الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

الطعن 903 لسنة 46 ق جلسة 2 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ق 1 ص 5


برياسة السيد المستشار/ حسن المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة, ويعيش رشدي, وأحمد طاهر خليل, ومحمد وجدي عبد الصمد.
------------
- 1  استدلالات . اعتراف . مأمورو الضبط القضائي . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه . حق المحكمة في التعويل علي ما يتضمنه محضر الاستدلالات من اعترافات تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الاثبات موضوعي ما دام سائغا .
من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعترافات في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع. لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان محضر جمع الاستدلالات وما تضمنه من اعترافه بالجرائم المسندة إليه لا يكون له محل.
- 2 تزوير "تقليد اوراق الشركات المملوكة للدولة او التي تساهم فيها".
سندات الشحن والفواتير الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول من محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب التزوير فيها معاقب بالمادة 214 مكررا عقوبات.
إن سندات الشحن والفواتير الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول هي محررات إحدى الشركات التي تساهم في مالها بنصيب وقد قام الطاعن بوصفه موظفاً عاماً بالمصنع الحربي 81 بالتوقيع عليها بما يفيد - على خلاف الحقيقة - ورود كميات الوقود المبينة بتلك السندات إلى المصنع الأمر الذي يشكل إحدى صور التزوير التي أوضحتها المادة 213 من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالمادة 214 مكرراً منه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تلك الجريمة على هذا النحو فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
- 3  وصف التهمة
تعديل تاريخ الحادث . لا يعد تعديلا للتهمة . حق المحكمة في إجرائه . دون لفت نظر الدفاع.
لما كان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الاختلاس خلاله هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصته المحكمة من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي فلا يعد ذلك في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى.
- 4  حكم "بيانات الحكم . التسبيب غير المعيب".
متى يعيب التناقض . الحكم؟
إن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة.
- 5  وصف التهمة
حق المحكمة في اسباغ الوصف الصحيح على الواقعة دون لفت نظر الدفاع ما دامت الواقعة المادية التي اتخذتها أساسا لوصفها هي بذاتها الواقعة الواردة بأمر الاحالة .
لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفاً عمومياً من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي 81" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته، وطلبت من قضاء الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات. وإذ أحيل الطاعن بهذا الوصف، قضت المحكمة بإدانته عن ذات الفعل بوصف أنه "بصفته موظفاً عمومياً ومن الأمناء على الودائع" مساعد أمين مخزن بالمصنع الحربي 81" اختلس كمية السولار والبنزين البالغ قيمتها 1012ج و700م والمسلمة إليه بسبب وظيفته وبصفته أميناً عليها" ولما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان به المتهم، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - إذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة المطروحة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج على واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم.
- 6  تزوير " تقليد اوراق الشركات المملوكة للدولة او التي تساهم فيها". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
بيان الحكم لواقعة التزوير بما ينطبق عليه نص المادة 214 مكررا عقوبات ايراده نص المادة 213 عقوبات علي أنها مادة العقاب خطأ مادي لا يعيب الحكم .
إذا كان الحكم قد وصف فعل التزوير الذي دان به الطاعن وبين واقعة الدعوى في شأنه بما ينطبق على حكم المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات فإن إيراد الحكم لنص المادة 213 من قانون العقوبات وإدانة الطاعن بها ليس إلا من قبيل الخطأ في رقم المادة المطبقة مما لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 3 يوليو سنة 1962 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة "أ" بصفته موظفا عموميا من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي (81)" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته "ب" استحصل بغير حق على ختم المصنع الحربي رقم 81 واستعمله استعمالا ضارا بمصلحة عامة بأن بصم على بونات الشحن المقدمة من الجمعية التعاونية للبترول تأييدا لتوريد كميات الوقود المبينة بالمحضر للمصنع خلافا للحقيقة "ج" ارتكب تزويرا في أوراق أميرية هي بونات شحن صادرة من الجمعية التعاونية للبترول بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف الحقيقة أنه استلم كميات الوقود المبينة ووقع عليها وقام كذلك ببصم البونات سالفة الذكر بخاتم المصنع 81 حربي فتمت الجريمة بناء على ذلك وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 111/6 و112 و118 و119 و207 و213 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه برد مبلغ 1012ج و700م وبتغريمه مثله وذلك عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على بطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون كما جاء مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم إذ دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه قد عول في قضائه على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات بالرغم من بطلانه إذ أبلغت الواقعة إلى شرطة قسم مصر الجديدة وقام معاون القسم باستجواب الطاعن مع أنه غير مختص بالتحقيق في مواد الجنايات وقد تمسك الطاعن ببطلان هذا التحقيق وما ترتب عليه ولكن الحكم رد على هذا الدفاع بما ينطوي على مسخ له. كما أن الحكم قد دان الطاعن بجريمة التزوير دون أن تقوم المحكمة بفض المظروف المحتوي على الأوراق المدعى بتزويرها مما حجبها عن استظهار صحة دفاع الطاعن من أن ما أثبته في تلك الأوراق لا يعدو بيانات فردية تخضع للمراجعة من جانب عديد من الموظفين. وقد عول الحكم أيضا في إدانة الطاعن على تقرير لجنة الجرد التي شكلت تشكيلا باطلا من أعضاء مسئولين مع الطاعن عن العجز في المواد البترولية موضوع الاتهام وأن هذه اللجنة لم تمكن الطاعن من الحضور أثناء مباشرة أعمالها. وفضلا عن ذلك فإن الحكم قد حدد مسئولية الطاعن عن العجز في الوقود خلال المدة من 8/7/1962 حتى 18/10/1962 مخالفا بذلك ما تضمنه وصف التهمة بأن الفترة من 3/7/1962 إلى 7/10/1962
كما أن الحكم قد دان الطاعن عن اختلاسه كمية من السولار في حين أن لجنة الجرد انتهت إلى وجود زيادة في تلك المادة وبذلك يكون الحكم قد أقام قضاءه على دليلين متناقضين يضاف إلى ذلك أن الحكم التفت عن دلالة أقوال جميع السائقين من أنهم أدخلوا كميات الوقود الثابتة بالفواتير إلى مخازن المصنع وما قرره أمين المخازن من أن مرد العجز في البنزين إلى أن مدير المصنع وكبار موظفيه يصرفون منه لسياراتهم دون أن يثبتوا ذلك في الدفاتر وأن التبخر والانسكاب عند التفريغ من عوامل ذلك العجز. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس في حين أن الدعوى الجنائية رفعت عليه بوصف الاستيلاء دون وجه حق على مال للدولة من غير أن تنبهه المحكمة إلى ذلك التغيير في وصف التهمة، كما دانه الحكم أيضا عن جريمة التزوير طبقا للمادة 213 من قانون العقوبات في حين أن التزوير لم يقع على أوراق أميرية وإنما على أوراق الجمعية التعاونية للبترول مما ينطبق على المادة 214 مكررا عقوبات
وحيث أنه لما كان من المقرر طبقا لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضا أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان محضر جمع الاستدلالات وما تضمنه من اعترافه بالجرائم المسندة إليه لا يكون له محل هذا فضلا عن أنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد دفع ببطلان ذلك المحضر ومن ثم فلا يصح أن يكون ما ينعاه الطاعن بشأن إجراءات تحقيق الشرطة سببا للطعن على الحكم بالنقض ما دام هذا التحقيق قد جرى في مرحلة سابقة على المحاكمة وما دام الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلانه. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة قامت بجلسة 10/3/1975 بفض المظروف الخاص بالدعوى واطلعت على محتوياته في حضور الطاعن ومحاميه الذي ترافع في الدعوى بعد ذلك ثم صدر الحكم المطعون فيه متضمنا في أسبابه ما تبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق محل الاتهام، فإن ما ينعى به الطاعن من إغفال المحكمة هذا الإجراء الجوهري يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن في شأن إدانته بجريمة التزوير في محررات رسمية بالرغم من أن ما أثبته فيها لا يعدو بيانات فردية تخضع للمراجعة من جانب عديد من الموظفين فمردود بان سندات الشحن والفواتير موضوع الاتهام الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول هي من محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب وقد قام الطاعن بوصفه موظفا عاما بالمصنع الحربي 81 بالتوقيع عليها بما يفيد - على خلاف الحقيقة - ورود كميات الوقود المبينة بتلك السندات إلى المصنع الأمر الذي يشكل إحدى صور التزوير التي أوضحتها المادة 213 من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالمادة 214 مكررا منه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تلك الجريمة على هذا النحو فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان النعي بالبطلان على تشكيل إجراءات لجنة الجرد التي قامت بفحص أعمال الطاعن موضوع الاتهام مردود بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بقوله "أن المتهم هو الذي تخلف عن الحضور وعملية الجرد كان قوامها المستندات التي أقر بتوقيعه عليها ومقارنته بالكميات الموجودة بالمصنع والكميات المستهلكة ومع ذلك لم يبين المتهم في هذا الشق من الدفاع مصلحته في هذا النعي ولم يذكر مطاعن محددة على عمل اللجنة حتى يمكن للمحكمة بحثها واستجلاء مصلحته في هذا النعي" وهو قول سائغ في إطراح هذا الدفاع فضلا عن أنه لا مصلحة للطاعن في المنازعة في سلامة إجراءات لجنة الجرد بعد أن استند الحكم المطعون فيه في إدانته إلى أدلة مستقلة عن تقرير تلك اللجنة اطمأن إلى سلامتها ومن ثم فلا يعدو هذا النعي أن يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما تستقل بالبت فيه بما لا معقب عليها. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الاختلاس خلاله هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصته المحكمة من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييرا في كيانها المادي فلا يعد ذلك في حكم القانون تعديلا في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد أقام قضاءه في شأن تهمة الاختلاس التي دان بها الطاعن على أن شحنات المواد البترولية الموضحة بسندات الشحن والفواتير لم ترد أصلا لمخازن المصنع فلا يعيب الحكم بعد أن ثبت لديه تصرف الطاعن فيها أن يكون تقرير لجنة الجرد قد تضمن وجود زيادة في رصيد السولار الموجود بمخزن المصنع أيا كان قدرها ولا يكون لمنعى الطاعن على الحكم بقالة التناقض محل لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة، وهو ما خلا منه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان ما يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه بأنه التفت عن دلالة أقوال السائقين من أنهم أدخلوا كميات الوقود الثابتة بالفواتير إلى مخازن المصنع وما قرره أمين المخازن من أن مرد العجز في البنزين هو قيام مدير المصنع وكبار موظفيه بصرف البنزين لسياراتهم دون أن يثبتوا ذلك في الدفاتر وأن التبخر والانسكاب من عوامل العجز فيه، كل ذلك مردود بأنه فضلا عن أن الحكم قد اعتمد في إدانة الطاعن على أن كميات الوقود موضوع جريمة الاختلاس لم ترد إلى مخازن المصنع أصلا، فإن مفاد أخذ المحكمة بأدلة الثبوت التي ساقتها أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز مصادرة محكمة الموضوع في اعتقادها أو المجادلة في الأدلة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفا عموميا من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي 81" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته، وطلبت من قضاء الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات. وإذ أحيل الطاعن بهذا الوصف، قضت المحكمة بإدانته عن ذات الفعل بوصف أنه بصفته موظف عموميا ومن الأمناء على الودائع "مساعد أمين مخزن بالمصنع الحربي 81" اختلس كمية من السولار والبنزين البالغ قيمتها 1012 ج و 700 م والمسلمة إليه بسبب وظيفته وبصفته أمينا عليها". ولما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها، وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الذي دان به المتهم، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئا - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - إذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة المطروحة كما صار إثباتها في الحكم، وليس في ذلك خروج على واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون في غير محله - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وصف فعل التزوير الذي دان به الطاعن وبين واقعة الدعوى في شأنه بما ينطبق على حكم المادة 214 مكررا من قانون العقوبات، فإن إيراد الحكم النص المادة 213 من قانون العقوبات وإدانة الطاعن لها ليس إلا من قبيل الخطأ في رقم المادة المطبقة مما لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، ومن ثم فإن تعيب الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق