الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 مارس 2017

الطعن 754 لسنة 2010 ق (هيئة عامة جزائي نقض ابوظبي) جلسة 25 / 1 / 2010

برئاسة السيد المستشار / علال عبد السلام اللعبودي رئيس المحكمة  وعضوية السادة المستشارين / الصديق أبو الحسن ، مشهور كوخفرحان بطران ، أحمد عارف المعلم
---------------
- 1  شيك بدون رصيد . جريمة "اركانها" . قصد جنائي . باعث . حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". –
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. ماهيتها؟. -الباعث على إصدار الشيك ليس ركناً في جريمة الشيك. -الحالات التي أباح القانون للساحب فيها اتخاذ الإجراءات التي يحمي فيها ماله. ماهيتها؟ وعلة ذلك؟. -القضاء ببراءة المتهم من جريمة إصدار شيك بدون رصيد. استنادا إلى أنه سلم الشيك للمستفيد ضماناً لسداد قرض. خطأ في تطبيق القانون. -سداد جزء من قيمة الشيك . لا يؤثر في قيام جريمة الشيك بدون رصيد. -جواز الجمع بين صفة المستفيد وصفة المسحوب عليه.
لما كان الأصل أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب الرصيد أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك، إذ انه بمجرد إعطاء الشيك على وضع يدل مظهره وصيغته على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه وأنه أداة وفاء يتم طرحه في التداول تنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام والذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه – يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره من قبل، فلا يستلزم فيها قصد جنائي خاص ويتوافر القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى ولو كان هناك سبب مشروع إلا في الحالات المستثناة قانوناً إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره إذ انها لا أثر لها على طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة، كما أنه من المقرر أن حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها – وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد- وهي التي أبيح للساحب ان يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالات على حق المستفيد استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة عملاً بالمستفاد من حكم المادتين 53 من قانون العقوبات الاتحادي و 620/2 من قانون المعاملات التجارية- وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى والتي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح سبباً للإباحة- ومن ثم فلا قيام له في حالة إصدار الشيك كضمان لتنفيذ عقد استثمار عقار مهما ثبت من مخالفة لشروط هذا العقد لأن الأمر لا يرقى إلى جريمة النصب بل هو لا يعدو أن يكون إخلالاً من المستفيد بالالتزام العقدي الذي سحب الشيك بناءً عليه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما يثيره حول الأسباب والظروف التي أحاطت بإصدار الشيك. وما تذرع به في صدد نفي مسؤوليته الجنائية بمقولة أنه سلم الشيك للمستفيد ضماناً لسداد قرض أو تنفيذ عقد من العقود اتفق فيه على عدم صرف الشيك إلا بعد تنفيذ الالتزامات الواردة به ذلك أن المادة 606 من قانون المعاملات التجارية قد أوجبت على الساحب ضمان الوفاء بالشيك وان كل شرط يعفي الساحب نفسه من هذا الضمان يعتبر كأن لم يكن ولذلك فإن تعليق الشيك على شرط فاسخ لا يؤثر في قيام الجريمة كما لا ينفي مسؤوليته أيضاً التذرع بأنه سلم الشيك للمستفيد على سبيل الوديعة أو الرهن لأن هذه الحالة لا تدخل بالنسبة للطاعن في الحالات الاستثنائية التي تندرج في مفهوم ضياع الشيك وفي حكمها لأن الساحب بذلك يكون قد تخلى نهائياً عن الشيك بإرادته وانتقلت ملكية قيمته إلى المستفيد إذ ان مناط قيام جريمة خيانة الأمانة أو التبديد طبقاً لنص المادة 404 من قانون العقوبات الاتحادي أن يكون خائن الأمانة أو المبدد غير مالك للمال المؤتمن عليه فلا تعد بالتالي سبباً من أسباب الإباحة
وحيث إنه لما تقدم فإن الهيئة العامة تنتهي بالإجماع إلى العدول عن المبادئ التي قررتها الأحكام التي صدرت على خلاف النظر المتقدم وذلك إعمالاً لحكم المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 10 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 19855. ولما كانت الفقرة الثانية من هذه المادة قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها. حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أدانه رغم أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع مؤداه أنه أصدر الشيك كأداة ائتمان ضماناً لقرض مرابحة حصل عليه من البنك المستفيد ومعلق على شرط وليس كأداة وفاء وسلمه للمستفيد على سبيل الوديعة بما ينفي قصد طرحه في التداول وتنحسر عنه الحماية التي قررها المشرع بالعقاب عملاً بالمادة 401/1 من قانون العقوبات الاتحادي كما ان المجني عليه قد أقر بمحضر الضبط بأن الطاعن أوفى له بجزء من قيمته هذا إلى أنه تمسك بأن المستفيد من الشيك هو البنك المسحوب عليه بما يفقد الورقة مقومات الشيك كأداة وفاء بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشيك التي أدان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من ِشأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه، وكان سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدره بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة فلا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد نفي مسؤوليته بقالة أنه أصدر الشيك ضماناً لعملية تجارية جرت بينه وبين المستفيد إذ ان الساحب لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة وأن يخرجها عما خصها به القانون من ميزات كما لا يجديه أيضاً ما تذرع به من أنه معلق على شرط عدم صرفه إلا إذا أخل الساحب بالتزاماته العقدية ذلك أن المادة 606 من قانون المعاملات التجارية الاتحادي قد نصت على أن يضمن الساحب الوفاء بالشيك وان كل شرط يعفي الساحب نفسه من هذا الضمان يعتبر كأن لم يكن، كما لا يقبل أيضاً التمسك بأن الشيك سلم للمستفيد على سبيل الوديعة أو الرهن لنفي مسؤولية الساحب ما دام قد سلمه للمستفيد بما يفيد تخليه نهائياً عنه وانتقلت ملكيته إلى المستفيد لأن هذه الحالة لا تدخل بالنسبة للساحب في الحالات الاستثنائية في مفهوم حالة الضياع وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال ذلك أن مناط قيام جريمة خيانة الأمانة هو أن يكون المال المسلم للمتهم غير مملوك له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حال رده على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سداد الطاعن لجزء من المبلغ المدرج بالشيك لا يؤثر في قيام جريمة إعطائه بدون مقابل قائم وقابل للسحب ما دام الثابت أنه ليس له رصيد يكفي الوفاء بباقي المبلغ المستحق للمستفيد بما يكون منعاه في هذا الصدد غير سديد

-----------------
الوقائع
حيث ان الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق تتحصل في ان النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في يوم 31/1/2010 بدائرة أبوظبي – أعطى بسوء نية شيكاً لمصرف ..... بمبلغ 3476666 درهم لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب – وطلبت عقابه بالمادتين 401/1 من قانون العقوبات الاتحادي و643 من قانون المعاملات التجارية – ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بجلسة 18/4/2010 بمعاقبته بالحبس لمدة ثلاث سنوات فعارض في هذا الحكم وقضي في معارضته برفضها موضوعاً. فاستأنفه، ومحكمة استئناف أبوظبي قضت حضورياً بتاريخ 27/9/2010 بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه لمدة سنة واحدة، ولما لم يرتض الطاعن هذا الحكم طعن عليه بطريق النقض- وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن موضوعاً.
----------------
المحكمة
وحيث إن من بين الأسباب التي أقام الطاعن طعنه عليها أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع مؤداه أنه أصدر الشيك موضوع الطعن كأداة ائتمان ضماناً لقرض مرابحة حصل عليه من البنك المستفيد. معلقاً على شرط وسلمه للمستفيد على سبيل الوديعة بما ينفي قصد طرحه في التداول وتنحسر عنه الحماية الجنائية التي قررها المشرع بالعقاب عملاً بالمادة 401/1 من قانون العقوبات الاتحادي. وبجلسة 13/12/2010 نظرت المحكمة هذا الطعن وقررت إحالته للهيئة العامة للفصل فيه
حيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة وذلك عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وإذ رأت الدائرة التي نظرت الطعن العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته أحكام سابقة وهو إن إصدار الشيك كأداة ائتمان ضماناً لقرض حصل عليه من البنك المستفيد وليس كأداة وفاء وسلمه للبنك المستفيد على سبيل الوديعة بما تنحسر عنه الحماية الجنائية التي قررها المشرع للشيك بالمادة 401/1 من قانون العقوبات الاتحادي
وحيث إن مبنى الأحكام السابقة المراد العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته هو أن تسليم الشيك للمستفيد على سبيل الوديعة أو الرهن ضماناً لقرض حصل عليه أو تنفيذاً لالتزاماته التعاقدية ينفي قصد طرحه في التداول يما تنحسر عنه الحماية الجنائية المقررة بالعقاب استناداً إلى أنه وإن كان الشيك أداة وفاء إلا أن ذلك لا يمنع الساحب إذا ادعى خلاف الظاهر أن يقيم الدليل على ما يدعيه باثبات السبب الحقيقي لإصدار الشيك بكافة طرق الإثبات القانونية
وحيث إن الأصل أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب الرصيد أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك، إذ انه بمجرد إعطاء الشيك على وضع يدل مظهره وصيغته على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه وأنه أداة وفاء يتم طرحه في التداول تنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام والذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه – يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره من قبل، فلا يستلزم فيها قصد جنائي خاص ويتوافر القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى ولو كان هناك سبب مشروع إلا في الحالات المستثناة قانوناً إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره إذ انها لا أثر لها على طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة، كما أنه من المقرر أن حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها – وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد- وهي التي أبيح للساحب ان يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالات على حق المستفيد استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة عملاً بالمستفاد من حكم المادتين 53 من قانون العقوبات الاتحادي و 620/2 من قانون المعاملات التجارية- وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى والتي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح سبباً للإباحة- ومن ثم فلا قيام له في حالة إصدار الشيك كضمان لتنفيذ عقد استثمار عقار مهما ثبت من مخالفة لشروط هذا العقد لأن الأمر لا يرقى إلى جريمة النصب بل هو لا يعدو أن يكون إخلالاً من المستفيد بالالتزام العقدي الذي سحب الشيك بناءً عليه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما يثيره حول الأسباب والظروف التي أحاطت بإصدار الشيك. وما تذرع به في صدد نفي مسؤوليته الجنائية بمقولة أنه سلم الشيك للمستفيد ضماناً لسداد قرض أو تنفيذ عقد من العقود اتفق فيه على عدم صرف الشيك إلا بعد تنفيذ الالتزامات الواردة به ذلك أن المادة 606 من قانون المعاملات التجارية قد أوجبت على الساحب ضمان الوفاء بالشيك وان كل شرط يعفي الساحب نفسه من هذا الضمان يعتبر كأن لم يكن ولذلك فإن تعليق الشيك على شرط فاسخ لا يؤثر في قيام الجريمة كما لا ينفي مسؤوليته أيضاً التذرع بأنه سلم الشيك للمستفيد على سبيل الوديعة أو الرهن لأن هذه الحالة لا تدخل بالنسبة للطاعن في الحالات الاستثنائية التي تندرج في مفهوم ضياع الشيك وفي حكمها لأن الساحب بذلك يكون قد تخلى نهائياً عن الشيك بإرادته وانتقلت ملكية قيمته إلى المستفيد إذ ان مناط قيام جريمة خيانة الأمانة أو التبديد طبقاً لنص المادة 404 من قانون العقوبات الاتحادي أن يكون خائن الأمانة أو المبدد غير مالك للمال المؤتمن عليه فلا تعد بالتالي سبباً من أسباب الإباحة
وحيث إنه لما تقدم فإن الهيئة العامة تنتهي بالإجماع إلى العدول عن المبادئ التي قررتها الأحكام التي صدرت على خلاف النظر المتقدم وذلك إعمالاً لحكم المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 10 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 19855. ولما كانت الفقرة الثانية من هذه المادة قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها. حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أدانه رغم أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع مؤداه أنه أصدر الشيك كأداة ائتمان ضماناً لقرض مرابحة حصل عليه من البنك المستفيد ومعلق على شرط وليس كأداة وفاء وسلمه للمستفيد على سبيل الوديعة بما ينفي قصد طرحه في التداول وتنحسر عنه الحماية التي قررها المشرع بالعقاب عملاً بالمادة 401/1 من قانون العقوبات الاتحادي كما ان المجني عليه قد أقر بمحضر الضبط بأن الطاعن أوفى له بجزء من قيمته هذا إلى أنه تمسك بأن المستفيد من الشيك هو البنك المسحوب عليه بما يفقد الورقة مقومات الشيك كأداة وفاء بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشيك التي أدان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من ِشأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه، وكان سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدره بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة فلا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد نفي مسؤوليته بقالة أنه أصدر الشيك ضماناً لعملية تجارية جرت بينه وبين المستفيد إذ ان الساحب لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة وأن يخرجها عما خصها به القانون من ميزات كما لا يجديه أيضاً ما تذرع به من أنه معلق على شرط عدم صرفه إلا إذا أخل الساحب بالتزاماته العقدية ذلك أن المادة 606 من قانون المعاملات التجارية الاتحادي قد نصت على أن يضمن الساحب الوفاء بالشيك وان كل شرط يعفي الساحب نفسه من هذا الضمان يعتبر كأن لم يكن، كما لا يقبل أيضاً التمسك بأن الشيك سلم للمستفيد على سبيل الوديعة أو الرهن لنفي مسؤولية الساحب ما دام قد سلمه للمستفيد بما يفيد تخليه نهائياً عنه وانتقلت ملكيته إلى المستفيد لأن هذه الحالة لا تدخل بالنسبة للساحب في الحالات الاستثنائية في مفهوم حالة الضياع وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال ذلك أن مناط قيام جريمة خيانة الأمانة هو أن يكون المال المسلم للمتهم غير مملوك له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حال رده على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سداد الطاعن لجزء من المبلغ المدرج بالشيك لا يؤثر في قيام جريمة إعطائه بدون مقابل قائم وقابل للسحب ما دام الثابت أنه ليس له رصيد يكفي الوفاء بباقي المبلغ المستحق للمستفيد بما يكون منعاه في هذا الصدد غير سديد
لما كان ذلك، وكان القانون لا يمنع أن يجمع شخص واحد بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه فإن ما تمسك به الطاعن في هذا الشأن - بفرض إثارته
لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق