برئاسة السيد القاضي/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ حسن يحيى فرغل، أحمد هاشم محمد، طلبه مهنى محمد نواب رئيس المحكمة ومحمد
أيمن سعد الدين.
--------------
- 1 نزع الملكية "نزع الملكية للمنفعة
العامة: قرار نزع الملكية".
قرار نزع الملكية للمنفعة العامة. عدم سقوطه إذا كان العقار المقرر
نزع ملكيته قد أدخل في مشروعات تم تنفيذها كاملة بالفعل قبل مضي سنتين من تاريخ
نشر القرار المقرر للمنفعة العامة. الشروع في تنفيذها خلال هذه المدة. غير كاف.
علة ذلك. المادتان 10، 29 مكرر ق 577 لسنة 1954م المعدل بق 13 لسنة 1962م.
إن المشرع – تقديراً منه لاعتبارات الصالح العام – قد رأى بموجب
القانون رقم 13 لسنة 1962م تعديل بعض أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954م حيث ضمنه
حكماً وقتياً باستحداث المادة 29 مكرراً التي تقضي بألا تسقط قرارات النفع العام
المشار إليها في المادة العاشرة من هذا القانون إذا كانت العقارات المطلوب نزع
ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أم
بعده، بما مؤداه عدم الحاجة إلى تجديد قرارات المنفعة العامة التي سقط مفعولها
بالتطبيق لحكم المادة العاشرة المذكورة إذا كانت العقارات التي تقرر نزع ملكيتها
قد أدخلت في مشروعات تم تنفيذها بالفعل قبل مضي سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر
للمنفعة العامة، ومن ثم لا يكفي أن تكون المشروعات التي أدخلت فيها هذه العقارات
قد شُرِع في تنفيذها خلال هذه المدة بل يتعين أن يكون قد تم تنفيذها كاملة بالفعل
خلالها وذلك حتى تتحصن قرارات النفع العام من السقوط الذي لحق بها.
- 2 نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية
في ظل العمل بالقانون 577 لسنة 1954م".
عدم منازعة الطاعنين في أن عقاراتهم المنزوعة ملكيتها أدخلت بالفعل في
مشروعات للنفع العام تم تنفيذها قبل مضي سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة
العامة وخلال العمل بأحكام القانون 577 لسنة 1954م. أثره. وجوب تطبيق أحكام
القانون المشار إليه. لازمه. تحديد قيمة التعويض عن نزع الملكية بتاريخ النزع وليس
بتاريخ رفع الدعوى أو الحكم فيها.
إذ كان الطاعنون لا ينازعون في أن عقاراتهم أُدخلت فعلاً في مشروعات
النفع العام التي تم تنفيذها ومن قبل بدء السنتين ..... (سنتين من تاريخ نشر
القرار المقرر للمنفعة العامة) وحسبما أشارت بذلك تقارير الخبراء المنتدبين وذلك
خلال العمل بأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954م، فإن أحكام هذا القانون تكون هي
الواجبة التطبيق بما لازمه أن تحدد قيمة التعويض عن نزع الملكية بتاريخ النزع وليس
بتاريخ رفع الدعوى أو الحكم فيها.
- 3 نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية:
تقدير التعويض: مقابل عدم الانتفاع".
مالك العقار الذي نزعت ملكيته للمنفعة العامة. حقه في التعويض عن عدم
الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليه حتى دفع التعويض المستحق له عن نزع
الملكية.
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمالك العقار الذي نزعت ملكيته
للمنفعة العامة الحق في التعويض عن عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء
الفعلي عليه إلى حين دفع التعويض المستحق له عن نزع الملكية.
- 4 استيلاء "الاستيلاء دون اتباع
الإجراءات القانونية: التعويض عنه".
المالك الذي اغتصب ملكه وأضيف إلى المنافع العامة بغير اتباع
الإجراءات القانونية لنزع الملكية. حقه في مطالبة الحكومة بفائدة تعويضية مقابل
ريع أرضه التي نزعت ملكيتها منه جبراً.
للمالك الذي اغتصب ملكه وأضيف إلى المنافع العامة بغير اتباع
الإجراءات القانونية لنزع الملكية حق مطالبة الحكومة بفائدة تعويضية مقابل ريع
الأرض التي نزعت ملكيتها منه جبراً.
- 5 فوائد "استحقاقها: مناط استحقاقها:
فوائد التأخير".
القضاء بالفوائد في الديون الحالة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق
أو في المؤجلة. شرطه. الاتفاق بين طرفي العقد.
إن الفوائد إنما يقضى بها في الديون الحالة التي يحصل التأخير في
سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق بين طرفي العقد.
- 6 فوائد "استحقاقها: من حالات عدم
استحقاقها: التعويض عن عدم الانتفاع بالأرض المنزوع ملكيتها".
الفائدة التعويضية التي يستحقها مالك العقار المنزوع ملكيته بغير
اتباع الإجراءات القانونية. ماهيتها. مقابل ريع الأرض التي نزعت ملكيتها منه أو
عدم الانتفاع بها. أثره. القضاء لمالك الأرض المنزوع ملكيتها بالتعويض عن عدم
الانتفاع. حيلولته دون القضاء بفائدة تعويضية مقابل رفعها. علة ذلك. عدم جواز
القضاء بالتعويض مرتين عن فعل واحد ولو تغير مسماه.
إذ كانت الفائدة التعويضية التي يستحقها مالك العقار الذي نزعت ملكيته
بغير اتباع الإجراءات القانونية إنما هي مقابل ريع الأرض التي نزعت ملكيتها منه أو
بمعنى آخر مقابل عدم الانتفاع بها ومن ثم فإن القضاء لمالك الأرض المنزوع ملكيتها
بالتعويض عن عدم الانتفاع بها يحول دون القضاء بفائدة تعويضية مقابل ريع تلك الأرض
وذلك لأنه لا يجوز القضاء بالتعويض مرتين عن فعل واحد ولو تغير مسماه.
- 7 خبرة "سلطة محكمة الموضوع في تقدير
عمل الخبير".
محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير عمل أهل الخبرة. أخذها بتقرير الخبير
لصحة أسبابه. أثره. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه. علة
ذلك.
المقرر أن تقدير عمل أهل الخبرة هو مما تستقل به محكمة الموضوع وأنها
متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لصحة أسبابه فإنها لا تكون
ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به
محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر
مما تضمنه التقرير.
- 8 خبرة "سلطة محكمة الموضوع في تقدير
عمل الخبير".
انتهاء الخبير إلى استحقاق الطاعنين لفوائد تعويضية منذ صدور قرار
المنفعة العامة وحتى تاريخ صرف التعويض لهم وعدم استحقاقهم لمقابل عدم الانتفاع
بالأرض المنزوع ملكيتها عن تلك المدة في حالة تقرير تلك الفوائد. قضاء الحكم
المطعون فيه بمقابل عدم الانتفاع للطاعنين من تاريخ صدور القرار ورفضه ضمناً
القضاء لهم بفوائد تعويضية. صحيح.
إذ كان الثابت من الاطلاع على تقرير لجنة الخبراء الثلاثية أنه قد خلص
إلى استحقاق الطاعنين لفوائد تعويضية منذ صدور قرار المنفعة العامة بتاريخ
19/1/1981م وحتى تاريخ صرف التعويض لهم وأنه في حالة تقرير هذه الفوائد فإنهم لا
يستحقون مقابل عدم الانتفاع بالأرض المنزوع ملكيتها عن تلك المدة. وإذ كان الحكم
المطعون فيه قد قضى للطاعنين بمقابل عدم الانتفاع بأملاكهم عن المدة من تاريخ صدور
قرار المنفعة العامة في 19/1/1981م ورفض ضمناً القضاء لهم بفوائد تعويضية فإنه
يكون قد صادف صحيح القانون.
- 9 حكم
"تسبيب الحكم: ماهية التسبيب والغاية منه".
تسبيب الحكم. غايته الأساسية. الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن
استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه. م 178
مرافعات المعدلة بق 13 لسنة 1973م.
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادة 178 من قانون
المرافعات المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1973م أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم
هي توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع
طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه.
- 10 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في
فهم الواقع وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها.
شرطه. إفصاحها عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها
مأخذها الصحيح من الأوراق وأن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. علة ذلك.
لئن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع
منها إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها
وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها ويكون مؤدياً إلى
النتيجة التي خلصت إليها وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد
الحكم وأن الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتأدى
مع النتيجة التي خلص إليها.
- 11 استيلاء "الاستيلاء دون اتباع
الإجراءات القانونية".
جواز استيلاء جهة الإدارة على العقار قبل صدور قرار نزع الملكية
للمنفعة العامة تمهيداً لنزع ملكيته. حق مالكيه في تعويض مقابل عدم الانتفاع به من
تاريخ الاستيلاء عليه.
يجوز لجهة الإدارة الاستيلاء على العقار قبل صدور قرار نزع الملكية
للمنفعة العامة وذلك تمهيداً لنزع ملكيته، وجعل المشرع لمالكي العقار في هذه
الحالة الحق في تعويض مقابل عدم الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء عليه.
- 12 محكمة
الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة".
قضاء الحكم الابتدائي بتعويض الطاعنين عن عدم الانتفاع بأرض التداعي
من تاريخ صدور قرار المنفعة العامة باعتباره تاريخ الاستيلاء الفعلي الذي تم فيه
الاستيلاء مؤقتاً عليها. تأييد الحكم المطعون فيه للقضاء السالف استناداً إلى
تقريري الخبير المودعين أمام محكمة أول درجة وتقرير اللجنة الثلاثية المودع أمام
محكمة الاستئناف رغم انتهاء التقرير الأخير إلى صحة اعتراض الطاعنين على احتساب
الحكم الأول لمقابل الانتفاع من تاريخ صدور القرار وبأحقيتهم فيه من تاريخ الاستيلاء
الفعلي مهدراً بذلك ما انتهى إليه التقرير المشار إليه في هذا الشأن ودون إيراد
أسبابٍ لذلك أو الإفصاح عن مصدر الدليل الذي كون منه عقيدته. خطأ وقصور ومخالفة.
إذ كان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد قضى بتعويض الطاعنين
عن عدم الانتفاع بالأرض محل التداعي من تاريخ صدور قرار المنفعة العامة في عام
1981مر باعتباره تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها وهو التاريخ الذي تم فيه الاستيلاء
مؤقتاً على تلك الأرض وكان الحكم المطعون فيه قد أيد هذا القضاء استناداً إلى
تقريري الخبير المودعين أمام محكمة أول درجة وتقرير اللجنة الثلاثية المودع أمام
محكمة الاستئناف وذلك بالرغم من أن التقرير الأخير قد انتهى إلى صحة اعتراضهم على
احتساب الحكم الابتدائي لمقابل الانتفاع منذ عام 1981م وبأحقيتهم فيه منذ تاريخ
الاستيلاء الفعلي على الأرض محل التداعي مهدراً بذلك ما انتهى إليه هذا التقرير
فيما قرره في هذا الشأن ودون أن يورد أسباباً لذلك، أو يفصح عن مصدر الدليل الذي
كون منه عقيدته وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلاً عن قصوره في
التسبيب.
--------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم ..... لسنة 1991 مدني بني سويف الابتدائية
على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للأرض محل التداعي وإلزامهم
متضامنين بأن يؤدوا لهم مبلغ مقداره ثلاثة ملايين وتسعة آلاف وخمسين جنيهاً ثمناً
لهذه الأرض ومبلغ مقداره ثلاثمائة ألف وتسعمائة وخمسين جنيهاً فوائد سنوية فضلاً
عن الفوائد التعويضية، وقالوا بياناً لذلك إنهم يمتلكون الأرض المبينة بصحيفة
الدعوي ومساحتها 22س و3ط و7ف والتي قام المطعون ضدهما الأول والثاني بالاستيلاء
الفعلي عليها منذ عام 1976 استناداً إلى قرارات منعدمة وإلى قرار رئيس الجمهورية
رقم 68 لسنة 1981 بتقرير المنفعة العامة على هذه الأرض لتوسيع الطريق الممتد شرقاً
على امتداد شارع عبد السلام عارف حتى تقابله مع الطريق الدائري وإقامة عمارات سكنية
ومدارس جديدة بمدينة بني سويف وذلك دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية حتى علموا بعرض
الكشوف المشتملة على البيانات وتقدير التعويض في المدة من 20/12/1990 حتي
19/1/1991، وإذ تبين لهم من الاطلاع علي تلك الكشوف ضآلة التعويض المقرر لهم، ومن
ثم فقد أقاموا الدعوى، وبعد أن قدم الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره حكمت بعدم
قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الأول والثالث والرابع بصفاتهم، وبإلزام المطعون
ضده الثاني بصفته بأن يؤدي للطاعنين التعويض الذي قدرته ثمناً للأرض المستولى
عليها وقيمة مقابل عدم الانتفاع. استأنف المطعون ضده الثاني بصفته هذا الحكم
بالاستئناف رقم ..... لسنة 32ق لدي محكمة استئناف بني سويف, كما استأنفه الطاعنون
بالاستئناف رقم ..... لسنة 32ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى
الاستئناف الأول، وأودع الخبير الذي ندبته تقريره قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن
الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض
الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره،
وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الثالث
والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع،
وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بطلب تثبيت ملكيتهم
للأرض محل التداعي باعتبار أن قرار نزع ملكيتها للمنفعة العامة قد جاء بالمخالفة
للقانون وبالتالي يعد غصباً لها مما يجعل ملكية تلك الأرض ثابتة لهم حتى تاريخ
الحكم في الدعوى، وإذ أصبح التنفيذ العيني لهذا الطلب مستحيلاً فإن التعويض يكون
بديلاً عنه ويتعين تقدير قيمة الأرض المنزوع ملكيتها بوقت صدور الحكم، وإذ التفت
الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يرد عليه واكتفى بالإحالة بشأنه إلى ما ورد
بتقرير لجنة الخبراء الثلاثية من أن ملكيتهم ثابتة فقط حتى صدور قرار نزع الملكية
للمنفعة العامة، في حين أن ذلك من مسائل القانون التي يمتنع على الخبراء التعرض لها،
ويتعين على المحكمة التصدي للفصل فيها الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع - تقديراً منه
لاعتبارات الصالح العام - قد رأى بموجب القانون رقم 13 لسنة 1962 تعديل بعض أحكام
القانون رقم 577 لسنة 1954 حيث ضمنه حكماً وقتياً باستحداث المادة 29 مكرراً التي
تقضي بألا تسقط قرارات النفع العام المشار إليها في المادة العاشرة من هذا القانون
إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء
قبل العمل بهذا التعديل أم بعده، بما مؤداه عدم الحاجة إلى تجديد قرارات المنفعة
العامة التي سقط مفعولها بالتطبيق لحكم المادة العاشرة المذكورة إذا كانت العقارات
التي تقرر نزع ملكيتها قد أدخلت في مشروعات تم تنفيذها بالفعل قبل مضي سنتين من
تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة، ومن ثم لا يكفي أن تكون المشروعات التي أدخلت
فيها هذه العقارات قد شرع في تنفيذها خلال هذه المدة بل يتعين أن يكون قد تم
تنفيذها كاملة بالفعل خلالها وذلك حتى تتحصن قرارات النفع العام من السقوط الذي
لحق بها، لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا ينازعون في أن عقاراتهم أدخلت فعلاً في
مشروعات النفع العام التي تم تنفيذها ومن قبل بدء السنتين المشار إليهما وحسبما
أشارت بذلك تقارير الخبراء المنتدبين وذلك خلال العمل بأحكام القانون رقم 577 لسنة
1954، فإن أحكام هذا القانون تكون هي الواجبة التطبيق بما لازمه أن تحدد قيمة
التعويض عن نزع الملكية بتاريخ النزع وليس بتاريخ رفع الدعوى أو الحكم فيها، وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً،
ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنه لما كان تقرير لجنة
الخبراء الثلاثية المقدم أمام محكمة الاستئناف قد انتهى إلى أحقية الطاعنين في
فائدة تعويضية وقدر هذه الفائدة بمبالغ تفوق كثيراً المبالغ الضئيلة التي قدرها
الخبير المنتدب من محكمة أول درجة كمقابل لعدم الانتفاع بأملاكهم المستولى عليها،
وخيّر محكمة الاستئناف بين أن تحكم لهم بالفوائد التعويضية أو بمقابل عدم
الانتفاع، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن ذلك وأقام قضاءه تأسيساً على تقرير
لجنة الخبراء الثلاثية ودون أن يحيط بتفصيلات هذا التقرير وما تضمنه فإنه يكون
معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة – أن لمالك العقار الذي نزعت ملكيته للمنفعة العامة الحق في التعويض عن
عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليه إلى حين دفع التعويض المستحق
له عن نزع الملكية، وأن للمالك الذي اغتصب ملكه وأضيف إلى المنافع العامة بغير
اتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية حق مطالبة الحكومة بفائدة تعويضية مقابل
ريع الأرض التي نزعت ملكيتها منه جبراً، وأن الفوائد إنما يقضى بها في الديون
الحالة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق
بين طرفي العقد. إذ كان ذلك، وكانت الفائدة التعويضية التي يستحقها مالك العقار
الذي نزعت ملكيته بغير اتباع الإجراءات القانونية إنما هي مقابل ريع الأرض التي
نزعت ملكيتها منه أو بمعنى آخر مقابل عدم الانتفاع بها، ومن ثم فإن القضاء لمالك
الأرض المنزوع ملكيتها بالتعويض عن عدم الانتفاع بها يحول دون القضاء بفائدة
تعويضية مقابل ريع تلك الأرض، وذلك لأنه لا يجوز القضاء بالتعويض مرتين عن فعل
واحد ولو تغير مسماه، وأنه من المقرر أن تقدير عمل أهل الخبرة هو مما تستقل به
محكمة الموضوع وأنها متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لصحة
أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إلى ذلك التقرير
لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق
الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على
تقرير لجنة الخبراء الثلاثية أنه قد خلص إلى استحقاق الطاعنين لفوائد تعويضية منذ
صدور قرار المنفعة العامة بتاريخ 19/1/1981 وحتى تاريخ صرف التعويض لهم، وأنه في
حالة تقرير هذه الفوائد فإنهم لا يستحقون مقابل عدم الانتفاع بالأرض المنزوع
ملكيتها عن تلك المدة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعنين بمقابل عدم
الانتفاع بأملاكهم عن المدة من تاريخ صدور قرار المنفعة العامة في 19/1/1981 ورفض
ضمناً القضاء لهم بفوائد تعويضية فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال
بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بطلب الحكم لهم
بمقابل عدم الانتفاع بالأرض محل التداعي من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها في عام
1976 وهو ما أيده تقرير لجنة الخبراء الثلاثية أمام محكمة الاستئناف، إلا أن الحكم
المطعون فيه التفت عن هذا الطلب وأيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من احتساب
مقابل الانتفاع من تاريخ صدور قرار المنفعة العامة في عام 1981، الأمر الذي يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن
مؤدي نص المادة 178 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1973 أن
الغاية الأساسية من تسبيب الحكم هي توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن
استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه، وأنه ولئن
كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أن يتعين
عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها
مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها ويكون مؤدياً إلى النتيجة التي
خلصت إليها وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم وأن
الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتأدى مع النتيجة
التي خلص إليها، وأنه يجوز لجهة الإدارة الاستيلاء على العقار قبل صدور قرار نزع
الملكية للمنفعة العامة وذلك تمهيداً لنزع ملكيته، وجعل المشرع لمالكي العقار في
هذه الحالة الحق في تعويض مقابل عدم الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء عليه. لما كان
ذلك، وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد قضى بتعويض الطاعنين عن عدم
الانتفاع بالأرض محل التداعي من تاريخ صدور قرار المنفعة العامة في عام 1981
باعتباره تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها وهو التاريخ الذي تم فيه الاستيلاء مؤقتاً
على تلك الأرض، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد هذا القضاء استناداً إلى تقريري
الخبير المودعين أمام محكمة أول درجة وتقرير اللجنة الثلاثية المودع أمام محكمة
الاستئناف وذلك بالرغم من أن التقرير الأخير قد انتهى إلى صحة اعتراضهم على احتساب
الحكم الابتدائي لمقابل الانتفاع منذ عام 1981 وبأحقيتهم فيه منذ تاريخ الاستيلاء
الفعلي على الأرض محل التداعي مهدراً بذلك ما انتهى إليه هذا التقرير فيما قرره في
هذا الشأن ودون أن يورد أسباباً لذلك، أو يفصح عن مصدر الدليل الذي كون منه
عقيدته، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلاً عن قصوره في التسبيب
بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق