جلسة 2 من يونيو سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ إبراهيم
الهنيدي ، عبد الفتاح حبيب ، هاني
مصطفى وربيع شحاته نواب رئيس المحكمة .
------------
(55)
الطعن 36560 لسنة 73 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن
يكون مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) اشتراك . إثبات " بوجه عام ". اتفاق .
شروع . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى " . قانون " إلغاؤه " . نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " .
الاشتراك بالاتفاق . مناط تحققه ؟
الاشتراك بالمساعدة . مناط تحققه ؟
تدليل
المحكمة على حصول الاشتراك بأدلة مادية محسوسة . غير لازم . كفاية استخلاصها حصوله
من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد
بوجوده . نعي الطاعن بأن الواقعة مجرد جناية اتفاق جنائي
المؤثمة بالمادة 48 عقوبات المقضي بعدم دستوريتها مما يخرجها عن نطاق التأثيم .
منازعةٌ في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطتها في
استخلاصها . غير جائز . مادام قضاؤها سليماً .
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على الاشتراك في جناية
الشروع في القتل العمد .
(3) إثبات " بوجه عام " " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير الدليل " . اشتراك. مساهمة جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها
على وجه دقيق . غير لازم . كفاية أن تؤدي تلك الشهادة إلى هذه الحقيقة باستنتاج
سائغ تجريه المحكمة وتتلاءم به مع عناصر الإثبات الأخرى.
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الاشتراك في الجريمة . مناط تحققه ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على المساهمة الجنائية بالاتفاق
والمساعدة .
(4) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
نعي
الطاعن على الحكم لمسايرته للنيابة العامة فيما نسبته للشاهد من أقوال بما يحيلها
عن معناها ويحرفها عن مواضعها والذي لم يثره بمحاضر جلسات المحاكمة . غير صحيح .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن
يكون سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " إنه لضغينة يضمرها
المتهم / ..... - الطاعن - للمجني عليه / .... بسبب قيام الأخير
بالزواج من طليقة المتهم سالف الذكر فقد فكر المتهم ودبر في التخلص من المجني عليه
، وبناء على ذلك فقد اتفق مع المتهم / ...... لاستئجار أحد مـن الناس لقتل
المجني عليه مقابل مبلغ مالي ، وعليه فقد وقع اختيار المتهم / ..... للمتهم /
.... - الذي سبق الحكم عليه - لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، ونفاذاً
لهذا الاتفاق قام المتهم / ........ بإحضار السلاح الناري الذي سوف يستخدمه
في الحادث وتقديمه للمتهمين الآخرين اللذين سبق الحكم عليهما بعد
أن حددوا موعــداً لقتل المجني عليه ، وبناء على ما اتفق عليه المتهمون الثلاثة
فيما بينهم فقد تربص المتهمان / ...... للمجني عليه بمكان عمله بناحية .... وما
إن استقل المجني عليه إحدى السيارات النقل وركب بصندوقها الخلفي ركب معه المتهم /
..... بينما انصرف المتهم / ....... عائداً إلى منزله بعد أن تأكد من ركوب
المتهم سالف الذكر والمجني عليه السيارة معاً وذلك لتنفيذ جريمتهم التي اتفقوا
عليها وهي قتل المجني عليه ، وما إن وصلت السيارة كوبري ..... قام المتهم / ......
بإطلاق عيار ناري على المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي
الشرعي ، ثم قام بالنزول من السيارة حيث ينتظره المتهم / ..... ثم لاذ بالفرار ،
وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج"
وأورد الحكم على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستقاة من اعتراف المتهم الأول / ...... وأقوال كل من المجني عليه والرائد / .... رئيس وحدة مباحث ..... ،
ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه
عليها ، ثم أتبع ذلك بإيراد مؤدى هذه الأدلة في بيان جلي ومفصل على نحو يدل على أن
المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي
عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو
نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ،
ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها
وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم
بدعوى القصور في هذا الخصوص لا محل له .
2- من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق
إنما يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، ويتم غالباً دون
مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ويتحقق الاشتراك
بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه
معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك ، وكان من
المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل عـلى حصول الاشتراك في ارتكاب
الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف
الدعوى وملابساتها ، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده
، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعن في ارتكاب الجريمة بالأدلة
السائغة التي أوردها في قوله : ".... وكان الثابت من اعتراف المتهم /
..... الذي سبق الحكم عليه والذي تطمئن إليه المحكمة كما تطمئن إلى
شهادة كل من المجني عليه وشهادة وتحريات الرائد / ..... رئيس مباحث ... أن
المتهم/ ..... – الطاعن – قد اتفق مع المتهمين اللذين سبق الحكم عليهما منذ شهر
سابق على ارتكاب الحادث قد اتفقوا فيما بينهم على قتل المجني عليه لما بينه وبين
المتهم الماثل / ... من ضغينة وخلافات وذلك نظير مبلغ مالي ، وأن المتهم / .... قدم لهما السلاح المستخدم في الحادث ، وقد قام المتهم / ..... و....
بتنفيذ الجريمة حسبما اتفقوا عليها حيث تربصا للمجني عليه واستقل الأول معه
السيارة وبالطريق أطلق عليه عياراً نارياً أحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير
الطبي الشرعي، وقد خاب أثر الجريمة بمداركة المجني عليه بالعلاج ، فقيام الاتفاق
بين المتهم الماثل والمتهمين اللذين سبق الحكم عليهما قائم وثابت ، إذ كان المتهم
الماثل / ..... في انتظار المحكوم عليه الذي نفذ الجريمة في المكان المتفق عليه
عقب إطلاق النار صوب المجني عليه ، ومن ثم تكون قد توافرت في حق هذا المتهم مع من
سبق الحكم عليهما جريمة الشروع في قتل المجني عليه مع سبق الإصرار والترصد بطريق الاتفاق
والمساعدة والتحريض وإحراز السلاح الناري والذخيرة بدون ترخيص والمؤثمة قانوناً
" فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به جناية الاشتراك في جناية الشروع في القتل كما هي معرفة
به في القانون وكان النعي بأن الواقعة
مجرد جناية اتفاق جنائي المؤثمة بالمادة 48 من قانون العقوبات التي قُضي بعدم
دستوريتها مما يخرجها عن نطاق التأثيم لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي
اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل
بالفصل فيه بغير معقب ، مادام قضاؤها في ذلك سليماً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الصدد يكون غير مقبول .
3-
من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل
على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت
بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على
عدم الأخذ بها ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على
الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من
شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع
ويتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة
أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ
كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد
الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته
على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما
قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . وإذ كان
ذلك، وكان الأصل في القانون أن الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو
الاتفاق سابقاً على وقوعها وأن تكون المساعدة سابقة أو معاصرة لها ، وأن يكون وقوع
الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى تحقق
المساهمة الجنائية من الطاعن باتفاقه مع المتهمين الآخرين على ارتكاب الجريمة
ومساعدتهما في ذلك بإمدادهما بالسلاح المستخدم في ارتكابها حيث تولى الأخيران أمر
تنفيذها وهو ما لا يستلزم تواجد الشريك - الطاعن - على مسرح الحادث
حال وقوعه ، فإن رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال شاهدي الإثبات
رغم نفيهما تواجد الطاعن على مسرح الحادث وقت وقوعه غير مقبول .
4-
لما كان الطاعن لم يثر شيئاً في محاضر جلسات المحاكمة بشأن ما نسبته النيابة
العامة من أقوال للرائد / ..... ومدى مخالفته للثابت بالأوراق ، فإن ما ينعاه
الطاعن على الحكم بشأن مسايرته للنيابة العامة فيما نسبته إلى ذلك الشاهد من أقوال
بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها يكون على غير سند .
5-
لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة
لمكان وقوع الجريمة في نفس توقيت وقوعها ، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً عن
ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة
على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة كلاً من : 1- ..... "سبق الحكم
عليه حضورياً" 2- .... "سبق الحكم عيه حضورياً" 3- .... "
طاعن " بأنهم : أولاً : المتهم الأول : "سبق الحكم عليه حضورياً" شرع
في قتل / .... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتله ، وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً وترقبه حتى أن
استقل المجني عليه سيارة فاستقل معه ، وما إن سنحت له الفرصة حتى فاجأه ، بأن أطلق
عليه عياراً نارياً فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، وقد خاب
أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج .
ثانياً
: المتهمين الثاني "سبق الحكم عليه حضورياً" والثالث الماثل : اشتركا
بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجناية آنفة البيان
، بأن قدما له السلاح الناري المستخدم في الواقعة ، فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق
والتحريض وتلك المساعدة.
ثالثاً
: المتهمين جميعاً الأول والثاني "سبق الحكم عليهما" والمتهم الماثل :
1- أحرزوا
سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد " .
2-
أحرزوا ذخيرة " طلقة واحدة " مما تستعمل على السلاح الناري آنف البيان
ودون
أن يكون مرخصاً لأي منهم بحيازته أو إحرازه .
أن يكون مرخصاً لأي منهم بحيازته أو إحرازه .
وأحالتهم
إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
.
وادعى
المجني عليه مدنياً قبل المتهم / .... بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني
المؤقت .
والــمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 /1، 2، 3 ، 45 ، 46 ، 230 ، 231 ، 232 من
قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /1، 5 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954
المعدل والجدول رقم 2 الملحق ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات
بمعاقبة المتهم / ..... بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبإلزامه
بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت
.
فطعن
المحكوم عليه " الطاعن " في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في شروع في
قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص ، قد شابه
القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وأخطأ في تطبيق القانون ، وانطوى على
خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة
وأن الجريمة التي دان الطاعن بها - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون
جريمة اتفاق جنائي طبقاً لنص المادة 48 من قانون العقوبات التي قُضي بعدم
دستوريتها مما ينأى بها عن نطاق التأثيم، كما عوَّل الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال
كل من المجني عليه والرائد / .... رغم نفيهما تواجد الطاعن على مسرح
الجريمة وقت وقوعها ، وحاد بأقوال الشاهد الثاني عن مدلولها إذ ساير
النيابة العامة فيما نسبته إلى ذلك الشاهد من قول بأن الطاعن قدم السلاح المستخدم
في الحادث للمتهم الأول / ...... على خلاف ما قرر به بالتحقيقات من أن المتهم
الثاني /.... هو الذي اشترى ذلك السلاح وقدمه للمتهم الأول ، هذا فضلاً عن خلو الأوراق
من معاينة لمكان الجريمة في نفس توقيت وقوعها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث
إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " إنه لضغينة يضمرها
المتهم / ..... - الطاعن - للمجني
عليه / ....... بسبب قيام الأخير بالزواج من طليقة المتهم سالف الذكر فقد فكر
المتهم ودبر في التخلص من المجني عليه ، وبناء على ذلك فقد اتفق مع المتهم /
...... لاستئجار أحد من الناس لقتل المجني عليه مقابل مبلغ مالي ، وعليه فقد وقع
اختيار المتهم / .... للمتهم / .... - الذي سبق الحكم عليه -
لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، ونفاذاً لهذا الاتفاق قام الـمتهم / .....
بإحضار السلاح الناري الذي سوف يـستدمه في الحادث وتقديمه
للمتهمين الآخرين اللذين سبق الحكم عليهما بعد أن حددوا موعداً لقتل المجني عليه ،
وبناء على ما اتفق عليه المتهمون الثلاثة فيما بينهم فقد تربص المتهمان / ......
للمجني عليه بمكان عمله بناحية ..... وما إن استقل المجني عليه إحدى السيارات
النقل وركب بصندوقها الخلفي ركب معه المتهم / ..... بينما انصرف المتهم /
...... عائداً إلى منزله بعد أن تأكد من ركوب المتهم سالف الذكر والمجني عليه
السيارة معاً وذلك لتنفيذ جريمتهم التي اتفقوا عليها وهي قتل المجني عليه ، وما إن
وصلت السيارة كوبري ..... قام المتهم/ ..... بإطلاق عيار ناري على المجني عليه
فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، ثم قام بالنزول من السيارة
حيث ينتظره المتهم / ....... ثم لاذ بالفرار ، وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل
لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج " وأورد الحكم على ثبوتها في حق
الطاعن أدلة مستقاة من اعتراف المتهم الأول/ ....... ، وأقوال كل من المجني عليه
والرائد / ..... رئيس وحدة مباحث ...... ، ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وهي
أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، ثم أتبع ذلك بإيراد مؤدى
هذه الأدلة في بيان جلي ومفصل على نحو يدل على أن المحكمة محصتا التمحيص
الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث
لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك
يكون محققاً القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بدعوى القصور في هذا
الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما
يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ويتم غالباً دون مظاهر
خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة
بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل
ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك ، وكان من المقرر أنه ليس
على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل
يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون في وقائع
الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك
الطاعن في ارتكاب الجريمة بالأدلة السائغة التي أوردها في قوله: ".... وكان
الثابت من اعتراف المتهم / .... الذي سبق الحكم عليه والذي تطمئن إليه
المحكمة كما تطمئن إلــى شهادة كل من المجني عليه
وشهادة وتحريات الرائد/ .... رئيس مباحث
..... أن المتهم / ....... – الطاعن – قد اتفق مع المتهمين اللذين سبق الحكم
عليهما منذ شهر سابق على ارتكاب الحادث على قتل المجني عليه لما بينه وبين المتهم
الماثل / ..... من ضغينة وخلافات وذلك نظير مبلغ مالي ، وأن المتهم / ...... قدم
لهما السلاح المستخدم في الحادث ، وقد قام المتهم / ...... و.... بتنفيذ الجريمة
حسبما اتفقوا عليها حيث تربصا للمجني عليه واستقل الأول معه السيارة وبالطريق أطلق
عليه عياراً نارياً أحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، وقد خاب
أثر الجريمة بمداركة المجني عليه بالعلاج، فقيام الاتفاق بين المتهم الماثل
والمتهمين اللذين سبق الحكم عليهما قائم وثابت، إذ كان المتهم الماثل / ... في
انتظار المحكوم عليه الذي نفذ الجريمة في المكان المتفق عليه عقب إطلاق النار صوب
المجني عليه ، ومن ثم تكون قد توافرت في حق هذا المتهم مع من سبق الحكم عليهما
جريمة الشروع في قتل المجني عليه مع سبق الإصرار والترصد بطريق الاتفاق والمساعدة
والتحريض وإحراز السلاح الناري والذخيرة بدون ترخيص والمؤثمة قانوناً " فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، وكان ما
أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به جناية الاشتراك
في جناية الشروع في القتل كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة
مجرد جناية اتفاق جنائي المؤثمة بالمادة 48 من قانون العقوبات التي قُضي بعدم
دستوريتها مما يخرجها عن نطاق التأثيم لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي
اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة
الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، مادام قضاؤها في
ذلك سليماً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى
محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى
أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها
على عدم الأخذ بها ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على
الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من
شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع
ويتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها
، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث
ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، ذلك
بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر
إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في
مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها
إلى ما انتهت إليه ، وإذ كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الاشتراك في الجريمة
لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها وأن تكون
المساعدة سابقة أو معاصرة لها ، وأن يكون وقوع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك ، ولما
كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى تحقق المساهمة الجنائية من الطاعن باتفاقه مع
المتهمين الآخرين على ارتكاب الجريمة ومساعدتهما في ذلك بإمدادهما بالسلاح
المستخدم في ارتكابها حيث تولى الأخيران أمر تنفيذها وهو ما لا يستلزم تواجد
الشريك - الطاعن - على مسرح الحادث حال وقوعه ، فإن رمي الحكم بالفساد في
الاستدلال لتعويله على أقوال شاهدي الإثبات رغم نفيهما تواجد الطاعن على مسرح
الحادث وقت وقوعه غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يثر شيئاً في محاضر
جلسات المحاكمة بشأن ما نسبته النيابة العامة من أقوال للرائد / .... ومدى
مخالفته للثابت بالأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بشأن مسايرته للنيابة
العامة فيما نسبته إلى ذلك الشاهد من أقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن
مواضعها يكون على غير سند. لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن
الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان وقوع الجريمة في نفس توقيت وقوعها ،
فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا
يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً
للطعن في الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق