الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 نوفمبر 2021

الطعن 113913 لسنة 65 ق إدارية عليا جلسة 13 / 3 / 2021

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإداريـة العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود حسـام الديـن رئيس مجلس الدولة ورئيـس المحكمـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / سعيـد حامـد شربيني قـلامي نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / محمد محمد السعيد محمد نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / سامح جمال وهبـة نصر نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / أحمد السيـد محمد محمود عطية نائب رئيس مجلس الدولـة

وحضور السـيد الأستاذ المستشـار / أشـرف سيـد إبراهيـم نائب رئيس مجلس الدولـة مفوض الدولة

وسكرتارية السيد / وائـل محمـود مصطفى أمين سـر المحكمـة

--------------------

أصدرت الحكـم الآتـي:

في الطعن رقم 113913 لسنة 65 ق . عليا

المقام من

(1)-
رئيس الجمهورية - بصفته -

(2)-
رئيس مجلس الوزراء ـ بصفته ـ

(3)-
رئيس مجلس النواب ـ بصفته ـ

(4)-
وزير العدل ـ بصفته ـ

ضـد

أولًا: المدعي الأصلي في الدعوى محل الحكم المطعون فيه: ………..

ثانيًا: الخصوم المتدخلين انضماميًّا للمدعي المذكور في الدعوى المشار إليها، وهم :

……………………..

وذلك طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الأولى)

بجلسة 31/7/2019 في الدعوى رقم 54378 لسنة 71 ق.

--------------
الإجراءات

بتاريخ 11/9/2019 أودعت هينة قضایا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم کتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه عاليه، والقاضي في منطوقه: أولًا- بقبول تدخل الخصوم المنضمين إلى جانب المدعي، وثانيًا- بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع: بالنسبة إلى الطلب الأول : بإلغاء قرار وزير العدل رقم ۱۰۸۷ لسنة 2000 المطعون فيه فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية المحضون، وفيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحدید مكان لتلك الرؤية مُغاير للأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (4) منه، وعلى النحو المبين بالأسباب، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفاته.

بالنسبة إلى الطلب الثاني: بعدم قبوله لانتفاء القرار الإداري، وألزمت المدعي والمتدخلين انضماميًّا له مصروفاته.

وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة  للأسباب الواردة في تقرير الطعن الماثل  تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار وزير العدل المطعون فيه رقم ۱۰۸7 لسنة ۲۰۰۰ فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية المحضون، وفيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لتلك الرؤية مُغاير للأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (4) منه، مع ما يترتب على ذلك من آثار  على النحو المبين بالأسباب  وذلك لحين الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الشق منه، والقضاء مُجددًا: أصليًا: بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًّا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الموعد، ومن باب الاحتياط : بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة ۲۰۰۰، ومن باب الاحتياط الكلي: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي في أي من الحالات السابقة.

وجرى إعلان المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 فيما تضمنه من تنظيم أماكن رؤية المحضون بالمادة (4) منه، والقضاء مُجددًا بعدم قبوله شكلًا في هذا الشق منه لرفعه بعد الموعد، وبتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، وإلزام الطاعنين بصفاتهم والمطعون ضدهم المصروفات مناصفةً.

وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 5/10/2020 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى – موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها بالجلسة التي تُحددها لذلك، مع إخطار الخصوم بالجلسة، حيث تحدد لنظره جلسة 5/12/2020، ونُظر الطعن أمام هذه المحكمة بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة ۲۰۲۱/۲/۱۳ قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر الحكم فيه بجلسة 13/3/2021 ،مع التصريح للخصوم بالاطلاع وإيداع مستندات ومذكرات خلال أسبوعين، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

--------------
المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.

وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية المُقررة قانونًا، فمن ثم يكون مقبولًا شكلًا.

وحيث إنه عن الموضوع، فإن عناصر النزاع المعروض تتحصل في أنه بتاریخ 22/1/2015 أقام المطعون ضده الأول الدعوى محل الحكم الطعين بموجب صحيفة أودعت قلم کتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وقُیدت بجدولها برقم 54378 لسنة ۷۱ق، طالبًا في ختامها الحكم بقبولها شكلًا، وفي الموضوع بإلزام الطاعنين بصفاتهم تنفيذ ما جاء في الفقرة (۳) من المادة (۹) من اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 44/25 المؤرخ ۲۰ نوفمبر ۱۹۸۹، والتي وقَّعت عليها جمهورية مصر العربية، وتم إقرارها والالتزام بالعمل بها على وفق المادتين رقمي (49، 151) من دستور۱۹۷۱، وبدء سریانها بدءًا من ۱۹۹۱/۹/۲، وكذلك إلزامهم تنفيذ ما جاء بالفقرة (۲) من المادة (۱۹) من اتفاقية الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والتي أُقرت في أديس أبابا بتاريخ 7/7/1990، وصدّقت عليها مصر بتاريخ 9/5/2001، وبدأ سريانها بدءًا من 22/5/2001، وذلك فيما تضمنتاه من النص على أحقية الطرف غير الحاضن في استضافة المحضون يومًا من كل أسبوع، ومدة مناسبة في إجازتي نصف العام الدراسي ونهايته والأعياد المختلفة، وكذلك العمل بشأن الحق في استضافة الطفل المحضون بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة عملًا بنص الفقرة الأولی من المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.

وذكر المطعون ضده الأول شرحًا لدعواه، أن وزير العدل أصدر القرار المطعون فيه رقم ۱۰۸۷ لسنة ۲۰۰۰ متضمنًا تحديد أماكن تنفيذ الأحكام الصادرة برؤية الصغير، ومدة الرؤية، بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية المشار إليها التي انضمت مصر إليها، وتمت الموافقة والتصديق عليها من السلطة المختصة، ومن ثم باتت هذه الاتفاقيات في منزلة القوانين السارية التي يتعين على سلطات الدولة الالتزام بأحكامها من تاريخ إقرارها من مجلس الشعب، إذ تضمن القرار المطعون فيه تنظيمًا لحق رؤية الصغير المحضون على نحو يغل يد القاضي عن الحكم بحق الأب في استضافة الصغیر المحضون في بيته والمبيت معه یومًا في الأسبوع، ومدد مناسبة في الإجازات، وأردف المطعون ضده الأول أنه لما كانت المادة (۲۰) من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 لم تُنظم حق استضافة الآباء أو الأجداد للصغير في حضانة أمه، فمن ثم يتعين الرجوع في هذا الشأن إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة عملًا بنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ سالف الذكر، وقواعد الشريعة الإسلامية الغراء، وذلك بحسبان رؤية الصغیر حقًّا مُقررًا شرعًا لكل من والديه، وقد نظم الفقهاء حق الرؤية ولم يطلقوه، وهي حق شرعي للأب ولا يحق للحاضنة منعه من ذلك، لأن الطفل جاء من صلب أبيه كما جاء من ماء أمه، وأن حق الحضانة هو حق خالص للطفل وليس للأم، وعليه يجوز للقاضي أن يحكم للطرف غير الحاضن باستضافة أبنائه يومًا كل أسبوع ومدة مناسبة في الإجازات المدرسية، ونهاية العام الدراسي والمناسبات لتدعيم صلة القربى بين الطفل الصغير وأهل أبيه، تحقيقًا للهدف من الحضانة ورعاية للمحضون على الوجه الأكمل، وهو ما يتفق مع جميع الشرائع السماوية وقوانين الأحوال الشخصية والاتفاقات الدولية، كما أن قانون الطفـل رقم ۱۲ لسنة ۱۹۹6 والمعدل بالقانون رقم ۱۲٦ لسنة ۲۰۰۸ نص في مادته الأولى على أن: تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة، وترعى الأطفال، ...، كما تكفل الدولة كحد أدنى حقوق الطفل الواردة باتفاقية حقوق الطفل وغیرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة في مصر، وهو ما حدا بعض من محاكم الأسرة المصرية إلى الاستناد إلى أحكام الاتفاقيات الدولية المشار إليها في إصدار أحكام قضائية بأحقية الآباء في استضافة الطفل المحضون، بينما غُلت يد السواد الأعظم من محاكم الأسرة في إصدار أحكام بالأحقية في استضافة المحضون بسبب خلو قانون الأحوال الشخصية من نصوص تُنظم هذا الحق، وصدور القرار المطعون فيه بتحديد مدة لحق الرؤية وأماكن لها تحول دون حق صاحب الرؤيا في استضافة المحضون، وخلص المطعون ضده الأول إلى أن امتناع الدولة بجميع سلطاتها عن القيام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية (اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن الاشتراك في النزاعات المسلحة، وميثاق حقوق الطفل العربي) على نحو يسمح للآباء باستضافة الطفل المحضون يُشكل في جانبها مسلكًا سلبيًا مخالفًا الدستور والقانون يستوجب القضاء بإلغائه، واختتم المطعون ضده الأول صحيفة دعواه بطلباته آنفة البیان.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة تقريرًا مُسببًا برأيها القانوني في الدعوى، ارتأت في ختامه الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًّا بنظر الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.

وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 27/4/2019 حضر المطعون ضده الأول بشخصه وقدم صحيفة معلنة بتصحيح شكل الدعوى بتعديل طلباته فيها لتكون الحكم بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع ببطلان قرار وزير العدل رقم ۱٠۸۷ لسنة ۲۰۰۰، وبإلزام المدعى عليهم بصفاتهم (الطاعنون) تنفيذ المادة (۳/۹) من اتفاقية حقوق الطفل والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ 20 نوفمبر 1989 (تاريخ بدء النفاذ ۳ من سبتمبر ۱۹۹۰)، والتي تم إقرارها والالتزام والعمل بها على وفق حكمي المادتين رقمي (49، ۱٥1) من الدستور المصري، والتي وقّعت عليها جمهورية مصر العربية وسرت في حقها بدءًا من ۱٩٩۱/۹/۲، وكذلك ما جاء باتفاقية الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته في الفقرة الثانية من المادة (۱۹) منه، والتي أُقرت في أديس أبابا بتاریخ ۱۹۹۰/۷/۷، وصدّقت عليها مصر بتاریخ 9/5/2001، وبدأ سریانها بدءًا من 22/5/2001، وذلك فيما نصت عليه الاتفاقيتان من أحقية الطرف غير الحاضن في استضافة الطفل المحضون لمدة يوم من كل أسبوع، ولمدة مناسبة في إجازتي نصف العام الدراسي ونهايته والأعیاد المختلفة، وهو ما يوافق أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة والمعمول به في قضايا الأحوال الشخصية فيما لم يرد بشأنه نص في قانون الأحوال الشخصية عملًا بنص المادة الثالثة من مواد إصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب، وبالجلسة ذاتها حضر المتدخلون المنضمون للمطعون ضده الأول، وطلبوا تدخلهم منضمين إليه في طلباته الختامية المعدلة، حيث تم التدخل في المواجهة وأُثبت ذلك في محضر تلك الجلسة، وبجلسة ۲۰۱۹/۷/۳۱ أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والقاضي في منطوقه: أولًا: بقبول تدخل الخصوم المنضمین إلى جانب المدعی، وثانيًا : بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع : بالنسبة إلى الطلب الأول : بإلغاء قرار وزير العدل رقم ۱۰٨۷ لسنة ۲۰۰۰ المطعون فيه فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية المحضون، وفيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لتلك الرؤية مُغاير للأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (4) منه، وعلى النحو المبين بالأسباب، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفاته.

بالنسبة إلى الطلب الثاني: بعدم قبوله لانتفاء القرار الإداري، وألزمت المدعي والمتدخلين انضماميًّا له مصروفاته .

وشيدت المحكمة قضاءها، فيما قضت به في الطلب الأول للمطعون ضدهم  بحسبانه الشق المطعون عليه بموجب الطعن الماثل  وبعد إعادة تكييفها لهذا الطلب التكييف القانوني الصحيح  على وفق حقيقة طلبات المطعون ضدهم الختامية المعدلة  ليكون الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة 2000 فيما تضمنه من تحديد أماكن الرؤية على النحو المنصوص عليه في المادة (٤) منه وحصرها في أربعة أماكن عامة، وكذا تنظيمه لمدة الرؤية في المادة (٥) منه، على أن الثابت من الأوراق أن كلًّا من المطعون ضده الأول والخصوم المتدخلين قد صدرت لمصلحتهم أحكام من محاكم شئون الأسرة بتحديد مكان وزمان الرؤية استنادًا إلى أحكام قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ المطعون فيه، ومن ثمَّ توفرت لهم المصلحة المباشرة في الدعوى باعتبار أن الحكم الصادر فيها يتعدى أثره إلى المتدخلين فيما لو قضي للمطعون ضده الأول بطلباته في الدعوى، ومن ثم فإن تدخلهم انضماميًّا إلى جانب المطعون ضده الأول يكون قائمًا على سنده المُبرر له.

وشيدت المحكمة قضاءها الطعين في موضوع الطلب الأول على أن المشرع الدستوري في المادة (١٧٠) منه قد عهد إلى رئيس مجلس الوزراء أو من يعينه القانون إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين شريطة ألا تتضمن تعديلًا لحكم في القانون، أو تعطيلًا لمقتضاه أو إعفاءً من تنفيذه، ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم يُنظمه القانون، ومن ثم فإن اللوائح لا تعد تشريعًا نافذًا إلا بالقدر الذي لا تنطوي فيه على ما يعد تعـديلًا أو تعطيـلًا لأحـكام القانون أو إعفاء من تنفيذه، فإن انطوت على ذلك فقدت قوتها الملزمة كتشريع في خصوص ما خالفت فيه القانون، وتهوي بها هذه المخالفة إلى درك الانعدام، إذ تصبح تشريعًا مشوبًا بعيب عدم الاختصاص الجسيم لصدوره عن السلطة التنفيذية في غير الأحوال المُقررة قانونًا، فضلًا عن مخالفتها الدستور الذي حدد الجهات التي تتولى إصدار القوانين سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية في الأحوال المرخص بها، ولما كان القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحديد أماكن رؤية المحضون وحصرها في أربعة أماكن عامة دون الأماكن الخاصة قد جاء مجحفًا بحقوق الطفل مهدرًا لمصلحته الفضلى، حيث جاء القرار خلوًا من نص يكفل للقاضي تحديد مكان لرؤية المحضون خلاف الأماكن الأربعة سالفة البيان، باعتبار أن العديد من القرى والعزب والكفور وبعض المناطق النائية والحدودية على مستوى الجمهورية لا تتوفر فيها تلك الأماكن الأربعة المنصوص عليها في القرار الطعين، كما أنه لم يأخذ في اعتباره ضرورة الاضطلاع بكل حالة على حدة لمُراعاة ظروف الطفل الصحية والعمرية واحتياجاته النفسية والذهنية، والتي تكون المحكمة هي الجهة الأجدر بتقديرها دون غيرها، وكذلك قد لا يتوفر في أي من الأماكن الأربعة المذكورة ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون فيه قد استن قاعدة موضوعية جديدة ـ منبتة الصلة بالقواعد الإجرائية - تتعلق بمدة رؤية المحضون، حيث لم يفوض القانون مُصدر القرار الطعين في تنظيمها لكونها من القواعد التي ينعقد الاختصاص بها قانونًا للقاضي بموجب المادة (٢٠) من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، وبذلك يكون هذا الشق من القرار المطعون فيه قد خالف أحكام الدستور والقانون مخالفة جسيمة تهوي به إلى درك الانعدام، ويضحى واجبًا إلغاؤه فيما تضمنه من تنظيمه لمدة الرؤية في المادة (٥) منه، وفيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لرؤية الصغير المحضون مُغاير للأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (٤) منه، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه في هذا الشق منه آنف البيان.

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى جهة الإدارة فقد أقامت طعنها الماثل ناعيةً على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ المطعون فيه فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية المحضون، وفيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لتلك الرؤية مُغاير للأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (٤) منه بأوجه النعي الآتية: أولًا: عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائيًّا بنظر هذا الطلب من الدعوى لتعلقه بعمل تشريعي. ثانيًا: أن طلب الإلغاء محل هذا الشق من الدعوى قد أُقيم بعد الموعد المُقرر قانونًا طبقًا لنص المادة (٢٤) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم كان يتعين تبعًا لذلك القضاء بعدم قبول هذا الطلب شكلًا لرفعه بعد الموعد. ثالثًا: عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم ٧ لسنة ٢٠٠٠ على سند من القول أن المطعون ضده الأول لم يتقدم بطلب إلى لجنة توفيق المنازعات إلا بعد إقامة دعواه بالمخالفة لنص المادة (١١) من القانون رقم ٧ لسنة ٢٠٠٠. رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه لإغفاله إجراءً جوهريًّا وهو عدم إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني بالنسبة إلى الطلبات المعدلة والتي تعد محل الدعوى الأساسي. خامسًا: مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وقصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال، استنادًا إلى أن القرار المطعون فيه رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ قد صدر من وزير العدل تنفيذًا لحكمي المادتين (٦٧)، (٦٩) من القانون رقم 1 لسنة 2000، الصادرتين بتفويض وزير العدل في إصدار قرار بتحديد الأماكن لتنفيذ الحكم الصادر عن القاضي بالرؤية بما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير وبعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية، ومن ثم فإن القرار الطعين لم يشبْه أي تجاوز أو اغتصاب للسلطة التشريعية أو القضائية، كما أن القرار المطعون فيه في هذا الشق منه هو محض قرار استرشادي للقاضي كما يظهر من نص المادة (٦) منه التي تنص على أن: يُنفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في المكان والزمان المبين بالحكم ، ومن ثم فإن شاء القاضي حكم بالمكان والزمان الذي يريد، وأما بشأن ما ذكره الحكم الطعين من أن الأطفال ليسوا فئة واحدة متجانسة فإن القرار المطعون فيه قد صدر بعد موافقة وزارة الشئون الاجتماعية على ما تضمنه في هذا الشـأن عملًا بنـص المـادة (٦٧) سالفـة البيان، وخلصت الجهـة الإداريـة الطاعنـة في ختـام تقرير الطعن  للأسباب الواردة به  إلى طلب القضاء بطلباتها سالفة الذكر.

وحيث إنه عن الوجه الأول للطعن بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًّا بنظر طلب إلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ المطعون فيه، فمردود عليه بأن المادة (٩٤) من الدستور الحالي الصادر عام ٢٠١٤ تنص على أن: سيادة القانون أساس الحكم في الدولة.

وتخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء، وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات .

وتنص المادة (٩٧) منه على أن: التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يُحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة .

كما تنص المادة (١٩٠) من الدستور الحالي على أن: مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية ... .

وحيث إن المادة (١٠) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ تنص على أن: تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: ...

(خامسًا): الطلبات التي يُقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية ...

(رابع عشر): سائر المنازعات الإدارية ... .

وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن القرار الإداري الصادر تطبيقًا أو تنفيذًا للقانون يكون مصدرًا لمركز قانوني فردي أو خاص متميز عن المركز القانوني العام المتولد عن القانون مباشرة، وأن العمل الإداري الذي يكون تطبيقًا لنص قانوني، وينشئ أو يُعدل مركزًا قانونيًّا، يُشكل قرارًا إداريًّا بالمعنى المتعارف عليه، وإذ حظر الدستور تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وأناط بمجلس الدولة  دون غيره  الاختصاص الأصيل بنظر جميع الطعون التي توجه ضد القرارات الإدارية، إلا ما يصدق عليه منها أنه من أعمال السيادة، فمن ثم تخضع جميع القرارات الإدارية فردية أو تنظيمية أو لائحية لرقابة القضاء الإداري بمجلس الدولة.

وحيث إن المنازعة محل الطعن الماثل تنحصر في طلب المطعون ضده الأول في دعواه محل الحكم الطعين الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة 2000 فيما تضمنه من تحديد أماكن ومدة رؤية الصغير المحضون، والصادر بناءً على التفويضين التشريعيين المنصوص عليهما في المادتين (٦٧، ٦٩) من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، فمن ثم يغدو النزاع المعروض متعلقًا بالطعن على قرار إداري لائحي يندرج الاختصاص بنظره ولائيًّا لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، الأمر الذي يضحى معه هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند صحيح من القانون، خليقًا بالرفض، وهو ما تكتفي المحكمة بإيراده بأسباب هذا الحكم عوضًا عن تكراره بمنطوقه.

وحيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لعدم إحالة الدعوى محل الحكم المطعون فيه إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميليي بالرأي القانوني في الطلب الإضافي للمطعون ضده الأول بإلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠، وكذلك قبول طلبات التدخل الانضمامي له من عدمه، فهذا النعي مردود عليه بأنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا، أنه متى اتصلت المحكمة المختصة بنظر الدعوى بعد اتباع سلسلة الإجراءات التي أشارت إليها المواد (٢٦ و٢٧ و٢٨) من قانون مجلس الدولة سالف الذكر، فلا وجه بعد ذلك لإعادة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستيفاء أي جوانب فيها، موضوعية كانت أو قانونية، سواء بالنسبة للطلبات الأصلية أو المعدلة، ما دامت الطلبات جميعها تتصل بموضوع واحد.

{في هذا المعنى حكمها الصادر في الطعنين رقمي رقم ١٦٨٣٤ و١٨٩٧١ لسنة ٥٢ ق. عليا بجلسة 16/12/2006}

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وإذ اتصلت محكمة أول درجة بنظر الدعوى محل الحكم المطعون فيه بعد اتباع سلسلة الإجـراءات التي أشارت إليها المواد (٢٦ و ٢٧ و ٢٨) من قانـون مجلـس الـدولة الصـادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢، فلا وجه بعد ذلك لإعادة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستيفاء أي جوانب فيها، موضوعية كانت أو قانونية، بما في ذلك الطلب المعدل بالإضافة موضوع الطعن الماثل، وطلبات التدخل المشار إليها، ما دامت هذه الطلبات جميعها الأصلية والمعدلة تتصل بموضوع واحد، وذلك عملًا بمبدأ الاقتصاد في الإجراءات القضائية، فالثابت من الأوراق أن الدعوى محل الحكم الطعين قد أحالتها محكمة القضاء الإداري قبل الفصل فيها إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، حيث جرى تحضيرها بالجلسات وحضر المطعون ضده الأول وقدم مستنداته ومذكرة بدفاعه، وكذلك الخصوم المتدخلون انضماميًّا له طالبين التصريح لهم باتخاذ إجراءات التدخل، وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير، ثم أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني في الطلب الأصلي للمطعون ضده الأول بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار تشريع يُنظم حق رؤية الصغير على نحو يسمح لصاحب الحق في الرؤية باستضافة الصغير والمبيت معه، وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أضاف المطعون ضده الأول إلى طلبه الأصلي طلبًا جديدًا بإلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ سالف الذكر، ولما كان الطلب الختامي الإضافي للمطعون ضده الأول بإلغاء قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠، وكذلك طلبات التدخل الانضمامي له تتصل جميعها وترتبط بموضوع الطلب الأصلي له والمودع فيه من هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري تقريرًا بالرأي القانوني فيه، إذ تدور هذه الطلبات جميعها في فلك الطعن بالإلغاء على القرارات المنظمة إيجابية كانت أم سلبية لحق رؤية الصغير أو الصغيرة على نحو يسمح للآباء باستضافة الصغير المحضون لمدة مناسبة، فمن ثم تغدو هذه الطلبات جميعها قد استوفت جميع الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، ولا وجه لإعادة بعضها من جديد إلى هيئة مفوضي الدولة لإبداء رأيها القانوني فيها، إعمالًا لمبدأ الاقتصاد في إجراءات التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة، الأمر الذي يضحى معه هذا النعي في غير محله مستوجبًا طرحه جانبًا والالتفات عنه.

وحيث إنه عن مبنـى الطعـن الثالـث بعـدم قبـول طلب إلغاء قـرار وزيـر العـدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠  محل الطعن الماثل  فيما تضمنه في المادة (٤) منه من تحديد أماكن الرؤية على النحو المنصوص عليه وحصرها في عدد أربعة أماكن عامة، وكذلك فيما تضمنه في المادة (٥) منه من تنظيم لمدة الرؤية، لرفعه بعد الميعاد، فإن المادة (٨٦) من الدستور المصري لعام١٩٧١ نصت على أن: يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع، ويُقر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يُمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على الوجه المبين في الدستور.

كما نصت المادة (١٤٤) من الدستور ذاته على أن: يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يُفوض غيره في إصدارها.

ويجوز أن يُعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه .

وحيث إن المادة (٢٠) من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمعدلة بالقانون رقم ٤ لسنة ٢٠٠٥ تنص على أن: ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويُخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن في البقاء في يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.

ولكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين.

وإذا تعذر تنظيم الرؤيا اتفاقًا، نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيًا ... .

وحيث إن المادة (٦٧) من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تنص على أن: يُنفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في أحد الأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية، وذلك ما لم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان آخر.

ويشترط في جميع الأحوال أن يتوفر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير.

كما تنص المادة (٦٩) من القانون ذاته على أن: يجرى التنفيذ بمعرفة المُحضرين أو جهة الإدارة.

ويصدر وزير العدل قرارًا بإجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك .

وحيث إن المادة (٤) من قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ بتحديد أماكن تنفيذ الأحكام الصادرة برؤية الصغير، والإجراءات الخاصة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك تنص على أنه: في حالة عدم اتفاق الحاضن أو من بيده الصغير والصادر لصالحه الحكم على المكان الذي يتم فيه رؤية الصغير، يكون للمحكمة أن تنتقي من الأماكن التالية مكانًا للرؤية وفقًا للحالة المعروضة عليها وبما يتناسب  قدر الإمكان  وظروف أطراف الخصومة، مع مُراعاة أن يتوافر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، ولا يُكبد أطراف الخصومة مشقة لا تحتمل :

١- أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية. ٢- أحد مراكز رعاية الشباب.

٣- إحدى دور رعاية الأمومة والطفولة التي يتوافر فيها حدائق. ٤- إحدى الحدائق العامة .

وتنص المادة (٥) منه على أنه: يجب ألا تقل مدة الرؤية عن ثلاث ساعات أسبوعيًا فيما بين الساعة التاسعة صباحًا والسابعة مساءً، ويُراعى قدر الإمكان أن يكون ذلك خلال العطلات الرسمية وبما لا يتعارض ومواعيد انتظام الصغير في دور التعليم .

كما تنص المادة (٦) من القرار ذاته على أن: يُنفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في المكان والزمان المبين بالحكم .

وحيث إنه من المُقرر في قضاء هذه المحكمـة أن نصـوص التشريعـات المختلفـة تُشكل في النهايـة منظومة تشريعية، تُفرز نسيجًا قانونيًّا واحدًا، تتكامل نصوصه فتكمل بعضها بعضًا، ولا تتصادم أو تتعارض، بما يؤدي إلى إنزال القاعدة الأصولية في التفسير من أن إعمال النص خير من إهماله.

وأن الأصل في النصوص التشريعية هو ألا تُحمل على غير مقاصدها، وألا تُفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يئول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعدُّ تشويهًا لها، سواء بفصلها عن موضوعها، أو بمُجاوزتها الأغراض المقصودة منها، إذ إن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص، والتي ينبغي الوقوف عندها هي تلك التي تُعتبر كاشفة عما قصده المشرع منها، مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، والمحكمة حين تُعمل سلطتها في التفسير القضائي للنصوص فإن ذلك يقتضيها ألا تعزل نفسها عن إرادة المشرع.

{في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم ٣٥٨٦ لسنة ٤٢ ق.عليا بجلسة 1/6/2000}

ومفاد ما تقدم، أن الدستور المصري الملغي والصادر عام ١٩٧١  بحسبان قرار وزير العدل المطعون فيه (مثار النزاع المعروض) قد صدر وبدأ العمل به في ظل سريان نصوص هذا الدستور  قد أناط في المادة (٨٦) منه برئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك سلطة إصدار اللوائح التنفيذية، وأجاز للقانون أن يُعين المختص بإصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذه، وقد نظم المشرع في المادة (٢٠) من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمعدلة بالقانون رقم 4 لسنة 2005، أحكام رؤية الصغير من جانب من ليس بيده الصغير وله الحق في رؤيته، حيث قرر حق كل من الأب والأم في رؤية الصغير أو الصغيرة الذي يكون في حضانة أحد الطرفين، كما قرر هذا الحق أيضًا لأجداد الصغير في حالة عدم وجود الأبوين، كوجود الأب خارج البلاد أو وفاته أو نحو ذلك، فيكون للجد لأب في هذه الحالة الحق في رؤية حفيده الصغير في حضانة أمه والاطمئنان على أحواله، ويسقط حق الأجداد في الرؤية في حالة وجود الأبوين.

والأصل أن يتفق الحاضن للصغير وصاحب الحق في رؤيته على تنظيم ممارسة حق الرؤية مكانًا وزمانًا، فإذا اتفق الطرفان وجب اعتماد ما اتفقا عليه، أما إذا تعذر الاتفاق بينهما على تنظيم هذا الحق من حيث المكان أو الزمان لأي سبب من الأسباب، انعقد الاختصاص بتنظيمه للقاضي إذا لجأ إليه طالب الرؤية بدعوى في هذا الشأن، وقد صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، ففوض المشرع في المادة (٦٧) منه وزير العدل  بعد أخذ موافقة وزير الشئون الاجتماعية  في حال عدم اتفاق الحاضن والصادر لمصلحته حكم بالرؤية على مكان تنفيذ رؤية الصغير في إصدار قرار بتحديد أماكن تنفيذ الأحكام الصادرة بالرؤية بشرط أن يتوفر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، كما فوض المشرع في المادة (٦٩) من القانون ذاته وزير العدل أيضًا في أن يُصدر قرارًا بإجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك.

وإنفاذًا لهذين التفويضين التشريعيين المنصوص عليهما في المادتين (٦٧) و(٦٩) من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، أصدر وزير العدل القرار المطعون فيه رقم ١٠٨٧ لسنه ٢٠٠٠ بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك، حيث أورد في المادة (4) منه أربعة أماكن لتنفيذ الأحكام الصادرة برؤية الصغير وهي: 1- أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية. ٢- أحد مراكز رعاية الشباب. ٣- إحدى دور رعاية الأمومـة والطفولة التي يتوافر فيها حدائـق. ٤- إحدى الحدائق العامة، وعلى أن يتوافر في هذه الأماكن ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير. كما نص القرار الطعين في المادة (٥) منه على حد أدنى لمدة الرؤية لا يقل عن ثلاث ساعات أسبوعيًا فيما بين الساعة التاسعة صباحًا والسابعة مساءً، وعلى أن يُراعى قدر الإمكان أن يكون ذلك خلال العطلات الرسمية وبما لا يتعارض ومواعيد انتظام الصغير في دور التعليم، وذلك كله في حالة عدم اتفاق الحاضن والصادر لمصلحته حكم رؤية الصغير على مكان وزمان الرؤية.

وهديًا على ما تقدم، ولما كان قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ فيما نص عليه في المادتين رقمي (٤) و(٥) منه، قد صدر استنادًا إلى التفويضين التشريعيين لوزير العدل المنصوص عليهما في المادتين رقمي (٦٧) و (٦٩) من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، واللتين أناطتا بوزير العدل مباشرةً بموجب نصين تشريعيين صريحين  بعد أخذ موافقة وزير الشئون الاجتماعية، وفي حال عدم الاتفاق بين طرفي النزاع على تنظيم ممارسة حق الرؤية مكانًا وزمانًا  سلطة تحديد أماكن رؤية الصغير المحضون، وتنظيم تنفيذ أحكام هذه الرؤية، وذلك بموجب قرار يصدر عنه في هذا الشأن، إذ خولته المادة (٦٧) من القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه سلطة إصدار قرار بتحديد أماكن تنفيذ الأحكام الصادرة برؤية الصغير المحضون، واستنادًا إلى هذا التفويض التشريعي أصدر وزير العدل القرار المطعون فيه متضمنًا في المادة (٤) منه  بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية  الأربعة أماكن المشار إليها لتنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون.

وحيث إن البين من مُطالعة صياغة نص المادة (٤) من القرار المطعون فيه أن ما ورد بها من أماكن لتنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون قد جاء على نحو لا يتعارض أو يتصادم مع سلطة القاضي المختص بنظر منازعات الرؤية في تحديد أماكن أخرى لتنفيذ حق الرؤية غير الأماكن الأربعة المنصوص عليها فيها، إذ لم تُوجب هذه المادة على المحكمة المختصة ألا تخرج في تحديدها لأماكن رؤية الصغير عن الأماكن الأربعة المنصوص عليها فيها، فالقرار المطعون فيه أورد في المادة (٤) منه هذه الأماكن الأربعة بحسبانها في الغالب الأعم من الأماكن العامة التي يتوفر فيها الضابطان اللذان أوجبت المادة المذكورة واستقر قضاء محكمة النقض في مسائل الأحوال الشخصية على وجوب توفرهما في أماكن رؤية الصغير المحضون، وهما: ١- أن يكون مكان الرؤية مما يتناسب قدر الإمكان وظروف أطراف الخصومة من حيث المسافة بين محل إقامة الخصوم ومكان الرؤية، وطبيعة وظروف المواصلات التي تصل بينهما. ٢- أن يتوفر في مكان الرؤية ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، ولما كان قياس مدى انطباق هذين الضابطين على الأماكن العامة المتاحة أمام القاضي المختص لاختيار أي منها مكانًا للرؤية من مسائل الواقع التي تختلف من حالة إلى أخرى بحسب ظروف الخصوم وحالتهم الاجتماعية والمادية، فمن ثم يستقل القاضي المختص بمنازعات الأسرة بتقديرها في ضوء ظروف وملابسات الحالة المعروضة عليه دون معقب عليه في هذا الشأن ما دامت النتيجة التي انتهى إليها في تحديد مكان الرؤية مستمدة من أصول وأدلة تنتجها واقعًا وقانونًا، ودون تقيده بالأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (٤) من القرار المطعون فيه، فإذا تبين للقاضي المختص في الحالة المعروضة عليه أن أيًّا من هذه الأماكن الأربعة سالفة الذكر لا يتوفر فيها بحكم الواقع الضابطان المشار إليهما، كأن يكون النادي أو مركز الشباب أو الحديقة -تبعًا لظروف الخصوم في منازعة الرؤية المعروضة على القاضي- لا يصلح أي منهم مكانًا للرؤية لبعد المسافة بين أي من هذه الأماكن ومحل إقامة الخصوم عن الحد المعقول أو في مكان ناءٍ لا تصل إليه المواصلات أو أضحى خربًا على نحو يُعرض حياة أطراف الرؤية للخطر، أو إذا تكشف للقاضي المختص في ضوء الحالة المعروضة عليه وجود مكان آخر أفضل لرؤية الصغير خارجًا عن عداد الأماكن الأربعة الواردة في القرار الطعين، ويتحقق فيه الضابطان المُقرران في هذا الشأن بقدر أكبر مما يتوفر في الأماكن الأربعة المنصوص عليها، فلا تثريب على القاضي المختص في هذه الحالة أن يختار مكانًا للرؤية غير الأماكن الأربعة الواردة في المادة (٤) من القرار المطعون فيه، ما دام قد توفر فيه الضابطان المشار إليهما، الأمر الذي ينتفي معه عن القرار المطعون عليه فيما تضمنه في المادة (٤) منه من تحديد أربعة أماكن لرؤية الصغير مظنة اعتدائه أو تقييده لسلطة القاضي المختص في تحديد أماكن أخرى لرؤية الصغير – بحسب ظروف الحالة المعروضة عليه  يُقدر القاضي بما له من سلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن أن هذه الأماكن الخارجة من عداد الأماكن الأربعة المنصوص عليها تتحقق فيها الضوابط المُقررة في القانون لصلاحية مكان رؤية الصغير بصورة أكبر وأفضل للصغير المحضون وطرفا الرؤية من الأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (٤) من القرار المطعون فيه، ولا محل قانونًا لما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه ومنطوقه من أنه كان يتعين أن يتضمن نص المادة (٤) من القرار المطعون فيه بعد أن عدد أماكن رؤية الصغير الأربعة عبارة ما لم يُحدد القاضي مكانًا آخر للرؤية ؛ إذ إن هذه العبارة المطلوب إضافتها تنطوي على تفويض من مُصدر القرار وهو وزير العدل للقاضي في تحديد أماكن أخرى، وهو ما لا يجوز قانونًا لكون وزير العدل مفوضًا من المشرع في تحديد أماكن الرؤية المنصوص عليه في المادة (٤) من القرار الطعين، ولا يجوز للمفوض أن يفوض غيره في الاختصاص المُقرر له قانونًا بموجب نص تشريعي فوضه في هذا الاختصاص ولم يفوضه في تفويض غيره فيه، فالقاعدة أنه لا يجوز التفويض في التفويض بغير نص.

وحيث إنه بشأن النعي ببطلان المادة (٥) من القرار المطعون فيه على سند من تنظيمها مدة رؤية الصغير المحضون دون تفويض من السلطة التشريعية لمُصدر القرار (وزير العدل) في هذا الشأن، مما يُشكل اعتداءً وافتئاتًا على السلطة التشريعية، فإن ذلك مردود عليه بأن تنظيم وزير العدل لمدة الرؤية على نحو ما تضمنته المادة (٥) من القرار المطعون فيه قد جاء استنادًا إلى التفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة (٦٩) من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والذي فوض وزير العدل في إصدار قرار بتنظيم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة برؤية الصغير المحضون، وتسليمه  وذلك في حالةعدم اتفاق الحاضن وصاحب الحق في الرؤية على تنظيم ممارسة حق الرؤية مكانًا وزمانًا ـ وهذا التنظيم المفوض فيه وزير العدل يتسع ليشمل  على نحو ما تضمنته المادة (٥) من القرار المطعون فيه  وضع ضوابط لمدة الرؤية تكفل الحد الأدنى لمدة رؤية الصغير المحضون أسبوعيًا، والأوقات التي يتعين أن يكون تنفيذ حكم الرؤية خلالها، بحيث تتفق هذه الأوقات وطبيعة الأماكن المعينة في الحكم القضائي من حيث مواعيد العمل بها، وكذلك مُراعاة تحقيق هذه الضوابط لمدة الرؤية للمصلحة الفضلى للصغير وهي الغاية الأسمى من إقرار وتنظيم حق الرؤية، من حيث مناسبة مواعيد الرؤية وعدم تعارضها مع أوقات نوم الصغير المحضون وطعامه وترفيهه، ودراسته، وقد جاءت هذه الضوابط المنصوص عليها في المادة (٥) من القرار المطعون فيه لتنظم أوقات تنفيذ أحكام الرؤية على نحو يتفق ويتسق مع حدود حق رؤية الصغير المحضون والتي تقف بهذا الحق عند رؤية صاحب الحق في الرؤية للصغير المحضون في المكان المحدد للرؤية في حضور الحاضن وتحت بصره وسيطرته، ودون أن يمتد هذا الحق إلى اصطحاب من له الحق في الرؤية للصغير المحضون بعيدًا عن الحاضن ودون موافقته  ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك  وعلى ذلك فالمدة المناسبة لرؤية صاحب الحق في الرؤية للصغير المحضون يتعين أن تكون متناسبة ومتماشية مع مفهوم الحق القانوني والشرعي الصحيح لحق رؤية الصغير المحضون، ولا تتجاوزه بحيث تُخرج هذا الحق من إطاره المُحدد له لتدخله في إطار حق آخر مستقل عنه في طبيعته ومفهومه وهو حق استضافة الصغير المحضون من جانب من له الحق في ذلك  على نحو ما يُطالب به المطعون ضدهم في دعواهم محل الحكم الطعين  والذي خلا قانون الأحوال الشخصية الحالي من نصوص تُنظم هذا الحق (حق استضافة الصغير المحضون) أو تفوض السلطة التنفيذية في تنظيمه، ومن ثم لم يتناوله القرار المطعون فيه بالتنظيم في مادتيه رقمي (٤)، (٥) بالتنظيم، واللتين اقتصرتا على تنظيم حق رؤية الصغير المحضون مكانًا وزمانًا  بناءً على تفويض تشريعي في الحالتين  بوضع ضوابط مشروعة لمكان وزمان الرؤية تكفل الحفاظ على هذا الحق، وتحول دون العنت في استخدامه من جانب صاحب الحق فيه أو من جانب الحاضن، على نحو يؤدي إلى إهداره أو الانتقاص منه أو يتعارض مع المصلحة الفضلى للصغير المحضون، وبما لا يُغل يد القاضي عن تحديد أماكن أخرى ومواعيد للرؤية غير المنصوص عليها في المادتين رقمي (٤، ٥) من القرار المطعون فيه، بحسب الحالة المعروضة عليه على النحو سالف البيان .

وبناءً على ما تقدم، يغدو القرار المطعون فيه فيما تضمنه في المادتين رقمي (٤)، (٥) منه من تنظيم تنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون مكانًا وزمانًا، قد صدر من المختص قانونًا بإصداره، ملتزمًا بتخوم وحدود التفويض التشريعي الصادر له في هذا الشأن، وشكلت نصوصه مع نصوص قانون الأحوال الشخصية الحالي، والقانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، منظومة تشريعية، أفرزت نسيجًا قانونيًّا واحدًا، تكاملت نصوصه وصولًا لتنظيم متجانس لتنظيم ممارسة حق الرؤية بمفهومه الصحيح شرعًا وقانونًا، الأمر الذي يقتضي إعمال هذه النصوص جميعًا عملًا بالقاعدة الأصولية التي تقضي بأن إعمال النص خير من إهماله، بحسبانها لم تتعارض بل على العكس تكاملت وتعاضدت في تنظيم تنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون مكانًا وزمانًا، علـى النحـو سالف البيان، ومن ثم فقـد تـوفرت للقـرار المطعـون فيـه أركان انعقاده من إرادة ومحل وسبب، وإذ جاء القرار الطعين  على نحو ما تقدم  تعبيرًا عن إرادة الجهة الإدارية بما لها من سلطة مستمدة من التفويض التشريعي لمُصدر هذا القرار في إصداره، قائمًا على سببه الصحيح، مصادفًا محله، وخاليًا من عيب عدم الاختصاص الجسيم الذي يصل إلى حد غصب السلطة القضائية أو التشريعية، فمن ثم ينتفي عن القرار المطعون عليه فيما تضمنه في المادتين رقمي (٤)، (٥) منه من تنظيم تنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون مكانًا وزمانًا وصف الانعدام الذي يخرجه من عداد القرارات الإدارية ويهوي به إلى أن يكون مجرد عمل مادي لا تلحقه حصانة من السحب والإلغاء.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن موعد الطعن في القرارات التنظيمية العامة من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، أما القرارات الفردية التي تمس مراكز قانونية ذاتية فيجري الطعن عليها من تاريخ إعلانها إلى أصحاب الشأن - يقوم مقام النشر والإعلان تحقق علم صاحب الشأن بالقرار علمًا يقينيًّا، لا ظنيًّا ولا افتراضيًّا.

كما أنه من المُقرر في قضائها أن الإعلان بالقرار الفردي هو الأصل، أما النشر فهو الاستثناء، فلا يسري النشر حيث يكون الإعلان ممكنًا إلا أنه لا محل لالتزام وسيلة الإعلان بالنسبة إلى القرارات التنظيمية؛ لأنه لا يتصور حصر الأشخاص الذين تحكمهم.

{في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم ٦٣٠٦ لسنة ٤٥ ق. عليا بجلسة 8/12/2001}
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن قرار وزير العدل المطعون عليه رقم ١٠٨٧ لسنة 2000 المشار إليه قد صدر بتاريخ 6/3/2000، ونُشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (٥٥) - تابع – بتاريخ 7/3/2000، وإذ أقام المطعون ضده الأول دعواه محل الحكم الطعين أمام محكمة القضاء الإداري بالطعن بالإلغاء مباشرةً على هذا القرار التنظيمي العام بتاريخ 22/1/2015، فمن ثم يغدو طلب إلغاء هذا القرار قد أُقيم بعد انقضاء الموعد المُقرر قانونًا طبقًا لحكم المادة (٢٤) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب لرفعه بعد الموعد.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه في هذا الشق منه هذا النظر، فيكون قد خالف صحيح حكم القانون، متعينًا الحكم بإلغائه، والقضاء مُجددًا بعدم قبول طلب إلغاء قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 لرفعه بعد الموعد.
وحيث إن من يخسر الطعن يُلزم بمصروفاته، عملًا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في طلب الإلغاء الأول، والقضاء مُجددًا بعدم قبول هذا الطلب لرفعه بعد الموعد  على النحو المبين بالأسباب  وألزمت المطعون ضدهم مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.

صدر هذا الحكم وتُلي علنًا بالجلسة المنعقدة يوم السبت29 من رجب سنة1442هجرية، الموافق 13 من مارس سنة2021 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق