جلسة 25 من نوفمبر سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضويـة السادة المستشارين / علي فرجاني ، محمـد رضا ، صبري شمس الدين وعبد الله فتحي نواب رئيس المحكمة.
-------------
(85)
الطعن 11099 لسنة 79 ق
(1) اختصاص
" الاختصاص النوعي " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . جريمة " أنواعها" . عقوبة "
أنواعها " . تزوير " أوراق رسمية " . استعمال محرر مزور . تربح .
إضرار عمدي . تقليد . قانون
" تفسيره".
المواد
215 ، 216 ، 382 إجراءات . مفادها ؟
اختصاص
محكمة الجنايات دون المحكمة الاقتصادية بجرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية
واستعمالها وتقليد خاتم الدولة وخاتم وعلامة إحدى المصالح الحكومية والحصول على
ربح ومنفعة لآخرين من أعمال الوظيفة والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة العمل . أساس
ذلك ؟
(2) اختصاص
" الاختصاص المحلي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
الأماكن الواردة بنص المادة 217 إجراءات بتعيين اختصاص
المحكمة محلياً بنظر الدعوى . قوائم متساوية لا تفاضل بينها .
نعي الطاعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بشأن
انتهائه لاختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى استناداً لإقامته بالمدينة التي ارتكب
فيها جريمة الاختلاس من جهة عمله الكائنة بها . غير صحيح .
(3) تفتيش " إذن
التفتيش . إصداره " . استدلالات .
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه
.تسبيب غير معيب " . دفوع "الدفع بعدم جدية التحريات ". قانون
" تفسيره ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
المادتان
126 ، 199 إجراءات . مؤداهما ؟
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض .
موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .
خلو محضر التحريات
من إيراد البيانات التي ساقها الطاعن بأسباب طعنه . غير قادح في جدية التحريات .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جدية التحريات .
(4) حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان إذن
التفتيش". نقض " المصلحة
في الطعن " .
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن
التفتيش . غير مجد . طالما لم يشر لحدوث تفتيش وتساند لأدلة أخرى.
(5) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا
يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة .
الجدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز
أمام محكمة النقض .
(6) نقض " أسباب الطعن
. تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
نعي الطاعن بتناقض أقوال شاهد دون الكشف عن وجهه . غير
مقبول .
(7) إثبات " شهود
" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب
غير معيب". محكمة الموضوع " سلطاتها في تقدير أقوال الشهود " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال
شاهد آخر. لا يعيبه . مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولو
اختلفوا في بعض التفصيلات التي لم يوردها . علة ذلك ؟
مثال .
(8) إثبات
" بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير أقوال الشهود " "
سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن
. ما لا يقبل منها ".
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً
.
الجدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز
أمام محكمة النقض .
(9) إثبات
" خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء "
. دفاع "الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " . إجراءات " إجراءات التحقيق ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من
اعتراضات . موضوعي.
الرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء . غير لازم .
مادام قد أخذ بما جاء بها . علة ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير . مادامت
الواقعة قد وضحت لديها .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها .
غير جائز .
(10) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته
؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(11) اختلاس
. جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
". إثبات " بوجه عام " .
تحدث
الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس . غير لازم . كفاية إيراده
من الوقائع والظروف ما يدل على قيامه .
مثال .
(12) عقوبة
" الإعفاء منها ". دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب ". أسباب
الإباحة وموانع العقاب " موانع العقاب " "الإعفاء من العقوبة
". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بالإعفاء من العقاب
طبقاً لنص المادة 210 عقوبات .
(13) إثبات
" بوجه عام" " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات
عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة .
مثال .
(14) نقض " المصلحة في
الطعن " .
نعي الطاعن بشأن جريمة التهرب من الرسوم الجمركية
والغرامات والتعويضات وضرائب المبيعات التي دين بها متهمين آخرين وحدهما . غير مجد
.
(15) إثبات " بوجه عام
" " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . تزوير " أوراق
رسمية " . جريمة " أركانها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على
الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته
من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
جرائم التزوير . لم يجعل القانون لإثباتها طريقًا خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة
التزوير. غير لازم . مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام
محكمة النقض .
مثال .
(16) تزوير
" أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". إثبات "
بوجه عام". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة التزوير . موضوعي . تحدث الحكم
عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه .
الجدل في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها . غير جائز أمام
محكمة النقض .
مثال.
(17) استعمال محرر مزور .
جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". قصد
جنائي .
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن العلم في جريمة استعمال
المحررات المزورة . غير لازم . مادامت
مدوناته تكفي لتوافره .
مثال .
(18) تزوير " أوراق
رسمية " . ضرر.
الضرر في تزوير المحررات الرسمية . مفترض . علة ذلك ؟
(19) دفوع
" الدفع بنفي التهمة " . إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" .
نفي التهمة . دفاع موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة
الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
تعقب المحكمة المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير
لازم . التفاتها عنها . مفاده : اطراحها .
(20) عقوبة
" تقديرها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة ".
ظروف مخففة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل ".
إنزال المحكمة حكم المادة 17
عقوبات دون الإشارة إليها . لا يعيب الحكم . مادامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في
الحدود التي رسمها القانون وأن تقدير العقوبة من إطلاقاتها دون بيان الأسباب .
مثال .
(21) نقض
" المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " "
عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . اختلاس . تقليد . تهريب جمركي . تزوير
" أوراق رسمية ". استعمال محرر مزور .
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمتي تقليد
الأختام والتهرب من الرسوم الجمركية . غير مجد . مادام اعتبر الجرائم المسندة إليه
واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الاختلاس المرتبطة بجريمة التزوير
في محرر رسمي واستعماله إعمالاً للمادة 32 عقوبات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– من المقرر أن مفاد المواد
215 ، 216 ، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة
أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة
التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو
مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي
تثبت في حقه ، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني
للواقعة كما رفعت بها الدعوى ، إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو
نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ مـن سماع الدعوى ، وكانت المادة 4 من القانون رقم 120 لسنة 2008
بإنشاء المحاكم الاقتصادية تنص على أنه تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً
ومكانياً بنظر الدعــاوى الجــــنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في عدة قوانين عددتها المادة سالفة الذكر على سبيل
الحصر ، وكان الثابت أن الجرائم التي قدم بها الطاعن للمحاكمة وقضى بإدانته بها وهي
جرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية واستعمالها وتقليد خاتم الدولة وخاتم وعلامة
إحدى المصالح الحكوميـة والحصول على ربح ومنفعة لآخرين من أعمال
وظيفته والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عمله
وهي جميعها جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات وليست من الجرائم المنصوص
عليها في القوانين الواردة على سبيل الحصر بالمادة آنفة البيان من القانون رقم 120
لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية ، فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة
المختصة بمحاكمة الطاعن هي محكمة الجنايات وليست المحكمة الاقتصادية وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2- لما كانت المادة 217 من قانون الإجراءات
الجنائية قد نصت على أنه " يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمـة أو
الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه " وهذه الأماكن قسائم متساوية في
القانــون لا تفاضل بينها ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأدلة سائغة ـ لا يجادل
الطاعن في أن لها معينها في الأوراق ـ على أنه أي الطاعن يقيم بمدينة ....
وارتكب جريمة الاختلاس من جهة عمله بجمارك ...... ، وخلص إلى اختصاص
تلك المحكمة محلياً بنظر الدعوى ، فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق
القانون يكون بدوره غير سديد .
3- من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه
المادتان 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائيـة أن للنيابـة العامة ـ عندما
تباشر التحقيق ـ أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره ،
وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار
هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً
بتحريـات حول شخص المتهم ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض
هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة
الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر القبض
وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ـ كما هو
الحال في الدعوى المطروحة ـ فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام
محكمة النقض، وكان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعن بأسباب
طعنه ـ بفرض حصوله ـ لا يقدح بذاته في جدية التحريات . لما كان ذلك ، وكان الحكم
قد ســوغ القبض على الطاعن واطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى
اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشهود مجريوا التحريات وجديتها ،
وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص .
4- لما كان الحكم المطعون فيه فيما
أورده من بيان الواقعة لم يشر إلى حدوث تفتيش وأورد الدليل على ثبوت الجرائم وصحة إسنادها
محصلاً من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير الطب الشرعي وما ضبط بـ.... للتخليص
والاستيراد وما جاء بكتاب الإدارة العامة للسماح المؤقت والدروباك وما قرر به
.... الشريك بــ ..... وما قررت به المتهمة الثالثـة بمحضر الضبط
فلا يجدي الطاعن النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش
بفرض إثارته ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد .
5- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها
على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات
قد عرضت على بساط البحـث فإن ما يثيره الطاعن في شأن تحريات الشرطة يكون محض جدل
حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه
الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال شاهد الإثبات
العقيد ..... أمام المحكمة ـ يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي
يقول به .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن
يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة
مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض
التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن
تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد
المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد ما
تساند إليه من أقوال الشهود المشار إليهم بأسباب الطعن بما لا شبهة فيه لأي تناقض ،
فإنه يكون مبرأً من دعوى عيب القصور قى التسبيب .
8- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحـام حولها من الشبهات ، كل ذلك
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه
دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد
اطراحها لجميع الاعتـبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ
بها ، وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أن من حـق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسـاط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعهـا وأن تطرح ما يخالفها مـن صور أخرى مادام
استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ـ
كما في الدعوى الراهنة ـ فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات يكون محض
جدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9- من المقرر أن الأصل أن تقدير آراء
الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي
لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر
الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون
الموجهة لتقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في
تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك لا تلتزم بإعادة المأمورية إلى
الخبير مادامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا
يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب
من المحكمة إعادة المأمورية إلى الخبير ـ خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه ـ فإنه
لا يكون له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه .
10 - من المقرر أن الطلب الذي
تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه
ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من مطالعة
محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب في الجلسات السابقة ضم
الجناية رقم ..... إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في مرافعته بجلسة
16 /6/ 2009 التي حجزت فيها الدعوى للحكم والتي اقتصر فيها على طلب البراءة ولما
كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته ، فإن
ما ينعاه الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل .
11- لما كان ما أورده الحكم في
مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن
يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف
ما يدل على قيامه - كما هو الشأن في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله .
12- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح
دفاع الطاعن بحقه في الإعفاء من العقاب في قوله " ... وحيث إنه عن القول بطلب
الإعفاء من العقاب لإبلاغه رئيسه بالواقعة وتوصل بهذا الإخبار القبض على الجناة
عملاً بالمادتين 110 ، 322 من قانون العقوبات فمردود بأن المادة 210 من قانون
العقوبات تنص على أن "الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد
السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل
الشروع في البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد
الشروع في البحث المذكور " ، ومفاد ذلك أن الشارع في ذلك النص اشترط للإعفاء
من العقاب للأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة في المواد 206 عقوبات وما
بعدها توافر حالتين الحالة الأولى هي إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة وقبل البحث
عن الجناة والثانية تسهيل القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث عنهم ، وليست العلة
في الإعفاء مقصورة على الحيلولة دون تمام هذه الجرائم وضبطها قبل وقوعها بل لقد
رأى المشرع أن يتوسع في الإعفاء فيتغاضى عـن العقاب في الحالة الثانية أيضاً في
سبيل الوصول إلى معاقبة الجناة ـ ومتى كان ذلك ، وكان المتهم قد ارتكب جناية
الاختلاس وقد ارتبطت تلك الجناية بجناية التزوير واستعماله المحرر المزور والإضرار
العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها وتقليد خاتم شعار الجمهورية ولم يقم
بإخبار الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة كما أنه لم يسهل القبض على الجناة وكان
ما قدم من الدفاع من مستندات لا يرقى إلى مجرد الإبلاغ عن الواقعة ولكن مجرد مذكرة
مقدمـة من المتهم إلى مدير عام الإدارة العامة للإعفاءات والشئون الفنية غير موجهة
إلى جهـة معينة وهذه المذكرة حررت بعد الاستعلام من الإدارة العامة للسماح المؤقت
والدروباك بـ ..... بالاستعلام عن عدم وصول الشهادات إليها ومن ثم تكون المذكرات
قد حررت بناءً على الاستعلام الوارد من الجهة الأخيرة وليست لإبلاغ أو إخبار
الحكومة وتكون المادتين المستند عليهما في دفعه غير منطبقتين على الواقعة ويكون
المتهم ليس معفياً من العقاب ولا تنطبق عليه شروط الإعفاء ومن ثم تلتفت المحكمة
ولا تعول على ما أثاره الدفاع في هذا الشأن أو استند عليه ولا تعول عليه ويكون
منعى الدفاع في هذا الصدد في غير محله متعيناً رفضه . " . لما كان ذلك ،
وكانت المادة 210 من قانون العقوبات قد نصت على أن " الأشخاص
المرتكبين لجناية التزوير المذكورة بالمواد
السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل
الشروع في البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد
الشروع في البحث المذكور " وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على
أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جناية التزوير في محرر رسمي واستعماله المرتبطة
بجناية الاختلاس والإضرار العمدي بأموال جهة عمله وتقليد الأختام ولم يقم بإخبار
الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة كما أنه لم يسهل القبض عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن
من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب طبقاً لنص المادة 210 من قانون العقوبات لا
يكون له وجه .
13- من المقرر أن الأدلة في المواد
الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام
يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة
القائمة في الدعوى ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها
الطاعن للدلالة على إبلاغه عن الواقعة وصحة طلبه بالإعفاء من العقاب ، ومن ثم فإن النعي
على الحكم يكون في غيـر محله .
14- لما كان الحكم لم يدن الطاعن
بجريمة التهرب من الرسوم الجمركية والغرامات والتعويضات وضرائب المبيعات التي دان
بها المتهمان الثاني والثالثة وحدهما ، فإن ما يثيره في هذا الشأن فضلاً عن انعدام
مصلحته فيه ـ يكون وارداً على غير محـل .
15 - من المقرر أن الأصل في
المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون
عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه
، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً وكان لا
يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل
جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل
بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه
لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية
إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه
، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير
مادام قد أورد من الوقائـع ما يدل عليه ، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن قد اشترك
مع المتهمين الثاني والثالثة وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير
محررين رسميين هما الصور الكربونية لكتابي مدير إدارة الإعفاءات بـ...... المؤرخين
..... واستعمالها بأن قدمها إلى الموظفين المختصين بجهة عمله مع علمه بتزويرهما. لما
كان ذلك ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله ، ومن ثم فلا محـل
لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركانهما في حقه
لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض .
16- من المقرر أن القصد الجنائي في
جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في
ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ،
مادام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في
مقام التدليل على توافر جريمة التزوير في محرر رسمي في حق الطاعن ، وما استدل به
على علمه بالتزوير ، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها ،
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها
بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
17- من المقرر أنه لا يلزم أن
يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن العلم في جريمة استعمال المحررات المزورة مادامت
مدوناته تكفي لتوافره ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما
استنتجه من اشتراك الطاعن مع المتهمين الثاني والثالثة وآخر مجهول في ارتكاب جريمة
التزوير ، فإن ذلك يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحررين الذي أسند إليه
استعمالهما ومـن ثم يكون النعي على الحكم في
هذا الخصوص غير سديد .
18- من المقرر أن الضرر في تزوير
المحررات الرسمية مفترض ، لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق
التي يعتمد عليها في إثبات ما بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير
سديد .
19- من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم في قضائه بالإدانة . كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية
من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها ، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .
20- من المقرر أن إنزال حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم مادامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم وكان الحكم إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ـ وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ـ ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة .
20- من المقرر أن إنزال حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم مادامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم وكان الحكم إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ـ وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ـ ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة .
21- لما كان الثابت من الحكم
المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة
المقررة لأشدها، وهي جريمة الاختلاس المرتبطة بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله
وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه
لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمتي تقليد الأختام والتهرب من
الرسوم الجمركية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم : أولاً : المتهم الأول:.
1ـ بصفته موظفاً
عاماً بإدارة السماح المؤقت بجمارك ، .... اختلس عدد 27 إقرار جمركي عن بضائع
السماح المؤقت والدروباك أرقام ....
بجمارك بإدارة السماح المؤقت ...
وعدد اثني عشر نموذج استيراد تحت نظام السماح المؤقت في حدود ضمان (80%) من صافى
حقوق الملكية والمملوكة لجهة عمله والمسلمة إليه بسبب وظيفته على النحو المبين
بالتحقيقات وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير محررات واستعمالها ارتباطاً لا
يقبل التجزئة، ذلك أنه في ذات الزمان والمكان وبصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في
محررين رسميين "الصور الكربونية لكتابي مدير إدارة الإعفاءات بـ.....
والمؤرخة ......." وكان ذاك بطريق
زيادة الكلمات ووضع إمضاءات وأختام مزورة بأن اشترك مع المتهمين الثاني والثالثة
وآخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في المحررين سالفي الذكر بأن
اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم بأن أمدهم بتلك المستندات فأضاف الأول بيانات تفيد
تسليم الخطابين للجهة المرسل إليها ومهرها المجهول بتوقيعات عزاها زوراً إلى
المسئولين بتلك الجهة وبصمها ببصمتي خاتم شعار الجمهورية والخاتم الكودي المقلدين
على الجهة سالفة البيان واستعملها بأن قدمها إلى الموظفين المختصين بجهة عمله
محتجاً بصحة ما دون بهما ولإعمال آثارهما مع علمه بتزويرهما وهو الأمر المعاقب
عليه بالمادتين 211 ، 214 من قانون العقوبات.
2ـ بصفته آنفة
البيان حصل للمتهمين الثاني والثالثة بغير حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بلغت
قيمته 140.10.293 جنيه ثمن البضائع المهربة للأغراض الجمركية بأن أخفى المستندات
الدالة على التهرب الجمركي لشركة للملابس الجاهزة ... المملوكة للمتهمة الثالثة قاصداً
من ذلك تظفيرهما بربح تمثل في عدم استيفاء الرسوم والضرائب المستحقة على النحو
المبين بالتحقيقات .
3. بصفته آنفة
البيان حاول الحصول للمتهم الثاني بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن
سلمه عدد عشرة خطابات خالية البيانات منسوبة لجهة عمله ومهرها بتوقيعه قاصداً
تظفيره بمنفعة تتمثل في استعمال تلك المحررات بالمخالفة للقواعد المنظمة لذلك على
النحو المبين بالتحقيقات .
4. بصفته آنفة
البيان أضر عمداً بأموال ومصالح جهة عمله بأن ارتكب الجنايتين موضوع التهمتين الأولى
والثانية مما أضاع على جهة عمله مبلغ 45.627.377 جنيه قيمة الأقمشة
الأجنبية المستوردة شاملة الرسوم والغرامات والتعويضات وضريبة المبيعات على النحو
المبين بالتحقيقات .
5. قلد
بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية المنسوب صدوره إلى وزارة المالية مصلحة الجمارك
الإدارة العامة للسماح المؤقت والدروباك والخاتم الكودي الخاص بها واستعملهما بأن
بصم بهما على الخطابين المزورين موضوع الوصف الأول على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً :
المتهمين الثاني والثالثة : 1ـ اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في
ارتكاب الجنايات المسندة إليه بالبند " أولاً " بأن اتفقا معه على ارتكابها
وساعداه بأن قدم المتهم الثاني بصفته وكيلاً عن المتهمة الثالثة طلباً إلى مدير
إدارة السماح المؤقت بمصلحة الجمارك بــ..... بتاريخ .... لإرسال المستندات
موضوع البند أولاً/1 ، 2 إلى الإدارة العامة للسماح المؤقت بـ..... بزعم
تسويتها فوقعت تلك الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلـك المساعدة على النحو المبين
بالتحقيقات .
2. اشتركا
بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية " عدد اثني عشر نموذج سماح بالاستيراد
تحت نظام السماح المؤقت في حدود (80 %) من صافي حقوق الملكية " وكان ذلك
بطريق الاصطناع بأن اتفقا معه على اصطناعها على غرار المحررات الصحيحة منها فأثبت
المجهول بياناتها على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات عزاها زوراً إلى المختصين بتلك
الجهة وبصمها ببصمات خاتم شعار الجمهورية والخاتم الكودي المقلدين عليها وساعداه
بأن أمداه بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك
المساعدة .
3 ـ تهربا من
أداء الرسوم الجمركية والغرامات والتعويضات وضرائب المبيعات المستحقة قانوناً على رسائل الأقمشة المهربة سالفة البيان والتي
استورداها بقصد الاتجار وكان ذلك حيلة بأن خالفا نظام السماح المؤقت وقدما
المستندات المزورة موضوع الوصف السابق إلى الموظفين المختصين بإدارة الإعفاءات
بمصلحة الجمارك فتمكنا بذلك من التهرب من سداد مبلغ 45.627.377 جنيه إلى مصلحة
الجمارك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : المتهم الثاني : 1 ـ قلد خاتم إحدى الجهات الحكومية خاتم البيانات
والتعليمات الجمركية الخاصة بطلبات الإرسال والترانزيت مدير إدارة الحسابات ومدير
عام الحسابات على النحو المبين بالتحقيقات .
2 ـ قلد خاتم إحدى الجهات الأجنبية (صنع في تركيا) على النحو المبين بالتحقيقات
.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول (الطاعن) وغيابياً للثاني والثالثة عملاً
بالمواد 40/ أولاً وثانياً ، 41 /1 ، 112 /2،1 /ب ، 115 ، 116 مكرراً/1 ، 118 ، 118
مكرراً ، 119/أ ، 119 مكرراً/أ ، 206 /4،3 ، 208 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 من قانون
العقوبات والمـواد 1 ، 4 ، 5 /1، 30 /2،1 ، 44 ، 98 ، 101 /1 ، 118 /4 ، 121، 122 ،
124 /1 ، 124 مكرراً من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 160 لسنة 2000 والمواد 2 ، 6/ 1 ، 3 ، 8 /2 ،
10 ، 43، 44 /5،2 ، 46 ، 47 /1 من القانون رقم 11 لسنة 1991 مع إعمال المادة 32/ 2 من
قانون العقوبات بمعاقبتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات لكل منهم عما أسند إليهم ومصادرة
المحررات والمستندات المزورة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختـلاس
المرتبط بتزوير محررات رسمية واستعمالها وتقليد أختام حكومية واستعمالها والحصول
لآخرين على ربح من أعمال وظيفته ومحاولة الحصول لآخر على منفعة من أعمال وظيفته
بغير حق والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عمله قد شابه القصور في التسبيـب
والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المدافع عنه دفع
بعدم اختصاص المحكمة نوعياً ومحلياً بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص لمحكمة
الجنايات الاقتصادية، وببطلان أمر القبض
والتفتيش الصادر من النيابة العامة لافتقاده لما يسوغه من الدلائل الكافية
ولابتنائه على تحريات غير جدية حُررت بعد إبلاغه عن الواقعة وخلت من بيان اسمه
وسنه ووظيفته ومحل إقامته غير أن الحكم اطرح دفوعه بما لا يسوغ ، وعول
على التحريات في إدانته رغم أنها لا تصلح كدليل فضلاً عن تناقض أقوال مجريها
العقيد ... أمام المحكمة ، ولم يورد مؤدى أقوال الشهود وأحال في بيان أقوال بعضهم
إلى ما أورده من أقوال البعض الآخر رغم اختلاف أقوالهم بشأن الضمانات المقدمة
لمصلحة الجمارك من كونها صحيحة أم مزورة وقد علم الطالب بذلك ، واطـرح دفعه في هذا
الشأن بما لا يسوغ اطراحه واعتنق تصويرهم للواقعة وعول على أقوالهم في إدانته رغم
ذلك ، كما عول على تقرير مصلحة الطب الشرعي رغم ما اعتوره من قصور يتمثل في عدم
تعرضه لأوجه الشبه بين الخاتم الصحيح والمقلد ، والتفتت المحكمة عن طلبه بإعادة
المأمورية إلى الخبير لاستجلاء ذلك ، كما التفتت عن طلبه ضم الجناية ....
لارتباطها بالدعوى محل الطعن ، هذا إلى أن الحكم
لم يستظهر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس في حقه رغم عدم توافر نية الاختلاس
لديه ، واطرح طلبه بالإعفاء من العقاب لإبلاغه عن واقعة التزوير بما لا يصلح رداً ،
والتفتت عن المستندات التي قدمها والمؤيدة لطلبه ، ودانه
الحكم عن جريمتي استعمال المحرر المزور والتهرب من سداد الرسوم
الجمركية والضرائب المستحقة على البضائع رغم انتفائهما في حقه ، كما لم يستظهر
القصد الجنائي في جريمة التزوير رغم انتفاء علمه بتزوير المحررين ، وأخيراً لم
يبين الحكم الضرر الواقع على الدولة من جراء تقديم المستند المزور ، كل ذلـك مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصـر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وساق
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ،
وكان مفاد المواد 215 ، 216 ، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة
التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية
يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب
ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل
بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه ، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص
النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى ، إذ يمتنع عقلاً أن يكون
المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ مـن
سماع الدعوى ، وكانت المادة 4 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم
الاقتصادية تنص على أنه تختص الدوائر
الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر
الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في عدة قوانين عددتها المادة
سالفة الذكر على سبيل الحصر ، وكان الثابت أن الجرائم التي قدم بها الطاعن
للمحاكمة وقضى بإدانته بها وهي جرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية واستعمالها
وتقليد خاتم الدولة وخاتم وعلامة إحدى المصالح الحكومية والحصـول على ربح ومنفعة
لآخرين من أعمال وظيفته والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عمله، وهي جميعها
جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات وليست من الجرائم المنصوص عليها في القوانين
الواردة على سبيل الحصر بالمادة آنفة البيان من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء
المحاكم الاقتصادية فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة المختصة
بمحاكمة الطاعن هي محكمة الجنايات وليست المحكمة الاقتصادية وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكانت
المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه " يتعين الاختصاص بالمكان
الذي وقعت فيه الجريمـة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه " وهذه الأماكن قسائم متساوية في القانــون لا تفاضل
بينها ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأدلة سائغة ـ لا يجادل الطاعن في أن لها
معينها في الأوراق ـ على أنه أي الطاعن يقيم بمدينة .... وارتكب جريمة الاختلاس من
جهة عمله بجمارك .... ، وخلص إلى اختصاص تلك المحكمة محليـاً بنظر الدعوى ، فإن النعي على الحكم
بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون بدوره غير سديد . لما كان ذلك ، وكـان مؤدى ما
نصت عليه المادتان 126 ، 199من قانون الإجراءات الجنائيـة أن للنيابـة العامة ـ
عندما تباشر التحقيق ـ أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه
وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم
القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون
مسبوقاً بتحريـات حول شخص المتهم ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر
بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف
محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر
القبض وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ـ كما
هو الحال في الدعوى المطروحة ـ فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في
ذلك أمام محكمة النقض، وكان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها
الطاعن بأسباب طعنه ـ بفرض حصوله ـ لا يقدح بذاته في جدية التحريات . لما كان
ذلك، وكان الحكم قد سوغ القبض على الطاعن
واطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي
أجراها الشهود مجريوا التحريات وجديتهـا ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره
الطاعن في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده من بيان
الواقعة لم يشر إلى حدوث تفتيش ، وأورد الدليل علـى ثبوت الجرائم وصحة إسنادها
محصلاً من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير الطب الشرعي وما ضبط بـ..... للتخليص
والاستيراد وما جاء بكتاب الإدارة العامة للسماح المؤقت والدروباك وما قرر به
..... الشريك بــ....... وما قررت به المتهمة الثالثة بمحضر الضبط فلا يجدي
الطاعن النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش بفرض
إثارته ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في
تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة
مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحـث فإن ما يثيره الطاعن في شأن
تحريات الشرطة يكون محض جدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن
أن يكون واضحاً ومحدداً ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال شاهد الإثبات
العقيد .... أمام المحكمة ـ يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي
يقول به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة
الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه
الحكم منها ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها
الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من
أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها
، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد ما تساند إليه من أقوال الشهود المشار إليهم بأسباب
الطعن بما لا شبهة فيه لأي تناقض ، فإنه يكون مبرأً من دعوى عيب القصور قى التسبيب
. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات
، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن
ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أن من حـق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود
وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسـاط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
حسبما يؤدي إليه اقتناعهـا وأن تطرح ما يخالفها مـن صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً
يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ـ كما في الدعوى
الراهنة ـ فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات يكون محض جدل حول سلطة
المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ،
وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات
مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك
التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها،
لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك
لا تلتزم بإعـادة المأمورية إلى الخبير مادامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر
جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إعادة المأموريـة إلـى الخبير ـ خلافاً
لما يزعمه بأسباب طعنه ـ فإنه لا يكون له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلبه. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي
يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن
المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب في الجلسات السابقة ضم الجناية رقم .... إلا
أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في مرافعته بجلسة 16 /6/ 2009 التي حجزت فيها
الدعوى للحكم والتي اقتصر فيها على طلب البراءة ، ولما كان هذا
الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه
الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً
في بيان نية الاختلاس ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن
توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما
يدل على قيامه ـ كما هو الشأن في الدعوى ـ فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في
استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن
بحقه في الإعفاء من العقاب في قوله " ... وحيث إنه عن القول بطلب الإعفاء من
العقاب لإبلاغه رئيسه بالواقعة وتوصل بهذا الإخبار القبض على الجناة عملاً بالمادتين
110 ، 322 من قانون العقوبات فمردود بأن
المادة 210 من قانون العقوبات تنص على أن " الأشخاص المرتكبين لجنايات
التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه
الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهـا وعرفوها بفاعليها الآخرين أو
سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور " ، ومفاد ذلك أن الشارع في
ذلك النص اشترط للإعفاء من العقاب للأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة في
المواد 206 عقوبات وما بعدها توافر حالتين الحالة الأولى هي إخبار الحكومة قبل
تمام الجريمة وقبل البحث عن الجناة والثانية تسهيل القبض عليهم ولو بعد الشروع في
البحث عنهم ، وليست العلة في الإعفاء مقصورة على الحيلولة دون تمام هذه الجرائم
وضبطها قبل وقوعها بل لقد رأى المشرع أن يتوسع في الإعفاء فيتغاضى عـن العقاب في الحالة
الثانية أيضاً في سبيل الوصول إلى معاقبة الجناة ـ ومتى كان ذلك ، وكان المتهم قد
ارتكب جناية الاختلاس وقد ارتبطت تلك الجناية بجناية التزوير واستعماله المحرر
المزور والإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها وتقليد خـاتم شـعار الجمهورية
ولم يقم بإخبار الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة كما أنه لم يسهل القبض على
الجناة وكان ما قدم من الدفاع من مستندات لا يرقى إلى مجرد الإبلاغ عن الواقعة
ولكن مجرد مذكرة مقدمـة من المتهم إلى مدير عام الإدارة العامة للإعفاءات والشئون
الفنية غير موجهة إلى جهـة معينة وهذه المذكرة حررت بعد الاستعلام من الإدارة
العامة للسماح المؤقت والدروباك بـ ... بالاستعلام عن عدم وصول الشهادات إليها ومن
ثم تكون المذكرات قد حررت بناءً على الاستعلام الوارد من الجهة الأخيرة وليست
لإبلاغ أو إخبار الحكومة وتكون المادتين المستند عليهما في دفعه غير منطبقتين على
الواقعة ويكون المتهم ليس معفياً من العقاب ولا تنطبق عليه شروط الإعفاء ومن ثم
تلتفت المحكمة ولا تعول على ما أثاره الدفاع في هذا الشأن أو استند عليه ولا تعول
عليه ويكون منعى الدفاع في هذا الصدد في غير محله متعيناً رفضه .". لما كان ذلك ، وكانت المادة 210 من قانون
العقوبات قـد نصـت على أن " الأشخاص المرتكبون لجناية
التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا
أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنها وعرفوها
بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور " وإذ
كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه
جناية التزوير في محرر رسمي واستعماله المرتبطة بجناية الاختلاس والإضرار العمدي
بأموال جهة عمله وتقليد الأختام ولم يقم بإخبار الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة
كما أنه لم يسهل القبض عليهم ، فإن ما يثيره
الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من
العقاب طبقاً لنص المادة 210 من قانون العقوبات لا يكون له وجه . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية
إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في
الدعوى ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن
للدلالة على إبلاغه عن الواقعة وصحة طلبه بالإعفاء من العقاب ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون في غيـر محله
. لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن بجريمة التهرب من الرسوم الجمركية
والغرامات والتعويضات وضرائب المبيعات التي دان بها المتهمين الثاني والثالثة
وحدهما ، فإن ما يثيره في هذا الشأن فضلاً عن انعدام مصلحته فيه ـ يكون وارداً على
غير محل . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء
على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها
إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات
جرائم التزوير طريقاً خاصاً وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم
بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد
الجنائية متسانـدة يكمـل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة
فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة
في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة
واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن
كل ركن من أركان جريمة التزوير مادام قد أورد من الوقائـع ما يدل عليه ، وكان
الحكم قد أثبت أن الطاعن قد اشترك مع المتهمين الثاني والثالثة وآخر مجهول بطريق الاتفاق
والمساعدة في ارتكاب تزوير محررين رسميين هما الصور الكربونية لكتابي مدير إدارة
الإعفاءات بـ..... المؤرخين .... واستعمالها بأن قدمها إلى الموظفين المختصين
بجهة عمله مع علمه بتزويرهما . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم
المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة
الطاعن لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله ، ومن ثم فلا محـل لما
يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركانهما في حقه لأنه لا
يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل
المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع
في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى
استقلال ، مادام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم
المطعون فيه في مقام التدليل على توافر جريمة التزوير في محرر رسمي في حق الطاعن ،
وما استدل به على علمه بالتزوير ، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي
دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة
الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن العلم في جريمة استعمال المحررات المزورة
مادامت مدوناته تكفي لتوافره ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما
استنتجه من اشتراك الطاعن مع المتهمين الثاني والثالثة وآخر مجهول في ارتكاب جريمة
التزوير ، فإن ذلك يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحررين الذي أسند إليه
استعمالهما ، ومـن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار
أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن
يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً
من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة . كما وأنه ليس على المحكمة
أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات
دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إنزال حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها
لا يعيب الحكم مادامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما
دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب
التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأتـه . لما كان ما تقدم، وكان الحكم إذ
عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمـة قد انتهت إلى أخذه
بالرأفة وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ـ وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها
ـ ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة . لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم
المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة
المقررة لأشدها ، وهي جريمة الاختلاس المرتبطة بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله
وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه
لا مصـلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمتي
تقليد الأختام والتهرب من الرسوم الجمركية . لما كان ما تقدم ، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق