الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

دستورية تفويض وزير الداخلية في تعديل جداول الأسلحة


القضية رقم 205 لسنة 25 ق "دستورية " جلسة 12 /10 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الثانى عشر من أكتوبر سنة 2014م، الموافق الثامن عشر من ذى الحجة سنة 1435 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد عبد العزيز الشناوي وسعيد مرعى عمرو والدكتور / عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /عمرو محمد رمضان أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 205 لسنة 25 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد/ عبد الكريم صابر حسن
ضد
1 - السيد رئيس مجلس الوزراء
2 - السيد وزير العدل
3 - السيد وزير الداخلية
"الإجراءات"
بتاريخ الخامس عشر من شهر يوليو سنة 2003،أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية قرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 فيما تضمنه من استبدال الجدول رقم (3) " الأسلحة المششخنة "، بالجدول الصادر بالقانون رقم 394لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم أصليًا : بعدم قبول الدعوى ، واحتياطيًا : برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعى إلى محكمة الجنايات، في القضية رقم 13902 لسنة 2002 جنايات مركز نجع حمادي بمحافظة قنا، بوصف أنه في يوم 9/8/2002، أحرز سلاحًا ناريًّا مششخنًا ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه، وأحرز ذخائر
(عدة طلقات ) مما تستعمل في ذلك السلاح، والذى أحدث بالمجنى عليه، مصطفى إبراهيم تمام، الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يومًا . وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد ( 1/2) ، (6) ، (26/3، 5) ، (30/1 ) من القانون رقم394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر، المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165لسنة 1981، والبند رقم (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول، والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 بتعديل الجدول رقم (3)الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، والمادة ( 241/1، 2 )من قانون العقوبات . وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى (المتهم) بعدم دستورية قرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 المشار إليه . وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى المعروضة .
 وحيث إن إحراز وتداول الأسلحة والذخائر على اختلاف أنواعها قد نظمه القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1980، والقانون رقم 165 لسنة 1981، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، والذى أُرفق به وقت صدوره ثلاثة جداول : الأول خاص بالأسلحة البيضاء، والثاني تعلق بالأسلحة غير المششخنة ، والثالث أو رد الأسلحة المششخنة في قسمين : الأول يضم المسدسات بجميع أنواعها والبنادق المششخنة من أي نوع؛ والثاني يتضمن المدافع والمدافع الرشاشة . ونصت المادة (1) من هذا القانون، بعد تعديلها بالقانونين رقمي 101 لسنة 1980 و165 لسنة 1981، على أنه " يحظر بغير ترخيص من وزير الداخلية ، أو من ينيبه عنه، حيازة أو إحراز الأسلحة النارية المبينة بالجدول رقم (2)، وبالقسم الأول من الجدول رقم (3)، وكذلك الأسلحة البيضاء المبينة في الجدول رقم (1) المرفق .
 ولا يجوز بأي حال الترخيص في الأسلحة المبينة في القسم الثاني من الجدول رقم (3)، وكاتمات أو مخفضات الصوت، والتليسكوبات التي تركب على الأسلحة النارية .
ولوزير الداخلية ، بقرار منه، تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون، بالإضافة أو الحذف، عدا الأسلحة المبينة بالقسم الثانى من الجدول رقم (3)، فلا يكون التعديل فيها إلا بالإضافة " .
وحيث إن المواد من (25) إلى (31) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه، قد بينت العقوبات المقررة على مخالفة الأحكام السابقة ، وكذلك أحوال الإعفاء من العقاب . إذ حددت المادة (25 مكررًا) من ذلك القانون عقوبة الحبس والغرامة لكل من يحوز أو يحرز بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة البيضاء المبينة بالجدول رقم (1)، ورصدت المادة (26)بعد تعديلها بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 - وقبل استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 - عقوبة السجن وغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه لكل من يحوز أو يحرز بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2)،وعقوبة السجن المشدد لكل من يحوز أو يحرز بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الأول من الجدول رقم (3)، وعقوبة السجن المؤبد لكل من يحوز أو يحرز سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم (3) .
 وحيث إنه وفقًا لما تقدم يكون المشرع، وهو بصدد تنظيم حيازة وإحراز الأسلحة ، قد وضع تنظيمًا لحيازة وإحراز الأسلحة البيضاء والأسلحة النارية غير المششخنة والمششخنة ، والتى حددها جميعها في الجداول الملحقة بالقانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه . وبمقتضى هذا التنظيم، فقد حظر المشرع إطلاقًا الترخيص في الأسلحة المبينة في القسم الثاني من الجدول رقم (3)،وأجاز حيازة أو إحراز باقي أنواع الأسلحة المبينة في الجداول المشار إليها بترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه عنه، وأخضع المخالف للعقوبات الجنائية المقررة بهذا القانون، وفى الوقت ذاته، أجاز لوزير الداخلية ، بقرار منه، تعديل تلك الجداول، إضافة ً وحذفًا، باستثناء القسم الثاني من الجدول رقم (3)؛ والخاص بالمدافع والمدافع الرشاشة ؛ إذ لم يجز إدخال تعديل عليه إلا بالإضافة دون الحذف . وإعمالاً لهذه الرخصة ، فقد أصدر وزير الداخلية القرار رقم 13354 لسنة 1995 بتعديل الجدول رقم (3) سالف الإشارة ، بإضافة البنادق المششخنة ، نصف الآلية والآلية ، سريعة الطلقات، والمسدسات سريعة الطلقات، إلى القسم الثاني من هذا الجدول.
 وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية ، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك، وكان المدعى قد أحيل إلى المحاكمة الجنائية بوصف ارتكابه عدة جرائم، من بينها إحرازه سلاحًا ناريًّا مششخنًا ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه؛ وكان قرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995، المطعون عليه، قام بنقل ذلك السلاح، وغيره، من القسم الأول من الجدول رقم (3) - والتى كان يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها-إلى القسم الثاني من الجدول ذاته، لتكون ضمن الأسلحة التى لا يجوز الترخيص بها، وهو ما ينعكس بدوره على قدر العقوبة التي توقع بشأنها، من السجن المشدد إلى السجن المؤبد . ومن ثم، فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الطعن على دستورية ذلك القرار تكون متوافرة ؛ وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى المعروضة .
 وحيث إن المدعى ينعى على قرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 المشار إليه أنه قد نقل البنادق الآلية سريعة الطلقات من القسم الأول من الجدول رقم (3) المرفق بالقانون رقم 394 لسنة 1954المشار إليه إلى القسم الثانى منه، وبذلك يكون قد شدد العقوبة على المتهم لتصبح السجن المؤبد بعد أن كانت السجن المشدد، بما يستتبعه ذلك من حرمان المتهم من الاستفادة بالرخصة المخولة للمحكمة في النزول بالعقوبة ، وإيقاف تنفيذها طبقًا لقانون العقوبات . ومن جانب آخر، فإن هذا القرار إذ صدر عن وزير الداخلية ، ولم يصدر بقانون، فإنه يكون قد افتأت على مبدأ مشروعية العقوبة ، وعلى سلطة مجلس الشعب في سن القوانين، ومتجاوزًا لصلاحيات السلطة التنفيذية التي تنصب على تنفيذ القانون، الأمر الذى يشكل مخالفة لأحكام المواد ( 66 و86 و144 ) من دستور سنة 1971.
 وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره. إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛ وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية القرار المطعون عليه في ضوء أحكام الدستور القائم، الصادر في 18/1/2014، والذى ألغى بموجب المادة (246) منه ما سبق عليه من وثائق دستورية ؛ فأصبح بذلك هو المرجع الوحيد للرقابة الدستورية في البلاد .
 وحيث إن ما أثاره المدعى من مناعٍ على القرار المطعون عليه مردود بأن النص في المادة (95) من الدستور القائم، المقابلة لنص المادة (66) من دستور سنة 1971، من أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون"، يدل على أن الأصل هو تولى السلطة التشريعية بنفسها- من خلال قانون بالمعنى الضيق تقره وفقًا للدستور - تحديد الجرائم وبيان عقوبتها، وليس لها بالتالي أن تتخلى كلية عن ولايتها هذه، بأن تعهد بها بأكملها إلى السلطة التنفيذية ، وإن كان يكفيها وفقًا للنص الدستوري المشار إليه أن تحدد إطارًا عامًّا لشروط التجريم وما يقارنها من جزاء، وأن تعهد إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم والعقاب، وذلك لاعتبارات تقدرها سلطة التشريع، وفى الحدود وبالشروط التى يعينها القانون الصادر منها .
 وحيث كان ذلك، وكان المشرع، بموجب أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه، قد استعمل الرخصة الواردة بالمادة (66) من دستور سنة 1971، المقابلة للمادة (95) من الدستور القائم، فأو رد في المادة (26) منه الجزاءات الجنائية التى توقع على من يخالف الحظر الوارد في المادة (1) منه، والتي حددت إطارًا عامًا لشروط التجريم، بحظرها حيازة أو إحراز الأسلحة البيضاء والنارية المبينة في الجداول المرفقة بذلك القانون إلا بترخيص من وزير الداخلية ،وناطت به تعديل تلك الجداول، إضافة وحذفًا، مع قصر التعديل في القسم الثانى من الجدول رقم (3) على الإضافة دون الحذف . وقد جاء ذلك بمراعاة أن الهدف المبتغى والمبرر للترخيص بحمل الأسلحة يرتبط أساسًا بدواعي المحافظة على النفس والمال دون إخلال بأمن المجتمع وسلامته؛ واستشعارًا من المشرع لما يتطلبه تنظيم هذا الأمر، على مبلغه من الأهمية والخطورة ، من تقدير دقيق للدواعي الأمنية ، على ضوء أوضاعا لتطور المستمر في صناعة تلك الأسلحة ، وما يترتب على حيازتها وإحرازها من خطورة وأضرار من شأنها تهديد الأمن العام؛ وهو الأمر الذى يقتضى ضرورة مجابهتها وحسمها على وجه السرعة ، وبالمرونة اللازمة . وإذ التزم القرار اللائحي المطعون عليه حدود وضوابط تلك الرخصة التشريعية ، متوخيًا تحقيق الهدف المرجو منها، فإنه لا يكون قد خالف قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون؛ ولا يتضمن افتئاتًا على اختصاص سلطة التشريع بسن القوانين؛ ولا تغولاً من جانب السلطة التنفيذية عليها . ومن ثم، يضحى النعى عليه بمخالفة الدستور فاقدًا لسنده؛ وهو الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق