المحدود) مذكرة طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطياً
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد التحقوا بخدمة
البنك المدعى عليه الرابع واستمروا في العمل عدة سنين حقق البنك خلالها - على ما
ذكروا - أرباحاً قام بتحويلها إلى مركزه الرئيسي، دون توزيع النسبة القانونية
المقررة للعاملين، مما دعاهم لإقامة الدعاوى أرقام 557 لسنة 1993 و 1134 لسنة 1995
و1173 لسنة 1995 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك
بأداء حصتهم من الأرباح التي حققها خلال مدة عملهم به، وقررت تلك المحكمة ضم
الدعويين رقمي 1134، 1173 لسنة 1995 للدعوى رقم 557 لسنة 1993 للارتباط وليصدر
فيها حكم واحد، وأثناء نظر هذه الدعاوى دفع المدعي في الدعوى الأصلية رقم 557 لسنة
1993 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 43 لسنة 1974،
وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام مع
المدعيين الآخرين الدعاوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من
المادة (12) من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر
بالقانون رقم 43 لسنة 1974 - والتي اقتصر تصريح محكمة الموضوع للمدعي بإقامة دعواه
الدستورية عليها - تنص على أن "تستثنى الشركات المنتفعة بأحكام هذا القانون
من حكم البنك (5) من المادة (14) من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام
الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة،
على أن يتم توزيع نسبة من الأرباح الصافية لهذه الشركات سنوياً على الموظفين
والعمال طبقاً للقواعد التي يقترحها مجلس إدارة الشركة وتعتمدها الجمعية العمومية".
وحيث إن المدعي ينعي على
النص المذكور مخالفته لأحكام المواد ( 4، 26، 34، 40) من الدستور إذ جعل توزيع الأرباح
على العاملين رهيناً بإرادة مجلس الإدارة دون التزامه بضوابط تتعلق بميقات صرف
الأرباح والنسبة المخصصة للعاملين منها على نحو ما نصت عليه قوانين الشركات
المساهمة وقوانين الاستثمار اللاحقة على القانون رقم 43 لسنة 1974 والتي حددت تلك
النسبة بما لا يقل عن 10% من صافي الأرباح مما أخل بالمساواة الواجبة بين العاملين
في الشركات الخاضعة للقانون رقم 43 لسنة 1974 وبين أقرانهم من الخاضعين للقوانين
الأخرى وبما يؤدي إلى استغلال تلك الشركات للعاملين لديها واعتدائها على حقوقهم
المالية مساساً بملكيتهم التي حماها الدستور.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
اختصا ص هذه الحكمة بنظر الدعوى الماثلة تأسيساً على أن البنك المدعى عليه من
مشروعات القطاع الخاص، فإنه وقد استقامت الدعوى طعناً بعدم دستورية الفقرة الأولى
من المادة (12) من قانون استثمار رأس المال العربي والأجنبي الصادر بالقانون رقم 43
لسنة 1974 وكانت هذه المحكمة هي المختصة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية
القوانين واللوائح أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو
أصدرتها، فإن الدفع يكون قد جاء بلا سند من القانون بما يوجب رفضه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الدعوى بالنسبة للمدعيين الثانية والثالث، فهو دفع صحيح، ذلك أنه إذ كان
الدفع بعدم الدستورية قد أُبدي أمام محكمة الموضوع من المدعي الأول وحده، وهو وحده
الذي صرحت له تلك المحكمة بإقامة دعواه الدستورية، فإن دعوى المدعيين الثانية
والثالث تكون قد رفعت بالطريق المباشر بما يجعلها غير مقبولة.
وحيث إنه وإن كان النص
المطعون عليه قد ألغي بالقانون رقم 230 لسنة 1989، إلا أن هذا النص قد طبق على
المدعي وأنتج آثاره القانونية قبله، وكانت الدعوى الموضوعية تدور حول أحقيته في
نصيب من أرباح البنك المدعى عليه بما لا تقل عن السنة المحددة لقوانين الشركات
المساهمة وقوانين الاستثمار اللاحقة على القانون رقم 43 لسنة 1974، فإن المدعي
تكون قد توافرت له المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن بعدم دستورية ذلك النص.
وحيث إن مؤدى ما جرى عليه
قضاء هذه المحكمة، أن المادة (26) من الدستور بفقرتيها اللتين تتكامل بهما
أحكامها، وينهضان في تكاملهما محددين للنطاق الذي تنصرف إليه هذه الأحكام، ثم
بموضع نص المادة (26) بأكمله ضمن أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من الدستور،
حين يسبقها نص المادة (24) بتأكيده سيطرة الشعب على كل أدوات الإنتاج، ثم تتراخى
الأحكام المتعلقة بالملكية الخاصة وصيانتها وحمايتها لترد في المواد (32، 34، 35،
36)، يدل على أن أحكام المادة (26) فيما تناولته في الفقرة الأولى من إرساء قاعدة
عامة بحق للعاملين في إدارة المشروعات وفي أرباحها، وفيما فَصّلته الفقرة الثانية
بشأن تمثيل العاملين في الإدارة، وذلك كله عقب إيراد حكم المادة (24) المشار إليه،
إنما ينصرف إلى مشروعات القطاع العام وحدها، وهو ما جاء صريحاً جازماً في صدر
الفقرة الثانية بشأن الإدارة، مجزوماً به ضمناً بالنسبة للفقرة الأولى، بعطف
الفقرة الثانية عليها، وبما قطعت به الفقرة الأولى من التلازم المطلق بين نصيب
العاملين في إدارة المشروعات وأرباحها والتزامهم بتنفيذ الخطة في وحداتهم
الإنتاجية وفقاً للقانون، وهو التزام لا يقوم في تخطيط آمر إلا في وحدات القطاع
العام وحدها، وتختلف وحدات الإنتاج المملوكة ملكية خاصة اختلافاً بّيناً في شأن
هذا الالتزام، حيث تنهض أحكام الدستور المتعلقة بحماية الملكية الخاصة محددة
للدائرة التي يمكن فيها لهذه الوحدات الاستجابة للخطط الاقتصادية العامة، وهي
دائرة التخطيط التوجيهي وليس دائرة التخطيط الاقتصادي الآمر.
وحيث إنه متى كان ما
تقدم، فإنه لا يكون للعاملين في غير وحدات القطاع العام المملوك للشعب، التمسك
بحكم المادة (26) من الدستور طعناً بها على قانون يتوجه فيه الخطاب إلى الوحدات
الاقتصادية المملوكة ملكية خاصة.
وحيث إنه عن النعي بأن
المشرع بعد إصداره القانون الذي تضمن النص الطعين - القانون رقم 43 لسنة 1974 -
عاد في قانون لاحق وألزم الشركات الخاضعة لقوانين الاستثمار بصرف نسبة لا تقل عن
10% من أرباحها للعاملين لديها، وهو ما يعني الإخلال بمبدأ المساواة بين الذين
خضعوا للقانون الأول، والذين يُطبّق عليهم القانون الأخير، فإنه نعي مردود، ذلك
أنه في الدائرة التي يجيز فيها الدستور للمشرع بأن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة
مقتضيات الواقع، وهي الدائرة التي تقع بين حَدّي الوجوب والنهي الدستوريين، فإن
الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعاً واحداً، تعبيراً عن
تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يعد إخلالاً بمبدأ المساواة الذي
يستقي أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني
الخاضع لضوابط المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد،
وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يعد بذاته إخلالاًَ بمبدأ
المساواة، وإلا تحوّل هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد حائل دون التطور
التشريعي. إذ كان ذلك، وكان النص الطعين قد جعل تحديد نسبة أرباح العاملين من سلطة
مجلس إدارة الشركة، وفي مرحلة زمنية لاحقه صدر نص تشريعي آخر محدداً هذه النسبة
بما لا يقل عن10% من الأرباح، وكان كل من النصين قد صدر في دائرة السلطة التقديرية
للمشرع، وليس انصياعاً لوجوب دستوري، فإن النصين يكونان في تعاقبهما قد عبرا عن
مرحلتين زمنيتين مختلفتين تتأبى معهما المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة،
ويكون النعي بالإخلال بهذا المبدأ خليقاً بالرفض.
وحيث إنه عن النعي
بمخالفة النص الطعين لحكم المادة الرابعة من الدستور، فإنه بدوره مردود، ذلك أن
النص في هذه المادة على أن الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام
الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، ليس مؤداه إسقاط الفواصل والفروق
بين العناصر الاقتصادية المتباينة أو الأنظمة القانونية المختلفة، وإذ كان كل من
الريع والربح والأجر عنصراً اقتصادياً له ذاتيته الخاصة ونظامه القانوني المستقل،
فإن اشتراكية النظام لا تعني الخلط بين هذه العناصر والأنظمة، بأن يكون لصاحب
الريع نصيب في أجر العامل، أو لصاحب الربح نصيب في ريع صاحبه، وإنما تعني أن يصل
كل دخل من هذه الدخول لصاحبه على نحو عادل، وغير منقوص كأثر لغبن أو استغلال، وهو
المضمون الذي يكشف عنه بجلاء كامل ما أكدته المادة الرابعة المشار إليها من بعد
بيانها للأساس الاقتصادي للدولة، بنصها على الحيلولة دون الاستغلال، وحماية الكسب
المشروع.
وحيث إنه إذ كان مؤدى ما
تقدم أن النص الطعين لا يخالف أحكام المواد (4، 26، 34، 40) من الدستور، كما وأنه
لا يخالف أي نص آخر في الدستور، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى الراهنة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض
الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب
المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق