الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 نوفمبر 2021

الطعن 1908 لسنة 40 ق جلسة 14 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 58 ص 239

جلسة 14 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، والدكتور محمد حسنين، ومحمد السيد الرفاعي، وطه دنانة.

-------------

(58)
الطعن رقم 1908 لسنة 40 القضائية

)أ، ب) نقد. مقاصة. تهريب. جريمة. "أركانها". محاولة. شروع. قانون. "تفسيره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
)أ) شمول الرقابة على عمليات النقد أية عملية مهما كان نوعها أو تسميته، موضوعها نقد أجنبي، ما دام من شأنها أن تؤدى مباشرة أو بطريق غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي من حق الدولة الحصول عليه.
فرض المشرع نوعا من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله. وضعه هذا النقد تحت تصرف الدولة. عدم إباحة التصرف إلا بإذنه، وإلا وقع المخالف في دائرة التأثيم.
المقاصة المحظورة في تشريع الرقابة على النقد الأجنب. معناها؟ الفرق بينها وبين المقاصة المنصوص عليها في المادة 362 مدنى وما بعدها؟
)ب) معنى المحاولة في تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنب: الأعمال التي يقصد بها إلى التهريب وإن لم تصل إلى البدء في التنفيذ. المادة 9 من القانون 80 لسنة 1947 المعدلة.

---------------
1 - البين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنب عموم، ومن مذكرته التفسيرية وأعماله التحضيرية، ومن القانون رقم 109 لسنة 1939 الذى نسخت أحكامه بالقانون رقم 80 لسنة 1947 ومن أصله التاريخي والمصدر الذى استمد منه في التشريع الفرنسي أن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أيا كان الاسم الذى يصدق عليها في القانون، يكون موضوعها نقدا أجنبيا، ما دام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي، كان من حق الدولة أن تحصل عليه، إذ أن الشارع فرض نوعا من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله، ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي، لا يباح لأى شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنه، وكل إخلال بالتجميد الذى فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتما في نطاق التأثيم والعقاب، فحاصل تشريع الرقابة على النقد الأجنبي أمران: حظر مطاق، وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء، فالمقاصة بمعناها العام داخلة بالضرورة في نطاق هذا الحظر، وقد عرفها الشارع بموضوعها والغاية منه، والمستفاد من تعريفه له، أنها كل اتفاق يتم بين أطرافه على تحقيق تقابل ملحوظ فيه أن يكون أحد المقابلين بنقد أجنبي، مما ينطوي على إجراء تحويل، أو القيام بتسوية للديون بين مصر والخارج، ولا شأن للمقاصة بهذا المعنى في تشريع الرقابة علة عمليات النقد الأجنبي بالمقاصة المنصوص عليها في المادة 362 وما بعدها من القانون المدني باعتبارها سببا من أسباب انقضاء الالتزامات يقع على نحو بقوة القانون ولو بغير علم المتعاملين، إذ هي تساقط بين دينين متقابلين: دين واجب الأداء ودين مستحق الوفاء، بل المقصود هو المقاصة الاختيارية التي تتجه فيها إرادة أطرافها إلى إحداث أثره، يجعل دين في مقابلة دين تهريبا للنقد الأجنبي واحتيالا على أحكام القانون، وعلى ذلك يدخل في عموم المقاصة بالمعنى المقصود، كل أداء لأى مبلغ في مصر بالعملة المصرية نظير مبلغ يدفع في الخارج، ما دام ملحوظا في الأداء والاستئداء انطواء أي منهما على تعامل مقنع بنقد أجنبي(1).
2 - إن ترديد نص المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953، للجريمة التامة والشروع فيها ومحاولة ذلك، يفهم منه أن العقاب يمتد حتما إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب، وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 29 أبريل سنة 1964 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية المتهمون جميعا شرعوا في إجراء مقاصة غير قانونيه منطوية على تحويل مبالغ إلى الخارج على خلاف الشروط والأوضاع التي حددها وزير الاقتصاد عن غير طريق المصارف المرخص لها في ذلك على النحو المبين بالأوراق وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم حالة ارتكابها. المتهم الأول أيضا: لم يعرض ما في حوزته من أوراق نقد أجنبي للبيع على وزارة المالية وبسعر الصرف الرسمي عن طريق أحد المصارف المرخص لها في ذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و3 و9 من القانون 80 لسنة 1947 المعدل بالقرارات الوزارية المنفذة له. ومحكمة الشئون المالية والتجارية الجزئية بالإسكندرية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافيه قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم مما اسند إليهم من تهمة الشروع في إجراء مقاصة غير قانونية منطوية على تحويل مبالغ إلى الخارج وما أسند إلى الطاعن الأول أيضا من عدم عرضه ما في حوزته من أوراق نقد أجنبي للبيع على وزارة الخزانة، قد شابه خطأ في تطبيق القانون وتأويله - ذلك أنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم من أن اصطلاح المقاصة التي حظرها قانون النقد رقم 80 لسنة 1947 يحمل ذات المفهوم الذى أورده التقنين المدني في المادة 362 وما بعدها، هذا فضلا عن أن المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 - المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 تعاقب على التهريب أو الشروع فيه أو محاولة ذلك مما مفاده أن العقاب يمتد إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه شأن بيان واقعة الدعوى أنها تتحصل في أن على عبد المنعم السواح أبلغ الشرطة أنه تعرف على المطعون ضده الثالث الذى أفهمه أن له شريكا هو المطعون ضده الأول يريد شراء كمية كبيرة من الدولارات بسعر السوق السوداء وقد التقى فعلا بهذا الأخير الذى سأله عما إذا كان يستطيع إرشاده عمن يمكنه القيام بتهريب الأموال إلى الخارج وقد بادرت الشرطة بعرض الأوراق على إدارة النقد التي أذنت باتخاذ الإجراءات ثم كلفوا ذلك المرشد المبلغ بالمضي مع المتهمين ومسايرتهما توصلا لضبط الواقعة متلبسا بها وذلك مع مرشد آخر يدعى أمين عباس بهجت اللبناني الجنسية الذى انتحل دور الوسيط في عملية التهريب المنشودة ثم تعددت اللقاءات بين المتهمين ومعهما المطعون ضده الثاني وبين هذين المرشدين وانتهت إلى الاتفاق بينهم جميعا على تهريب خمسين ألفا من الجنيهات إلى بيروت لحساب المطعون ضده الرابع على أن تبدأ العملية بمبلغ عشرة ألاف دولار دفعة أولى وأن يقوم أمين بهجت بالسفر إلى بيروت ليسلم ذلك المبلغ إلى آخر يدعى جبريل إسكندر خورى الموظف ببنك الاتحاد اللبناني على أن يتسلم منه إيصالا يفيد حصول الاستلام ويرمز إلى كمية الدولارات المسلمة بكمية الإكسسوار وفى هذه الساعة المحددة لتنفيذ ذلك الاتفاق وبعد استئذان النيابة العامة في الضبط والتفتيش قام رجال الشرطة بمداهمة المتهمين الثلاثة الأول جالسين مع المرشدين في صالة فندق سيسل فعثروا مع أحدهم (المطعون ضده الثالث) على ورقة تتضمن تفاصيل الاتفاق المبرم بين كل من المطعون ضده الأول وأمين بهجت وموقع عليها منهما ومن المطعون ضده الثالث وعلى السواح كما عثروا مع المطعون ضده الثاني على مبلغ 2070 جنيها قرر المرشد أنه جزء من المبلغ المراد تهريبه وأن باقي المبلغ وقدره 6800 جنيها موجود لدى صاحبه المطعون ضده الرابع الذى كان سيمنح كلا من المتهمين الثلاثة عمولة نظير توسطهم في تهريب ذلك المبلغ وعلى أثر ضبط هذه الواقعة بادر رجال الشرطة إلى تفتيش مسكن المتهم الغائب (المطعون ضده الرابع) بعد استئذان النيابة في ذلك فعثروا لديه على مبلغ 40245 جنيها مصريا. وأقام الحكم الابتدائي الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قضاءه بالبراءة تأسيسا على أنه ليس في قانون النقد ما يفيد أن المشرع قد أراد للمقاصة معنى مغايرا لما ورد بالقانون المدني، وأن وقائع الدعوى لا تنطوي على وجود دينين متقابلين في ذمة المطعون ضده الرابع صاحب المبلغ المضبوط وجبريل إسكندر خورى الذى كان سيتم الدفع إليه من الثاني وبالتالي يتعذر القول بقيام المقاصة، وأضاف الحكم الاستئنافي إلى تلك الأسباب أن الأعمال التي ارتكبت بفرض صحة حدوثها هي من قبيل الأعمال التحضيرية ولا ترقى إلى مرتبة البدء في تنفيذ الجريمة - وهذا الذى أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن القانون رقم 80 لسنة 1947 بشأن الرقابة على عمليات النقض قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أنه "يحظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي أو تحويل النقد من مصر أو إليها كما يحظر كل تعهد مقوم بعملة أجنبية وكل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي وغير ذلك من عمليات النقد الأجنبي سواء أكانت حالة أو لأجل إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها في ذلك" وجاء في المذكرة التفسيرية للقانون ما نصه "وجب أن يكون الحظر شاملا العملات الأجنبية وجميع العمليات التي يمكن أن تتم بها كما حرص المشرع كذلك على منع المقاصة المنطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقض أجنبي إلا بالشروط والأوضاع التي يعينها وزير المالية حتى لا يدع ثغرة للتحايل عن طريقها في المنع الوارد بالقانون. وقصد بمنع المقاصة مواجهة أمثال العمليات الآتية التي تتم بالعملة المصرية (أولا) الدفعات التي تتم لحساب أو بأمر أشخاص مقيمين خارج مصر (ثانيا) الدفعات التي تتم على اعتبار أن شخصا يستوفى مبلغا أو يكتسب حق ملكية خارج مصر أو على أساس إنشاء أو تحويل حق مؤكد أو محتمل لصالح شخص يقبض مبلغا أو باكتساب ملكية خارج مصر أو على أساس القيام بعمل يخول شخصا حقا مرتبطا بالعمليات المذكورة". والبين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموما ومن مذكرته التفسيرية وأعماله التحضيرية ومن القانون رقم 109 لسنة 1939 الذى نسخت أحكامه بالقانون رقم 80 لسنة 1947 ومن أصله التاريخي والمصدر الذى استمد منه في التشريع الفرنسي أن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أيا كان الاسم الذى يصدق عليها في القانون يكون موضوعها نقضا أجنبيا ما دام من شأنها أن تؤدى بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، إذ أن الشارع فرض نوعا من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأى شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنه، وكل إخلال بالتجميد الذى فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتما في نطاق التأثيم والعقاب فحاصل تشريع الرقابة على النقد الأجنبي أمران: حظر مطلق، وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء. والمقاصة بمعناها العام داخلة بالضرورة في نطاق هذا الحظر وقد عرفها الشارع بموضوعها والغاية منه، والمستفاد من تعريفه لها أنها كل اتفاق يتم بين أطرافه على تحقيق تقابل ملحوظ فيه أن يكون أحد المقابلين بنقد أجنبي مما ينطوي على إجراء تحويل أو القيام بتسوية للديون بين مصر والخارج. ولا شأن للمقاصة بهذا المعنى في تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي بالمقاصة المنصوص عليها في المادة 362 وما بعدها من القانون المدني باعتبارها سببا من أسباب انقضاء الالتزامات يقع على نحو ذاتي بقوة القانون ولو بغير علم المتعاملين، إذ هى تساقط دينين متقابلين: دين واجب الأداء ودين مستحق الوفاء، بل المقصود هو المقاصة الاختيارية التي تتجه فيها إرادة أطرافها إلى إحداث أثرها بجعل دين في مقابلة دين تهريبا للنقد الأجنبي واحتيالا على أحكام القانون، وعلى ذلك يدخل في عموم المقاصة بالمعنى المقصود كل أداء لأى مبلغ في مصر بالعملة المصرية نظير مبلغ يدفع في الخارج ما دام ملحوظاً في الأداء، والاستئداء انطواء أي منهما تعامل مقنع بنقد أجنبي. إما بخصوص ما أضافته محكمة ثاني درجة لأسباب الحكم الابتدائي وقولها إن ما صدر من المطعون ضدهم من أفعال هو من قبيل الأعمال التحضيرية ولا ينهض إلى مرتبة البدء في تنفيذ الجريمة، فإن المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 تنص على عقاب من يخالف أحكام المواد الأولى والثانية والثالثة أو يشرع في مخالفتها أو يحاول ذلك، وترديد نص هذه المادة للجريمة، التامة والشروع فيها ومحاولة ذلك يفهم منه أن العقاب يمتد حتما إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ. لما كان ما تقدم جميعه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه، ونظرا لأن هذا العيب قد حجب المحكمة عن تقدير الدليل، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


(1) راجع أيضاً نقض جنائي السنة 20 صـ 335.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق