الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2017

الطعن 6 لسنة 1 ق جلسة 24 / 12 / 2006

برئاسة السيد القاضي / يحيى جلال فضل رئيـس المحكمة وعضويـة القاضيين / محمد ناجي دربالة ومحمد عبد الرحمن الجـراح
و السيد / سعد محمد توكل أميـن السر
-----------
الوقائع
في يوم 11/6/2006م، طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة الصادر بتاريخ 26/3/2006م في الاستئنافين رقمي 67 ، 77 وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وفي يوم 7/11/2006م، أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن
وبجلسة 6/12/2006م، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة المرافعة
وبجلسة 10/12/2006م، سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر /.........، والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبيّن من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 212 لسنة 2005 رأس الخيمة الابتدائية، على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ مليون وستمائة ألف درهم، وقال شرحاً لدعواه أنه اتفق مع المطعون ضده على أن يتولى قيادة السفينة المبيّنة في الأوراق من ميناء دبي وتسليمها إليه في ميناء الكويت، وقد أدخل بهذا الالتزام وزعم غرق السفينة أثناء الإبحار بها دون تقديم دليل على ذلك أو الإرشاد عن موقع غرقها فيكون مسئولاً عن قيمة السفينة ومقدارها ستمائة ألف درهم والأضرار المادية والأدبية الناجمة عن عدم تنفيذه لالتزامه ويقدّر التعويض الجابر لها بمبلغ مليون درهم، ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ خمسمائة ألف درهم ورفض ما عدا ذلك من طلبات. إستأنف الطرفان هذا الحكم بالإستئنافين رقمى 67 ، 77 لسنة 2006 لدى محكمة استئناف رأس الخيمة، وبعد أن ضمّت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 26/3/2006م بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى
طعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحدّدت جلسة لنظره وفيها أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه بانتفاء مسئولية المطعون ضده ورفض الدعوى على أنه لا يسأل عن الأضرار الناجمة عن فقد أو غرق سفينة النزاع إلا بإثبات وقوع خطأ في جانبه وهو ما خلت الأوراق من دليل عليه في حين أن عدم تنفيذ المطعون ضده التزامه بتسليم السفينة في ميناء الكويت وزعمه بغير دليل غرقها تتحقق به مسئوليته عن الأضرار التي أصابته نتيجة إخلاله بالتزامه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان المشرع في قانون المعاملات المدنية قد أفرد الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الأول للقواعد العامة التي تنظم العقد وآثاره، والفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الأول للأحكام التي تحدّد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه، بينما أفرد الفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول للفعل الضار - كمصدر للإلتزام - بفروعه الثلاثة وهي المسئولية عن الأعمال الشخصية وعن عمل الغير وعن الأشياء، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام مستقلة وجعل لكلٍ من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدّد لأحكام كلٍ من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محدّدة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد، فإنه يتعيّن تطبيق أحكام العقد وما هو مقرّر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط العلاقة بين الطرفين بسبب العقد، ولا يجوز إعمال أحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتّب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لبنود العقد والنصوص القانونية المكمّلة له المتعلّقة بتحديد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه، مما مؤداه أن محكمة الموضوع لا تتقيّد في تحديد المسئولية بما استند إليه المضرور في طلب التعويض أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك إذ أن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع التي لا تُلزم المحكمة بل يتعيّن عليها من تلقاء نفسها أن تحدّد الأساس الصحيح للمسئولية وتتقصى الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها إذ أن حق المضرور في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحدثه أو تسبّب فيه هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلفت أسانيدها، وكان النص في المادة 386 من قانون المعاملات المدنية على أنه ( إذا استحال على المدين أن ينفّذ الإلتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه.) يدل على أنه يكفي لتوافر ركن الخطأ في المسئولية العقدية ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقـد ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كقوّة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المتعاقد الآخر. لما كان ذلك وكان الواقع - المسلّم به من طرفي الخصومة - أن الطاعن تعاقد مع المطعون ضده على أن يتولى لقاء جعل معين قيادة سفينة النزاع من ميناء دبي وتسليمها إليه في ميناء الكويت ولم يوفِ بهذا الالتزام وادعى غرق السفينة أثناء الإبحار بها، ومن ثم يرتبط طرفي الخصومة بعلاقة تعاقدية محدّدة بأطرافها ونطاقها وكان الطاعن يدعي أن الضرر الذي أصابه وقدّر التعويض الجابر له بالمبلغ المطالب به قد وقع بسبب إخلال المطعون ضده بتنفيذ التزامه العقدي فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المكمّلة له في قانون المعاملات المدنية والقانون التجاري البحري تكون هي وحدها الواجبة التطبيق في تحديد مسئولية المطعون ضده في ضوء التزامات الربان الجوهرية المنصوص عليها في القانون الأخير، وكان الحكم المطعون فيه وهو بصدد تكييف العلاقة بين طرفي الدعوى قرّر في صدر مدوّناته بأنها علاقة عقدية غير أنه عند بحث مسئولية المطعون ضده طبق أحكام المسئولية التقصيرية لمجرد أن الطاعن اتّخذها سنداً لدعواه رغم أن هذا الاستناد لا يقيّد المحكمة ولا يمنعها من تحديد الأساس القانوني الصحيح للمسئولية الذي تتبيّنه من الوقائع المطروحة عليها وإذا رتّب الحكم على هذا النظر الخاطئ انتفاء مسئولية المطعون ضده لإخفاق الطاعن في إثبات وقوع خطأ من المطعون ضده أدى إلى فقد أو غرق السفينة في حين أن عدم تنفيذه لالتزامه التعاقدي - بتوصيل وتسليم السفينة للطاعن في ميناء الكويت - يعتبر في ذاته خطأ يرتّب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا أن يثبت قيام السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه ذلك عن تحقيق دفاع الطرفين توصلا إلى كشف حقيقة الواقع في الدعوى فإنه يكون مشوباً أيضاً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه مع الإحالة دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
لذلك 
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لنظرها مجدداً ، وألزمت المطعون ضده الرسم والمصروفات ومبلغ مائتي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت برد التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق