جلسة 25 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.
---------------
(17)
الطعن رقم 5402 لسنة 57 القضائية
(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة. لا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها. استحالة قراءة أسباب الحكم تجعله خالياً من الأسباب.
(2) أحداث. اختصاص. محكمة الأحداث "اختصاصها". نظام عام. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
القانون 31 لسنة 1974 ناسخ للأحكام الإجرائية والموضوعية الواردة في قانوني الإجراءات والعقوبات في صدد محاكمة الأحداث ومعاقبتهم.
اختصاص محكمة الأحداث دون غيرها بمحاكمة من لم يتجاوز سنه ثماني عشرة وقت ارتكاب الجريمة. أساس ذلك؟
قواعد الاختصاص في المواد الجنائية. من حيث أشخاص المتهمين. تعلقها بالنظام العام.
دفع الحاضر مع المتهم بأنه حدث. جوهري. عدم تعرض المحكمة إيراداً ورداً. قصور.
2 - من المقرر أن القانون رقم 31 لسنة 1974 في شأن الأحداث المعمول به اعتباراً من 16/ 5/ 1974، قد نسخ الأحكام الإجرائية والموضوعية الواردة في قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات في صدد محاكمة الأحداث ومعاقبتهم، ومن بين ما أورده ما نص عليه في مادته الأولى من أن "يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يتجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة" وفي المادة 29 منه على أن "تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في الجرائم وعند تعرضه للانحراف...." فقد دل بذلك على أن الاختصاص بمحاكمة الحدث ينعقد لمحكمة الأحداث وحدها دون غيرها ولا تشاركها فيه أي محكمة أخرى سواها، وكانت قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من حيث أشخاص المتهمين متعلقة بالنظام العام، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع - المار ذكره - رغم جوهريته وتعلقه بالنظام العام - إيراداً ورداً - فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور.
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة..... ضد الطاعن بوصف أنه: بدد منقولات الزوجية المبينة وصفاً وقيمه بالمحضر، المملوكة لها والتي كانت قد سلمت إليه على سبيل عارية الاستعمال، فاختلسها لنفسه بنية تملكها إضراراً بها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ، وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة التبديد قد خالف القانون، وشابه قصور في التسبيب. ذلك بأنه لم يتسلم منقولات الزوجية بموجب عقد من عقود الأمانة الواردة في المادة 341 من قانون العقوبات على سبيل الحصر، وهو شرط لازم لتحقق عنصر تسليم المال في جريمة التبديد، ودفع أمام محكمة الدرجة الثانية بأنه كان حدثاً وقت وقوع الجريمة، إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفع - إيراداً ورداً - وقضت في الدعوى دون إحالتها إلى محكمة الأحداث المختصة - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه حرر على بصمة خاتم مطموسة، ويستحيل قراءة أسبابه. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحرير الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم، والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما تحرير أسباب الحكم بخط غير مقروء، أو إفراغه في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم قد خلا فعلاً من أسبابه لاستحالة قراءتها وكانت ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل أسباباً وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانونا، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها، فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه، فإن الحكم الابتدائي - المار ذكره - يكون مشوباً بالبطلان الذي يستطيل إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده لأسبابه. هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن المدافع عن الطاعن دفع بأنه حدث، وقدم بطاقة تحقيق شخصية الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون رقم 31 لسنة 1974 في شأن الأحداث المعمول به اعتباراً من 16/ 5/ 1974، قد نسخ الأحكام الإجرائية والموضوعية الواردة في قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات في صدد محاكمة الأحداث ومعاقبتهم، ومن بين ما أورده ما نص عليه في مادته الأولى من أن "يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يتجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة". وفي المادة 29 منه على أن "تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في الجرائم وعند تعرضه للانحراف...." فقد دل بذلك على أن الاختصاص بمحاكمة الحدث ينعقد لمحكمة الأحداث وحدها دون غيرها ولا تشاركها فيه أي محكمة أخرى سواها، وكانت قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من حيث أشخاص المتهمين متعلقة بالنظام العام، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع - المار ذكره - رغم جوهريته وتعلقه بالنظام العام - إيراداً ورداً - فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وإلزام المطعون ضدها - المدعية بالحقوق المدنية - المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق