برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم دسوقي، أحمد الحسيني يوسف، عبد الرحمن أحمد
مطاوع نواب رئيس المحكمة وناصر السعيد مشالي.
------------
- 1 نقض "الخصوم في الطعن:
الخصوم بصفة عامة".
الاختصام في الطعن. مناطه. أن يكون الخصم ذا صفة في تمثيله بالخصومة.
مؤداه. أنه لا يكفي لذلك مجرد كونه خصماً في الدعوى.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن
يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون ذا صفة في
تمثيله بالخصومة.
- 2 أشخاص اعتبارية " أثر
اكتساب الشخصية الاعتبارية".
الأشخاص الاعتبارية. ماهيتها. م 52/ 1 مدني. منحها الشخصية
الاعتبارية. أثره. لها حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن إرادتها. م 53 مدني.
مفاد نص المادتين 52/ 1، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية
هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات
والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ويكون لها
حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن إرادتها.
- 3 دعوى "شروط قبول الدعوى:
الصفة في الدعوى: صاحب الصفة في تمثيل جهاز حماية أملاك الدولة أمام القضاء".
أجهزة ومرافق المحافظة. رئاستها وتمثيلها أمام القضاء وفى مواجهة
الغير. منوط بالمحافظ. عدم منح جهاز حماية أملاك الدولة الشخصية الاعتبارية أو
تخويل رئيسه حق تمثيله أمام القضاء. مؤداه. المحافظ دون غيره صاحب الصفة في تمثيل
هذا الجهاز أمام القضاء. أثره. اختصام رئيسه في طعن بالنقض متعلق بأرض من أملاك
الدولة. غير مقبول .
إذ كان القانون لم يمنح جهاز حماية أملاك الدولة الشخصية الاعتبارية
ولم يخول رئيسه حق تمثيله أمام القضاء، وكان المحافظ في دائرة اختصاصه – وعلى ما
هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وهو الذي يمثل
المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل يدور
حول الأحقية في استبعاد الأرض محل التداعي من تفليسة...... واقتضاء مقابل انتفاع
المفلس بها قبل وفاته باعتبار أنها من أملاك الدولة فإن المطعون ضده الأول محافظ
الإسكندرية وحده يكون صاحب الصفة في الاختصام في الطعن دون المطعون ضده الثاني
رئيس جهاز حماية أملاك الدولة الذي يضحى اختصامه في الطعن غير مقبول.
- 4 عقد "تحديد موضوع
العقد".
تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون
عليها يخضع لرقابة محكمة النقض.
- 5 عقد
"تحديد موضوع العقد".
تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه وتحديد حقوق طرفيه. العبرة فيه.
بما حوته نصوصه وبما عناه المتعاقدين. مؤداه. عدم الاعتداد بما أطلقوه عليه من
أوصاف تبين مخالفتها للحقيقة.
أن العبرة في تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه وتحديد حقوق
الطرفين فيه إنما هي بما حواه من نصوص وبما عناه المتعاقدان دون اعتداد بما أطلقوه
عليه من أوصاف متى تبين أن هذه الأوصاف تخالف الحقيقة.
- 6 محكمة الموضوع "سلطة
محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود: سلطتها في تكييف
العقود".
استخلاص نية المتعاقدين. من سلطة محكمة الموضوع. سبيلها إلى ذلك وشرطه.
لئن كان لمحكمة الموضوع استخلاص هذه النية - نية المتعاقدين - وما
انعقد عليه اتفاقهما استهداءً بحقيقة الواقع والنية المشتركة وطبيعة التعامل
والعرف الجاري والمعاملات وظروف التعاقد والطريقة التي يتم بها تنفيذ العقد إلا أن
ذلك شرطه أن يكون استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
- 7 إيجار "القواعد العامة في
الإيجار: خصائص عقد الإيجار".
عقد الإيجار. ماهيته. م 558 مدني. التباسه بعقد تقرير حق الانتفاع
واختلافه عنه. مظاهره.
إذ كانت المادة 558 من القانون المدني قد عرفت عقد الإيجار بأنه عقد
يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء مدة معينة لقاء أجر معلوم
فإنه قد يلتبس بعقد تقرير حق الانتفاع ومقابله باعتبار أن كل من المنتفع والمستأجر
ينتفع بشيء لا يملكه مدة معينة لقاء جعل من المال إلا أن حق الانتفاع حق عيني يلزم
تسجيله فتصبح للمنتفع سلطة على الشيء المنتفع به دون وساطة مالك الرقبة في حين أن
حق المستأجر بطبيعته حق شخصي يجعل المستأجر دائناً للمؤجر بالانتفاع بالعين
المؤجرة.
- 8 إيجار
"القواعد العامة في الإيجار: خصائص عقد الإيجار".
عقد الإيجار وحق الانتفاع. عدم انتهاء الأول بموت المستأجر وانقضاء
الثاني بموت المنتفع. علة ذلك.
القاعدة العامة أن موت المستأجر لا ينهي عقد الإيجار بل تنتقل الحقوق
والالتزامات الناشئة عنه إلى ورثته وذلك بخلاف حق الانتفاع الذي ينتهي حتماً بموت
المنتفع طبقاً للمادة 993/1 من القانون المدني حتى قبل انقضاء الأجل المعين له لما
ينطوي عليه من انتقاص من حق الملكية.
- 9 ملكية "أموال الدولة
الخاصة: الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة".
حق الدولة وغيرها من الجهات العامة على أموالها الخاصة. ماهيته. حق
ملكية مدنية محضة. أثره. جواز أن تبرم عقود انتفاع وإيجار للغير عليها. علة ذلك.
إذ كان حق الدولة وغيرها من الجهات العامة على أموالها الخاصة هو حق
ملكية مدنية محضة شأنها في ذلك شأن سائر الأفراد وكانت الأرض محل النزاع من أملاك
محافظة الإسكندرية الخاصة وليست ضمن أملاكها العامة وكان المشرع قد أجاز لها بجانب
الحق في إبرام عقود انتفاع للغير على أملاكها الخاصة تحرير عقود إيجار عنها لظروف
واعتبارات قدرها كما هو الشأن - في القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم الأراضي
الصحراوية ومن بعده القانون 100 لسنة 1964* بتنظيم تأجير الأراضي المملوكة للدولة
ملكية خاصة والتصرف فيها والذي حل محله القانون رقم 143 لسنة 1981 الذي أجازت
المادة الثالثة منه تأجير هذه الأملاك وما كانت تقوم به المحافظات من تأجير
للمساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة قبل تمليكها لهم وفقاً لأحكام المادة 72 من
القانون 49 لسنة 1977 وقواعد بيع وتأجير العقارات الواردة في قانون تنظيم
المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998.
- 10 إفلاس "حكم شهر الإفلاس:
آثار حكم شهر الإفلاس: إدارة التفليسة".
تخصيص جهاز حماية أملاك الدولة قطعة أرض للمفلس سلمت إليه بموجب محضر
تسليم تضمن التزامه بسداده القيمة الإيجارية. موافقة الجهة الإدارية بعد ذلك على
طلبه بشرائها. دلالته. أن الاتفاق بينهما منطوٍ على عقد إيجار وليس ترخيصاً لحق
انتفاع. استبعاد الحكم المطعون فيه هذه الأرض من التفليسة بقالة أن علاقة المفلس
بالدولة انتهت بموت الأول. مخالفة للقانون وللثابت بالأوراق.
إذ كان الثابت بالأوراق أن لجنة التخصيص بجهاز حماية أملاك الدولة
بمحافظة الإسكندرية قد وافقت بتاريخ 8 يوليو سنة 1978 على تخصيص مساحة من الأرض
المملوكة للدولة قدرها 2000 م2 لـ...... قبل وفاته لاستغلالها مخزن أخشاب وتم
تسليمها له بموجب محضر تسليم مؤقت بتاريخ 4 أكتوبر سنة 1978 تضمن التزامه بسداد
القيمة الإيجارية التي تم تقديرها بمعرفة الجهة الإدارية المختصة مع التزامه بعدم
إقامة مبان ثابتة عليها إلى أن تقدم بطلب لشراء تلك المساحة ضمن مساحة أخرى يضع
يده عليها فوافقت الجهة الإدارية على اتخاذ إجراءات البيع وتقدير الثمن، وكان مؤدى
ذلك أن طبيعة التعامل والنية المشتركة لطرفي التداعي يرجح معها أن يكون الاتفاق
بينهما منطوياً على عقد إيجار وليس ترخيصاً لحق انتفاع، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وأقام قضاءه باستبعاد الأرض محل التداعي من التفليسة على سند من أن
العلاقة التي كانت تربط الطاعن بصفته بالمطعون ضده كانت تتعلق بحق انتفاع على
أملاك الأخير والذي ينتهي بموت المنتفع، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والثابت
بالأوراق حجبه عن التحقق من الإجراءات التي اتخذت لملكية المساحة محل عقد الإيجار.
- 11 محكمة الموضوع "سلطتها في
إعادة الدعوى للمرافعة".
طلب إعادة الدعوى للمرافعة. ليس حقاً للخصوم. استقلال محكمة الموضوع
بتقديره. التزامها بأن تورد أسباباً لرفضه. شرطه. أن يتسم بالجدية. "مثال:
لاطراح طلب جدي لإعادة الاستئناف للمرافعة دون إبداء أسباب له".
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن طلب إعادة الدعوى للمرافعة ليس
حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو متروك لمحكمة الموضوع التي تستقل بتقديره
إلا أنه متى كان هذا الطلب يتسم بالجدية فإنه يتعين عليها أن تورد أسباباً لرفضه
وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان قد تقدم بطلب إعادة الاستئناف للمرافعة أرفق
به أصل الكتاب الموجه إليه من إدارة حي شرق الإسكندرية يطالبه بسداد القيمة
الإيجارية – عن الفترة من عام 1995 حتى عام 1998 على نحو ينبئ بسبق سداد الأجرة عن
الفترة السابقة، وإذ اطرح الحكم المطعون فيه طلب إعادة الاستئناف إلى المرافعة دون
إبداء أسباب لهذا الاطراح على نحو حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن بشأن حقيقة المبلغ
الذي تأخر في سداده وفقاً لمساحة الأرض التي وضع اليد عليها شخصياً بالفعل وما تم
سداده منها كل ذلك يعيب الحكم.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضدهما بصفتيهما أقاما الدعوى رقم ...... لسنة 1998 إفلاس
الإسكندرية الابتدائية بطلب استبعاد قطع الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة
الدعوى من تفليسة ...... وإلزام الطاعن بصفته بآداء مقابل الانتفاع بها من عام
1990 حتى نهاية عام 1996 وفروق مقابل الانتفاع من عام 1984 حتى عام 1990 بإجمالي
مقداره 1754662 جنيه وما يستجد، وقالاً بياناً لذلك إن الأرض محل التداعي کان
يشغلها المفلس سالف الذكر - قبل وفاته - على سبيل الانتفاع نظير مبلغ محدد في
قرارات التخصيص الصادرة بشأنها، وإذ صدر الحكم بإشهار إفلاسه في الدعوى رقم ......
لسنة 1994 إفلاس الإسكندرية فإن حقه في الانتفاع بها يكون قد انتهى وتؤول الأرض
المنتفع بها للجهة المالكة ولا تدخل في أموال التفليسة فضلاً عن أحقيتهما اقتضاء
ما تخلف عن سداده من مقابل الانتفاع بها فقد أقاما الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً،
وبعد أن أوداع تقريره حكمت بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 2006 برفض الدعوى بالنسبة لطلب
الاستبعاد، وبإلزام المطعون ضده بصفته بأداء مبلغ 1754662 جنيه. استأنف المطعون
ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ..... لسنة 62 ق
إفلاس، كما استأنفه الطاعن بصفته فرعياً بالاستئناف رقم ...... لسنة 62 ق إفلاس،
وبتاريخ 23 يناير سنة 2008 قضت في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف فيما
قضى به من رفض طلب الاستبعاد والقضاء مجدداً باستبعاد قطعة الأرض موضوع التداعي من
التفليسة وتأييده فيما عدا ذلك وبرفض الاستئناف الفرعي، طعن الطاعن بصفته في هذا
الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 27 مايو سنة 2008 أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه مؤقتاً بالنسبة للمساحة التي تم تخصيصها بالفعل للمفلس قبل وفاته،
وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئياً،
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الثاني - رئيس جهاز حماية أملاك الدولة – أنه لا صفة له في تمثيل
محافظة الإسكندرية.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم
المطعون فيه بل ينبغي أن يكون ذا صفة في تمثيله بالخصومة، وكان مفاد نص المادتين
1/52، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن
والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة
التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ويكون لها حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن
إرادتها، وكان القانون لم يمنح جهاز حماية أملاك الدولة الشخصية الاعتبارية ولم
يخول رئيسه حق تمثيله أمام القضاء، وكان المحافظ في دائرة اختصاصه - وعلى ما هو
مقرر في قضاء هذه المحكمة - هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وهو الذي يمثل
المحافظة أمام القضاء وفى مواجهة الغير، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل يدور
حول الأحقية في استبعاد الأرض محل التداعي من تفليسة ........... واقتضاء مقابل
انتفاع المفلس بها قبل وفاته باعتبار أنها من أملاك الدولة فإن المطعون ضده الأول
محافظ الإسكندرية - وحده يكون صاحب الصفة في الاختصام في الطعن دون المطعون ضده
الثاني - رئيس جهاز حماية أملاك الدولة - الذي يضحى اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطا في
تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق ذلك أنه انتهى إلى تكييف العلاقة بين المفلس
والجهة المالكة للأرض التي يمثلها المطعون ضده الأول بأنها حق الانتفاع الذي ينتهي
بوفاة المنتفع طبقاً لأحكام القانون المدني ورتب على ذلك قضاءه باستبعادها من
التفليسة في حين أن الثابت بالمستندات المقدمة في الدعوى أن العلاقة بينهما علاقة
إيجارية ناشئة عن قرار تخصيص تلك الأرض للمفلس قبل وفاته نظير قيمة إيجارية تم
تقديرها بمعرفة لجنة التقدير المختصة، فضلاً عن أن الجهة المالكة لها قد تعاملت
معه على أنه مشتر لها بعد تقدمه بطلب لشرائها والموافقة على السير في إجراءات
بيعها له ومطالبته بثمنها وقدره 9539400 جنيه هذا إلى أنه تقدم بطلب إعادة الدعوى
للمرافعة أرفق به أصل الخطاب الموجه له من إدارة حي شرق الإسكندرية الذي يطالبه
فيه بالقيمة الإيجارية المستحقة عن الفترة من عام 1995 حتى عام 1998 وهو ما يفيد
أن الفترة السابقة عليها تم سداد القيمة الإيجارية عنها كل ذلك يعيب الحكم المطعون
فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه
المحكمة – أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض وأن
العبرة في تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه وتحديد حقوق الطرفين فيه إنما هي
بما حواه من نصوص وبما عناه المتعاقدان دون اعتداد بما أطلقوه عليه من أوصاف متى
تبين أن هذه الأوصاف تخالف الحقيقة، وانه ولئن كان لمحكمة الموضوع استخلاص هذه
النية وما انعقد عليه اتفاقهما استهداء بحقيقة الواقع والنية المشتركة وطبيعة
التعامل والعرف الجاري والمعاملات وظروف التعاقد والطريقة التي يتم بها تنفيذ
العقد إلا أن ذلك شرطه أن يكون استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق،
ولما كانت المادة558 من القانون المدني قد عرفت عقد الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر
بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء مدة معينة لقاء أجر معلوم فإنه قد
يلتبس بعقد تقرير حق الانتفاع ومقابله باعتبار أن كلا من المنتفع والمستأجر ينتفع
بشيء لا يملكه مدة معينة على الشيء المنتفع به دون وساطة مالك الرقبة في حين أن حق
المستأجر بطبيعته حق شخصي يجعل المستأجر دائناً للمؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة والقاعدة
العامة أن موت المستأجر لا ينهى عقد الإيجار بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة
عنه إلى ورثته وذلك بخلاف حق الانتفاع الذي ينتهى حتما بموت المنتفع طبقاً للمادة
993/1 من القانون المدني حتى قبل انقضاء الأجل المعين له لما ينطوي عليه من انتقاص
من حق الملكية، وكان حق الدولة وغيرها من الجهات العامة على أموالها الخاصة هو حق
ملكية مدنية محضة شأنها في ذلك شأن سائر الأفراد وكانت الأرض محل النزاع من أملاك
محافظة الإسكندرية الخاصة وليست ضمن أملاكها العامة، وكان المشرع قد أجاز لها
بجانب الحق في إبرام عقود انتفاع للغير على أملاكها الخاصة تحرير عقود إيجار عنها
لظروف و اعتبارات قدرها کما هو الشأن في القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم الأراضي
الصحراوية ومن بعده القانون 100 لسنة 1964* بتنظيم تأجير الأراضي المملوكة للدولة
ملكية خاصة والتصرف فيها والذي حل محله القانون رقم 143 لسنة 1981 الذي أجازت
المادة الثالثة منه تأجير هذه الأملاك وما كانت تقوم به المحافظات من تأجير
للمساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة قبل تمليكها لهم وفقاً لأحكام المادة 72 من
القانون 49 سنة 1977 وقواعد بيع وتأجير العقارات الواردة في قانون تنظيم المناقصات
والمزايدات رقم 89 لسنة 1998. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن لجنة التخصيص
بجهاز حماية أملاك الدولة بمحافظة الإسكندرية قد وافقت بتاريخ 8 يوليه سنة 1978
على تخصيص مساحة من الأرض المملوكة للدولة قدرها 2000 م2 لـ ...... قبل وفاته
لاستغلالها مخزن أخشاب وتم تسليمها له بموجب محضر تسليم مؤقت بتاريخ 4 أكتوبر سنة
1978 تضمن التزامه بسداد القيمة الإيجارية التي تم تقديرها بمعرفة الجهة الإدارية
المختصة مع التزامه بعدم إقامة مبان ثابتة عليها إلى أن تقدم بطلب لشراء تلك
المساحة ضمن مساحة أخرى يضع يده عليها فوافقت الجهة الإدارية على اتخاذ إجراءات
البيع وتقدير الثمن، وكان مؤدى ذلك أن طبيعة التعامل والنية المشتركة لطرفي
التداعي يرجح معها أن يكون الاتفاق بينهما منطويا على عقد إيجار وليس ترخيصاً لحق
انتفاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه باستبعاد الأرض محل التداعي
من التفليسة على سند من أن العلاقة التي كانت تربط الطاعن بصفته بالمطعون ضده كانت
تتعلق بحق انتفاع الأول على أملاك الأخير والذي ينتهى بموت المنتفع، فإنه يكون
معيباً بمخالفة القانون والثابت بالأوراق حجبه عن التحقق من الإجراءات التي اتخذت
لملكية المساحة محل عقد الإيجار، وكان طلب إعادة الدعوى للمرافعة ليس حقاً للخصوم
يتحتم إجابتهم إليه بل هو متروك لمحكمة الموضوع التي تستقل بتقديره إلا أنه متى
كان هذا الطلب يتسم بالجدية فإنه يتعين عليها أن تورد أسباباً لرفضه، وكان الثابت
بالأوراق أن الطاعن كان قد تقدم بطلب إعادة الاستئناف للمرافعة أرفق به أصل الكتاب
الموجه إليه من إدارة حي شرق الإسكندرية يطالبه بسداد القيمة الإيجارية - عن
الفترة من عام 1995 حتى عام 1998 على نحو ينبئ بسبق سداد الأجرة عن الفترة
السابقة، وإذ اطرح الحكم المطعون فيه طلب إعادة الاستئناف إلى المرافعة دون إبداء
أسباب لهذا الاطراح على نحو حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن بشأن حقيقة المبلغ الذي
تأخر في سداده وفقاً لمساحة الأرض التي وضع اليد عليها بالفعل شخصياً وما تم سداده
منها كل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق