الطعن 13 لسنة 37 ق " منازعة تنفيذ " المحكمة الدستورية
العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 74
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من إبريل سنة 2017م،
الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدکتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدکتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد
بجاتو نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 37
قضائية "منازعة تنفيذ".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعى عليه كان قد أقام، ضد الشركة المدعية وآخرين، الدعوى رقم 648 لسنة
2013 عمال، أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية، طلبا للحكم بأحقيته في ضم مدة
الخدمة العسكرية التي أمضاها إلى مدة خدمته الحالية بالشركة، مع ما يترتب على ذلك
من آثار وفروق مالية. وذلك على سند من القول بأنه بتاريخ 20/3/1999، تم تعيينه
بتلك الشركة، بعد أدائه الخدمة العسكرية خلال الفترة من 24/11/1992 وحتى
1/12/1994، وإزاء رفض الشرکة ضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته بها، إعمالا لنص
المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980
المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2009، فقد أقام دعواه بطلباته المتقدمة. وقد دفعت
الشركة الدعوى بأن للمدعي زميلا تخرج معينا معه بالشركة لم يؤد الخدمة العسكرية،
بما يحول دون إجابة طلبه، لوجود الشرط المانع، ممثلا في قيد الزميل.
وبجلسة 29/12/2013، قضت المحكمة بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته
العسكرية المطالب بها إلى مدة خدمته الحالية بالشركة، مع ما يترتب على ذلك من آثار
وفروق مالية، ألزمت الشركة باحتسابها. وقد أسست المحكمة ذلك القضاء – بعد
استعراضها للتطور التشريعي لنص المادة (44) آنفة الإشارة، بكل ما لحق بأحكامها من
تعديلات تشريعية، آخرها بالاستبدال الذي تم بموجب القانون رقم 152 لسنة 2009، وما
طرأ عليه بموجب الحكم الصادر بجلسة 31/7/2011 في القضية الدستورية رقم 101 لسنة 32
القضائية – إلى أن هذه المادة صارت تعتبر مدة الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية
الحسنة، التي يؤديها المجندون، من حملة المؤهلات أو من غيرهم، الذين يتم تعيينهم
أثناء مدة خدمتهم أو قبلها، كأنها قضيت بالخدمة المدنية، وتحسب هذه المدة في
الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة. ورتبت المحكمة على ذلك أحقية المدعي في ضم
مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته المدنية بالشركة، دون التقيد بقيد الزميل، لخلو
نص المادة (44) من القانون المشار إليه بعد استبدالها بالقانون رقم 152 لسنة 2009،
من قيد زميل التخرج، ومن ثم فوجوده لا يؤثر على ضم مدة الخدمة العسكرية إلى مدة
الخدمة المدنية. وأن الحكم الصادر في القضية الدستورية رقم 101 لسنة 32 القضائية،
بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (44) من القانون رقم 127 لسنة 1980 المشار
إليه بعد استبدالها بالقانون رقم 152 لسنة 2009، فيما نصت عليه من أن "يعمل
بأحكام هذه المادة اعتبارا من 1/12/1968 بالنسبة إلى المجندين المؤهلين"،
مؤداه وجوب تطبيق أحكام تلك المادة بأثر فوري من تاريخ العمل بالقانون 152 لسنة
2009، وقد تأيد هذا الحكم، لأسبابه، بموجب الحكم الصادر بجلسة 24/8/2014، في
الاستئناف رقم 109 لسنة 33ق مستأنف قنا - مأمورية الغردقة "البحر الأحمر".
وإذ ارتأت الشركة المدعية أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 648 لسنة
2013 عمال البحر الأحمر، واستئنافه، يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة
31/7/2011 في القضية الدستورية رقم 101 لسنة 32 القضائية، فقد أقامت دعواها
المعروضة.
بتاريخ التاسع من فبراير سنة 2015, أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى،
بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 29/12/2013 في الدعوى رقم 648 لسنة 2013 عمال البحر
الأحمر، المؤيد بالحكم الصادر بجلسة 24/8/2014 في الاستئناف رقم 109 لسنة 33ق من
محكمة استئناف قنا "مأمورية الغردقة – البحر الأحمر"، وفي الموضوع بعدم الاعتداد
بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 31/7/2011، في القضية رقم 101
لسنة 32 قضائية "دستورية".
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن منازعة التنفيذ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها
أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال
مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان.
ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها،
تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو
الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام
وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته
الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا –
وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق
التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين
والطبيعيين جميعهم، ودون تمييز، بلوغا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد
وصون حرياتهم، يفترض أمرين، أولهما: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو
بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيهما: أن يكون
إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيا بها ممكنا، فإذا لم تكن لها بها صلة، فإن
خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها
وموضوعها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن إعمال آثار الأحكام التي
تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محاكم الموضوع، وذلك ابتناء على أن
محكمة الموضوع هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة
الدستورية العليا باعتباره مفترضا أوليا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها،
ومن ثم فهي المنوط بها تطبيق نصوص القانون في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا،
الأمر الذي يستلزم – كأصل عام – اللجوء إلى تلك المحاكم ابتداء لإعمال آثار
الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء إلى
المحكمة الدستورية العليا هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض
أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة المدعية قد
أقامت الدعوى المعروضة على سند من أن الحكم الصادر بجلسة 29/12/2013، من محكمة
البحر الأحمر الابتدائية، في الدعوى رقم 648 لسنة 2013 عمال، المؤيد بالحكم الصادر
بجلسة 24/8/2014، في الاستئناف رقم 109 لسنة 33 قضائية، من محكمة استئناف قنا
"مأمورية الغردقة – البحر الأحمر"، يشكل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر
بجلسة 31/7/2011، في القضية الدستورية رقم 101 لسنة 32 قضائية. وکان الثابت من
الشهادة الصادرة من الجدول المدني بمحكمة النقض بتاريخ 22/2/2017، أن الحكم الصادر
من محكمة الاستئناف المشار إليه، مطعون عليه من قبل الشركة المدعية في الدعوى
المعروضة، أمام محكمة النقض بالطعن رقم 19000 لسنة 84 قضائية، ولم يصدر فيه حكم
بعد. ومن ثم، فالأمر مازال معروضا على محكمة النقض، لتقول كلمتها في شأن إعمال أثر
الحكم الصادر في القضية الدستورية المشار إليها، على النزاع الموضوعي، باعتبار أن
ذلك مفترض أولي للفصل فيه، من خلال التزامها، كسائر محاكم جهات القضاء المختلفة،
بتطبيق نصوص القانون في ضوء ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأنها،
إعمالا لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والتي بمقتضاها تكون الأحكام والقرارات الصادرة
منها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، ولها حجية مطلقة بالنسبة لهم جميعا.
وحيث كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد استبقت الأمر، بإقامة منازعة
التنفيذ المعروضة، ابتغاء الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في القضية
الدستورية المشار إليها، وإعمال آثاره على النزاع الموضوعي، وصولا إلى تصحيح
الحكمين – الابتدائي والاستئنافي - الصادرين في ذلك النزاع، ليتواكبا مع قضاء هذه
المحكمة المشار إليه، لتنحل - بهذه المثابة – دعواها المعروضة إلى طعن على الحكمين
الصادرين في النزاع الموضوعي، وهو ما يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، الأمر
الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن طلب الشركة المدعية وقف تنفيذ حكمي محكمة عمال الغردقة الابتدائية
ومحكمة مستأنف قنا "مأمورية الغردقة – البحر الأحمر"، يعد فرعا من أصل
النزاع في منازعة التنفيذ المعروضة، والذي انتهت المحكمة إلى عدم قبولها، بما
مؤداه أن تولي هذه المحكمة – طبقا لنص المادة (50) من قانونها – اختصاص البت في
طلب وقف التنفيذ يكون - وعلى ما جرى به قضاؤها – قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات،
ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق