جلسة 26 ابريل سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ زغلول البلشي ، عبد الرحمن هيكل ، علي نور الدين الناطوري نواب رئيس المحكمة وعرفة محمد .
---------
(45)
الطعن 28427 لسنة 72 ق
(1) قضاة "صلاحيتهم".
حكم " بطلانه". قانون " تطبيقه ". محكمة النقض "سلطتها
في الرجوع عن أحكامها". نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام "
" الطعن لثاني مرة".
محكمة النقض . هي خاتمة المطاف في
مراحل التقاضي وأحكامها باتة . استثناء . الطعن طبقاً لنص المادة 147 مرافعات
ببطلان الحكم الصادر منها إذا ما قام بأحد القضاة مصدروه سبب من أسباب عدم
الصلاحية المنصوص عليها بالمادة 146 من القانون ذاته .
طعن المحكوم عليه على الحكم الصادر
من محكمة النقض في الطعن المرفوع من النيابة العامة للمرة الثانية بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع . غير جائز. المادة
272 مرافعات . الرجوع في ذلك لنصوص قانون المرافعات تلك دون القانون رقم 57 لسنة
1959. علته ؟
(2) إثبات" شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود".
تناقض أقوال شهود الإثبات في بعض
التفصيلات التي لم تركن إليها المحكمة ولم تكن ذات أثر في تكوين عقيدتها . لا يعيب
الحكم . مادام حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(3) إثبات" شهود"
"خبرة". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
مثال لتدليل سائغ لاطراح الدفاع
بالتناقض بين الدليلين القولي والفني.
(4) دفوع " الدفع بنفي
التهمة" " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة". دفاع "الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره". إثبات " بوجه عام". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل".
نفي التهمة وعدم ارتكاب الجريمة
وعدم تواجد الطاعن على مسرح الحادث . كفاية اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها
رداً عليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض قد خلا من النص على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من
محكمة النقض، ومن ثم تعين الرجوع إلى نصوص قانون المرافعات المنظمة لقواعد الطعن
بالنقض في المواد المدنية والتجارية باعتباره القانون العام الذي يرجع إليه لسد ما
في القانون رقم 57 لسنة 1959 من نقص أو للإعانة على إعمال القواعد المنصوص عليها
فيه ، وكانت المادة 272 من قانون المرافعات لا تجيز الطعن في أحكام محكمة النقض
بأي طريق من طرق الطعن ، باعتبار محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي
وأحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها، ولم يستثن المشرع من هذا الأصل إلا ما نص
عليه في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان
الحكم الصادر من محكمة النقض إذا ما قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب
عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من القانون ذاته. وكان ما يثيره المدافع
عن المتهم - سواء بمرافعته الشفوية أو بمذكرته المقدمة للمحكمة - بخصوص تقرير
الطعن بالنقض المقدم من النيابة العامة ومذكرة أسبابه، وعدم تحديد أوجه طعنها،
وعدم صحتها، وانتفاء مصلحتها في الطعن، لا يعدو أن يكون طعناً على الحكم الصادر من
محكمة النقض في الطعن المرفوع من النيابة العامة - للمرة الثانية - بتاريخ ...
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع،
وهو ما لا يجوز طبقاً لنص المادة 272 من قانون المرافعات على ما سلف بيانه.
2- لما كان ما
يثيره المدافع عن المتهم بشأن تناقض أقوال شهود الإثبات، فإن المحكمة كانت على
بينة من تناقض شهود الإثبات في بعض التفصيلات التي لم تركن إليها ولم تكن ذات أثر
في تكوين عقيدتها من جماع أقوالهم التي لم يختلفوا عليهـا أو يتناقضوا فيها، ومن
ثم تلتفت المحكمة عن قالة التناقض التي يثيرها المدافع عن المتهم.
3- لما كان شهود الإثبات الأربعة الأول قد أجمعوا على أن
المتهم ضرب المجني عليه بالفأس على رأسه ضربتين، في حين شهد الخامس أن تحرياته
السرية أسفرت عن أن المتهم هو محدث إصابة المجني
عليه بالرأس من الجهة اليسرى، وكان الثابت بتقرير الصفة التشريحية أنه وجد بجثة المجني عليه إصابة رضية حيوية بيسار
الرأس ، وأخرى بيمين الرأس ، وأن هاتين الإصابتين تحدثان بالجزء الحاد من
الفأس، وتعزى وفاة المجني عليه إلى الإصابة الموصوفة بيسار الرأس وما صاحبها من
كسور بيسار عظمة الجمجمة وتهتك ونزيف بالمخ على ما سلف بيانه، وهو ما تستخلص منه
المحكمة أن الدليلين القولي والفني يتفقان ويتلاءمان، ولا يتعارضان أو يتنافران،
ويكون ما يثيره الدفاع في هذا الشأن على غير أساس.
4- لما كان ما يثيره الدفاع من محاولة تجريح أدلة الثبوت
في الدعوى تأدياً إلى التشكيك فيها، ونفي التهمة، وعدم ارتكاب الجريمة، وعدم
تواجده على مسرح الحادث، فإنه يكفي المحكمة رداً عليها اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي
أوردتها وركنت إليها، وعولت عليها في تكوين عقيدتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : ضرب المجني عليه ... عمداً بجسم
صلب راض "فأس" فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية بيسار
الرأس ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/1 من
قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد برقم
14575 لسنة 68 القضائية.
وقضت - محكمة النقض - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/1 من
قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... وقضت
محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة
لنظر الموضوع ..... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة قضت بتاريخ ... بنقض الحكم
المطعون فيه للمرة الثانية وحددت جلسة لنظر الموضوع .
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة
واستقـرت في يقينها من الاطلاع على الأوراق، وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات،
ومـا دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ .... وعقب خروج المجني عليه /
... من المسجد بعد صلاة المغرب ولخلافات سابقة بين عائلته وعائلة المتهم /...، قام
الأخير بضربه بالفأس على رأسه ضربتين فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته، ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته.
وحيث إن الواقعة على هذه الصورة ثبتت لدى المحكمة
واستقرت في يقينها مما شهد به كل من .... و... والنقيب/....، ومن تقرير الصفة
التشريحية الخاص بجثة المجني عليه.
حيث شهد ... - بتحقيقات النيابة وأمام هذه المحكمة -
بأنه في يوم الحادث كان يؤدي صلاة المغرب بالمسجد ومعه شقيقه المجني عليه / ...
وابنه ...، وعقب الصلاة سبقهما المجني عليه بالخروج من المسجد، وأنه وأثناء خروجه
شاهد المتهم وهو يضرب شقيقه المجني عليه بالفأس على رأسه ضربتين سقط على أثرهما
المجني عليه، بينما هرب المتهم بسيارة تنتظره.
وشهد ... - أمام هذه المحكمة - و... و... - بتحقيقات
النيابة العامة - بمثل ما شهد به الشاهد الأول، والمحكمة - منعاً من التكرار الذي
لا موجب له - تحيل في بيان أقوال كل منهم إلى ما أوردته في بيان أقوال الشاهد الأول.
وشهد النقيب / ... رئيس مباحث مركز شرطة ... - بتحقيقات
النيابة العامة - أن تحرياته السرية أسفرت عن أن المتهم تعدى بالضرب على المجني
عليه بالفأس على رأسه من الجهة اليسرى، وذلك لخلافات عائلية سابقة.
وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه وجد بجثة المجني
عليه إصابة رضية حيوية بيسار الرأس، وأخرى بيمين الرأس، وأن هاتين الإصابتين
تحدثان مـن الضـرب بالجزء الحاد من الفأس، وتعزى وفاة المجني عليه إلى الإصابة
الموصوفة بيسار الرأس وما صاحبها من كسور بيسار عظمة الجمجمة وتهتك مصحوب بأنزفة
دموية بسطح الفص الأيسر للمخ ونزيف دموي خارج الأم الجافية مقابل الجدارية اليسرى
والصدغية اليسرى ونزيف دموي إصابي تحت الأم الجافية وتحت الأم الحنون منتشراً على
سطح المخ بصفة عامة.
وحيث إن المتهم حضر ومعه محاميه، وأنكر المتهم ما نسب إليه،
وقدم محاميه مذكرة، ودفع ببطلان التقرير
بالطعن بالنقض المقدم من النيابة العامة لتقديمه بعد الميعاد، وعدم وضوح
تاريخ تقديمه وتزويره، وعدم تحديد دائرة اختصاص المقرر به، وعدم ثبوت التوكيل الذي
تم الطعن بمقتضاه، كما دفع ببطلان مذكرة أسباب الطعن لاستحالة قراءة التوقيع
الوارد عليها، وتقديمها بعد الميعاد، وتزوير إيصال إيداعها، وعدم وضوح أوجه الطعن
بها، وانتفاء مصلحة النيابة العامة في الطعن، وعدم صحة ما تنعـيه على الحكم
المنقوض ، كما دفع بتناقض أقوال شهود الإثبات وتضاربها والتناقض بين الدليلين
القولي والفني، وأن الواقعة مجرد مشاجرة بين العديد من الطرفين، وعدم ارتكاب
المتهم للجريمة، وعدم تواجده على مسرح الحادث، وطلب براءة المتهم مما نسب إليه.
وحيث إنه لما كان القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد خلا من النص على عدم جواز الطعن في الأحكام
الصادرة من محكمة النقض، ومن ثم تعين الرجوع إلى نصوص قانون المرافعات المنظمة
لقواعد الطعن بالنقض في المواد المدنية والتجارية باعتباره القانون العام الذي
يرجع إليه لسد ما في القانون رقم 57 لسنة 1959 من نقص أو للإعانة على إعمال
القواعد المنصوص عليها فيه، وكانت المادة 272 من قانون المرافعات لا تجيز الطعن
في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن
باعتبار محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة ولا
سبيل إلى الطعن فيها، ولم يستثن المشرع من هذا الأصل إلا ما نص عليه في الفقرة
الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من
محكمة النقض إذا ما قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية
المنصوص عليها في المادة 146 من القانون ذاته. وكان ما يثيره المدافع عن المتهم -
سواء بمرافعته الشفوية أو بمذكرته المقدمة للمحكمة - بخصوص تقرير الطعن بالنقض
المقدم من النيابة العامة ومذكرة أسبابه، وعدم تحديد أوجه طعنها، وعدم صحتها،
وانتفاء مصلحتها في الطعن، لا يعدو أن يكون طعناً على الحكم الصادر من محكمة النقض
في الطعن المرفوع من النيابة العامة ـ للمرة الثانية ـ بتاريخ ... بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع، وهو ما لا يجوز
طبقاً لنص المادة 272 من قانون المرافعات على ما سلف بيانه.
وأما بخصوص ما يثيره المدافع عن
المتهم بشأن تناقض أقوال شهود الإثبات، فإن المحكمة كانت على بينة من تناقض شهود الإثبات
في بعض التفصيلات التي لم تركن إليها ولم تكن ذات أثر في تكوين عقيدتها من جماع أقوالهم
التي لم يختلفوا عليهـا أو يتناقضوا فيها، ومن ثم تلتفت المحكمة عن قالة التناقض التي
يثيرها المدافع عن المتهم .
وحيث إنه عن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني ، فإنه
لما كان شهود الإثبات الأربعة الأول قد أجمعوا على أن المتهم ضرب المجني عليه
بالفأس على رأسه ضربتين ، في حين شهد الخامس أن تحرياته السرية أسفرت عن أن المتهم
هو محدث إصابة المجني عليه بالرأس من الجهة اليسرى ، وكان الثابت بتقرير الصفة
التشريحية أنه وجد بجثة المجني عليه إصابة رضية حيوية بيسار الرأس ، وأخرى بيمين
الرأس ، وأن هاتين الإصابتين تحدثان بالجزء الحاد من الفأس، وتعزى وفاة المجني
عليه إلى الإصابة الموصوفة بيسار الرأس وما صاحبها من كسور بيسار عظمة الجمجمة
وتهتك ونزيف بالمخ على ما سلف بيانه، وهو ما تستخلص منه المحكمة أن الدليلين
القولي والفني يتفقان ويتلاءمان، ولا يتعارضان أو يتنافران، ويكون ما يثيره الدفاع
في هذا الشأن على غير أساس.
وأما باقي ما يثيره الدفاع من محاولة تجريح أدلة الثبوت
في الدعوى تأدياً إلى التشكيك فيها، ونفي التهمة، وعدم ارتكاب الجريمة، وعدم
تواجده على مسرح الحادث، فإنه يكفي المحكمة رداً عليها اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي
أوردتها وركنت إليها، وعولت عليها في تكوين عقيدتها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم جميعه، فإنه يكون قد ثبت في
يقين المحكمة، واستقر في وجدانها أن المتهم / .... في .... بدائرة مركز شرطة...
محافظة ...، ضرب المجني عليه / ... عمداً بآلة صلبة راضة (فأس) فأحدث به الإصابات
الموصوفة بتقريـر الصفـة التشريحية والتي أودت بحياته، ولم يكن يقصد من ذلك قتله
ولكن الضرب أفضى إلى موته، ومن ثم تعين معاقبته بالمادة 236/1 من قانون العقوبات
عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية، وإلزامه المصروفات الجنائية
عملاً بالمادة 313 من القانون الأخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق