جلسة 18 من مارس سنة 1974
برياسة السيد المستشار/
جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية،
وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وعبد الحميد محمد الشربيني.
----------------
(66)
الطعن رقم 259 لسنة 44
القضائية
(1) (1)
دخان. تهريب جمركي.
تعويض. غش. خلط. دعوى مدنية.
المقصود بالدخان المغشوش
في حكم القانون 74 لسنة 1933 جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها
دخان وليست منه. أما الدخان المخلوط فهو الذى تخلط به أو تدس فيه مواد غريبة بأية
نسبة.
عدم إفصاح الشارع في القانون
رقم 92 لسنة 1964 عن المقصود بالغش أو الخلط. وجوب الرجوع في ذلك إلى القانون 74
لسنة 1933 الذى أورده الشارع في ديباجة القانون الأول وأبقى عليه دون إلغاء.
تقديم المطعون ضده بوصف
عرضه دخانا (نشوق) للبيع يحتوى على رمال هو في حقيقته خلط بمواد غريبة مما يؤثمه
القانون 74 لسنة 1933 وليس غشا حقيقيا أو حكما.
الخلط المؤثم الذى يعتبر
تهريبا وفق الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 هو الذى
يكون موضوعه تبغا مما نصت عليه الفقرات الثلاث الأول من هذه المادة على سبيل الحصر.
دخان النشوق لا يندرج في أى نوع منها. حيازته لا تشكل تهريبا وفق المادة المذكورة وبالتالي
فلا حق لمصلحة الجمارك في المطالبة بالتعويض.
(2، (3 تهريب جمركي. جمارك. جريمة. تبغ. دخان. قانون.
"تفسيره. إثبات". "بوجه عام".
(2) حيازة التبغ فيما وراء الدائرة الجمركية من غير
المهرب له. عدم اعتباره تهريبا ما لم تتوافر فيه إحدى حالات التهريب الحكمي طبقا
للمادة الثانية من القانون 92 لسنة 1964.
(3) الأصل اعتبار البضائع
الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية خالصة الرسوم الجمركية. مدعى خلاف ذلك هو
المكلف بإثباته.
---------------
1 - يبين من استقراء نصوص
المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان المعدل
بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و 86 لسنة 1948 والمادتين الأولى والثانية من
القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ – أن الشارع قد أبان في القانون رقم
74 لسنة 1933 عن مقصوده بالدخان المغشوش بأنه جميع المواد المعدة للبيع أو
الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه. وأبان عما يعنيه بالدخان المخلوط بأنه الذى
تخلط به أو تدس فيه مواد غريبة بأية نسبة، بيد أن المشرع لم يفصح في القانون رقم
92 لسنة 1964 عن المقصود بالغش، واجتزأ في مجال بيان ما يعتبر من الغش على إعداد
التبغ من الفضلات، كما لم يفصح عن مقصوده بالخلط. ولما كان الشارع وقد أشار في ديباجة
القانون الأخير إلى القانون الأول ولم يلغه كما ألغى غيره من قوانين آخر ألمع
إليها في الديباجة نفسها فإنه يلزم الرجوع في تعريف مقصوده بكل من الغش والخلط إلى
ذلك القانون الذى أشار إليه وأبقى عليه. وكانت الواقعة كما أوردها الحكم المطعون
فيه من أن المطعون ضده عرض للبيع دخانا (نشوقا) يحتوى على مادة غريبة (رمل) فإنه
على النظر المتقدم يكون الوصف الصحيح لها أنها خلط دخان بمواد غريبة مما يؤثمه القانون
رقم 74 لسنة 1933 سالف الذكر – وليست غشا بإعداد مواد للبيع أو الاستهلاك بوصف
أنها دخان وليست منه، ولا هي في حكم الغش بعرض دخان باسم غير صحيح، أو بإعداده من
الفضلات. وكان الخلط المؤثم الذى يعتبر تهريبا وفق الفقرة الرابعة من المادة
الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 هو الذى يكون موضوعه تبغا مما نصت عليه
الفقرات الثلاث الأول من هذه المادة على سبيل الحصر وهو التبغ المستنبت أو المزروع
محليا والتبغ السوداني أو التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي والتبغ المغشوش
والمعتبر مغشوشا بإعداده من الفضلات ولما كان الدخان مثار الطعن لا يندرج في أي
نوع منها وإنما هو دخان مسحوق لصناعة العطوس (نشوق) فان جنوح الطاعنة (مصلحة
الجمارك) إلى تخطئة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من رفض دعواها بالتعويض
قولا منها بأن الواقعة تعتبر تهريبا وفق المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة
1964، يكون قولا غير سديد، ويكون طعنها متعين الرفض.
2 - جرى قضاء محكمة النقض
في تفسير قوانين التهريب الجمركي بعامة، والقانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب
التبغ بخاصة على أنه لا تعد حيازة السلعة من غير المهرب لها – فاعلا كان أو شريكا
– وراء الدائرة الجمركية تهريبا إلا إذا توافر فيما يختص بتهريب التبغ إحدى حالات
التهريب الحكمي المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون المذكور.
3 - الأصل هو أن البضائع
الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن مدعى خلاف
ذلك هو المكلف قانونا بإثباته.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه في يوم 6 سبتمبر سنة 1960 بدائرة قسم أول أسيوط محافظتها، (أولا)
بصفته صاحب مصنع دخان أحرز بقصد البيع دخان مخلوطا مع علمه بذلك على النحو المبين
بالمحضر. (ثانيا) هرب التبغ على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1و 3 و
4 و 6 و 6 مكرر و7 و 8 من القانون 74 لسنة 1933 المعدل والمواد 1و 2 و 3 و 4 من
القانون 92 لسنة 1964. وادعى وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك
مدنيا بمبلغ 1251 ج و 625 م على سبيل التعويض قبل المتهم ومحكمة جنح بندر أسيوط
الجزئية قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 23 من يناير سنة 1971 عملا بمواد الاتهام
بتغريم المتهم جنيهان والمصادرة وإلزامه بأن يؤدى للمدعى المدني بصفته تعويضا. فاستأنف
المتهم. ومحكمة أسيوط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 10 مايو سنة
1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييده فيما قضى به من عقوبة الغرامة
والمصادرة وإلغائه فيما قضى به من تعويض بلا مصاريف جنائية فطعن وزير الخزانة
بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم
من مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه – إذ قضى بإلغاء
حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من إلزام المطعون ضده بالتعويض – قد أخطأ في تطبيق
القانون وخالف الثابت في الأوراق ذلك بأنه أقام قضاءه على أن الحكم المستأنف فصل
في واقعة إحراز الدخان المغشوش – وطبق في شأنها أحكام القانون رقم 74 لسنة 1933 التي
لا توجب الحكم بالتعويض، وأغفل الفصل في واقعة تهريب التبغ والتي تخضع لنصوص
القانون رقم 92 لسنة 1964 التي توجب القضاء بالتعويض، في حين أن حيازة الدخان
المغشوش أو المخلوط وفقا لأحكام هذا القانون الأخير تعتبر تهريبا مما يستتبع على
سبيل الوجوب عند الحكم بالإدانة القضاء بالتعويض والثابت من الأوراق أن الدخان
المضبوط ينطبق عليه وصف الدخان المغشوش إذ كشف التحليل عن احتوائه على مادة غريبة
ليست منه وأن الحكم المستأنف قد أفصح في أسبابه عن توافر مسئولية المطعون ضده
الجنائية والمدنية عن جريمة التهريب وبذا لم يغفل الفصل فيها مما كان يتعين معه
تأييده فيما قضى به من تعويض.
وحيث إن البين من الأوراق
أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه (أولا) بصفته صاحب مصنع دخان
أحرز بقصد البيع دخانا مخلوطا مع علمه بذلك. (ثانيا) هرب التبغ على النحو المبين
بالمحضر. وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 1 و 3و 4و 6و 6 مكرر و 7و 8 من
القانون 74 لسنة 1933 المعدل وبالمواد 1و 2 و 3 و 4 من القانون 92 لسنة 1964وطلب
وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك إلزام المطعون ضده بأن يؤدى للمصلحة
مبلغ 1251 ج و 625 م على سبيل التعويض. وقضت محكمة أول درجة عملا بمواد الاتهام
بتغريم المطعون ضده 200 قرش والمصادرة وبإلزامه بأن يؤدى للمصلحة التعويض المطلوب،
وقضى الحكم المطعون فيه في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبتي
الغرامة والمصادرة وبإلغائه فيما قضى به من تعويض وحصل واقعة الدعوى في قوله أن
المتهم – المطعون ضده – وهو صاحب مصنع لإنتاج الدخان وتعسيله تقدم بتاريخ 4 من
سبتمبر سنة 1969 بطلب إلى إدارة تفتيش إنتاج أسيوط لإجراء عملية تعسيل أدخنة وزنها
الصافي 15 كيلو جرام وقدم المستندات الخاصة بالدخان الجاف فصرحت له مصلحة الجمارك بإجراء
عملية التعسيل وحصلت على عينة من الدخان الجاف المصرح له به لتصنيع المعسل منه
وذلك بموجب المحضر المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1969 وبعد أن قام المتهم بعملية التعسيل
أخذت منه عينة وأرسلت العينتان إلى معمل تحليل الدخان بالقاهرة فأفاد بتقريره
المؤرخ 20 من سبتمبر سنة 1969 بأن عينة الدخان المعسل غير مطابقة للقرار الوزاري
رقم91 لسنة 1933 لاحتوائها على رمل كمادة غريبة وأن عينة الدخان لا تمثل حقيقة
الدخان الداخل في صناعة الدخان المعسل.
وحيث إنه لما كانت المادة
الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان المعدل بالقانونين
رقمي 79 لسنة 1944 و 86 لسنة 1948 – قد نصت على أنه تعتبر كلمة الدخان في تطبيق
أحكام هذا القانون شاملة للسجاير والسيجار وأوراق الدخان بالساق أو مجردة منه
والدخان المسحوق والمكبوس والمقطوع والمفروم وبصفة عامة الدخان على أي شكل كان،
ويعتبر التمباك على جميع أشكاله نوعا من أنوع الدخان ويقصد بعبارة الدخان المغشوش
جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه ويعتبر في حكم
الدخان المغشوش الدخان المعروض باسم غير صحيح والدخان المعد من فضلات التمباك أو
أعقاب السيجار أو السجاير أو ما تتخلف عن الاستعمال. ويقصد بعبارة الدخان المخلوط
.......... الدخان الذى تخلط به أو يدس معه مواد غريبة بأية نسبة كانت". كما
نصت المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1964 - في شأن تهريب التبغ على أنه:
"يقصد بالتبغ في تطبيق أحكام هذا القانون جميع أنواعه وأشكاله من السجاير
والسيجار وأوراق التبغ بالساق أو مجردة منه والتبغ المسحوق والمكبوس والمقطوع
والمفروم والتمباك بجميع أشكاله سواء كان التبغ خالصا أو مخلوطا بمواد أخرى وفقا
لما ترخص به القوانين". كما نصت المادة الثانية منه على أنه: "يعتبر
تهريبا (أولا) استنبات التبغ أو زراعته محليا. (ثانيا) إدخال التبغ السوداني أو
التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي أو بذور التبغ بكافة أنواعه إلى البلاد. (ثالثا)
غش التبغ أو استيراده مغشوشا ويعتبر من الغش إعداد التبغ من أعقاب السجاير
والسيجار أو ما يتخلف عن استعمال التمباك. (رابعا) تداول التبغ المنصوص عليه في الفقرات
السابقة أو حيازته أو نقله أو خلطه على غير ما يسمح به القانون، وكذلك تداول
البذور أو حيازتها أو نقلها"... لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء هذه
النصوص جميعا أن الشارع قد أبان في القانون رقم 74 لسنة 1933 عن مقصده بالدخان
المغشوش بأنه جميع المواد المعدة للبيع أو للاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه.
وأبان عما يعتبر في حكم الدخان المغشوش بأنه الدخان المعروض باسم غير صحيح أو
المعد من الفضلات، كما أبان عما يعنيه بالدخان المخلوط بأنه الذى تخلط به أو تدس
فيه مواد غريبة بأية نسبة، بيد أن المشرع لم يفصح في القانون رقم 92 لسنة 1964 عن
المقصود بالغش واجتزأ في مجال بيان ما يعتبر من الغش على إعداد التبغ من الفضلات
كما لم يفصح عن مقصوده بالخلط لما كان ذلك، وكان الشارع وقد أشار في ديباجة
القانون الأخير إلى القانون الأول ولم يلغه كما ألغى غيره من قوانين آخر ألمع
إليها في الديباجة نفسها، فإنه يلزم الرجوع في تعريف مقصوده بكل من الغش والخلط
إلى ذلك القانون الذى أشار إليه وأبقى عليه. لما كان ذلك، وكانت الواقعة كما
أوردها الحكم المطعون فيه هي أن المطعون ضده بصفته صاحب مصنع دخان أحرز دخانا
مخلوطا مع علمه بذلك، فإنه على النظر المتقدم يكون الوصف الصحيح لها على ضوء ما
بان من نتيجة التحليل هو أن المطعون ضده أحرز دخانا مخلوطا بمادة غريبة هى الرمل
مما يؤثمه القانون رقم 74 لسنة 1933 سالف الذكر وهى ليست غشا بإعداد مواد للبيع أو
الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه. لما كان ذلك، وكان الخلط المؤثم الذي يعتبر
تهريبا وفق الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 – وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هو ذلك الذي يكون موضوعه تبغا مما نصت عليه الفقرات
الثلاث الأولي من هذه المادة على سبيل الحصر وهو التبغ المستنبت أو المزروع محليا
والتبغ السوداني أو التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي، والتبغ المغشوش والمعتبر
مغشوشا بإعداده من الفضلات – لما كان ذلك، وكان الدخان مثار الطعن لا يندرج في أي
نوع منها، فان جنوح الطاعنة إلى تخطئة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من إلغاء
حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تعويض قولا منها بأن الواقعة تعتبر تهريبا وفق
المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 يكون قولا غير سديد، ويكون الحكم
المطعون فيه قد انتهى إلى ما يتفق وصحيح القانون. ولا يغير من ذلك ما نقله الحكم
عن تقرير التحليل من أن الدخان الجاف لا يمثل حقيقة الدخان الداخل في صناعة المعسل
– مما قد يرشح للقول بأن الدخان المصنع لم تسدد عنه الرسوم الجمركية المقررة، ذلك
أن قضاء هذه المحكمة قد جرى في تفسير قوانين التهريب الجمركي بعامة، والقانون رقم
92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ بخاصة على أنه لا تعد حيازة السلعة من غير المهرب
لها – فاعلا كان أو شريكا – وراء الدائرة الجمركية تهريبا إلا إذا توافر فيما يختص
بتهريب التبغ إحدى حالات التهريب الحكمي المنصوص عليها في المادة الثانية من
القانون المذكور، وأن الأصل هو أن البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية
تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن مدعى خلاف ذلك هو المكلف قانونا بإثباته.
لما كان ذلك، وكانت
الطاعنة لم تسند إلى المطعون ضده عدم سداده الرسوم الجمركية على الأدخنة المضبوطة
واقتصرت في نعيها على ما سلف بيانه فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
(1) هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 735 لسنة 43 ق الصادر بجلسة 13/
11/ 1973 س 24 ع 3 ص 985 وفى الطعن رقم 736 لسنة 43 ق الصادر بجلسة 13/ 11/ 1973
والطعن رقم 407 لسنة 44 ق جلسة 6/ 5/ 1974 (لم ينشر(.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق