برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة،
وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد، ومحمد نجيب صالح، وعوض جادو، ومصطفى طاهر.
-----------
- 1 اختلاس اموال اميرية . قانون "
تفسير القانون".
التعديلات التشريعية الصادرة بالقوانين 69 لسنة 1953 و 112 لسنة 1957
و 120 لسنة 1962 و 63 لسنة 1975 استهدفت تغليظ عقوبة الاختلاس حماية للمال العام
نطاق تطبيق المادة 118 مكررا عقوبات .
لما كانت سياسة العقاب التي انتهجها المشرع لحماية المال العام وما
يأخذ حكمه - وحسبما يبين من التعديلات التشريعية المتلاحقة التي أدخلها بالقوانين
أرقام 69 لسنة 1953، 112 لسنة 1957، 120 لسنة 1962، 63 لسنة 1975 - إنما تتجه
دائماً إلى تغليظ العقوبة على الأفعال التي جرمها بل وإلى استحداث صور يلحقها بها
ليسد بها - وعلى ما أفصح عنه تقرير اللجنة التشريعية الذي صاحب مشروع القانون رقم
63 لسنة 1975 - الثغرات التي كشف عنها التطبيق وذلك إعمالاً لما نص عليه الدستور
في المادة 33 من أن للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقاً
للقانون، باعتبارها سنداً لقوة الوطن وأساساً للنظام الاشتراكي ومصدراً لرفاهية
الشعب لما كان ذلك، وكان النص في المادة 118 مكرراً الذي استحدث بالقانون الأخير
سالف البيان على أنه لا يجوز للمحكمة في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب وفقاً
لما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها إذا كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم
عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه أن تقضي فيها - بدلاً من العقوبات المقررة لها -
بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة
"يدل على أن نطاق تطبيقه إنما يدور وجوداً وعدماً مع تحقق علته في حالتين:
الأولى أن تكون قيمة المال موضوع الجريمة لم تجاوز المبلغ سالف البيان أما إذا
جاوزته فلا محل لإعمال النص والثانية إذا كان الضرر الناجم عنها لا يربو في قيمته
عن ذلك المبلغ وهو ما يتحقق في صور شتى في التطبيق، وهو ما تنبئ عنه صياغة النص
ذاته، ذلك أن المشرع ولئن جعل للقاضي سلطة تقديرية وفقاً لظروف الجريمة
وملابساتها، إلا أنه قرن ذلك وقيده بقيمة المال موضوع الجريمة أو الضرر الناتج
عنها على ما سلف بيانه.
- 2 اختلاس اموال اميرية . حكم " بيانات الحكم .. التسبيب المعيب".
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات
ما يكفي لتوافره مثال لتسبيب معيب في جريمة اختلاس .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف
المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له وأنه متى ثبت ذلك في
حقه فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة رده مقابل المال الذي تصرف فيه لأن الظروف التي
قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها ولا تغير وصفها المحدد في القانون لما
كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن منطوقه أنه دان المطعون ضده
بتهمة اختلاس مبلغ ثلاثة آلاف ومائة وواحد وتسعين جنيهاً وقضى بتغريمه بمثل هذا
المبلغ ثم انتهى إلى اعتبار الضرر الناجم عن جريمته لا يتجاوز قيمته خمسمائة جنيه
خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين نقضه.
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في خلال الفترة من أول يناير
سنة 1976 إلى 22 من سبتمبر 1977: بصفته موظفا عموميا (صراف بخزينة مجلس مدينة ....
اختلس مبلغ 3133 جنيه المملوك لمجلس مدينة ..... والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته
حالة كونه من مندوبي التحصيل وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات
رسمية واستعمالها هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر أ- بصفته سالفة الذكر
ارتكب تزويرا في محررات رسمية أثناء تأدية وظيفته هي عدد ستين حافظة توريد نقود
37ع.ح وعدد سبعة وستين قسيمة توريد 33ع.ح المبينة بالتحقيقات والصادرة من مجلس
مدينة ميت غمر وكان ذلك بطريق المحو والتعديل والإضافة في هذه الحوافظ وتلك
القسائم بأن أثبت بأصول قسائم وحوافظ التوريد مبالغ أقل مما حصله فعلا من الممولين
واختلس الفرق لنفسه. ب- استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر بأن قدمها إلى قسم
المراجعة بإدارة الحسابات مع علمه بتزويرها وأحالته النيابة إلى محكمة جنايات أمن
الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112 - 1، 2، 118، 118 مكرراً (أ)،
119 - أ، 119 مكررا، 55 - 2، 56 - 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32، 17
من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه مبلغ 3191
جنيه (ثلاثة آلاف ومائة وواحد وتسعين جنيها) عما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ
عقوبتي الحبس والغرامة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه إنه إذ دان
المطعون ضده بجرائم الاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة مع علمه بتزويرها ثم
قضى بعقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف ومائة وواحد وتسعين
جنيها وإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنين قد أخطأ في تطبيق
القانون, ذلك بأنه أنزل عليه حكم المادة 118 مكررا أ من قانون العقوبات استنادا
إلى أن الضرر الذي لحق بالجهة المجني عليها لا يتجاوز قيمته خمسمائة جنيه, في حين
أن لا محل لإعمال هذا النص بعد أن ثبت أن مقدار المبلغ المختلس هو ثلاثة آلاف
ومائة وواحد وتسعين جنيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وساق الأدلة التي
استظهرها من الأوراق التي تثبت اختلاس المطعون ضده لمبلغ ثلاثة آلاف ومائة وواحد
وتسعين جنيها المملوك لمجلس مدينة.........الأمر المعاقب عليه بالمواد 112 - 1، 2،
118، 118 مكررا من قانون العقوبات إلا أنه عاد وطبق على الواقعة نص المادة 118
مكررا أ من هذا القانون وأقام قضاءه على ما أورده في قوله وحيث إنه وقد قام المتهم
بالعبث فيما بين يديه من أموال بمقتضى وظيفته صراف بخزينة مجلس مدينة ميت غمر -
وتصرفه فيه تصرف المالك ثم قام بسداده أثر اكتشاف أمره مضافا إليه ما قدرته الجهة
المجني عليها من فوائد فإن المحكمة ترى أنه لم ينجم عن فعلته المؤثمة ضرر يجاوز
قيمته خمسمائة جنيه باعتبار أن الضرر في هذه الحالة يتمثل في الإضرار بمصلحة
المضرور المشروعة والمتمثلة في المبلغ المختلس قد انتفى بسداد المبلغ المذكور حتى
أنه لا يقضي في هذه الحالة بالرد وهو عقوبة تعتبر بمثابة تعويض حتى لا يتكرر الرد
مما ترى معه هذه المحكمة لظروف الدعوى وملابساتها وندم المتهم المتمثل في اعترافه
بجرمه وعدم إصراره عليه بإزالة آثاره وخلو الأوراق بما ينبئ عن سوء سير المتهم أو
أنه من ذوي السوابق, وهو الأمر الذي يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة
القانون أو عصيانه في قابل أيامه - النزول بالعقوبة المقررة عن حدها الأدنى
والمقرر بالمادة 17 عقوبات وفقا لحق المحكمة المقرر بالمادة 118 مكررا أ من قانون
العقوبات المضافة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 التي تجاوز المشرع فيها حدود المادة
17 عقوبات لما كان ذلك, وكان يجدر بادي ذي بدء الإشارة إلى أن سياسة العقاب التي
انتهجها المشرع لحماية المال العام وما يأخذ حكمه - وحسبما يبين من التعديلات
التشريعية المتلاحقة التي أدخلها بالقوانين أرقام 69 لسنة 1953, 112 لسنة 1957,
120 لسنة 1962, 63 لسنة 1975 - إنما تتجه دائما إلى تغليظ العقوبة على الأفعال
التي جرمها بل وإلى استحداث صور يلحقها بها ليسد بها - وعلى ما أفصح عنه تقرير
اللجنة التشريعية الذي صاحب مشروع القانون رقم 63 لسنة 1975 - الثغرات التي كشف
عنها التطبيق وذلك إعمالا لما نص عليه الدستور في المادة 33 من أن للملكية العامة
حرمة, وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون, باعتبارها سندا لقوة الوطن
وأساسا للنظام لا اشتراكي ومصدرا لرفاهية الشعب. لما كان ذلك, وكان النص في المادة
118 مكررا الذي استحدث بالقانون الأخير سالف البيان على أنه يجوز للمحكمة في
الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب وفقا لما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها إذا
كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه أن
تقضي فيها - بدلا من العقوبات المقررة لها - بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من
التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة يدل على أن نطاق تطبيقه إنما يدور وجودا
وعدما مع تحقق علته في حالتين: الأولى: أن تكون قيمة المال موضوع الجريمة لم تجاوز
المبلغ سالف البيان أما إذا جاوزته فلا محل لإعمال النص والثانية: إذا كان الضرر
الناجم عنها لا يربو في قيمته عن ذلك المبلغ وهو ما يتحقق في صور شتى في التطبيق,
وهو ما تنبئ عنه صياغة النص ذاته, ذلك أن المشرع ولئن جعل للقاضي سلطة تقديرية
وفقا لظروف الجريمة وملابساتها, إلا أنه قرن ذلك وقيده بقيمة المال موضوع الجريمة
أو الضرر الناتج عنها على ما سلف بيانه ولا يقدح في هذا النظر أن المشرع قد استعمل
لفظ أو والذي قد يوحي ظاهر تفسيره بمكنة اجتماع الفرضين معا, ذلك لأن هذا النظر
مردود بأنه في مقام التفسير فإن العبرة ليست بالألفاظ والمباني, بل بالمقاصد
والمعاني كما أن أصول تفسير النصوص التشريعية التي تنظم مسألة كلية تقتضي ألا يكون
تأويل كل منها استقلالا عن النصوص الأخرى وبمعزل عنها وإلا تناقضت النصوص وتهاترت.
لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه في قضائه على أن المطعون ضده
قد سدد المبلغ الذي اختلسه وفوائده, وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يكفي
لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون
العقوبات أن يكون الموظف قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له
وأنه متى ثبت ذلك في حقه فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة رده مقابل المال الذي تصرف
فيه لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها ولا تغير وصفها
المحدد في القانون. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن
منطوقه أنه دان المطعون ضده بتهمة اختلاس مبلغ ثلاثة آلاف ومائة وواحد وتسعين
جنيها وقضي بتغريمه بمثل هذا المبلغ ثم انتهى إلى اعتبار الضرر الناجم عن جريمته
لا يتجاوز قيمته خمسمائة جنيه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما
يتعين نقضه دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى ولما كان هذا الخطأ قد اتصل بتقدير
العقوبة اتصالا وثيقا مما حجب محكمة الموضوع عن أعمال هذا التقدير في الحدود
القانونية الصحيحة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق