هيئة المحكمة: برئاسة السيد
القاضي/الدكتور عبد الوهاب عبدول – رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: خليفة سعد
الله المهيري، شهاب عبد الرحمن الحمادي، فلاح شايع الهاجري وأمين أحمد الهاجري.
---------------
3- صلاحية المشرع العادي رسم
إجراءات رفع طلب تفسير الدستور وتبيان حدوده ونطاقه وحالات جوازه أو عدم جوازه
وقبوله أو رفضه دون الاعتداد بالباعث المحرك لطالب التفسير.
4- حصر نطاق اختصاص المحكمة
الاتحادية العليا بنظر طلب التفسير الدستوري على تفسير أحكام الدستور دون تفسير
نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن طريق البحث في دستوريتها طبقاً
للأوضاع المرسومة في الدستور.
6- تحديد صلاحية المحكمة الاتحادية
العليا في مجال تفسير نصوص الدستور في توضيح ما أبهم من عبارات النص محل التفسير
واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير تحرياً لمقاصد هذا النص ووقوفاً عند الغاية
التي استهدفت من تقريره والغرض المقصود منه ومحمولاً عليه.
8- اعتبار أصول التفسير في إطار
إعمال نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً موجبة إعمال قواعد التخصيص
والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور بما يجعل بعضها يُفسر بعضاً.
9- إستظهار المحكمة الاتحادية
العليا من عبارات المادة (151) من الدستور سيادة وسمو دستور دولة الاتحاد على
دساتير إمارات الاتحاد وسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكام
الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات.
10- عدم جواز تعارض التشريع المحلي
مع التشريع الاتحادي والتشريعين المحلي والاتحادي مع التشريع الدستوري وإلا كانت
تلك التشريعات مصومة بخاتم عدم الدستورية أو عدم المشروعية.
11- وجوب توافق التشريع المحلي
سواء أكان في المجال المحفوظ للحكومات المحلية أم في مجال قوانين وتشريعات
التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية أو في غيرها من
المجالات مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً.
12- اعتبار الأصل في القوانين
الاتحادية صدورها موافقة ومطابقة للدستور إلا عند صدور حكم قضائي من المحكمة
الاتحادية العليا بعدم دستوريته أو قيام دليل قطعي نافياً على وجه الجزم
لدستوريته.
13- اعتبار القانون الاتحادي
المستوفي لإجراءات إصداره المقررة في الدستور واجب الاحترام والتطبيق على جميع
إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة سكانها وما عليها.
14- اعتبار القانون الاتحادي
رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم داخل ضمن اختصاص
الاتحاد بالتشريع فيه ومستوفي إجراءات إصداره دون صدور حكم أو دليل قطعي بعدم
دستوريته أو إلغائه.
15- اعتبار القانون الاتحادي
رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم قانون ملزم
لجميع إمارات الدولة وواجب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً.
18- تحديد المقصود من عبارة
"التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الواردة في المادة
(121) من الدستور.
19- اعتبار القانون القاضي بإسناد
نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى المحاكم الشرعية من القواعد المتصلة بإجراءات
التقاضي التي تدخل في مفهوم " التشريعات الكبرى " وفقاً لأحكام المادة
121 من الدستور وهي تسمو على التشريعات المحلية بحيث يبطل من التشريع المحلي ما هو
متعارض مع التشريع الاتحادي.
20- عدم اختصاص المحكمة الاتحادية
العليا في استفتاء مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج إطار القانون
الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 لخروج إصدار الآراء الافتائية في موضوع القوانين أو
مجالات تطبيقها أو آثار مخالفتها عن نطاق اختصاصها.
---------------
(1) دستور "طلب تفسيره". تفسير
"تفسير الدستور". الاتحاد. حكومات الإمارات. المحكمة
الاتحادية العليا. اختصاص "الاختصاص الولائي" .إجراءات.
طلب تفسير الدستور. ماهيته؟ حق طلب
التفسير من المحكمة الاتحادية العليا. مقصور على سلطات الاتحاد وحكومات الإمارات.
الدستور أحال في رسم إجراءات الطلب وبيان حدوده ونطاقه وحالاته على المشرع ولم
يعتد بالباعث الذي يحرك هذا الطلب. أساس ذلك. المادة 99/4 من الدستور.
(2) دستور "طلب تفسيره". تفسير
"تفسير الدستور". المحكمة الاتحادية العليا . دعوى. اختصاص
"الاختصاص الولائي". إجراءات.
طلب تفسير الدستور دون القوانين.
تختص به المحكمة الاتحادية العليا بناءً على طلب من حكومة الاتحاد أو حكومات
الإمارات. لاستجلاء معانيه ومقاصده. الطلب الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي
القائم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف شجر بين الخصمين. أساس ذلك. المادة 99/4 من
الدستور والمادة 33/5 من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا.
- المحكمة الاتحادية العليا.
سلطتها في تفسير الدستور. مناطه. توضيح ما أبهم من عباراته واستخلاص دلالته تحرياً
لمقاصده وفقاً لمناهج التفسير. أصول التفسير. توجب التوفيق بين النصوص الدستورية
وإعمال قواعد التخصيص والتقييد كونها وحدة متآلفة متجانسة. دستور الاتحاد يعلو
دساتير إمارات الاتحاد.
- التشريعات الاتحادية تعلو
التشريعات المحلية. لا يجوز تعارض التشريع الأدنى مع التشريع الأعلى. أثره: عدم
دستورية التشريع الأدنى. أساس ذلك في الدستور.
- الأصل. صدور القانون الاتحادي
موافقاً للدستور إلا إذا صدر حكم بعدم دستوريته. أثره: وجوب احترامه وتطبيقه في
جميع إقليم الاتحاد. قانون اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم رقم 3 لسنة
1996 قانون صدر موافقاً للدستور. أثره: وجوب تطبيقه في جميع محاكم الدولة
الاتحادية والمحلية.
- توزيع الاختصاصات التشريعية
والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات. الاتحاد ينفرد بالتشريع والتنفيذ في الشئون
المبينة في المادة 120 من الدستور وينفرد بالتشريع في الشؤون المبينة في المادة
121 من الدستور. الإمارات تنفرد بالتشريع في الشؤون المبينة في المادة 121 من
الدستور. الإمارات تنفرد بالتشريع بما لا يختص به السلطات الاتحادية. التشريع.
ماهيته؟
- قانون اختصاص المحاكم الشرعية
المتضمن "إسناد جرائم المخدرات للمحاكم الشرعية يعد من التشريعات المتصلة
بإجراءات التقاضي المنظمة للاختصاص النوعي للمحاكم داخل الدولة. أساس ذلك. المادة
121 من الدستور. أثره: وجوب تطبيقه في جميع اتحاد الدولة وسموه على التشريعات
المحلية وبطلانها إذا تعارضت معه.
المحكمة الاتحادية العليا. تختص
بنظر المنازعات الدستورية في صورة طعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير الدستور. أثره:
عدم اختصاص المحكمة بإصدار أراء إفتائه في معنى المحاكمة القانونية أو العادلة.
---------------
1- لما كان طلب تفسير الدستور، هو
طلب عيني يستهدف طالبه من المحكمة تجلية ما يكون قد ران على النص المطلوب استيضاحه
من غموض أو لبس بغية رفع هذا اللبس وإيضاح الغموض توصلاً إلى تحديد مراد الدستور
ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره. وأن دستور دولة الاتحاد، إذ جاز
لسلطات الاتحاد وحكومات الإمارات أن تطلب من المحكمة الاتحادية العليا طلب تفسير
أحكام الدستور عملاً بالمادة (99/4) منه، فقد ترك – الدستور – للمشرع العادي رسم
إجراءات رفع هذا الطلب وتبيان حدوده ونطاقه وحالات جوازه أو عدم جوازه، قبوله أو
رفضه، دون أن يعتد بالباعث الذي يحرك الطالب لرفع طلب التفسير، بحسبان أن هذا
الباعث من خبيثات النفوس التي لا يعتد بها القانون في قبول طلب التفسير أو رفضه،
مما يغدو معه دفع النيابة في غير محله متعين الرفض.
2- لما كان موضوع الطلب – فإن
المحكمة تمهد لقضائها بتأكيد اختصاصها بنظر طلب التفسير الدستوري إعمالاً للمادة
(99/4) من دستور دولة الاتحاد، والمادة (33/5) من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية
العليا رقم (10) لسنة 1973. وأن اختصاصها هذا إنما يقتصر نطاقه على تفسير
أحكام الدستور، ولا يمتد إلى تفسير نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن
طريق البحث في دستوريتها طبقاً للأوضاع المرسومة في الدستور.(يراجع طلب التفسير
رقم (1) لسنة 1 قضائية عليا تفسير دستوري). كما تؤكد المحكمة كذلك أن طلب
التفسير الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على الادعاء والدفاع وحسم
خلاف شجار بين طرفين، وإنما تباشر الدائرة الدستورية بهذه المحكمة نظر الطلب عندما
يقدم لها من حكومة الاتحاد أو من حكومات إمارات الاتحاد، لتفسير نص دستوري معين
لاستجلاء معانيه ومقاصده، بغية ضمان وحدة تطبيقه، وأنه ليس بلازم أن يصل الأمر إلى
حد الخلاف المحتدم أو المنازعة بالمعنى المعروف في قانون الإجراءات المدنية، إذ في
تطلب ذلك قيد لم يتضمنه الدستور أو قانون إنشاء المحكمة. بل يكفي أن يدور حول
نص دستوري أكثر من رأي على نحو يغم معه إعمال حكمه على النحو الذي أراده وقصده
وضعوا الدستور، ليسوغ معه الالتجاء إلى هذه المحكمة بغية تجلية الغموض الحاصل في
هذا المجال وذلك ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
3- لما كان الطلب المتعلق بتفسير
أحكام الدستور فيما يتعلق بأولوية وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم (3)
لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم لجميع الإمارات،
سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً على ضوء المادة (151) من دستور دولة الاتحاد. فإن
السلطة المخولة لهذه المحكمة – لدى تحريك اختصاصها واستنهاض ولايتها – في مجال
تفسير نصوص الدستور، إنما تتحدد في توضيح ما أبهم من عبارات النص محل التفسير،
واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير، تحرياً لمقاصد هذا النص، ووقوفاً عند
الغاية التي استهدفت من تقريره، والغرض المقصود منه، ومحمولاً عليه. وكان من
المسلم به أن التوفيق بين النصوص كمنهج أصيل في التفسير يعني التقريب بين النصوص
وترجيح الفهم الذي لا يقوم به التعارض بين أي منهما والآخر. وفي إطار إعمال
نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً، فإن أصول التفسير توجب إعمال قواعد
التخصيص والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور، بما يجعل بعضها يُفسر بعضاً،
فالنصوص لا يفهم بعضها بمعزل عن البعض الآخر، وإنما تتأتى دلالة أي منها في ضوء
دلالة باقي النصوص، الأمر الذي يتطلب وجوب إمعان النظر في تلك النصوص جميعها
بوصفها متآلفة فيما بينها، متجانسة معانيها، متضافرة توجهاتها، بما لا تنفلت معها
متطلبات تطبيقها، أو يبتعد بها عن الغاية المقصودة منها. واهتداءً بهذا
المنهج، فإن المحكمة تستظهر من عبارات المادة (151) من الدستور ودلالات ألفائها،
إن المشرع الدستوري أورد أصلاً دستورياً عاماً يقضي بسادة وسمو دستور دولة الاتحاد
على دساتير إمارات الاتحاد، وبسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً
لأحكام الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات،
وأساس هذه السيادة أن الدستوري الاتحادي يمثل إرادة شعب الإمارات وحكامه كما هو
بيّن وجلي في ديباجة دستور دولة الاتحاد، وأن القوانين الاتحادية تصدر بتصديق
المجلس الأعلى للاتحاد الذي يُغير هو الآخر عن الإرادة العامة لشعب الإمارات، مما
يعني أن إرادة الشعب الإماراتي هي أساس سيادة وسمو التشريعات الاتحادية.
وحيث إن مؤدى هذه السيادة – في
عموم معناها -، إن أي تشريع يجب أن يتقيد بالتشريع الأعلى منه درجة. فلا يجوز
لتشريع محلي أن يتعارض أو يتخالف مع تشريع اتحادي. كما لا يجوز لأيهما أن
يتعارض مع تشريع دستوري. وإذا صدر أي من هذه التشريعات مخالفاً لتشريع أعلى
منه درجة، فإنه يكون موصوماً بخاتم عدم الدستورية أو عدم المشروعية. وعليه
فإن أي تشريع محلي مهما كان المجال الذي يشرع فيه، سواء أكان في المجال المحفوظ
للحكومات المحلية عملاً بالمادة (122) من الدستور، أم في مجال قوانين وتشريعات
التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية عملاً بالمادة (125)
من الدستور، أو في غيرها من المجالات. وسواء أكان موضوع تلك القوانين
والتشريعات متعلقاً بشؤون التقاضي أم شؤون الأسرة والمجتمع أم الشؤون الاقتصادية
والتجارية أم الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية أم غيرها من الشؤون الأخرى – لا
بد أن يكون متفقاً مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً، وغير متعارض معه لا
صراحةً ولا ضمناً، حقيقة أم حكماً.
وحيث إن الأصل في القوانين
الاتحادية، أنها صدرت موافقة ومطابقة للدستور، أخذاً بقرينة الدستورية التي تصاحب
التشريع منذ لحظة صدوره إلى يوم إلغائه، ولا تزول عنه هذه القرينة إلا بصدور حكم
قضائي من هذه المحكمة ينزع عن هذا التشريع لباس الشرعية الدستورية، أو يقوم دليل
قطعي يكون بذاته نافياً – على وجه الجزم – لدستوريته. ولازم هذه القرينة
المفترضة، أن القانون الاتحادي متى استوفى إجراءات إصداره المقررة في الدستور، فهو
واجب الاحترام والتطبيق على جميع إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة سكانها وما عليها،
وذلك عملاً بالمادة (44) من الدستور التي توجب على سكان الاتحاد احترام الدستور
والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة. ولما كان الثابت من
مطالعة القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996،أن موضوعه طال شأناً يتعلق
بالإجراءات الجزائية أمام المحاكم وهو شأن ينفرد الاتحاد بالتشريع فيه، وأن هذا
القانون استوفى إجراءات إصداره من حيث الإطلاع على الدستور وعلى القوانين
الاتحادية ذات الصلة بموضوعه وعرض وزير العدل وموافقة مجلس وزراء الاتحاد وتصديق المجلس
الأعلى للاتحاد عليه ونشره في الجريدة الرسمية للاتحاد والعمل به من تاريخ نشره،
وأنه لم يصدر حكم أو يقوم دليل قطعي بعدم دستوريته، ولم يلغ حتى تاريخه.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم،
فإن القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية
بنظر بعض الجرائم، قانون ملزم لجميع إمارات الدولة في المجال الذي شرع وواجب تطبيق
أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً. ولا يفوت المحكمة أن تشير في
هذا المقام إلى أنه لا قيد على الإمارات في أن تضع التشريعات اللازمة لتنظيم
الأصول العامة التي تشتمل عليها التشريعات الكبرى ووضع الحلول التشريعية لما
تواجهه الإمارات من مسائل جزئية عند التطبيق بما لا يتعارض مع أحكام التشريعات
الكبرى أو مع أي قانون اتحادي آخر، وذلك وفقاً للمادتين (149، 151) من الدستور. (يراجع
طلب التفسير رقم (1) لسنة 19 قضائية عليا، جلسة 30/6/1992).
4- لما كان طلب التفسير الخاص
ببيان المعنى المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية
والجزائية" الذي ينفرد الاتحاد بالتشريع فيها، وذلك على ضوء المادة (28) من
دستور دولة الاتحاد. وما إذا كانت المحاكمة خارج أحكام القانون رقم (3) لسنة
1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وللمادة (25) من الدستور ذاته التي تنص
على مساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو
الموطن أو العقيدة أو المركز الاجتماعي.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر
على أن توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات، يقوم على
أساس انفراد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون المبينة في المادة (120) من
دستور الاتحاد، وانفراده بالتشريع فقط في الشؤون المبينة في المادة (121) منه
عملاً بما نصت عليه المادة (122) من أن الإمارات تختص بكل ما لا تنفرد السلطات
الاتحادية به بموجب أحكام المادتين 120، 121 (يراجع طلبات التفسير الدستوري أرقام:
1 لسنة 2 قضائية عليا، 5 لسنة 8 قضائية عليا، 10 لسنة 10 قضائية عليا).
ومن حيث إن المقصود بالتشريع في
مجال المادتين 120، 121 من دستور دولة الاتحاد – وفق ما صرحت به هذه المحكمة في
طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية عليا – القواعد الكلية المنظمة لروابط المخاطبين
بأحكام القانون. وهو – التشريع – يصدر من الاتحاد عن طريق السلطات التي تملك
إصداره وفقاً للأشكال وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في الدستور، إما في صورة
قانون أو مراسيم لها قوة القانون على حسب الأحوال، وإما بناءً على تفويض يتم ضمن
الحدود التي يعنيها قانون التفويض.
ومن حيث إن المقصود من عبارة "التشريعات
الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الواردة في المادة (121) من الدستور،
فهي التشريعات التي تتضمن القواعد الكلية المنظمة لإجراءات التقاضي والأحكام
التفصيلية المتصلة بها في المجالين المدني والجزائي، وتشتمل على إجراءات رفع
الدعاوى وترتيب درجات المحاكم، واختصاصاتها وتنظيم الأجهزة القضائية وأعوانها،
وكيفية صدور الأحكام والطعن فيها وتنفيذها. بالإضافة إلى ما تقتضيه طبيعة
المواد الجزائية من وضع قواعد خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق والاتهام
والمحاكمة والتنفيذ الجزائي.
ومن حيث إنه لا مرية أن القانون
القاضي بإسناد نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى المحاكم الشرعية، يُعد من
القواعد (التشريعات) المتصلة بإجراءات التقاضي، باعتباره تنظيماً للاختصاص النوعي
للمحاكم داخل الدولة، وهو ما يدخل في مفهوم " التشريعات الكبرى " وفقاً
لأحكام المادة (121) من الدستور، والذي يتعين تطبيق أحكامه في كافة أرجاء الدولة
بجميع إماراتها المتحدة، ويكون له العلو والسمو على التشريعات المحلية، أياً كانت
درجتها فيما يتعارض منها مع أحكامه، بحيث يبطل من التشريع المحلي ما هو متعارض مع
التشريع الاتحادي، وذلك وفقاً لأحكام المواد: 122، 148، 149، 151 من دستور دولة
الاتحاد بنصوصها الواضحة والجلية المعنى بهذا الخصوص. وهو ما سبق تقريره
بالمبدأ الدستوري الصادر في طلب التفسير الدستوري رقم5 لسنة 8 قضائية عليا.
5- لما كانت الفقرة الثانية من
الشق الثاني من الطلب، فإنه ولما كان مبنى هذه الفقرة في
حقيقته استفتاء المحكمة في مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج
إطار القانون
الاتحادي رقم 3 لسنة 1996، وكان دستور دولة الاتحاد قد عهد بنص المادة (99/2،
4,3) إلى هذه المحكمة وحدها دون غيرها نظر المنازعات الدستورية، سواء أخذت صورة
الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير أحكام الدستور. وبناءً على هذا التفويض
الدستوري، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مستبعداً من مجال ولايتها واختصاصها
إصدار آراء إفتائية في موضوع القوانين أو مجالات تطبيقها أو آثار مخالفتها. وإذ
كان الطلب في فقرته المشار إليها، لا ينطوي على منازعة دستورية، فإنه لا يكون
مقبولاً.
---------------
حيث إنه بتاريخ 11/10/2000، أودع
رئيس الديوان الأميري لحكومة إمارة أم القيوين، بموافقة وإقراء صاحب السمو حاكم
الإمارة، قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا صحيفة طلب تفسير بعض أحكام الدستور
بالقدر الذي يتعلق بإلزامية تطبيق أحكام القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن
اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم. واستقرت طلباته الختامية بموجب مذكراته
المؤرخة في 14/3/2000، 15/10/2001، 15/12/2002، 14/6/2003، على بيان ما يأتي:
أولاً: تفسير أحكام الدستور
فيما يتعلق بأولوية وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 لجميع
الإمارات، سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً، وذلك على ضوء المادة (151) من
الدستور.
ثانياً: تفسير المادة (121)
من الدستور لبيان المعنى المقصود من "التشريعات الكبرى" الذي ينفرد
الاتحاد بالتشريع والتنفيذ فيها، وذلك على ضوء ما نصت عليه المادة (28) من الدستور
التي تقرر المحاكمة القانونية والعادلة كحق دستوري. وما إذا كانت المحاكمة خارج
أحكام القانون (3) لسنة 1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وكذلك للمادة
(25) من الدستور التي تقضي بمساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين
مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي.
وأودع طالب التفسير ملف الطلب
صورة ضوئية عن مرسوم أميري برقم (3) لسنة 1998 صادر عن صاحب السمو حاكم إمارة أم
القيوين بتاريخ 24/11/1998 يقضي بتعيين السيد/ .... مستشاراً قانونياً لحكومة أم
القيوين. وبعد أن تم تحضير الطلب وتهيئته للمرافعة وإيداع التقرير وفق الثابت بالأوراق،
حُددت جلسة 14/3/2001 لنظر الطلب. وإذ توالت جلسات نظر الطلب على النحو الثابت
بمحاضر الجلسات، فقد حددت المحكمة جلسة اليوم للنطق بالحكم.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت
بعدم قبول الطلب تأسيساً على أنه لا يعدو أن يكون طلباً بعدم دستورية الأحكام
الصادرة في الدعويين رقمي 4/46 لسنة 1997 جنايات دبي و330 لسنة 1996 جنايات أم
القيوين لمخالفتها أحكام القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 .
أن طلب
تفسير الدستور، هو طلب عيني يستهدف طالبه من المحكمة تجلية ما يكون قد ران على
النص المطلوب استيضاحه من غموض أو لبس بغية رفع هذا اللبس وإيضاح الغموض توصلاً
إلى تحديد مراد الدستور ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
وأن
دستور دولة الاتحاد، إذ أجاز لسلطات الاتحاد وحكومات الإمارات أن تطلب من المحكمة
الاتحادية العليا طلب تفسير أحكام الدستور عملاً بالمادة (99/4) منه،
فقد ترك
– الدستور – للمشرع العادي رسم إجراءات رفع هذا الطلب وتبيان حدوده ونطاقه وحالات
جوازه أو عدم جوازه، قبوله أو رفضه، دون أن يعتد بالباعث الذي يحرك الطالب لرفع
طلب التفسير، بحسبان أن هذا الباعث من خبيثات النفوس التي لا يعتد بها القانون في
قبول طلب التفسير أو رفضه. مما يغدو معه دفع النيابة في غير محله متعين الرفض.
فإن
المحكمة تمهد لقضائها بتأكيد اختصاصها بنظر طلب التفسير الدستوري إعمالاً للمادة
(99/4) من دستور دولة الاتحاد، والمادة (33/5) من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية
العليا رقم (10) لسنة 1973. وأن اختصاصها هذا إنما يقتصر نطاقه على تفسير
أحكام الدستور، ولا يمتد إلى تفسير نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن
طريق البحث في دستوريتها طبقاً للأوضاع المرسومة في الدستور. (يراجع طلب
التفسير رقم (1) لسنة 1 قضائية عليا تفسير دستوري).
كما
تؤكد المحكمة كذلك أن طلب التفسير الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على
الادعاء والدفاع وحسم خلاف شجار بين طرفين، وإنما تباشر الدائرة الدستورية بهذه
المحكمة نظر الطلب عندما يقدم لها من حكومة الاتحاد أو من حكومات إمارات الاتحاد،
لتفسير نص دستوري معين لاستجلاء معانيه ومقاصده، بغية ضمان وحدة تطبيقه، وأنه ليس
بلازم أن يصل الأمر إلى حد الخلاف المحتدم أو المنازعة بالمعنى المعروف في قانون
الإجراءات المدنية، إذ في تطلب ذلك قيد لم يتضمنه الدستور أو قانون إنشاء المحكمة. بل
يكفي أن يدور حول نص دستوري أكثر من رأي على نحو يغم معه إعمال حكمه على النحو
الذي أراده وقصده وضعوا الدستور، ليسوغ معه الالتجاء إلى هذه المحكمة بغية تجلية
الغموض الحاصل في هذا المجال وذلك ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
وحيث
إنه عن الشق الأول من الطلب المتعلق بتفسير أحكام الدستور فيما يتعلق بأولوية
وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم
الشرعية بنظر بعض الجرائم لجميع الإمارات، سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً على
ضوء المادة (151) من دستور دولة الاتحاد. فإن السلطة المخولة لهذه المحكمة – لدى
تحريك اختصاصها واستنهاض ولايتها – في مجال تفسير نصوص الدستور، إنما تتحدد في توضيح
ما أبهم من عبارات النص محل التفسير، واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير،
تحرياً لمقاصد هذا النص، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفت من تقريره، والغرض
المقصود منه، ومحمولاً عليه.
وكان من
المسلم به أن التوفيق بين النصوص كمنهج أصيل في التفسير يعني التقريب بين النصوص
وترجيح الفهم الذي لا يقوم به التعارض بين أي منهما والآخر.
وفي
إطار إعمال نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً، فإن أصول التفسير توجب
إعمال قواعد التخصيص والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور، بما يجعل بعضها يُفسر
بعضاً، فالنصوص لا يفهم بعضها بمعزل عن البعض الآخر، وإنما تتأتى دلالة أي منها في
ضوء دلالة باقي النصوص، الأمر الذي يتطلب وجوب إمعان النظر في تلك النصوص جميعها
بوصفها متآلفة فيما بينها، متجانسة معانيها، متضافرة توجهاتها، بما لا تنفلت
معها متطلبات تطبيقها، أو يبتعد بها عن الغاية المقصودة منها.
واهتداءً
بهذا المنهج، فإن المحكمة تستظهر من عبارات المادة (151) من الدستور ودلالات
ألفائها، إن المشرع الدستوري أورد أصلاً دستورياً عاماً يقضي بسادة وسمو دستور
دولة الاتحاد على دساتير إمارات الاتحاد، وبسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي
تصدر وفقاً لأحكام الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات
الإمارات، وأساس هذه السيادة أن الدستوري الاتحادي يمثل إرادة شعب الإمارات وحكامه
كما هو بيّن وجلي في ديباجة دستور دولة الاتحاد، وأن القوانين الاتحادية تصدر
بتصديق المجلس الأعلى للاتحاد الذي يُغير هو الآخر عن الإرادة العامة لشعب
الإمارات، مما يعني أن إرادة الشعب الإماراتي هي أساس سيادة وسمو التشريعات
الاتحادية.
وحيث
إن مؤدى هذه السيادة – في عموم معناها -، إن أي تشريع يجب أن يتقيد بالتشريع
الأعلى منه درجة. فلا يجوز لتشريع محلي أن يتعارض أو يتخالف مع تشريع اتحادي. كما
لا يجوز لأيهما أن يتعارض مع تشريع دستوري. وإذا صدر أي من هذه التشريعات
مخالفاً لتشريع أعلى منه درجة، فإنه يكون موصوماً بخاتم عدم الدستورية أو عدم
المشروعية.
وعليه
فإن أي تشريع محلي مهما كان المجال الذي يشرع فيه، سواء أكان في المجال المحفوظ
للحكومات المحلية عملاً بالمادة (122) من الدستور، أم في مجال قوانين وتشريعات
التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية عملاً بالمادة (125)
من الدستور، أو في غيرها من المجالات. وسواء أكان موضوع تلك القوانين
والتشريعات متعلقاً بشؤون التقاضي أم شؤون الأسرة والمجتمع أم الشؤون الاقتصادية
والتجارية أم الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية أم غيرها من الشؤون الأخرى – لا
بد أن يكون متفقاً مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً، وغير متعارض معه لا
صراحةً ولا ضمناً، حقيقة أم حكماً.
وحيث
إن الأصل في القوانين الاتحادية، أنها صدرت موافقة ومطابقة للدستور، أخذاً بقرينة
الدستورية التي تصاحب التشريع منذ لحظة صدوره إلى يوم إلغائه، ولا تزول عنه هذه
القرينة إلا بصدور حكم قضائي من هذه المحكمة ينزع عن هذا التشريع لباس الشرعية
الدستورية، أو يقوم دليل قطعي يكون بذاته نافياً – على وجه الجزم – لدستوريته
ولازم
هذه القرينة المفترضة، أن القانون الاتحادي متى استوفى إجراءات إصداره المقررة في
الدستور، فهو واجب الاحترام والتطبيق على جميع إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة
سكانها وما عليها، وذلك عملاً بالمادة (44) من الدستور التي توجب على سكان الاتحاد
احترام الدستور والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة.
ولما
كان الثابت من مطالعة القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996، أن موضوعه
طال شأناً يتعلق بالإجراءات الجزائية أمام المحاكم وهو شأن ينفرد الاتحاد بالتشريع
فيه، وأن هذا القانون استوفى إجراءات إصداره من حيث الإطلاع على الدستور وعلى
القوانين الاتحادية ذات الصلة بموضوعه وعرض وزير العدل وموافقة مجلس وزراء الاتحاد
وتصديق المجلس الأعلى للاتحاد عليه ونشره في الجريدة الرسمية للاتحاد والعمل به من
تاريخ نشره، وأنه لم يصدر حكم أو يقوم دليل قطعي بعدم دستوريته، ولم يلغ حتى
تاريخه.
وحيث
إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن
اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، قانون ملزم لجميع إمارات الدولة في
المجال الذي شرع وواجب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً. ولا
يفوت المحكمة أن تشير في هذا المقام إلى أنه لا قيد على الإمارات في أن تضع
التشريعات اللازمة لتنظيم الأصول العامة التي تشتمل عليها التشريعات الكبرى ووضع
الحلول التشريعية لما تواجهه الإمارات من مسائل جزئية عند التطبيق بما لا يتعارض
مع أحكام التشريعات الكبرى أو مع أي قانون اتحادي آخر، وذلك وفقاً للمادتين (149،
151) من الدستور. (يراجع طلب التفسير رقم (1) لسنة 19 قضائية عليا، جلسة
30/6/1992).
وحيث إنه عن الشق الثاني من طلب
التفسير الخاص ببيان المعنى المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى
المدنية والجزائية" الذي ينفرد الاتحاد بالتشريع فيها، وذلك على ضوء المادة
(28) من دستور دولة الاتحاد. وما إذا كانت المحاكمة خارج أحكام القانون رقم (3)
لسنة 1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وللمادة (25) من الدستور ذاته
التي تنص على مساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب
الأصل أو الموطن أو العقيدة أو المركز الاجتماعي.
وحيث
إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين
الاتحاد والإمارات، يقوم على أساس انفراد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون
المبينة في المادة (120) من دستور الاتحاد، وانفراده بالتشريع فقط في الشؤون
المبينة في المادة (121) منه عملاً بما نصت عليه المادة (122) من أن الإمارات تختص
بكل ما لا تنفرد السلطات الاتحادية به بموجب أحكام المادتين 120، 121 (يراجع طلبات
التفسير الدستوري أرقام: 1 لسنة 2 قضائية عليا، 5 لسنة 8 قضائية عليا، 10 لسنة 10
قضائية عليا).
ومن
حيث إن المقصود بالتشريع في مجال المادتين 120، 121 من دستور دولة الاتحاد – وفق
ما صرحت به هذه المحكمة في طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية عليا – القواعد الكلية
المنظمة لروابط المخاطبين بأحكام القانون. وهو – التشريع – يصدر من الاتحاد
عن طريق السلطات التي تملك إصداره وفقاً للأشكال وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها
في الدستور، إما في صورة قانون أو مراسيم لها قوة القانون على حسب الأحوال، وإما
بناءً على تفويض يتم ضمن الحدود التي يعنيها قانون التفويض.
ومن
حيث إن المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية
والجزائية" الواردة في المادة (121) من الدستور، فهي التشريعات التي تتضمن
القواعد الكلية المنظمة لإجراءات التقاضي والأحكام التفصيلية المتصلة بها في
المجالين المدني والجزائي، وتشتمل على إجراءات رفع الدعاوى وترتيب درجات المحاكم،
واختصاصاتها وتنظيم الأجهزة القضائية وأعوانها، وكيفية صدور الأحكام والطعن فيها
وتنفيذها. بالإضافة إلى ما تقتضيه طبيعة المواد الجزائية من وضع قواعد خاصة
بإجراءات الاستدلال والتحقيق والاتهام والمحاكمة والتنفيذ الجزائي.
ومن
حيث إنه لا مرية أن القانون القاضي بإسناد نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى
المحاكم الشرعية، يُعد من القواعد (التشريعات) المتصلة بإجراءات التقاضي، باعتباره
تنظيماً للاختصاص النوعي للمحاكم داخل الدولة، وهو ما يدخل في مفهوم
"التشريعات الكبرى" وفقاً لأحكام المادة (121) من الدستور، والذي يتعين
تطبيق أحكامه في كافة أرجاء الدولة بجميع إماراتها المتحدة، ويكون له العلو والسمو
على التشريعات المحلية، أياً كانت درجتها فيما يتعارض منها مع أحكامه، بحيث يبطل
من التشريع المحلي ما هو متعارض مع التشريع الاتحادي، وذلك وفقاً لأحكام المواد:
122، 148، 149، 151 من دستور دولة الاتحاد بنصوصها الواضحة والجلية المعنى بهذا
الخصوص. وهو ما سبق تقريره بالمبدأ الدستوري الصادر في طلب التفسير الدستوري
رقم5 لسنة 8 قضائية عليا.
ومن
حيث انه في خصوص الفقرة الثانية من الشق الثاني من الطلب، فإنه ولما كان مبنى هذه
الفقرة في حقيقته استفتاء المحكمة في مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج
إطار القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996، وكان دستور دولة الاتحاد قد عهد
بنص المادة (99/2، 4,3) إلى هذه المحكمة وحدها دون غيرها نظر المنازعات الدستورية،
سواء أخذت صورة الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير أحكام الدستور. وبناءً على
هذا التفويض الدستوري، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مستبعداً من مجال ولايتها
واختصاصها إصدار آراء إفتائية في موضوع القوانين أو مجالات تطبيقها أو آثار
مخالفتها. وإذ كان الطلب في فقرته المشار إليها، لا ينطوي على منازعة
دستورية، فإنه لا يكون مقبولاً.
ثالثاً: إلزامية القانون
الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، في
المجال الذي شرع فيه، ووجوب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والامارات معاً.
رابعاً: ان مفهوم عبارة
"التشريعات الاجرائية الكبرى المدنية والجزائية"، ينصرف الى القواعد
الكلية المنظمة الاجراءات التقاضي والأحكام التفصيلية المتصلة بها في المجالين
المدني والجزائي. وان القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 يدخل في مفهوم
تلك العبارة باعتباره تشريعاً ينظم قواعد الاختصاص النوعي للمحاكم في الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق