الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أكتوبر 2018

عدم دستورية قرار رئيس ميناء دمياط (مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض المشغولة داخل ميناء)


القضية رقم 131 لسنة 32 ق " دستورية " جلسة 8 / 11 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2014م، الموافق الخامس عشر من المحرم سنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر
 نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 32 قضائية " دستورية ".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للصوامع والتخزين
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزيرالنقل
4 رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يونيه سنة 2010، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبت في ختامها الحكم بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم أصليًّا :- بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى ، واحتياطيًّا :- برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
 حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أنه سبق للشركة المدعية أن أقامت الدعوى رقم 1132 لسنة 2005 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية " مأمورية كفر سعد " ضد الهيئة العامة لميناء دمياط بطلب الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ 50ر589ر191 جنيه والذى يمثل مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض التي تشغلها داخل ميناء دمياط عن الفترة من 1/7/2003 حتى 30/6/2004 ،وبجلسة 30/11/2008 حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وتأيد ذلك الحكم استئنافيًّا، وتم الطعن عليه بطريق النقض ولم يتم الفصل فيه حتى إقامة الدعوى الدستورية ، وإذ لم تلتزم الشركة المدعية بسداد المبالغ المستحقة عليها فقد أقامت الهيئة العامة لميناء دمياط الدعوى رقم 587 لسنة 2009 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية "مأمورية كفر سعد " ضد الشركة المدعية بطلب الحكم بإلزام الشركة بأن تؤدى لها مبلغ 64ر018ر664ر3 جنيه والذى يمثل مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض التي تشغلها داخل الميناء عن الفترة من 1/7/2003 حتى 30/6/2009، وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003، فصرحت المحكمة لها بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقامت دعواها الماثلة .
 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها يسبق الخوض في شروط قبولها أو موضوعها، ولما كان الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصاتها وحدد ما يدخل في ولايتها حصرًا مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية أيًا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره من صرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة - تبعًا لذلك - عما سواها .
 وحيث إن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 ( المطعون فيه ) قد انطوى على قواعد تنظيمية عامة تسرى في شأن من يرغب من الأفراد والشركات في استغلال بعض الأراضي الواقعة داخل ميناء دمياط، وتحديد مقابل تميز لهذه الأراضى يقدَّر بحسب قربها أو بعدها عن رصيف الميناء، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذا القرار يدخل في اختصاص المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يغدو معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه .
 وحيث إن رئيس الجمهورية كان قد أصدر القرار رقم 317 لسنة 1985 بإنشاء الهيئة العامة لميناء دمياط مقررًا تمتعها بالشخصية الاعتبارية العامة ، وتبعيتها لوزير النقل، كما أصدر وزير النقل القرار رقم 73 لسنة 2003 بتحديد مقابل الانتفاع بالأراضى والمخازن المغلقة والجمالونات المغطاة وحجرات محطات الركاب والمجمعات الإدارية بالموانئ المصرية ، وتبعًا لذلك أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط القرار المطعون فيه محددًا نسب تميز للأراضي والساحات والمنشآت داخل ميناء دمياط حسب قربها من حافة الرصيف، حيث نصت المادة الأولى على أن " تحدد نسب تميز للأراضى والمساحات والمنشآت داخل ميناء دمياط على النحو التالى :-
المستوى الأول :- الأراضى التي تقع حتى مسافة 200 متر من حافة الرصيف (50%) من مقابل الانتفاع .
المستوى الثانى :- الأراضى التي تقع على مسافة 200 - 300 متر من حافة الرصيف (25%) من مقابل الانتفاع .
المستوى الثالث :- الأراضي التي تقع على مسافة أكبر من 300 متر من حافة الرصيف بدون نسبة تميز " .
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك وكان النزاع الموضوعي يدور حول مطالبة الهيئة العامة لميناء دمياط الشركة المدعية بسداد مقابل التميز المستحق على الأراضي والمنشآت التي تستغلها داخل الميناء، فإن المصلحة في الدعوى الماثلة تكون متحققة ، ويتحدد نطاقها في قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
 وحيث إن الشركة المدعية تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته نصوص المواد 1، 3، 4، 144 من دستور 1971 لعدم وجود تفويض تشريعي لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط لإصداره، فضلاً عن عدم نشره بالجريدة الرسمية .
 وحيث إن من المقرر أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية ، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية ، كما أن الأوضاع الشكلية سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، ولما كانت المناعى الموجهة للقرار المطعون فيه تندرج ضمن المناعي الشكلية ، فمن ثم فإن نصوص الدستور الصادر عام 1971 الذى صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هى الواجبة التطبيق في هذا الشأن .
 وحيث إن الدولة القانونية - وعلى ما تنص عليه المادة (65) من الدستور الصادر عام 1971 - هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها أيًا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، وكان مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية ، تسمو عليها وتقيدها إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم عليها نظام الحكم على ما تقضى به المواد (1، 3، 4) من الدستور .
 وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها يُعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها بالتالي يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها، وكان ذلك مؤداه : أن دخول القاعدة القانونية مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان - هما نشرها وانقضاء المدة التي حددها المشرع لبدء العمل بها .
 وحيث إن من المقرر أن نشر القاعدة القانونية ضمانٌ لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يُعتبر كافلاً وقوفهم على ما هيتها ومحتواها ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها - وهم من الأغيار في مجال تطبيقها - متضمنًا إخلا لاً بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفَصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تُنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق في الملكية .
 وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقم بنيانها، وكان تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها - مع افتقارها لقوالبها الشكلية - لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدًا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعما لها .
 وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 (المطعون فيه )، لم يُنشر في الجريدة الرسمية " الوقائع المصرية " بالمخالفة لنص المادة (188) من الدستور الصادر عام 1971، ومن ثم فإن تطبيقه على الشركة المدعية قبل نشره، يزيل عنه صفة الإلزام، فلا يكون له قانونًا من وجود لمخالفته المواد (64، 65، 188) من الدستور الصادر عام 1971 .
 وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية
العليا - بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخًا آخر لسريانه، لما كان ذلك، وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية القرار المطعون فيه، مؤداه رد المبالغ السابق تحصيلها من ذوى الشأن كمقابل تميز للأراضي والمنشآت التي يستغلونها بالميناء، وهو ما يؤدى - حال إعمال الأثر الرجعى - إلى تحميل الدولة بأعباء مالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013 فإن المحكمة ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه .
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة أولاً : بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
 ثانيًا : تحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه .
 ثالثًا : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق